|
حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 21:02
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تعاني العديد من دول العالم الثالث ، أزمة مديونية هائلة ، جراء ارتهانها لصندوق النقد والبنك الدوليين ، فتراها تطبق وصفاتهما بدقة متناهية حتى تحصل على القروض المطلوبة ، وعندما تعجز عن سداد هذه القروض ، تهرع إلى ناديي باريس ولندن لجدولة الديون والفوائد المترتبة عليها ، وبدلاً من سداد الديون ، تصبح هذه الدول عاجزة عن سداد فوائدها ، ما يدفعها إلى الخضوع لبرنامج الصندوق والبنك " المسمى ببرنامج التصحيح الاقتصادي ، الذي هو عبارة عن وصفة مذلة لهذه الدولة أو تلك ، يلزمها بتحجيم القطاع العام وإلغائه ووقف الدعم عن السلع الأساسية ، وغيرها من شروط الإذلال والتبعية التي يتضمنها " تفاهم واشنطن " و" ونقرير ليبرسون . والمضحك المبكي أن هذه الدول غدت تتباهى بالحصول على شهادة حسن سلوك ، من صندوق النقد والبنك الدوليين في أنها التزمت بوصفاتهما بدقة في مجال إفقار شعبها ، عبر شطب قطاعها العام وإلغاء الدعم .. ألخ ، أي أنها تتباهى بخضوعها للاستعمار الجديد وبوقوعها في فخ الخضوع والتبعية لأدوات الإمبريالية ، ما يولد احتقانات اجتماعية ، تشكل مقدمة لهبات وثورات اجتماعية كما يحصل في السودان حالياً بعد رفع سعر الوقود بنسبة 75 في المائة ، وكما حصل في مصر في عهد السادات عام 1977 ، عندما تم رفع أسعار الخبز ، وكما حصل في الأردن عامي 1989 و 1997 ،عندما تم رفع أسعار الوقود والخبز ، وكما حصل في البرازيل من احتقانات قبل وصول حزب العمال البرازيلي اليساري بقيادة " لويس إيناسيو لولا دا سيلفا " الشهير ب " لولا " للحكم ، وكما حصل في العديد من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية . واللافت للنظر أن الدول التي تسعى للتنمية المستقلة ، وفق قرار سياسي وطني مستقل ، تستطيع أن تتحرر بالتدريج من القيود المذلة لصندوق النقد والبنك الدوليين ، حيث حققت البرازيل بقيادة الرئيس اليساري لولا دا سيلفا - الذي وصل للحكم عبر صندوق الاقتراع عام 2003 - أنموذجاً يحتذى به في هذا المجال ، حيث تمكنت البرازيل من التخلص من ديونها الموروثة لصندوق النقد الدولي عام 2005 ، أي قبل عامين من الموعد المحدد للسداد ، ونجح لولا في استعادة ثقة الأسواق ببلاده وهبط مؤشر المخاطر إلى نحو 250 نقطة ، كما نجحت حكومته في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي لبلاده . ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد ، بل أصبحت البرازيل ، في عهد " ديلما روسيف " التي خلفت لولا في قيادة الحزب والدولة عام 2010 أصبحت عام 2011 سادس أقوى اقتصاد في العالم ، متقدمةً على بريطانيا ، وحققت نموا بنسبة تقترب من (3) في المائة ، مقارنة بنسبة نمو في بريطانيا أقل من (1) في المائة . تجدر الإشارة هنا أن دول أمريكا اللاتينية التي تلتزم بالنهج البوليفاري الاشتراكي ، أسقطت النهج النيوليبرالي ، وبدأت هي الأخرى تتحرر من قيود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، بعد أن شكلت فنزويلا إقليم قاعدة لدعم النهج البوليفاري في عموم القارة اللاتينية كما أن العديد من الدول العربية مثل مصر في عهد عبد الناصر ، والعراق سابقاً ، وسوريا لم ترهن نفسها إطلاقاً لصندوق النقد والبنك الدوليين . لقد تميز الخطاب النيوليبرالي الامبريالي بأدواته المختلفة- كما قال المفكر العربي د. سمير أمين - بالإغراق في الطوباوية حيث يسعى إلى تنفيذ حلم الرأسمالية بالسيطرة على العالم ، وإخضاعه لآليات الربح ، بحيث تسود مفاهيم المنافسة والربح ، الحياة الاجتماعية وليغزو هذا الحلم جميع أوجه الحياة الاجتماعية ، ويخضعها لقانون الربحية ، وبالتالي بدأ هذا الحلم ، يغزو قطاعات ، ومؤسسات كانت بعيدة عن حلم تراكم رأس المال ، مثل المؤسسات الصحية والتعليمية. وقديماً كنا نرى في البنك الدولي ، وصندوق النقد الدوليي ، أداتين رئيسيتين لهيمنة رأس المال، والآن هناك منظمة أقوى وأخطر منهما، وهي منظمة التجارة العالمية ، التي تهدف إلى فتح الأسواق المحلية ، وصيانة مباديء المنافسة السليمة وحماية احتكارات الشمال والشركات متعددة الجنسية. والهدف المركزي والأساسي لهذه المنظمة - كما يقول د . سمير أمين - هو إخضاع العالم للقوى النيوليبرالية المعولمة وربما يتطور مجلس إدارة هذه المنظمة مستقبلاً ، ليحل محل الأمم المتحدة ، ولا يمكن أن يدار هذا النظام العالمي دون تدخل عسكري ، وهو ما يحدث عبر الذراع العسكري للمنظمة ( حلف الناتو ) ، وما حدث في الخليج ويوغسلافيا وغيرهما يؤكد هذه الحقيقة.
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إرهاصات ثورة اجتماعية وسياسية في السودان
-
الرابحون والخاسرون من الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الكيماوي
...
-
بوتين أذل أوباما في قمة العشرين حيال الأزمة السورية
-
تماسك القيادة السورية يربك الادارة الأمريكية
-
العدوان الامبريالي الرجعي المرتقب على سوريا سيفشل في تحقيق أ
...
-
ثورة 23 يوليو المجيدة : ثورتان في ثورة واحدة
-
كفى رهاناً على جون كيري وعلى خيار المفاوضات البائس
-
حملة مكارثية ظالمة ضد الفلسطينيين المقيمين في مصر
-
اغتيال القائد الميداني رائد جندية استحقاق لتحالف حماس مع قطر
-
في مواجهة الإجراءات التهويدية للنقب
-
مرسي يتسول ود أمريكا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق
-
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض ا
...
-
مسلسل المصالحة الفلسطينية وسراب الصحراء
-
الحصار المصري الرسمي لغزة لا يزال مستمراً
-
في الذكرى أل (65) للنكبة : العودة تقترن بتحرير فلسطين
-
نريد قيادات تتصدى لمهزلة - تبادلية - حمد بن جاسم
-
حلف شيطاني بين الإرهابيين في سوريا وبين العدو الصهيوني
-
نحو إعادة الاعتبار لخيار المقاومة ونبذ خيار المفاوضات
-
في خندق سوريا في مواجهة العدوان الأطلسي
-
الوعي بالقضية الفلسطينية في مدارس الأونروا
المزيد.....
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
-
الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC
...
-
بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى
...
-
كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول
...
-
واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ
...
-
البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|