أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - لوح من الايزاكيلا ج2















المزيد.....

لوح من الايزاكيلا ج2


الحسين الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 02:25
المحور: الادب والفن
    


مثُل سين-ايلي امام الملك المعظم، و تليت عليه تهمه و سُئل ان يدافع عن نفسه، فقال بكفر و زندقة: " ان انليل يحميني، و ليست لاحد القدرة على ان يؤذيني"
فاستشاط الملك غضبا: "بل انا ممثل الالهة، و قد وضعت سلطاتها بيدي، و استطيع انا ان اتركك حيا بمشيئتي او اميتك بارادتي"
- "ان كانت لك السلطة، فخالف ما نعرفه عن قدرة انليل، فهو من ياتي بالشمس من خلف الجبال الشرقية، فات بها من ارض اموروم (اي الغرب) ان استطعت"
- "ارادتي لا تعلو على ارادة الالهة، و شمش هو من يات بالشمس من خلف الجبال الشرقية، فأدعُ انليل –ان كنت كما تقول حبيبه و صديقه- ان يات بها من الغرب".

فبهت الذي كفر و لم يحر جوابا، فلما ساله الملك عن دفاعه ضد ما اتهم به، لم يستطع الا ان يعلن توبته و يستسمح عفو الملك على الا يعود الى غيّه، و عفا الملك عنه برحمة، و خلى سبيله، و كان يظن ان الكافر قد رجع عن الحاده.

دمّر مردوخُ الكافرَ، لعنت عشتارُ الزنديقً، احرق نركالُ الملحدَ، فقد استغل عفو الملك العظيم، ملك بابل ابي-ايشو، بمناسبة قرب اكيتو (عيد رأس السنة البابلي)، فغافل الشعب و الكهنة، في اليوم الحادي عشر من الاحتفال المقدس، و حطم صور الالهة المجتمعة في بابل الا تمثال ابن ايا، عالمَ الاسرار، صاحبَ المعجزات، خالق النظام من الفوضى، مردوخ العظيم. و لما قبض عليه انكر التهمة و قال بان مردوخ نفسه اعلن حربا على الالهة فحطم تماثيلها، و تحدى الملك ان يسأل مردوخ نفسه لم فعل ذلك بباقي الالهة، ان كان يستطيع نطقا! فقرر الملك ترك الحكم في هذا الفاسق للالهة، ليرمى في النهر مقيدا، و ان كان الفاسق على حق فليساعده الهه، اما ان كان على باطل فلتاخذ الالهة بثارها منه.

حشود هائلة من الشعب اجتمعت لتشهد حكم النهر العادل في سين-ايلي المدنسة يداه، و رمي المجرم في الفرات فغاص كصخرة من اكبر صخور كور (جبال زاكروس عند السومريين)، و كانت اخر كلماته ان هدد بغضب انليل الذي سيحل بشعب سومر و اكد، اذ عظموا الهة غيره و قتلوا حبيبه و صاحبه!
اما و قد نقل النهر سين-ايلي الى نركال و ارشكيكال (الهة العالم السفلي) فليعلم كل فاسق ان الهة سومر و اكد لن تترك شعبها للاشرار. و ليلعن مردوخ و ايا و انليل و عشتار كل مجرم يتحدى ممثلهم بيننا، الملك العظيم ابي-ايشو، مشيد المعابد و شاق القنوات و هازم الاعداء.
و ختم الكاهن المعظم لوحه بالنقش: الكاهن الصغير مولا-كونونا في السنة التي قام بها الملك ابي-ايشو بنحت التماثيل المتالقة.

(و هنا ينتهي الكاهن الشاك من رواية ما وجده منقوشا على اللوح القديم) قرأت ما نقشه الكاهن المعظم مولا-كونونا، و تمنيت ان تكون لي ثقة بالالهة كثقته، لكنه عاش في عهد بابل العظيمة، بينما شهدت انا في الاشهر الفائتة سقوط سلالة الملوك العظيمة و دخول حكام الشمال الحيثيين لبابل عاصمة الامبراطورية و نهبهم للمعابد و اسرهم للاله مردوخ و اخذه الى بلادهم، و لم تكد جيوش الحيثيين تنسحب بعد ان عاثت في بلاد اكد فسادا حتى وصلتنا اخبار قدوم جموع من شعوب كور الهمجية يقودها مجرمون لا يعرفون اكل الخبز و لا شرب الجعة و لا حياكة الملابس! (يبدو من حديثه انه يقصد الكاشيين هنا، و هم قوم من الشرق سيحكمون بابل لاربعة قرون تالية).

هل يا ترى تخلت عنا الالهة رغم قيامنا بكل واجباتنا تجاهها، ام هي لم توجد من الاساس و ليس ما نمر به الا انتقام انليل منا على كفرنا و جحودنا. يرى الكهنة الاخرون ان ما حل بنا سببه تقصيرنا تجاه الالهة، فقد كان من المفترض ان نقدم لمعابدها قرابين اكثر و نخصص لتماثيلها اوقات اطول. لكن الحكاية التي حكاها التاجر اراخو العام الفائت، حين قدم من بلاد اموروم، و قصد معبد الايزاكيلا ليقدم القرابين، قد جعلتني، مع ما استجد من احداث لاحقة – و ربما كنت الوحيد بين الكهنة- اشك في ما افنيت عمري لاجله، جعلتني اشك في الالهة نفسها، و بت لا اعرف الوصول الى يقين بعد ان فقدت يقيني المريح القديم.

كانت حكاية التاجر اراخو التي ارقتني هي اسطورة تؤمن بها قبائل من اموروم (الغرب اي سوريا) عن شخص قدم اليهم من بلاد بابل، تحدى –في بابل- الملك و نجا من عقابه بمعجزة، فعلّمهم هذا الشخص الايمان بايل، اله واحد هو سيد السماء و الارض.. (و هنا يوجد كسر في اللوح الطيني يستمر حتى نهاية اللوح..).

تعليق:
نشرت هذه الاوراق القليلة كما سلمها لي الشخص محل الثقة، و لا اشك في ترجمته، الا انني لا اوقن ان كان اللوح الذي ترجمه حقيقيا ام هو مزور بواسطة تاجر الاثار الذي باعه له. و عموما لي بعض الملاحظات القليلة:
1- القاب الالهة الواردة في النص دقيقة تاريخيا، كما ان اسماء الشخصيات المذكورة بابلية الطابع بصورة عامة، و كذلك القاب الملك ابي-ايشو المذكورة بالتفصيل، فقد كانت مستعملة في زمانه كما نعرف من نصوص اخرى. و هذه امور تزيد من احتمالية حقيقة نسبة اللوح الطيني الى بابل القديمة، او ربما تشير الى اطلاع تاريخي للمزوِّر.
2- المعبد الاشهر للاله شمش كان في مدينة سيبار، و كان اكثر منطقية لـسين-ايلي ان يذهب الى سيبار ليزور معبد الشمس، الا ان لارسا اقرب جغرافيا لاور، و هي مدينة اخرى توالي شمش حاميا لها. و هذه نقطة تحسب ضد احتمالية تزوير اللوح الطيني.
3- ان صراحة اللوح الطيني و تفاصيله قد تكون غير تقليدية، و ربما عاد ذلك الى حقيقة ان اللوح كان سريا (و اعني كلا اللوحين: لوح مولا-كونونا و لوح الكاهن الشاك الذي لم نعرف اسمه). كما ان عدم وجود كسور في اللوح –الا في اخره- ربما كان من حظنا الحسن، و ربما تجاهل المترجم الكسور، كلما استطاع الى ذلك سبيلا، حين ترجم اللوح بتصرف.
4- ان اردنا تأريخ اللوح، فنستطيع القول ان سين-ايلي عاش خلال القرن 17 ق.م. اعتمادا على ذكر ابي-ايشو، و ان الكاهن الشاك عاش خلال القرن 16 ق.م. استنادا على الاحداث المعاصرة له التي رواها.
5- و اخيرا اسجل استغرابي لكيفية حصول تاجر الاثار على لوح يعود الى عصر الدولة البابلية القديمة، من معبد الايزاكيلا، بينما توقفت التنقيبات الاثرية السابقة في الموقع حين جابهها مستوى المياه الجوفية العالي في المنطقة، و لم تستطع الوصول الى ايّة اثار اقدم من بابل نبوخذنصر، على حد علمي.
و اظن ان التنقيبات المستقبلية بطرق مبتكرة قد تحل معضلة المياه الجوفية لتصل الى بابل القديمة، و المستقبل سيكشف حقيقة اللوح الطيني الذي قرأنا ترجمته.

تمت..
8-8-2013



#الحسين_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوح من الايزاكيلا ج1
- الخروف الحر
- بغداد حلم داعب الزمن
- عثمان شهيد العراق
- من صحائف الاقدمين ج3
- من صحائف الاقدمين ج2
- من صحائف الاقدمين ج1
- جرح الفؤاد
- متى اللقاء
- شهداء العراق
- هنا العراق
- حائر
- تحت السحاب
- البلاد بلادي


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - لوح من الايزاكيلا ج2