أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - لوح من الايزاكيلا ج1















المزيد.....

لوح من الايزاكيلا ج1


الحسين الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


اعطاني هذه الاوراق القليلة شخص اثق به من المولعين بحضارة العراق و اللغات العراقية المندثرة، يقول انها ترجمة بتصرف للوح طيني اشتراه من احد تجار الاثار، و ما اكثرهم في بلادنا هذه الايام، انقلها اليكم كما وصلتني، علما بان الايضاحات بين القوسين (...) هي من وضع المترجم:

دمره مردوخ العظيم سيد الالهة، دمرته عشتار صاحبة الشعائر المقدسة، ازاله ملك السماء و الارض انليل من الوجود، لكن هل من الممكن –بعد كل ذلك- ان يكون على حق؟ لقد انكر الهتنا التي وهبتنا الحضارة، و اعتدى على تماثيلها التي بروح منها يسيّر الكون و تُعظم مدنُ سومر و اكد، لكنني ارى نبؤاته تتحقق اليوم فيراودني شكٌ عظيم. اواه يا مدن سومر و اكد!

بدأت حكاية صراع شكي و ايماني حين اطلعت على الالواح السرية التي كتبها احد كهنة الايزاكيلا العظام قبل مئة من السنين، حيث اوكلت الي مهمة تبويب الالواح في مكتبة الايزاكيلا (معبد مردوخ في بابل)، و في لوح منها عثرت على قصة الكافر. و نقوش اللوح تروي ان شخصا يدعى سين-ايلي جال شوارع اور يدعو الى نبذ عبادة الالهة جميعا الا صاحب بيت النور العظيم، الاله سين، و سانده بعض من كهنة المعبد الكبار الذين رأوا في دعوته فرصة لاعلاء شأن بيت النور العظيم (الاسم الذي اطلق على معبد الاله سين في اور)، و استمر على دعوته حينا و ازداد معها عدد مؤيديه حتى مل منه و من هرطقته الكاهن الاكبر فطرده من المدينة و عاقب رجال سين المرتدين اشد العقاب.

غادر سين-ايلي شمالا الى لارسا، مدينة صاحب الحق و العدالة، شمش (و هو اله الشمس عند البابليين)، يتبعه بعض الفقراء ممن امن بفكرته الملعونة، و دلف من بوابتها مساء يوم حار من ايام شهر اب، و اتجه فورا هو و اتباعه الى البيت المشرق (معبد شمش) و قدم ذبيحة الى الاله المبجل. يقول اللوح بان اتباع سين-ايلي تساءلوا حينها كيف تخلى سين-ايلي عن نانا الاله العظيم و الوحيد (و نانا اسم سين السومري)، و اعترضوا حين اخبرهم الكافر بان شمش اعظم من سين فهو الاولى بالعبادة، حينها انشق اتباع سين-ايلي عنه و تركوه واقفا وحده في المعبد متجهين الى شوارع لارسا يبشرون بعظمة سين ابي شمش و يدعون الى الكفر بسواه!

امسك شمش منشاره و انار عالمنا ثم غاب عنا لينير العالم السفلي مرات متتالية، و سين-ايلي، الذي غير اسمه الى شمش-ايلي، يدعو الى عبادة شمش وحده و الكفر بغيره بين سكان لارسا. و قد صبر عليه حاكم لارسا و كاهن شمش الاعلى طويلا، ثم هددوه بان يعرضوه على محكمة العدالة و ان يعاقبوه اشد العقاب، لكن سين-ايلي لم يتراجع، حتى و هو يرى ان صوته لم يقنع اياً من سكان لارسا المؤمنين بالالهة و الالهات العظام، و هل يستطيع مزارعو لارسا البسطاء ان يستغنوا عن نعمة تموز، او سكانها بمجملهم ان يتركوا رحمة امنا عشتار؟!

عيل صبر كبراء لارسا بهذا الغريب الذي يريد هدم دين الاباء و الاجداد، و هدم المدينة على رؤوس ابنائها بدعوته الملحدة التي ستجر عليهم غضب الالهة جمعاء و غضب ملك الامبراطورية العظيمة و كهنة مردوخ المحيطين به، و سلطان كهنة مردوخ لا يضاهيه سلطان، فاهل لارسا اعتادوا تعظيم شمش حامي مدينتهم، الا ان عظمته جزء من عظمة ابائه و ابنائه من الهة سومر و اكد. و هكذا قُدّم سين-ايلي الى المحكمة، هكذا عُرض سين-ايلي على قاضي لارسا الاكبر، هكذا عرض شمش-ايلي على قاضي لارسا الاكبر، و كان قرار نركال-ايدر قاضي لارسا الاكبر هو ارسال المتهم الى محكمة العاصمة الامبراطورية.

سيق سين-ايلي مربوط اليدين بحبل غليظ، ترافقه ثلة من جنود الامبراطورية، الى بابل، مجد سومر و اكد، عاصمة العدالة، و المدينة التي لا تنافسها مدينة، و هنا عُرض الكافرُ على الكاهن الاعلى نبو-زوسيبونو، و كنت انا حاضرا في جلسة المحاكمة بصفتي كاتبا مبتدئا لاسجل وقائع ما يجري (يقول كاتب اللوح السري نقلا عن الكاهن الشاك) و قد اذهلني المتهم بقوة دفاعه امام القاضي نبو-زوسيبونو، قاضي محكمة ملك بابل العظيم.
بدأ رسول كاهن لارسا الاعلى نِس-بيلو قراءة لوح اتهام سين-ايلي برميه بالكفر بالالهة و محاولة زعزعة سلطان ملك بابل و بلبلة معتقدات سكان اور و لارسا بافكار الحادية تهدم اسس المجتمع التي وضعتها الالهة بيدها، و شهد على قوله مِلِك-خربات و نبوبال-اتِرِّب، ثم سمح لــسين-ايلي بالدفاع فقال:
- "ان انليل، سيد العاصفة، خالق الجميع، بيده الامر كله، هو سيد البلاد و حامي العباد.."
فقاطعه القاضي بغضب: "حين هزم مردوخ تيامات، ام الفوضى و الظلام، نصبته الالهة ملكا عليها و جعلت له الامر كله، فخلق البلاد و العباد بامر منه، و اختار بابل لتكون بيتا له و مقرا. ثم مالك يوما تسير خلف سين و يوما تدّعي القوة لشمش و يوما تعبد انليل؟! اثبت على رأي لنحاسبك عليه!"
فردّ سين-ايلي: "كل مدينة تعظم الهها كانه الاله الاوحد، فالجميع يضمر ما اعلن انا! فعلّام تحاسبونني؟"
- "كل سكان الامبراطورية يؤمنون بكل الالهة، لا يفرقون في ايمانهم بين احد منهم، و لا يفضلون الا الاله الاقرب اليهم، اما انت فتنكر وجود الالهة نفسها، و تنكر الـ اينوما ايليش (قصة الخلق البابلية) فتنكر بذلك فضل بابل على البلاد و على جهات العالم الاربع"
- "ان الاينوما ايليش قصة تُروى لا دليل عليها، و انا لم اتِ بالهة اجنبية لتعبد في البلاد بل بيّن لي العظيم انليل انه الاله الاوحد، و ان كل ما سواه عدم، فهو رب السماوات و الارض، لذا هو اعظم من الشمس و من القمر، و لا حاجة الى الهة اخرى تسير النجوم و يعبدها البشر، فانليل هو الوحيد الاحق بالعبادة، و ايكور (معبد انليل في مدينة نيبور) هو بيت الاله المقدس وحده"
- "اذن ثبتت عليك تهمة الكفر بالالهة و انكار مركز بابل الموقر و سلطان ملكها العظيم"
و ردّ سين-ايلي: "اذن اطلب المحاكمة امام الملك".

و اذ ان من حق المتهم ان يرفع قضيته الى الملك، القاضي الاعظم في الامبراطورية و ممثل شمش سيد العدالة، و حفيد ملك الجهات الاربع حمورابي واضع قانون الامبراطورية، قبل القاضي برفع القضية الى الملك ابي-ايشو، سليل سُمو-لا-ايل، الامير الوارث لـسمسو-ايلونا، البذرة الخالدة للملوكية، الملك العظيم، ملك بابل، ملك ارض سومر و اكد، الملك الذي يحفظ سلام الجهات الاربع.



#الحسين_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخروف الحر
- بغداد حلم داعب الزمن
- عثمان شهيد العراق
- من صحائف الاقدمين ج3
- من صحائف الاقدمين ج2
- من صحائف الاقدمين ج1
- جرح الفؤاد
- متى اللقاء
- شهداء العراق
- هنا العراق
- حائر
- تحت السحاب
- البلاد بلادي


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - لوح من الايزاكيلا ج1