أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - أماني فؤاد - ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -















المزيد.....

ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 26 - 02:31
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ثـورة مصـر
رؤية يسارية لـ 25 يناير.
سمير أمين يرى أنها أقل من ثورة وأكبر من انتفاضة.
إسقاط النظام السابق ما زال معنى تجريدياً.
ما ينتظر مصر هو النموذج الباكستانى وليس التركى.
من المشكوك فيه تحول الإخوان لجماعة ديمقراطية.
د. أماني فؤاد
صدر للمفكر وأستاذ الاقتصاد "سمير أمين" مؤلفه "ثورة مصر" عن "دار العين" 2011م، والكاتب من المفكرين المصريين الذين نجوا بأنفسهم من قيود المجتمع المصرى السياسية والثقافية فى العقود المنصرمة، فنتيجة أبحاثه ودراساته فى الجامعات والمنظمات الاقتصادية الغربية انطلقت أفكاره وتنظيراته الاقتصادية والسياسية متحررة من الضغوظ المالية والوظيفية التى طالت معظم مفكرى المجتمع المصرى.
تعرفت على فكر سمير أمين حين قرأت له "نقد الخطاب العربى الراهن" الصادر أيضا عن دار العين 2009م، ووقتها دعوته فى صالون د. عبد المنعم تليمة لمناقشة وعرض الكتاب، حينها شعرت أننا فى حضرة مفكر عميق هادئ، يؤمن بالفكر الاشتراكى بعد مراجعات نظرية وفكرية عميقة، وبعد أن صبغه بخلاصة دراساته الاقتصادية التى شملت الرأسمالية والإشتراكية بدراسات نقدية متبحرة.
يتصدر كتاب "ثورة مصر" دراسة بعنوان "ثورة مصر وما بعدها" وهى قراءة تفكيكية متميزة يعرض فيها سمير أمين لسمات الثورة المصرية ومقتضيات التغيير، فيتحدث عن العناصر المكونة لتكتل القوى الثورية، ويحدد قدرتها فيرى أنها تشكل انطلاقا ثوريا قد يتحول إلى مد ثورى، لا أكثر، فما حدث هو أكثر من مجرد انتفاضة، أو فورة يعود بعدها المجتمع إلى ما كان عليه قبلها، أى أكثر من احتجاج، لكنها أيضا اقل من ثورة .
لقد صدر الكتاب وفق هذا الوصف من المؤلف قبل جمعة الغضب الثانية 28 يونيو، وهبة الشباب الثانية لتصحيح أو تعديل مسار الثورة والإصرار على تحقيق الأهداف الرئيسية لها، وما استجد من متطلبات المرحلة الراهنة من الإسراع بمحاسبات رموز النظام السابق.
لقد كانت الثورة فى 25 يناير لها هدف رئيسى هو الإطاحة بمبارك وتحقيق بعض المطالب الضمنية كالحرية والعدالة والعيش بكرامة، ثم توالت المطالبات بعد أن سقط رأس النظام، وظل النظام القديم متغلغلاً فى الواقع المصرى، هذا النظام الذى يبدو أنه سيظل قابضاً على الأمور طالما ظلت تحالفات وتوازنات القوى المسيطرة على الدولة المصرية كما هى، واستمرار تعويلهم على مجرد قذف الفتات لتخدير الجموع الثائرة.
يستعرض المؤلف العناصر الأساسية التى بدأت الإنطلاق الثورى وهم:
أولا : الشباب المسيس أصلاً والمنظم فى شبكات، ويصل عددهم إلى مليون شاب، وهم ينحدرون فى الأغلب الأعم من الفئات الوسطى، والوسطى الدنيا، القريبة من الجماهير الشعبية. سيس هؤلاء الشباب أنفسهم خارج الأحزاب، فى إطار نظام ألغى الحياة السياسية لعقود، كما أنهم معاصرون وحداثيون، ويقفون إلى حد كبير خارج دائرة الخضوع للتقاليد بما فيها التقاليد الطقوسية فى الممارسات الدينية، هدفهم الديمقراطية الصحيحة متجاوزة الإنتخابات النزيهة والمتعددة الأحزاب لحرية التعبير، وحرية الممارسة الاجتماعية ، و يؤمنون بشرف الوطن المصري والعداء للاستعمار.
وهم – دون معاداة للرأسمالية واقتصاد السوق – يساريون على المستوى الاجتماعى، يرفضون المجتمع بحالته الراهنة من التفاوت المتزايد بين المليونيرات والمليارديرات من جانب، والفقر المتزايد من جانب أخر.
ثانياً: العناصر التى لبت دعوة هؤلاء الشباب في البداية اليسار المصرى الراديكالى، ويرى المؤلف أن التفاهم بين اليسار الراديكالى والأغلبية الكبرى من الشباب يمثل جوهر وأساس مستقبل الثورة.
ثالثاً: العناصر المكونة للحركة "البرجوازية الليبرالية" أى عناصر الفئات الوسطى الليبرالية الديمقراطية، ويفرق سمير أمين بين البرجوازية المصرية التابعة للإحتكارات الكبرى وبين الفئات الوسطى المتمثلة في المهنييين (أطباء، مهندسين، محاميين، محاسبين، موظفين) التى يقسمها المؤلف إلى جناحين ينقسمان على أرضية أيديولوجية وثقافية أكثر منها سياسية، جناح إسلامى بالمعنى السلفى والطقوسى للكلمة، وهو على حد تعبير الكاتب: الجناح المتخلف فكرياً، الداخل فى إطار تصور الإسلام السياسى، أى الإسلام كحل للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو الجناح الغالب عبر مساعدة حكومة السادات ومبارك، وبالتمويل الخليجى.
وهناك تيار أخر فى الفئات الوسطى يمكن أن نسميه مستنيراً ينتشر بين القطاعات المتفتحة من هذه الفئات التى تشارك الشباب بالمطالبة بالديمقراطية الصحيحة.
ولقد قفزت هذه العناصر التى مهدت للثورة وبدأتها من مليونين فى أول أيامها إلى أكثر من خمسة عشر مليون ليبدو الشعب المصري جميعه راغباً ومؤيداً لهذه الثورة.
و يرى المؤلف أن نتيجة حرمان الجماهير و كل فئات المجتمع من الممارسة السياسية منذ عقود إنطلاقاً من (جمال عبد الناصر) وتصفيته للأحزاب وإدارته للسياسة من فوق، وهو الأمر الذى ساء أكثر مع مجيئ السادات ومبارك، هذه الأمور تفسر نجاح التيار الإسلامى كتيار عام فى تعبئة هذه الجماهير، باعتباره الخطاب الوحيد الذى كان متاحاً لهم عبر خطب المساجد دون أن تتاح لهم أى فرصة على الإطلاق للاستماع إلى أى خطاب سياسى واجتماعى آخر.
ولذا يتوقع الكاتب من الآن فصاعداً أن تعانى هذه الجماهير الضائعة على مستوى الوعى، والمغالية فى إظهار المشاعر الدينية التى تبجلها الأغلبية الكبرى من الشعب المصرى من إضطراب فكرى نابع من وجود تناقض محتمل بين مطالبهم، وأهداف القيادات السياسية ليس للأخوان المسلمين فحسب، ولكن أيضاً لجميع المنظمات والفرق المنضوية تحت راية الإسلام السياسى، وهو الأمر الحادث بالفعل على أرض الواقع الذى تتوالى مشاهده من خلال عدم قدرة الائتلافات والاتحادات ورجال الحكومات المتعاقبة على الإتفاق أو التقارب لبلورة أداء سياسى حقيقى يخرج بالمجتمع المصرى إلى حالة من توحيد الأهداف التي بإمكانها تسيير الأعمال فى الوقت الراهن قبل الانتخابات ووضع دستور دائم.
يتحدث سمير أمين عن مقتضيات التغيير ويرى أن الوقت هو العنصر الفاصل كى تتقدم الحركة وتخطو قدماً للأمام، وأن تتجذر وتتعمق بين الجماهير مفاهيم الديمقراطية، ومن ثم فإن المطلوب فترة إنتقالية طويلة لأن ما يبدو أنه إسقاط للنظام والدستور لا يعدو أن يكون معنى قد تحقق لكنه تجريدى، فلا تزال فاعليات النظام والدستور السابق متحكمة في كافة المواقع.
الفترة الانتقالية الطويلة للديمقراطية قد تستغرق سنتين أو أكثر لترويج ثقافة سياسية مدنية علمانية ديمقراطية، ليصبح هناك جزءاً كبيراً من الناخبين أشخاصا مسيسين أو على أقل تقدير مطلعين على بدائل مختلفة على كافة أصعدة المجتمع، وطبيعة العلاقة بين العقيدة الدينية والممارسة السياسية، كما يرى المؤلف أن كل الأشخاص الذين سيتصدوو لقيادتها سيكونوا محل معارك سياسية، ويدعو لمحاولة فرض تغييرات ولو بالتدريج تتمثل فى رفض تعيين قيادة الجيش لشخصيات ينتمى معظمها للنظام القديم لإدارة هذا الانتقال. وهذا بالفعل ما رأيناه على مستوى محدود من محاولات رفض واعتراض من الجماهير لكنها باءت معظمها بالفشل فى التغيير الوزارى الذى قام به رئيس الوزراء الحالى.
ويصف الحكومة الحالية التي أصدرت قانون تنظيم الأحزاب أو حظر الإضرابات بأنها ليست حكومة إنتقالية بل تشبه الحكومات السابقة.
ثم يقارن سمير أمين بين الثورة المصرية وثورة تونس ويرى أن الفرق هو قوة الجيش، فتونس جيشها صغير ليس له وزن، فلم يتدخل كطرف ثالث بين قوة الثورة وقوى النظام القديم متمثلة فى الطبقة البرجوازية الطفيلية المرتبطة بالسلطة السابقة والحزب الحاكم، فالحكومة التونسية الحالية لا تجرؤ على منع أى تكوين حزبي أو نقابي وتترك الناس لخياراتها الحرة، أى هناك ديمقراطية غير موجودة فى مصر.
ثم يتحدث الكاتب عن استراتيجية الثورة المضادة ويرى أن كتلة التحالف الرجعى تتمثل فى قوتين أو ثلاثة:
أولهما: الطبقة الحاكمة مشخصة فى البرجوازية التابعة "مبارك والثلة الملتفة حوله، النواب المنتخبين من الحزب الوطنى، ومعظمهم مدنيون أثروا من خلال الفساد. وكل البرجوازية المصرية".
ويؤكد الكاتب أن الفلاحين طبقات متباينة المصالح، ويقرر أن الريف المصرى الراهن يتشكل من 65 % من الفلاحين المعدمين الذين لا يملكون أرضاً نهائياً أو يمتلكون فداناً أو أقل و25 % من صغار الفلاحين و10 % من أغنياء الفلاحين.
ويعتمد الإسلام السياسى فى الريف على أغنياء الفلاحين الذين يعدون أغنياء فى إطار المجتمع المصرى، وهم رجعيون تماماً، وتتيح لهم علاقاتهم وارتباطاتهم بنظام السلطة المحلية والنواب ورجال الدين كثير من الثقل مع تكتل الرجعية الحاكمة التى تنتهج الإسلام السلفى المتجمد والمحافظ، وكثير من رجال الدين، ومن الفئات الوسطى" المهنيين"، ومن ضباط الجيش المنحدرين من هذه الطبقة الريفية الرجعية.
ويرى الكاتب أنه من المشكوك فيه قدرة جماعة الإخوان المسلمين أن يتحولوا إلى منظمة ديمقراطية، فالتنظيم قائم على مبدأ طاعة المرشد دون وجود ديمقراطية أو مجال للنقاش، ولم يتعرض الكاتب إلى الاختلافات الفكرية التى ظهرت فى جماعة الإخوان بين الأجيال المتعاقبة: الرعيل الأول، والوسط، وشباب الإخوان. كما أنه لم يتطرق إلى أى تفرقة بين جماعة الإخوان الدعوية، وحزب العدالة والحرية الذى يعد الشكل السياسى للجماعة، ربما للإشارة أو التنبيه إلى الألعاب السياسية التى يمارسها الإخوان على مر تاريخهم، وأنه لا طائل من كل هذه التقسيمات فالمنطلق الفكرى جامد ورجعى، كما لا تنطلى هذه الخدع السياسية على المفكر الحقيقى.
يتطرق سمير أمين إلى الوضع الاقتصادى ويؤكد على الدعم المالى الذى يحصلون عليه من الخليج وثرائهم الفاحش، واستلهامهم لفلسفة "محمد رشيد رضا" الذى يمثل الوهابية فى التأويل المتجمد والمتخلف للإسلام.
كما يعود إلى التاريخ بالتحديد لعام 1928م حين ساندت السفارة البريطانية جماعة الإخوان لمنع تسييس الجماهير الشعبية سواء من خلال الوفد أو الشيوعيين اللذين شكلا عنصرين تقدميين أساسيين فى الثقافة السياسية المصرية. حين تم تجاوز الطائفية فى تلك المرحلة، وحين كان العنصر الثالث فى الثقافة السياسية المصرية رجعياً، ويتكون من كبار ملاك الأراضى والنظام الملكى.
ويذكر المؤلف أنه لطالما لعبت قيادة الإخوان دوراً مضاداً للمد الثوري فى مصر منذ العشرينيات وحتى لحظتنا الآنية. فلقد دخل الإخوان متأخراً فى المظاهرات الشعبية ومن هنا أصبحوا مرشحين للتحالف مع شخوص النظام السابق وبالتالى يتخلون كالعادة عن الطبقات الشعبية بل ويخدعونهم.
ويحمل الكاتب "جمال عبد الناصر" مسؤولية قيام الإسلام السياسى حين باعد بين الجماهير والثقافة السياسية عندما ألغى العنصر الليبرالى والحركة الشيوعية بضربه للوفد ومنع تكوين الأحزاب، وعنفه مع الشيوعيين، فخلق بذلك فراغاً شغلته التيارات الإسلامية دون أن تحتل مقدمة المسرح.
ويرى أن نظام السادات ومبارك أعطى للإخوان ما يكاد يكون حق الإنفراد فى ممارسة الخطاب السياسى، فالنظام قد سلم للإسلام السياسى مسؤوليات قيادية فى أسلمت السياسة والمجتمع من خلال سيطرتهم على التعليم والقضاء والإعلام فالإخوان جزء لا يتجزأ من النظام، وليس كما قدمهم بوصفهم معارضة للنظام كما أوهمونا بذلك.
ويشكك المؤلف فى استقلال السلفيين عن الإخوان ويرى أن هناك توزيع للأدوار المرسومة بينهم وهو ما يسميه باللعب الخبيث "لأوباما" ليمنح الإخوان شهادة الديمقراطية بوصفهم معتدلين، وقد يفسر هذا التصريحات الأخيرة لسفيرة أمريكا الجديدة بمصر وإشارتها للمنح والمساعدات المالية المقدمة للمجتمع المدنى المصرى.
ويقول المؤلف "فالعدو – أقصد الاستعمار وعميله الصهيونى بالطبع – يعلم تماماً أن أسلمت السياسة والمجتمع، والإغراق في التأويل الوهابى السلفى للإسلام إنما هو ضمان عجز المجتمع المصاب به عن مواجهة فعالة لتحدى العصر، وهذا هو نهاية المطاف. هدف الولايات المتحدة والخليج وبالتالى أيضاً هدف الدولة الإسرائيلية إجهاض الثورة ونهضة مصر".
ويطرح المؤلف المؤسسة العسكرية بحسبانها علامة استفهام، ويقول عن حكومة واشنطن أنها أعلنت خطة أوباما لإجهاض المد الثورى فى مصر من خلال مرحلة انتقالية قصيرة، يبقى نظام الحكم خلالها فى أيدى الطبقة الحاكمة بعد الحفاظ على الدستور الحالى بتعديلات تافهة، وانتخابات سريعة عاجلة تتضمن مساهمة الإخوان المسلمين فى البرلمان واستمرار النظام القديم، ويذكر المؤلف أن هناك وثيقة أمريكية نشرت مؤخرا تؤكد هذه الخطة.
وتستلهم أمريكا لمصر النموذج الباكستانى وليس التركى - كما يشـاع إعلامياً - للنمط الرئيسى للديمقراطية المأمولة بمصر، وفى النموذج التركى يقف الجيش حامياً لعلمانية الدولة، ويتمثل النمط الباكستانى فى هيمنة برجوازية طفيلية تابعة، ونظام حكم يعلن نفسه إسلامياً تقف ورائه من خلف الستار المؤسسة العسكرية التى تتدخل إلى مقدمة المسرح من وقت إلى أخر لتصفية الصراعات بين التيارات الإسلامية المختلفة.
تقدم الولايات المتحدة لمصر نمطاً من الديمقراطية يقبع فيه الجيش – وهو فى هذه الحالة إسلامياً – خلف الستار وفى مقدمة المسرح يحكم برلمان إسلامي هو الآخر منتخب "ولنا أن نتذكر التعتيم الذى مورس على دعوة بعض القانونيين للمؤسسة العسكرية لضمان مدنية الدولة في المستقبل"، ويسعى هذا المخطط إلى تعزيز سلطة الكتلة الرجعية المكونة من تحالف البرجوازية التابعة وأغنياء الفلاحين وقيادة الإسلام السياسى علماً بكراهية الرجعية المصرية للديمقراطية.
وتنبئ كثير من الشواهد والأحداث على صدق هذا التوجه العام للمؤسسة العسكرية التي تقبض على مقاليد الحكم في مصر مدركة أن الديمقراطية الصحيحة لابد وأن تتحول إلى حركة إجتماعية تقدمية فى المجال الاجتماعى، بالإضافة إلى كونها معادية للاستعمار.
فالمطلوب من نظام الحكم فى مصر إنما هو ضمان استمرار تبعية مصر فى المجال السياسي "ومن باب أولى احترام شروط السلام مع إسرائيل " أى بمعنى أدق الامتناع عن التضامن مع شعب فلسطين في مواجهة مشروع امتداد التوسع الاستيطانى الإسرائيلى فى الأرض المحتلة من جانب، وفى التبعية فى المجال الاقتصادى من الجانب الآخر، بمعنى استمرار التبعية للعولمة.
واتصور أن مقولات الكاتب وتوقعاته على درجة كبيرة من الصحة لوجود شواهد متعددة حدثت وتحدث على أرض الواقع، منها أن الثورة حتى هذه اللحظة لم تتشكل لها قيادة ذات توجهات سياسية قادرة على مواجهة هذه الخطة الأمريكية الصهيونية، أو رفض التبعية، كما رفضت المؤسسة العسكرية وجود مجلس رئاسى يتم اختيار أعضاءه من المدنيين يساعدهم في حكم البلاد حتى وضع الدستور الدائم وإجراء الإنتخابات، كما عجَّل المجلس العسكرى بالإنتخابات البرلمانية قبل الرئاسية ووضع دستور دائم، أيضا إستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية فى مصر، واضطراب يشل كثير من مواقع الانتاج الصناعى والخدمى فى مصر لأسباب متعددة منها: شيوع القلق الأمنى واختفائه، ثم وجوده الشكلى فقط دون فعاليات، والاضطرابات الفئوية واستعجال تحقيق أهداف الثورة والرغبة الحارقة لاستكمال محاسبة فلول النظام السابق وإجراء محاكمات عادلة.
وفى ظنى أن كل تلك الفوضى فى المجتمع المصرى وانقسامات طوائفه وفئاته المتعددة قد تمكن من تحقيق الخطط الأمريكية لمصر، ووقف المد الثورى بها إن لم ننتبه جيداً لكن ما يحذر منه المؤلف، وإن لم نشب عن الطوق ونرفض كل تبعية ووصاية لكل القوى المحيطة بنا.
لقد تحول الجيش المصرى كما يرى المؤلف مع آخرين عن العقيدة القتالية الوطنية إلى شركة الجيش التي يحقق أعضاء مجلس إدارتها أرباحاً طائلة، وهم يدركون أن المعونة العسكرية الأمريكية هي رأس مال شركتهم.
ولقد قبل كل من قيادة المؤسسة العسكرية والإخوان هذه المطالب الأمريكية، فهناك الولاء الناتج عن التدريب والدراسة والمساعدات المقدمة، كما ان هناك أهواء رجعية تتلاقى مع أطماع الجماعات الإسلامية.
أود أن أشير إلى تحفظى على ثقل الدور الأمريكى في التحكم في شؤون الواقع السياسي وفئاته المختلفة، وكل هذه الفعاليات التي ينسبها المؤلف للمخطط الامريكي، فلقد بدا موقف أوباما فى أول أيام الثورة وحتى تنحى مبارك مضطرباً وغير مدرك لأبعاد الواقع السياسي المصرى.
ويدعو سمير أمين إلى أن مجرد المطالبة بحكم غير فاسد هو مقولة ضعيفة المعنى، ويفسر ذلك بأن الفساد جزء عضوى من الرأسمالية القائمة بالفعل، فالفساد فيها يعد وسيلة ضرورية لتوسيع مجال سيادة العلاقات الرأسمالية حتى فى المجتمعات الغربية المتقدمة، ولذا يتنبأ بشيخوخة الرأسمالية.
ويشير الكاتب إلى تلك العلاقة النظامية التى تربط هيمنة الاحتكارات على المنظومة الإنتاجية واستخراج الريع الاحتكارى من جانب، وظاهرة الفساد الناشئة عن التفاعل بين ممارسة السلطة السياسية، واستخراج هذا الريع من الجانب الآخر أن التخلص من الفساد أصبح مستحيلاً دون إنجاز تغيير جوهرى فى علاقات الإنتاج.
ثم يقارن الكاتب بين تجربة المد الثورى المصرية مع تجارب بلدان الجنوب فى "آسيا وأفريقيا" (الفلبين، وبلدان شرق اووربا، وبلدان أمريكا اللاتينية "البرازيل وبوليفيا" وغيرهما)، ويرى أن الإسلام السياسى استخدم فى بلدان الجنوب من أجل الحفاظ على استمرار التكتل الرجعى فى السلط



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المنطقة العمياء- سرد نسوي متحرر -مجموعة قصصية- للقصاصة أسما ...
- التوازي والتداخل في سردية -ترابها زعفران- للروائي إدوار الخر ...
- أنا ..أنت ..وهو ..مناورة الضمائر في سردية -الأنثي في مناورة ...
- التقنيات السردية المتجاورة في رواية -حرمتان ومحرم- للروائي - ...
- تكسر الدلالات اليقينية في ديوان - هو تقريبا متأكد - للشاعر أ ...
- الرؤية والتشكيل في رواية -سلام - للروائي هاني النقشبندي
- هل النقد الأدبي علم ؟
- - بلاد أضيق من الحب - عرض مسرحي مأخوذ عن نص - سعد الله ونوس ...
- دعوة من اللا تاريخ ..- قصة قصيرة -
- تقاطعات قصيدة النثر في ديوان -الكتابة فوق الجدران- للشاعر -ع ...
- الشعرية والألعاب السردية في ديوان -تفكيك السعادة- للشاعر -مؤ ...
- جدلية الانفصال والاتصال في المجموعة القصصية -سوق الجمعة - لل ...
- ومضات ثقافية ..2013 م
- كفى ..شهر زاد!؟
- أن تخط اسمه كاملا..- قصة قصيرة-
- - أدهم يحي - قصة قصيرة
- بعد وقت ..
- مصر وقانون التظاهر
- مكرونة فيوتشيني
- قطعة ..من الشيفون الكناري


المزيد.....




- -لا لإقامة المزيد من القواعد العسكرية-: نشطاء يساريون يتظاهر ...
- زعيم اليساريين في الاتحاد الأوروبي يدعو للتفاوض لإنهاء الحرب ...
- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - أماني فؤاد - ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -