أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - ديمقراطية الطوائف














المزيد.....

ديمقراطية الطوائف


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1164 - 2005 / 4 / 11 - 23:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يتابع كيف يجري تركيب السلطة في العراق، خصوصاً في المناصب الأساسية، يلاحظ أنها تكرّر تجربة لبنان التي تركبت قبيل الإستقلال و أصبحت الصيغة التي حكمته منذئذ. فقد جرى توزيع الرئاسات الثلاثة بين الطوائف و على أساس طائفي، بحيث يكون الرئيس مارونياً و رئيس الوزراء سنياً و رئيس مجلس النواب شيعياً، مع مناصب أدى لطوائف أخرى.
و في العراق الآن، و بعد أكثر من نصف قرن، توزّع المناصب على أساس المحاصصة الطائفية و الإثنية، بحيث يكون الرئيس كردياً و رئيس البرلمان سنياً و رئيس الوزراء شيعياً، و مع تعيين نوّاب لكل منهم ينطلق من الأساس الطائفي ذاته. و الفارق هنا بين لبنان و العراق هو أن لبنان نظام رئاسيّ لهذا تتمركز الصلاحيات بيد الرئيس، أما العراق فقد بات نظاماً برلمانياً لهذا تتمركز الصلاحيات بيد رئيس الوزراء. و بالتالي فقد إحتكرت الأغلبية ( المؤسسة على أساس طائفي ) المنصب المركزي في كل من البلدين.
إذن، يحكم تركيب " النظام الجديد " منطق ينطلق من " الوعي الطائفي "، و تصاغ السلطة بناءً على تحديد مجتمعيّ ينفي مبدأ المواطنة و يكرّس المنطق القروسطي الذي إنبنى على الدين. و الملفت هنا أن تركيب السلطة في العراق على هذه الشاكلة ( اللبنانية ) يأتي بعد وضوح فشل الصيغة في البنان، خصوصاً بعد فتحها المجال للحرب الأهلية سنة 1975، و من ثَمّ عجزها عن إستيعاب التغيرات الديموغرافية و السياسية قبل الحرب الأهلية و بعدها. الأمر الذي فرض التأكيد على ضرورة إلغاء الطائفية السياسية في إتفاق الطائف. و حيث بات تكريس مبدأ المواطنة هو الهاجس الأساس في النشاط العام في لبنان، كونه يعني تجاوز المحاصصة الطائفية و تأكيد علمانية الدولة التي لن تكتمل الديمقراطية دونها.
لكن من الواضح أ، كل إستعمار يعمل على صياغة بلداننا إنطلاقاً من الأساس الطائفي، و ما يشير إلى ما هو كامن في وعي ( و مصلحة ) الرأسمالية، حيث يجب أن نبقى نعيش القرون الوسطى رغماً عنّا. و حينما نحاول التقدّم، نواجه بكل جبروت القوّة الإمبريالية، و بإعادة صياغة النظام السياسي على الأساس القديم ذاته، مما يوضّح أن الإحتلال الحديث كما الإستعمار القديم يريد حشرنا في المنطقة التي تكرّس تخلّفنا عبر تكريس البنى الفكرية و السياسية القروسطية، فهذه هي التي تقف " سدّاً منيعاً " في وجه التقدّم ( و الشيوعية كما كان يُقال )، و هي التي تمنع التحديث و التصنيع لأنها تكرّس بنى مضادة تحافظ على تكوينات عصيّة على إستيعاب منجزات العصر الصناعي. حيث أنها تعيد إحياء و تكريس الروابط القديمة التي كانت من نتاج عصور زراعية منهارة، هذه الروابط التي تمانع أمام تدفّق الحداثة و ترفض المنجزات الحديثة.
لكن سنلحظ بأن تكريس هذه الصيغة يحمل أيضاً كل مشكلات التاريخ، و ينحكم لكل آثار الفتاوى الفقهية التي وُجدت فيه، الأمر الذي يقود حتماً إلى تفجير الحروب الطائفية، عبر إسترجاع الماضي من جهة، و لكن من جهة أخرى عبر تكوين " مصالح ضيّقة " لفئة تستفيد من هذا التشكيل السياسي، و يصبح وجودها معتمداً على إعادة إنتاجه، و بالتالي الدفاع عنه في مواجهة كل المتحوّلات الديمقراطية و الشعبية.
و إذا كان كل ذلك يصاغ تحت شعار تحقيق الديمقراطية، فهو يقود على أساس غير ديمقراطي يتمثّل ليس في وجود الإحتلال فقط، بل و في أن الأساس الطائفي الذي يكرّس كمنطلق لبناء السلطة يتنافى مع مبدأ المواطنة ذاته، هذا المبدأ الذي يجعل كل الأفراد متساوون بصفتهم مواطنين، و لقد كان غياب هذا المبدأ في أساس أزمة النظام السياسي اللبناني الذي قام على أساس المحاصصة الطائفية، و قاد إلى تحويل الصراع الطبقي إلى صراع على مَن هي الطائفة الأكثر عدداً التي يجب أن تحكم، و ليس مَن هي الطبقة التي يجب أن تحكم؟
و لاشك في أن هذه الصيغة المأزومة و المؤزّمة سوف تصبح هي الصيغة " الديمقراطية " التي يعمّمها الرئيس حامل الرسالة التاريخية ( أو الإلهية ) جورج بوش. لكن مغطاة بحرية جزئية للصحافة و الأحزاب، و بإنتخابات برلمانية مقولبة، إنطلاقاً من أن كل ذلك هو الديمقراطية.
إذن، نعود لبناء نظام سياسي مأزوم، يقوم على المحاصصة الطائفية. هذه هي وعود بوش، و تلك هي رسالته.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا و الأصولية
- منزلقات الأصولية
- الإصلاح ليس ضرورة
- الى الأستاذ حسقيل قوجمان
- نداء إلى كل الماركسيين في الوطن العربي
- غيبوبة السياسة السورية
- بوش في أوروبا، هل يمكن تحقيق التوافق؟
- طبيعة المقاومة العراقية
- الماركسيون و الليبرالية، حول أوهام نقد الليبرالية
- بصدد الماركسية، حول الأيديولوجيا و التنظيم
- الجغرافيا السياسية للمشرق العربي بعد إحتلال العراق، ما يمكن ...
- عفوية الجماهير و دور الحركة الثورية في الوطن العربي
- في مواجهة إقتصاد السوق
- بعد عرفات، إحتمالات قاتمة؟
- ثورة اكتوبر ، محاولة للتفكير
- ما هي الماركسية؟
- الماركسية و الاشتراكية و حرية الانتقاد
- ممكنات تجاوز الرأسمالية عودة الى ماركس
- مأزق الحركة الشيوعية العربية ملاحظات حول عوامل الإضمحلال
- مشكلات اليسار في الوطن العربي - ما العمل؟


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - ديمقراطية الطوائف