أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - من صحائف الاقدمين ج1














المزيد.....

من صحائف الاقدمين ج1


الحسين الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


قضيتُ عمري – الذي تجاوز التسعين حولا بسنين- اعبد الارباب و اسعى لمعرفة مشيئتها لانفذها و اخبر قومي بها، قومي الذين عدّوني من حكمائهم منذ ما ينيف على الثلاثين عاما، يسعون الي في كل ملمّة فانصح لهم و ارشدهم الى الطريق القويم. يأتون الي من كل انحاء بلادنا الصحراوية الواسعة التي تنتشر فيها واحات قليلة فجرها لنا اجدادنا المقدسون منذ قديم الزمان ببركة الالهة و وحيها، و كان اخر ما وصلني من اخبارهم هو ما دفعني لكتابة هذه الصحائف القليلة لتخلّد الحقيقة و تصل الى احفادنا كما هي بغير تزوير او تزويق، خصوصا و اني لم اجد لقومي حلا يدفع عنهم ما هم واقعون فيه، و هي المرة الاولى التي تتخلى فيها الالهة عني كأنها سئمت من قومي و كثرة خلافاتهم و جرائمهم بحق بعضهم، فهي تتركهم لانفسهم بعد ان طالت عنايتها بهم بغير طائل.
لقد بلغت من العمر عتيا، و انا من القلائل الذين يخطون بالقلم و يستطيعون قراءة المخطوط، و قد اطلعت على اداب الامم و ارشادات الاقدمين و صرت مرجعا لقومي فيما هم فيه يختلفون. حتى وقعت الواقعة و لا ارى لها دفعا، غير اني استغرب ان تتركنا الارباب لمصيرنا فتُترك هي لمصيرها و قد لا تعبد بعد في ارضنا ابدا.
اني احيد عما اريد كتابته، فربما اصابني الخرف لكبر سني، و ربما كان قولي و خطي الهاما من عند الالهة قطع عني الان فتقطعت افكاري و بت لا استطيع قول ما اريد قوله و تسجيل ما يجب ان يسجل. فلأدخل في الموضوع و اترك الباقي لرحمة قد تهبها الارباب اذا لانت قلوبها كما لانت لنا من قبل مرارا، و لا اظنها تلين !
ولد مفرق جماعتنا و قاتِل قومه في العام الذي كسر فيه الله- الهنا الاكبر و الهه الاوحد- جيش الباغي الحبشي الذي اراد تدمير البيت الحرام في قرية مكة، و قد ولد في تلك القرية التي اعلنتها الالهة حرما مقدسا لها و حمتها قوافل قريش و معاهداتهم مع مختلف قبائل قومنا. لم اشهد انا مولده و لا اذكر اني سمعت به حينها، بل و لم اعرف بالمتنبيء و اخباره الا بعد ما يزيد على الاربعين عاما من يوم مولده، و يا ليتني ما عرفت ! فقد حمّلني ذلك هموما فوق هموم و مسؤوليات جسام تجاه قومي الذين فشلت في تحقيق مصلحتهم فشلا ذريعا !
ادعى النبوة في بلدته اولا و تكلم باسم الله و سعى الى محو وجود باقي الهتنا، ابناء و اتباع الله، و لم يفعل ذلك قبله احد ! فاستنكرت العرب قوله و حملوا في انفسهم منه شيئا ثقيلا، الا انهم برروا قوله بالجنون، فقد يجن المرء فجاة و تلك ارادة الارباب.
الا ان بعض اصحابه المقربين و قسما من ضعفاء العرب و اراذل العبيد اتبعوا قوله و اعلنوا كفرهم باربابنا اصحاب النعمة عليهم، طمعا فيما لم تكتبه الارباب لهم من مال او جاه. و بدأ عدد اتباعه يتزايد شيئا فشيئا مع مر السنين و دوران الفصول. و قد علمت بالمتنبيء بعد عام او اثنين من ظهوره، و حُذّرت من دعوته عبر رؤيا في الليلة التالية و كانت ليلة مقمرة، و صحوت من نومي وقت طلوع ملكة السماء الهتنا العزى، فصدقت الرؤيا بالحق !
الا ان اول وفد وصلني من قريش كان بعد ذلك بسنين يطلب النصيحة و منه عرفت تفاصيل الدعوة الجديدة و اخبرتهم بما رأيت فيه صلاح امر العرب. كانت وجوه الوفد متغيرة ترهقها قترة و قد حكت لي قبل ان تحكي لي السنتهم حالهم و مصيبتهم التي المت بهم، قالوا بان رجلا من كبار بيوتهم و زوجا لاحدى غنيّاتهم يدعى محمدا يسحر ابناءهم و يفرق بين هؤلاء و بينهم، بل و يؤلب ضدهم عبيدهم، قالوا: يريد هدم قواعد مجتمعنا التي ارستها الالهة و التي تحفظ حياتنا في ارضنا الجدباء الفقيرة، يسعى لاخذ مال الغني الناجح و توزيعه بين فشلة الفقراء لكسبهم الى صفه و كسب السيادة عليهم، و انه سبّ الهتنا و سفّه ديننا و اعترض على اخلاقنا و خلائقنا يبغي الفرقة و الخلاف و لا يكترث بما وجدنا عليه اباءنا من طرائق في الحياة حفظت وجودنا و اكسبتنا اسمنا و عزنا و فخرنا.
جلست منصتا لهم و هم يحكون كيف يهزأ محمد بديننا و امجادنا و كبراء رجالنا، و كيف ينشر اتباعه تعاليمه، التي تعلّم الكفر و الثورة على المقدسات و فخار التاريخ، بين اهل مكة و من يردهم من الحجاج و التجار الكثيرين. حتى انتهوا الى وصف حالهم معه و ردهم عليه بالسخرية و الضحك، ثم التهديد و الوعيد، ثم باهانته و تعذيب من امن بكفره و الحاده، حتى قُتل –اثناء التعذيب- قليلٌ من اتباعه. و اتبعوا بان كل ذلك لم يجد معه فتيلا، و استمر على قوله زمنا طويلا، و اتباعه يزدادون عددا و ان كان قليلا، و قد كذبه كبراء قريش و اعلنوا على الملأ ان له معلمين بشرا يريدون بالعرب شرا، و ان قوله مُعاد لا جديد، و اضاف اليه من عنده بعض الفساد و لنفسه بعض التمجيد، و لم يجد كل ذلك معه شيئا.



#الحسين_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرح الفؤاد
- متى اللقاء
- شهداء العراق
- هنا العراق
- حائر
- تحت السحاب
- البلاد بلادي


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - من صحائف الاقدمين ج1