أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حيرة الإنسان














المزيد.....

حيرة الإنسان


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 22:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هنالك شيئان لا يمكن رؤيتهما,وهما:الشيء الذي يكبر ثم يكبر ثم يكبر حتى تستحيل رؤيته تماما مثل هذا الكون الذي يكبر ويكبر ويكبر حتى تستحيل رؤيته,وكذلك الشيء الذي يصغر ويصغر ويصغر حتى تستحيل رؤيته,فالصغير لا يمكن رؤيته والكبير لا يمكن رؤيته,وبين هذا وذاك وجد الإنسانُ نفسه في هذا الكون الكبير جدا,وما زال الإنسان يبحث عن سبب وجوده على هذه الأرض وقصة التحدي ما زالت في بداياتها الأولى .

الإنسان هذا الكائن الغريب والمجهول ما زال لغزا محيرا لنا جميعا,والحياة أيضا لغزٌ محيرٌ,والإنسان والحياة هما نقطتان بعيدتان لم تصل إليهما بعد رحلات الاستكشاف العلمية,فالعلم ما زال بعيدا عن الإنسان,ولا شيء من الممكن أن يكشف لنا عن سر هذا المخلوق العجيب,فنحن حتى اليوم لم نفهم من هذه الحياة شيئا ولم نتعرف بعد على خالقنا فهل هو مثلنا أم نحن مثله؟,الإنسان مثل الكون الذي يعيش فيه ليس له نهاية وليس له شبها, والله حتى اللحظة لم يجب الإنسان على أسئلته المحيرة والمخجلة,إن الله مثل هذا الكون ما زال يزيد الموضوع تعقيدا ويزيدُ الطين بلة ,ولا يريد أن يضع حلا لهذه المشكلة وكأنه خلق الإنسان وتحداه بأن يحل سر وجوده,فمتى ينتصر العلمُ على الله؟.

هذا الإنسان يأكل ويشرب وينام ويتكاثر, وحياته على الأغلب روتين ممل,ووجوده في هذا الكون محاولة لفك أسرار الكون وأسرار الإنسان وهذا هو السر الذي يجعله يفكر بماهية وجوده,سافرَ في هذا الكون الفسيح,انطوى في داخله على نفسه,ومرةً كانت الأيامُ تروضه ومرة كانَ هو الذي يروض الأيام,ابتعد عن الشاطئ كثيرا وغار في داخل البحر كما تغورُ العينانُ في الرأس,تشبث جيدا بالأمل ثم لاحت له النهاية من الأفق البعيد,هذا الكون سرٌ كبير لا أحد يقدر على فك ألغازه وشيفراته,إنه مؤلف من عدة شيفرات وقد لا نعرفُ عددها بالضبط ولكنها على الأقل كثيرة جدا, الشمسُ كانت تواجهه في المقدمة,والريحُ كانتْ تعوي بوجهه,والثلج نزل في نهاية الطريق فضاعت أثاره ولم يستدل عليه أحد,إنها أشد اللحظات إيلاما حين تضيع ولا يعثر عليك أحد,لقد ضاعت خطواته في مهب الريح وتحت بصمات الثلج الأبيض.

أدرك أن العالم كبير جدا وأن هذا الكون لا حد له,استسلم لإرادة الطبيعة وحين عجز عن تفسير الكون وما هية وجوده في داخله استسلم للبكاء وصفع وجهه بيديه وقال:لماذا أنا حائرٌ!! لماذا تقتلني الحيرةُ وحدي؟ولماذا أنا وحدي من كان مكتوبٌ عليه أن يعيش حائرا في هذا الكون الفسيح!!,ابتسم للدنيا فابتسمت الدنيا له بعد أن نهض من غيبوبته,لاعبها ولا عبته وغلبها وغلبته,لم يكن يقصد أن يكون متحديا لعالم كله أسرار وألغاز وأحاجي,حتى حياته هو ليست واضحة بل مليئة بالأسرار وبالتوقعات وبالاحتمالات,نسي مرة نفسه بدون طعام لمدة يومين كاملين وكان التفكير بالكون قد أخذ كل وقته, وأدرك نفسه في اللحظات الأخيرة أنه مسافرٌ إلى غير رجعة وأنه يخوض مع هذا العالم معركة بين قوى الشر وقوى الخير,ولكن من هو الخير ومن هو الشر؟ وكيف سنعرف بأن هذا العمل الذي قام به خيرا أو شراً؟فالخير يكون بالنسبة لك أنت فقط لا غير وأما بالنسبة لبعض الناس فيكون شرا,يا للحيرة ويا لغرابة هذا الكون ويا لمصيبة هذا الكائن التي وقع فيها أرضا!,وفي وسط الضباب أشعل شمعة بيضاء وفي وسط الريح تمسك جيدا بعامود البيت وتلكأ خلف الجدران,حاول أن يحمي نفسه بجدار ناري,وحاول أن يوقف تقدم وزحف الخوف نحوه,حاول بكل ما به من قوى وبكل ما تبقى فيه من أنفاس أن يحتبس أنفاسه الأخيرة ليحافظ على وجوده,ولكن أبت كل الدنيا عليه أن يرتاح أو أن يبقى يواصل في المزيد من ذرف الدموع على هذا الكون الغريب وهذا الإنسان المليء بالأسرار مثله مثل هذا الكون.

هل الأرض ستلفُ في ذاتِ يومٍ من الأيام جسده لأنها تحبه أم لأنها تكرهه؟وفي سباقٍ مع الزمن لم ينسي أن يأخذ معه الصبر والتحمل فها هوى ما زال صابرا ويئن تحت ضربات الجلاد,وها هو ما زال مثل حبة رملٍ تحت الأمطار والعواصف الشديدة,وما زال مثل بزرة البطيخ بين الفكين,ما زال يتنفس رغم ما أصابه من همومٍ ومن أحزانٍ وما زال حتى اللحظة يبحث عن ظلٍ يؤويه من حر الشمس وما زال يبحث عن سقفٍ يؤويه من حبات المطر,وما زالت القصة تتكرر في كل يوم,فما زال المشهد هو نفسه وما زالت الحيرة تسكنُ بين جوانحه,ففي كل يوم حيرة وأسئلة كثيرة ومداولات وتوقعات واستنتاجات ومغامرات إلى أماكن بعيدة جدا وفي بعض الأحيان كان يصلُ إلى مواقع لا يصل إليها الضوء... والحقيقة غائبة عن الجميع فلا أحد يعرف شيء عن ذلك المجهول فكل حياتنا عبارة عن توقعات وعبارة عن احتمالات ومن الممكن أن نكتشف غدا أننا غير موجودين أو بأن هذه الدنيا عقابٌ لنا على ما نرتكبه,أو أننا كنا أشرارا في عالمٍ آخر وقد جئنا إلى عالمنا هذا كعقابٍ لنا على جرائمنا,إنها روح المتعة أن تستمتع بخوفك وبقلقك وبكل ما بك من جنون,جميل جدا أن يزينه جنونه فيزداد بجنونه جمالا فكل أعماله الفنية كانت عبارة عن لحظة أو نوبة هستيرية تأتيه بين اللحظة والأخرى,كانت حياته صاخبة وتحتملُ كثيرا من الأسئلة,كانت حياته وصمة عار على جبين الجلاد الذي يجلده,كانت حياته صراعٌ بين الذي يفكر وبين الذي لا يفكر وبين الذي يشغل مخه وبين الذي لا يشغل مخه,كانت صراعا بين الذي في رأسه عقل وبين الذي لا يملك في رأسه عقلا,كانت مراوحة ومراوغة بين الذي يملك قلبا فيحبُ به وبين الذي لا يملك قلبا, كانت حياته رحلة من العذاب,كان في كل يوم يقطع قطعة من قلبه ليطعم فيها الأمعاء الخاوية,كانت حياته أيضا صراعا مع الأمعاء الخاوية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شيء يعجبني
- الدولة الدينية والدولة العلمانية
- هؤلاء هم العرب
- الثالوث المقدس
- صدمة لغوية:الحج هو الحك
- أسئلة الغطارفة
- خاطرة المساء
- الإنسان سينقرض
- لا أندم على خسارتي وإنما أندم على كسبي
- مهمة خالد الكلالدة
- ابتسامة الموناليزا
- أوهام السعادة
- الشهادات الجامعية في العلوم الإسلامية
- الإسلام والعقل والعلم والمنطق
- طريقة صنع نبيذ العنب
- موازنة الأردن
- لا يوجد عندي عيد
- هل الطلاق شريعة سماوية؟
- خطأ علمي في القرآن
- رأيتُ فيما رأيت


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حيرة الإنسان