أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الجمال من أجل الجمال















المزيد.....

الجمال من أجل الجمال


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 13:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إننا عادة في هذا الكون ما نبحثُ عن الجمال وتفاصيله في كافة مفاصل الحياة,ولكن هنالك شيئا واحدا ينغصُ علينا مسألة الإحساس بالجمال ألا وهو البحث عن تحويل كل شيء إلى نقود وتسليع ما يمكن تسليعه وجعله بضاعة نجلبُ من وراءها النقود والمنفعة المادية,وكنا فيما سبق ننتج الجمال من أجل الجمال نفسه ولكن اليوم ينتج الإنسان الجمال من أجل تصيره إلى نقود وعملات صعبة من خلال تسليع كل شيء جميل..واليوم الفن ليس من أجل الفن بل من أجل تحويل الفن إلى نقود وعملات صعبة وبيع الفن والأدب والفلسفة بكل عملة مقبولة في السوق,بينما كنا من قبل ذلك ننتج الجمال من أجل خدمة الذوق الإنساني,نحن اليوم نصاب بالإحباط ونتعرق من جبيننا وتأخذنا الأطماع إلى أبعد مدى لا يمكن استكشافه لأننا نسينا ماهو واجبنا تجاه الجمال ومنتجو الجمال,وبعض الوجوه تخلوا من الجمال ولا تخلو من السحر,وبعض الوجوه تخلو من السحر ولا تخلو من الجمال,وبعض الوجوه جميلة وساحرة, وبعضها ليس فيها لا جمال ولا سحر, ونتبادل في هذه العملية مع الطبيعة حين نبدل أدوارنا,فمرة نبحثُ عن الجمال وننسى المادة والنقود ومرة أخرى نبحث عن النقود ونفقد حاسة تذوقنا للجمال,وفي كل مرة من هذه المرات هنالك طريقة جديدة لإحساسنا بالحياة.

ويسعى المستثمرون إلى تحويل العمل والإنتاج إلى نقود(دولارات-مصاري) و تشيي كل شيء في الطبيعة وتسليعه وتسليحه بنظريات مادية ليست لها قيمة في عالم الجمال,ويكاد أن يكون عالم المستثمرين محفوفا بكثيرٍ من المخاطر تنعكس هذه المخاطر على النظام البيئي المعقد للإنسان,ومن أهم هذه المخاطر تراجع قيمة الفن والجمال أمام النقود والمادة التي طغت على كل أشكال الحياة, فلم يعد –حقيقة- للناس أي هدف إلا الحصول على النقود ونسوا الجمال وعالم الفن والإبداع, لذلك يبدو صُنّاعُ الجمال محبطون وعلى غير ما يرام.

بينما المغمورون بحاسة الجمال وبعالم الفن والإبداع يكادُ شعورهم بالكون وبما فيه من جمال أن يجعلهم يشعرون بآدميتهم لمجرد أنهم يشعرون بالجمال,وحياتهم: النقاء من أجل النقاء,والفن من أجل الفن,والإبداع من أجل الإبداع,لا من أجل شيءٍ آخر,والذين يشعرون بالجمال إحساسهم بآدميتهم وبإنسانيتهم أفضل مليون مرة من الذين ينتجون الجمال حتى ولو كان هذا الإنتاج بصورة عفوية,فالذين يحسون بالجمال قلة نادرة في الطبيعة من قبل أن تطغى المادة على الحياة,فكيف-مثلا- اليوم وقد تراجع هؤلاء القلائل إلى ما دون الحد الطبيعي,إننا حقا مقبلون على كارثة صحية.

ووحدهم المثقفون يسعون إلى تحويل العمل الثقافي إلى جمال وسحر,وغيرهم يسعون إلى تحويل الثقافة والإبداع إلى مطالب أخرى أقل مما يمكن أن نعتبره عملا إنسانيا,إن الثقافة والجمال عمل إنساني وإبداع إنساني ينتج عن أناسٍ حساسون جدا للغاية ولذلك لا يمكن ولا في أي حالٍ من الأحوال أن يتحول هؤلاء المنتجون للجمال إلى مستثمرين باحثين عن( النقود,ولكن للأسف هذا ما حصل اليوم.

وعملية(تسليع) كل شيء في الكون بدء من المرأة وانتهاء بالعمل الثقافي يضيف إلى الكون كارثة جديدة لا بد من وقوعها,هذا هو على الأقل إحساس الماركسيين قبل أن يدرك المعسكر الرأسمالي هذه الكارثة, فإذا حاولنا التخفيف من سياسة التسليع فإننا بذلك نضيء الجانب المعتم من حياتنا ونعود بشكل تدريجي إلى إنسانيتنا,لقد كان الإنسان الأول في العصور الحجرية أكثر إنسانيةٍ منا,ذلك الإنسان الذي نعتبره أو كنا نعتبره إنسانا متخلفا وبدائيا,إنه أكثر إنسانية منا إذا عدنا إلى رسوماته في الكهوف وإلى منحوتاته القديمة التي ناشدت وتغنت بالأمومة وبالجمال ويظهر هذا في الشرق من خلال تمثال(ربة الينبوع) الذي يظهر الأم وصدرها المكشوف وبيديها جرة وصدرها يتدلى فوق الجرة,فإذا كان كل شيء يتم استهلاكه وإنتاجه من أجل تحويله إلى نقود فهذا معناه أننا أصبحنا بلا روح ونحن المتخلفون ,فكلمات المثقفين يسعى منتجوها إلى تحويلها من مجرد حروف وأدوات لغوية إلى نظرية كبيرة عن الجمال بينما هنالك عملية الشد العكسي التي تحاول إضفاء عملية التسليع على الفن نفسه,ونحن حين نحاول استهلاك ما ينتجه المثقفون نكون أولا وأخيرا باحثون عن الجمال بين المفردات وبين السطور,وإن وجدنا في عمل المثقفين نوعا خاصا من الجمال نتذوقه عندها إذا نحس ونشعرُ برغبة أكبر وأكثر للقراءة ولإنتاج المزيد من صور الجمال المختبئة في أعماقنا أما إذا فقدنا الجمال فإننا على الأغلب نفقد قدرتنا على مواصلة الحياة بشكل إنساني أقل من المطلوب.

والجمال موجود في الطبيعة بشكل كبير جدا ولكننا بحاجة ماسة لأناس يتقنون عملية إست خراجه من الطبيعة كما تستخرج من الطبيعة المعادن الثمينة,فكر جيدا عزيزي القارئ في تراكيب الموسيقى وما تبعثه في النفس وما تشحن في الذهن من طاقة عندها تدرك أنك استخلصت كميات كبيره من الجمال من داخل التراكيب الموسيقية والشعرية,وحاول أن تفهم ما تعنيه ملحمة(إلياذة هوميروس) وكيف أنها كانت وما زالت محل إلهامٍ لكثير من الشعراء والمثقفين, إننا نستخرج الجمال كمثقفين من كل شيء حولنا,والذي يراه الناس عاديا نستطيع نحن بما فينا من مشاعر أن نستخلص منه وجبات سريعة عن الجمال ونستطيع أن نقدم للقارئ وجبة لذيذة وساحرة من الجمال عن طريق أنفاسنا التي تحترق وهي تنتج بالجمال.

إننا ندرك ببساطة حاجة المجتمع المحلي إلى الجمال, وحاجتهم أيضا إلينا كوننا الوحيدون الذين يسعون إلى تحويل المادة من مادة ليس فيها روح إلى روح,ذلك أننا نضع روحنا وأنفاسنا في المادة ليصبح لها روح وقلب ويدين وعينين,والذين يسعون إلى تحويل العمل والإنتاج والطاقة- مضروبة بمربع سرعة الضوء- إلى نقود لا يدركون أنهم مقبلون على كارثة بيئية,ولو محونا الجمال من الطبيعة فماذا يتبقى منا كمثقفين؟ولو كان سعي كل الناس إلى تحويل العمل إلى نقود فقط لا غير فهذا معناه أننا سنقرئ السلام على كل الناس,إننا بهذا حتما مقبلون إما على كارثة بيئية وإما على نهاية حقيقية للعالم وإلى الأبد, لذلك نحن نقف خلف خطوط الإنتاج دفعة واحدة وأحيانا بالتقسيط, لنصنع الجمال ونضع روحنا في كل شيء يصادفنا , فالقارئ الذي لا يجد في مقالاتي أي نوع من أنواع الجمال الذي يخلق السحر فإنه فورا يتقزز وتعفُ نفسه عن مطاردة كلماتي وأكلها بعيونه وهضمها بدماغه,وبعض النصوص يحاول منتجوها أن يحشوها في رؤوس الناس حشوا أي قسرا وغصبا وهذا ما يبعث الجميع على النفور من العمل الثقافي والكتابة,فالناس يحاولون تحويل العمل والإنتاج إلى نقود(دولارات) ونحن نحاول تحويل العمل والإنتاج إلى جمال مسيطر على العقول وعلى القلوب.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتعش إسرائيل إلى الأبد
- عندي حساسية زائدة
- الأخطاء بين الآلهة والبشر
- مصيبة المرأة
- حوار بين مثقف وزوجته
- يجب أن ندخل اليهود إلى قلوبنا وبيوتنا
- الأيام الأخيرة من حياة عمر بن الخطاب
- نبذة عن محمد والمسيح
- ما أجمل إله المسيحيينْ!
- بعض الناس أفضل من الأنبياء والرسل
- الإسلام سبب تخلفنا
- صكوك الغفران أو الإحساس بالذنب
- حيرة الإنسان
- لا شيء يعجبني
- الدولة الدينية والدولة العلمانية
- هؤلاء هم العرب
- الثالوث المقدس
- صدمة لغوية:الحج هو الحك
- أسئلة الغطارفة
- خاطرة المساء


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الجمال من أجل الجمال