أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - منطق الإستبداد لحظة القرار الأميركي بالتغيير في سوريا















المزيد.....

منطق الإستبداد لحظة القرار الأميركي بالتغيير في سوريا


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ستفيق السلطة فقط حينما تكون قد غادرتها، حينها لن تجد مَن يرثي لها. أظنّ أن ذلك هو ما يمكن أن يكون الحقيقة الوحيدة. حيث أنها لازالت تتصرّف دون معرفة بكل الوقائع التي حدثت منذ سنوات. و لهذا تمعن في الممارسات التي قادت إلى تحويل كل الوضع إلى تكوين هشّ، عبر تدمير الأحزاب السياسية و إلغاء إهتمام أفراد المجتمع بالشأن العام، و بالتالي بالسياسة. الأمر الذي يجعل ردود الفعل المجتمعية على الأخطار المختلفة ضعيفاً، و يجعل المتصدِّرين في السلطة عاجزون عن مواجهة هذه الأخطار، لأن مصالحهم الخاصة أهم من مصلحة المجتمع، و ذواتهم أهم من الوطن.
و إذا كانت الإمبريالية الأميركية تتحرّك لتغيير السلطة، أو لتحقيق تغيير في السلطة، فإنها تتحرّك و هي مطمئنّة بأن الوضع هشّ، و بالتالي فإن خياراتها لتحقيقه متعدِّدة و مريحة.
هذا هو ملخّص تجربة العقود السابقة، و هو ملخّص مبكي، لأننا في لحظة تنبئ بأن التصوّرات الإمبريالية الأميركية باتت تنجح بكل بساطة نتيجة عملية التدمير التي أحدثتها سلطة أحاديّة بكل معنى الكلمة، من أحاديّة النظرة إلى المصلحة إلى المنطق إلى الممارسة. و سيكون ممكناً مواجهة تلك التصوّرات و ما يستتبعها فقط حينما تنتصر كما حدث في العراق. لأن السلطة تشلّ كل إمكانيات المواجهة، و هي كما أعتقد لن تفكِّر في المواجهة، أو لن تكون قادرة عليها، لأنها لا تريد أن تخسر مصالحها التي راكمتها طيلة العقود السابقة، حتى و إن خسرت السلطة، مستفيدة في ذلك من تجربة نظام صدّام حسين.
هذا الأمر هو الذي دفعها إلى الميل للتفاهم مع الإدارة الأميركية، و إلى تقديم التنازلات في العراق و فلسطين، و أخيراً لبنان، رغم أنها لم تحصل بعد على إقرار أميركيٍّ بإستمرار وجودها. على العكس، فإن الوضع يغري الإدارة الأميركية بإعادة ترتيب السلطة وفق روشيتتها الجديدة.
بمعنى أن الإدارة الأميركية تلعب في الوضع. و السلطة لم ترَ بعد المكان الذي باتت محاصرة فيه، و المآل الذي تسير نحوه، مقدِّمة كل المبرّرات لكي يزداد الضغط و الحصار، و ينجح الترتيب.
و إذا كانت قد أصرّت على إعادة إنتخاب إميل لحّود رئيساً للبنان فإنجرفت في مأزق فرض عليها الإنسحاب المهين، فإنها بإعتقالها مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي، قد إنجرفت مجدّداً بما يسمح بإنتقال التدخّل الأميركي الأوروبي إلى الداخل، لكي يكتمل الحصار الخارجي بإختراق داخليٍّ يكمل عزلة السلطة، و يكمل مبرّرات تغييرها، بمساعدة هائلة منها، حيث أنها هي التي تشلّ الحركة المجتمعية التي يمكن أن تقاوم التدخّل الإمبريالي، و تقاتل دفاعاً عن سوريا.
و لاشك أن هدف كل التنازلات في العراق و فلسطين و لبنان هو الحفاظ على السلطة، كما أن القمع الداخلي يهدف إلى ذلك أيضاً. لكن التنازلات ذاتها هي التي تضعف السلطة لأنها تفقدها إمكانية الدعم الجماهيري الذي يسعى لمقاومة السيطرة الإمبريالية الأميركية، و يزيد من ذلك السعي لتدمير الحركة المجتمعية الصاعدة، و التي كان الهجوم الإمبريالي الأميركي الصهيوني، و إحتلال العراق و القمع الدموي للإنتفاضة الفلسطينية، هو الأساس في تصاعدها. و هو الأساس الذي نبّه الناس إلى ضرورة العمل في السياسة لمواجهة الأخطار المحدقة.
و هذا الوضع ذاته هو الذي جعل السلطة ضعيفة أكثر في مواجهة السياسة الأميركية، التي تستفيد بشكل كبير من هذا الضعف لتحقيق تغيير بغير القوّة العسكرية كما فعلت في العراق، و إذا ما جرى إستخدامها ( مباشرة أو على الأرجح عبر الدولة الصهيونية ) فلكي تدمّر البنى التحتية و تهيئ لطرف داخليّ يقوم بعملية التغيير، هو حكماً ليس الشعب و ليس الحركة السياسية المعارضة، لأنهما ضد الإدارة الأميركية، و لأن هذه الإدارة لا تريد الشعب، حيث تسعى لتأسيس " ديمقراطية الطوائف ". و بالتالي فإنه يرتكز إلى فئات متنفّذة.
قلت سابقاً أن السياسة السورية تعاني من غيبوبة، و إذا كانت تبرز هذه الغيبوبة في ممارسة السياسة الخارجية و فهم الوضع العالمي المحيط، و بالتالي العجز عن رؤية المتغيّرات العميقة في السياسة الإمبريالية للدولة الأميركية، فإنها تبرز كذلك في ممارسة السياسة الداخلية، حيث لازالت السلطة تعتقد أنها تلك القوّة القادرة على الضبط و السيطرة وفق الأسس القديمة ذاتها، و بالتالي فهي ليست بحاجة لإعادة صياغة العلاقة مع المجتمع وفق أسس جديدة. و هذا يشمل المنطق الذي كان يحكم تلك العلاقة، كما يشمل القوانين و التصرّفات، و بالأساس الإعتراف بالمجتمع و بالأحزاب المعارضة كونها تشكّل قوّة أخرى لها آراء مختلفة، و أحياناً إلى حدٍّ بعيد. و بالتالي فإن المطلوب هو الحوار و ليس المنع و تحديد من هو الوطني و من هو غير الوطني، من هو القويم و من هو غير القويم. السلطة ليست الحَكَم الآن، إنها طرف. هذا ما يجب أن تعترف به إذا كانت تريد الدفاع عن الوطن، و مقاومة " الإستهداف " الأميركي. و هذا يعني التخلّي عن كثير من المصالح كذلك، حيث باتت قطاعات واسعة من الشعب مفقرة، و إن كانت لازالت تستفيد مما بقي من دور للدولة في المجال الإجتماعي و الصحّي. و من عدم إكتمال الإنفتاح الإقتصادي و سيادة إقتصاد السوق، في مجال بقاء الأسعار دون الإرتفاع الذي تفرضه سيادة إقتصاد السوق، مع ملاحظة أن الخطوات في هذا المجال باتت متسارعة. لكن الوضع المعيشي لهؤلاء صعب و صعب جدّاً.
السلطة تصرّ على أنها لازالت قوية في الداخل، لكن الخطر هو نتاج الضغط و الفعل الإمبريالي . و لاشك في أن الإصرار على التدمير الداخلي إنطلاقاً من غطرسة القوّة تلك يسهم في إنجاح الفعل الإمبريالي ذاك. الوضع ضعيف، هذا ما يجب أن يكون أساس أيّ سياسة عقلانية. لكنه يفضي إلى خيارين، الأوّل: هو الإلتحاق بالإمبريالية للحفاظ على المصالح الخاصة، و الثاني: هو تفعيل الحركة المجتمعية، و النشاط المجتمعي المقاوم. لكن في إطار دولة ديمقراطية حقيقة، و تلبّي مصالح القطاعات الشعبية بالأساس.
إن مقاومة الخطر الإمبريالي الأميركي تفرض أن تتغيّر السياسة القائمة على العنف السلطوي، و بالتالي أن تتفعّل الحركة المجتمعية، و من ثَمّ أن يتغيّر منطق السلطة. فإذا كانت قد فرضت منطقها و قوانينها و دستورها خلال العقود السابقة، فإن الوضع القائم الآن يفرض أن يكون الحوار هو أساس بناء منطق بديل و قوانين جديدة و دستور يعبّر حقيقة عن التكوين المجتمعي و يكون حكماً بين قطاعات الشعب المختلفة.
إن الإستمرار في فرض المنطق ذاته لن يقود سوى إلى مزيد من الكبت و الإعتقال، و تدمير النشاط المجتمعي، في لحظة نحن أحوج إلى ذلك لمواجهة الخطر الإمبريالي الأميركي الذي بات يتهدّد سوريا جدّياً، و الذي تصبّ كل ممارسات السلطة في طاحونته، لأنها تقدِّم له كل مبرّرات الضغط، و الإفادة من تناقضات الداخل، كما الإفادة من إضعاف الداخل ذاته بتدمير الحركة المجتمعية.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية و أفق البديل الإشتراكي: الماركسية في أزمة؟
- مأزق اليسار الديمقراطي و إشكالية الإشتراكية الديمقراطية
- دافوس البحر الميّت
- سياسة أميركا
- ورقة عن الحرب الإمبريالية الصهيونية في المنطقة العربية
- الحركة القومية العربية: تجربة نصف قرن
- مسار الخصخصة في سوريا
- عودة الى الطبقة العاملة
- الحركات الشعبية و دور أميركا
- التغيير التائه بين الداخل و الخارج
- ديمقراطية الطوائف
- أميركا و الأصولية
- منزلقات الأصولية
- الإصلاح ليس ضرورة
- الى الأستاذ حسقيل قوجمان
- نداء إلى كل الماركسيين في الوطن العربي
- غيبوبة السياسة السورية
- بوش في أوروبا، هل يمكن تحقيق التوافق؟
- طبيعة المقاومة العراقية
- الماركسيون و الليبرالية، حول أوهام نقد الليبرالية


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - منطق الإستبداد لحظة القرار الأميركي بالتغيير في سوريا