توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 09:46
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
سألني شابٌ سؤالا: هل الغرور مرض، أم أنه سمة خاصة بالشباب؟ فأجبتُ:
الغرور مرضٌ يصيبُ جميع الأعمار، ولكنه متفشٍ بين الجاهلين أكثر من غيرهم،كما أن الشباب هم الأكثر إصابة بالمرض من الكهول، وجرعة التطعيم الفعَّالة الواقية من هذا المرض، هي الثقافة والوعي! ولكي تكتشفه عند المصابين به إليك الأعراض التالية:
إذا أحسستَ بأن كلَّ مَن حولك أقلُ منزلةً منك، وأنك بهيئتك ووسامتك وطلعتك البهية الأجملُ والأرفع درجة ونسبا، فأنتَ مغرورٌ!
وإذا استمددتَ غرورك من رصيد ثروتك الموروثة وحسابك البنكي، فأنت مريض بالغرور أيضا!
وإذا تحديتَ المحيطين بك اعتمادا على عدد أفراد أسرتك، وعلى ما يملكون من عدد وعتاد فأنت أيضا مغرورٌ!
وإذا تحديتَ غيرك بدرجتك الأكاديمية والعلمية استعلاء، فأنت كذلك مغرورٌ!
وإذا استعملتَ مركوبك ولباسك وطعامك وفرحَك وترحَك نياشينَ فخرية لتغيظ به جارك وقريبك ورفيقك، فأنت مُصابٌ بمرض الغرور المتقدم!
وإذا ضننتََ على مَن يحيطون بك بالنصيحة والتثقيف، واحتكرتَ علمك وثقافتك، فأنت أيضا مريضٌ بالغرور!
وإذا كنتَ دائم السعي للإيقاع والإضرار بمنافسيك، وأنك لا تهنأ ولا تستريح، إلا بنكباتهم وخسارتهم ومآسيهم، فأنت أيضا مُصابٌ إصابةً خطيرة بالمرض!
ولعلّ أخطر مراحل الغرور قاطبةً عندما تصل إلى درجة الاعتقاد؛ بأن وجودك في الوطن بين أهلك وذويك خسارة كبيرة لشخصك النبيل!! وأن وطنك غيرُ جديرٍٍ بك، وليس أمامك سوى تركه والرحيل عنه!
واعلم أن هناك فرقا كبيرا بين مرض الغرور الخطير، وبين الثقة بالنفس، فالثقة بالنفس تواضعٌ جميل، وثقافةٌ محبوبة ومطلوبة، تُكسبُ صاحبها الاحترام والتقدير، وتدفعُهُ للعطاء والبذل والتضحية، فالواثق بنفسه كريمٌ مِعطاءٌ محبوبٌ، يستطيع التأثيرَ فيمن حوله، ويستطيع قيادة وطنه نحو مستقبلٍ أفضل!
كتبَ المفكرُ والأديب الكبير عباس محمود العقاد مقالا في صحيفة الهلال، التي أحتفظ بها في مكتبتي عدد نوفمبر 1953م يقول:
"إننا نفخنا الغرورَ في جيل الناشئين حتى خِيفَ عليهم، وعلى الأمة بأسرها. وما عملت الإنسانيةُُ شيئا منذ عرفت الحضارة، إلا أنها عالجت غرور الناشئين، وتمرد الجاهلين، فإذا غلب الغرورُ على الناشئين، وغلب التمردُ على الجهلاء، فقد ضاعَ كلُّ ما كسبته الإنسانية، بعد عشرة آلاف سنة"
قال حكيمٌ: الغرورُ جرعةُ مُخدِّرٍ، تُخفِّفُ آلام المحبطين الجاهلين!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟