أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف علوان - الحدث وشعريّة اللغة في «الأسود يليق بكِ»















المزيد.....

الحدث وشعريّة اللغة في «الأسود يليق بكِ»


يوسف علوان

الحوار المتمدن-العدد: 4267 - 2013 / 11 / 6 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


كتّاب الرواية الجديدة لم تعد تستهويهم - مثلما كانت سابقاً - نصوصاً أرخت لعناوين كبرى عن حكايات العدالة الاجتماعية، وقصص الحب السامية وتحرير الأرض، وشحذ همة الشعوب, إذ أن حكايات هامشية وبسيطة أصبحت المعيار لنجاح الكثير من الروايات، وأضحت مظهراً من مظاهر التجديد في الرواية، ويقاس نجاحها بمقدرتها على التقاط هذه الحكايات البسيطة, وإعادة إنتاجها.‏ وقد لاقى هذا الأسلوب الكثير من الاهتمام.‏ وأصبح فعلاً إبداعياً ملموساً، قادراً على مواكبة الإبداع، واحداث أبلغ الأثر على روح الرواية وتألقها.‏
إن مكونات الرواية الحديثة - التي نحن بصدد تفكيك إحداها وهي رواية «الأسود يليق بكِ» لأحلام مستغانمي - تكاد تكون واحدة، إذ لا بد من توافر: المكان والزمان والشخصيات والصراع (العقدة). وبالتالي وجود تفسير ظاهر - أو مخفي - لسبب اختيار موضوع الرواية، حتى لو كانت هذه المكونات متفاوتة النسب من أجل الوصول لفهمها.
هذه الرواية تبتعد في صوغها الحكائي عن المنظور التقليدي المحض، (البداية، العقدة، النهاية) وعلى الرغم من ان صياغتها لا تخلو من جزئيات هذا البناء في عمومه، إلا انها لم تجعل من هذه التراتبية القواعدية منطلقاً لها، لذلك تبدأ الحكاية من نهاية الأحداث، منطلقاً لاستعراض بدايتها: «لن يعترف حتى لنفسه إنه خسرها.. سيدَعى إنها من خسرته.. وأنه من أراد لهما فراقاً قاطعاً كضربة سيف.. فهو يفضل على حضورها العابر غياباً طويلاً.. وعلى المتع الصغيرة ألماً كبيراً.. وعلى الإنقطاع المتكرر قطيعة حاسمة». ص11.
وعقدة الرواية ليست بجديدة، فبحث الرجال عن زوجة ثانية عندما تعجز الزوجة الأولى عن ولادة ذكر لهم؛ كثيراً ما تناوله الروائيون في أعمالهم، وبالأخص اذا كان ذلك الرجل ثرياً ويدير أعماله من مدن عدة خارج بلده، «- ما أريده هو صبي.. صبي يحمل اسمي، يرث ثروتي، يحرس شرفي.. لكنها أمنية مستحيلة. زوجتي لاتستطيع أن ترزق بطفل ثالث . وهذه قسمتي في الحياة. لن أطلقها، ولن ألجأ لذرائع دينية لأتزوج عليها. إنها أم بناتي وأنا أحبها»ص276. هذا ما كان يريده، ولم تتكلف الكاتبة لتوضح ما السبب الذي يمنع زوجته من عدم ولادة ذكر له!
لذلك استمرت محاولات طلال هاشم بطل الرواية، سنتين للايقاع بـهالة وافي. رجل غني يمتلك المال الذي يستطيع بوساطته أن يعمل كل ما يريده ويحلم به، استطاع أن يصل الى قلبها من خلال باقات الورد التي كان يرسلها إليها بعد كل حفلة تقيمها وكان صبوراً للايقاع بها:
وبدأ يستعيد ذلك اللقاء التلفزيوني الذي مضى عليه سنتان، ما زال يذكر كل كلمة لفظتها، احتفظت ذاكرته بكل تفاصيله، وكيف ذهب يبحث عن شريط لها وهو لا يعرف اسمها بعد. «ما الذي يريده منها؟ هذه الفتاة التي ليست أجمل من غيرها، والتي لا تهزه أغنياتها. لعله يريد حالة الشغف التي سكنته مذ رآها» ص31. هكذا تعلّق بها لاشيء يعرفه عنها جعله يتعلق بهذه المرأة «كان يحب الجاذبية الآسرة للبدايات، شرارة النظرة الأولى، شهقة الانخطاف الأول.. كان يحب الوقوع في الحب» ص43.. «ثلاثة أشهر وهو يتقدم نحوها بتأنٍ كما على رقعة شطرنج. تصلها باقات وروده في أي مسرح تغني عليه، وأي برنامج تطل فيه، كقناص يعرف كل شيء عن طريدته» ص44.
لم يكن ما يجري بينهما غير لعبة، لعبة شبيهة بلعبة القط والفأر، فهو يمتلك كل شيء، ويضع تفاصيل كل لقاءاتهما التي تحدث بينهما، يستلذ برؤيتها عاجزة عن أن تراه وهو يدير هذه اللعبة من وراء ستار يصنعه لنفسه بواسطة ماله، الذي يعده أهم ما في شخصيته، لذلك يغضب عندما لا تتمكن من معرفته وهما معاً في الطائرة ويغيظه: « أن تحدق في وجوه كل الرجال عداه، فقرر أن يثأر لذلك الخذلان العاطفي بموعد لن ترى فيه سواه. يومها، ولدت في ذهنه فكرة أن يحجز قاعة بأكملها، تغني له فيها وحده، ألا يأتيها وسط الحشود، بل يكون هو الحشد!» ص129.
وبرغم نجاحه في ادارة اعماله واعتزازه بنفسه إلا أن هناك ماضياً يؤلمه لا يستطيع أن يتحدث به لأحد! انه عانى من عجز عاطفي يمنعه من تسليم قلبه حقاً لامرأة. فبات طول عمره يشك في صدق النساء. «- أحب أن أنفق ثروتي في إغراء الحياة.. ما دام مالي سينتهي لدى رجال سيبرعون في إغراء نسائي!
- نساؤك؟
- أعني زوجتي وابنتيّ، زوجتي ما زالت جميلة. وستعاود الزواج من بعدي.. وكذلك ابنتيّ.. سيتدافع الرجال للفوز بأوراق اليانصيب الرابحة!
- ولماذا أنت واثق الى هذا الحد مما سيحدث؟
- لأنني لا أثق في النساء، لا أمي انتظرت أبي.. ولا تلك الفتاة التي أحببتها انتظرتني يوم سافرت الى البرازيل.» ص270.
رجل لايرى في المرأة سوى غنيمة عليه أن يحوز عليها قبل غيره برغم ثقافته التي اكتسبها من عمله وسفراته في أكثر من بلد إلا انه لاينظر للأمور إلا من خلال ماله، الذي يحسبه كرامته وكل شيء، لذلك يثور عندما يطلب منها أن تأخذ مالاً منه لتشتري هدايا لها، فترفضه وتقول له أنها لا تحتاج الى مال! فيصرخ بها:
«- من تكونين لتهينيني؟!
ردت مذعورة تحت هول المفاجأة:
- ما فعلت شيئاً يهينك. أنا فقط..
قاطعها:
- أنت تهينين مالي قصد إهانتي.. من تكونين لتتجرئي على ذلك؟!»ص285.
هكذا تنتهي حكايته معها، فيعود خائباً في تحقيق ما أراد أن يحققه: «الحب بالنسبة له كرنفال ومدارس تنكرية للبهجة، أنه المهرج الذي يخلو بنفسه ليحزن والساحر الذي يعود خاسراً بعد كل استعراض. ثمة حزن يعرفه، وآخر يتعرف إليه الليلة، حزن ما خبر من قبل صدمته» ص327.
*
اقترن ظهور اللغة الشعرية في الرواية، مع ظهور الرواية الحديثة، التي جعلت من هذه اللغة علامة من علاماتها البارزة، والتي ركزت على شعرية المجاز، وشعرية التفاصيل في لغتها السردية. ان التحول في لغة الرواية، حصل بشكل أحالت فيه الرواية لغتها من كونها مجرد وسيلة للتبليغ المباشر، الى نظام وظيفته التبليغ غير المباشر، وهو ما يسمى بالوظيفة الجمالية للغة. والتي تخلق مساحة واسعة للتأويل من دون أن تهمل لغة الرواية المألوفة. كذلك لا ننسى وظيفة شعرية عنوان الرواية «الأسود يليق بكِ» التي تأتي في طليعتها الوظيفة الاعلانية الايحائية عن محتوى العمل الروائي. وقد أرادت الكاتبة لروايتها، ان تكون قطعة موسيقية (سمفونية)، تعزفها بلغتها الشعرية التي دأبت على كتابة رواياتها السابقة بهذه اللغة؛ والتي شهد الجميع بجمال صياغتها وروعة تعابيرها وصورها الجميلة، فكانت هذه الرواية الجديدة من أربع حركات وكل من هذه الحركات بثلاث نقلات - تشبها بالسمفونيات - وقد اختارت لكل جزء من هذه الحركات جمل لمقولات مشاهير عصرنا هذا والعصور التي سبقتنا. اختارتها لتكون بداية لهذه التقسيمات، الموسيقية، التي عزفتها سرداً شعرياً رائعاً. وكانت صورها الرائعة تتقافز بين السطور لتشد القارئ ليستمر الى نهاية أحداث الرواية. لكن لغة السرد الجميلة هذه شابتها بعض نقاط الضعف، فالملاحظ ان الحوار الذي يدور بين شخوصها، هو ذلك الحوار العاطفي الأنيق نفسه الذي يفلسف الحب ويستعين بمقولات الفلاسفة والشعراء، وقد يلاحظ القارئ أيضاً ان شخوص رواياتها متشابهة في أغلب كتاباتها - بالأخص شخصياتها النسائية - بذات الأناقة والإبهار والغموض وبالحوارات العاطفية نفسها. وجملها المختصرة. وهذا ما تمتاز به مستغانمي، لأنها بدأت حياتها الأدبية بكتابة الشعر، الذي تجده قليلاً في لغتها الحوارية، لكنه واضح وجميل في الوصف الذي يطغى على أحداث الرواية: «كبيانو أنيق مغلق على موسيقاه، منغلق هو على سره» ص11. «وضعت من كل شيء أقله. ذهبت إليه بسيطة كفراشة السواقي» ص117. «في أسطورتها هي يقع عليها السحر مذ يضع ذلك الرجل العابر شفتيه على شفتيها. شفتان ألقتا القبض على قدرها، وتركتاها في غيبوبة النشوة، تحت تأثير الخدر العشقي، كما في نوم لذيذ» ص142.



#يوسف_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات الحدث في -سيف يهوذا- لفاروق السامر
- ناصر قوطي.. يُسقط -وهم الطائر..- -ليس هناك من يولد حراً-
- - عش هكذا.. في علو أيها العلمُ-!
- -أنهم يقتلون الديمقراطية-
- لا يتفقون إلا على سرقة البلاد في اختلافهم.. رحمة!!
- -الجسر...- وأجهزة كشف المتفجرات!!
- الازمة في سوريا .. هل تقود المنطقة الى حرب طائفية
- بعد (9) سنوات من التغيير..العراق إلى أين؟
- فزاعة -حكومة الأغلبية- هل بالاستطاعة تشكيلها ؟
- علاوي والمالكي؛ لعنة السياسة أم لعنة العراق؟
- بغداد في عالم الخيال
- -چلب ابو اهلين ماينجني- !
- خضير الخزاعي القشة التي قصمت ظهر البعير
- ثلاث نقاط في الهم العراقي
- في الشأن العراقي
- عيد الحب عيد العراق من يرعاه
- -الانترنيت- المارد الذي ايقظ الشعوب العربية
- خطورة انحراف النهج الديمقراطي في العراق
- اسكات اصوات المثقفين بداية لتراجع الحريات في العراق
- القوى الوطنية التقدمية بكل فصائلها مدعوة لحماية الديمقراطية ...


المزيد.....




- كيم كي دوك... المخرج السينمائي الكوري الذي رحل مبكراً
- موت يعقوب ح 163… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة على قنا ...
- الإعلان 2 حصري ح 163.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 على ATV ...
- لأول مرة تقام في الكويت.. نجوم مصريون يحيون -ليلة النكد-
- فيديو.. تعرف على المكان الذي شهد إحياء اليعازر بالقدس
- بعد صمت طويل.. نجمة الأفلام الإباحية تعلق على إدانة ترامب
- فنجان حبر مع المنصف المرزوقي
- بموسيقى مرعبة.. ابتسامة بايدن تتحول لحملة دعاية لصالح ترامب ...
- نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز -لم تنبس ببنت شفة- بعد ...
- -يجعلني بأفضل حالاتي-.. شاهد ما قاله الكاتب والكوميدي بيل ما ...


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف علوان - الحدث وشعريّة اللغة في «الأسود يليق بكِ»