أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - لا يوجد عندي عيد














المزيد.....

لا يوجد عندي عيد


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 21:50
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


لملمت كل أوراقي وكتاباتي وجراحي وتوقفت عن استقبال التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الفطر السعيد, احتضنت بتول أصغر أبنائي وقبلتها قبلة حزينة وقلت لها:لا يوجد عيد,كيف أحتضنك وجاري السوري يبحث عن ابنته في أكوام الرمال والإسمنت وتحت جنازير الدبابات؟ كيف أقبل بأن أقبل علي وبرديس ولميس أبنائي الأعزاء وهنالك من يبحث عن رُكنٍ يؤويه هو وأبناءه,لملمت كل جراحاتي وقلت وداعا يا فرح,ووداعا يا سعاد ويا شفاء ويا دعاء ويا سناء,قلت وداعا لكل شيء يذكرني بالعيد وبالفرح السعيد, لأني مشغول جدا في مشاركة الإخوة السوريين أحزانهم وآلامهم وجراحهم,وطالما مسلسل القتل والذبح في الشام مستمرا في العرض فلا شيء يدعو إلى الضحك أو الابتسام كيف نقبل أو كيف نقبل بأن نقبل أبناءنا في هذا اليوم وهنالك مئات الأطفال الأيتام لا يجدون من يقبلهم أو يمسح الدمعة من على أعينهم؟ ولا يجدون متسعا من الوقت حتى للتعبير عن أحزانهم أللهم إلا أن الصورة تتحدث وحدها دون أن تنطق بكلمة واحدة, هنالك من لا يجدون حضنا يتسع لهم,وهنالك من لا يجد مظلة باردة يختبئ تحتها هربا من وهج النهار في آب اللهاب....,لا يوجد عيد,ولا يوجد فرح,ويجب أن تكف القنوات الفضائية عن إطلاق الأغاني والمفرقعات في السماء ما دام الوضع على هذه الحالة, يجب أن ينتهي مسلسل الموت والإرهاب الذي ينغص علينا لقمة خبزنا في كل يوم,كيف نعترف بأننا في عيد وهنالك القتل والذبح في سوريا على مدار الساعة!, كيف نقبل بأن نقف بين يدي الله كل يوم وهنالك مئات الناس الذين يعانون من الجور ومن الظلم ومن الحزن ومن الجوع ومن القلق ومن الاكتئاب؟ كيف ننام بجانب أطفالنا وهنالك الآلاف من الأطفال السوريين وهم لا يجدون لا أبا ولا أما يريحون على أكتافها رؤوسهم؟ كيف نرضى كل هذا؟ إذا رضينا فنحن شركاء في الجريمة المنظمة التي تستهدف سوريا.

قالوا بأن هذه الحرب التي تشتعل حولنا مثل لحن (بليغ حمدي) لأغنية(بهيه) التي ليس لها دوى وليس لها طبيب...نعم, ليس لها داء وليس لها طبيب ومن الصعب أن نحكم على الأمور من الجولة الأولى, ومن الصعب أن نحكم على الأمور من التشخيص الأولي للحالة, هذه الحرب كلنا فيها نخسر لا يوجد أو لا توجد فئة منتصرة وفئة مهزومة بل الكل مهزوم, وبناء على ذلك أنا مستاء جدا حتى من تجار العقارات في الأردن الذين رفعوا أجرة البيوت والشقق السكنية بسبب السوريين,إنهم تجار النمو الكريه الذين يثرون على حساب دماء الأبرياء في سوريا,أنا مستاء من كل الأوضاع السائدة حولي حتى أنني في الآونة الأخيرة حاولت التقليل من حجم الكتابة لأن حجم الكارثة أكبر بكثير,آباء يسحبون إلى الموت كما تسحب الأغنام والعجول والأبقار والماعز, شباب يذبحون وتُقطع رؤوسهم كما تُقطع رؤوس الدجاج, رجال يداسون بالأحذية وبالآلات الحربية كما تدوس أنت برجلك صرصورا أو خُنفسة صغيرة, أجواء كلها تبعث على الحزن وعلى الاكتئاب فمن أين تأتيني نفس للكتابة؟أو لشرب الماء, ومن أين تأتيني الشهية للقراءة؟ ومن أين تأتيني الرغبة في شرب الشاي الساخن, إنني مجلوط من الذي أشعر به وأشاهده أمامي, إنني حزين ومكسور الفؤاد ولا شيء يداوي جراحي فأنا لا أحتمل مطلقا رؤية الناس وهي تقتل وهي تُقطع رؤوسها, أنا لا يمكن لي أن أقبل بأن أكون مادة أو أداة للحرب,أنا رقيق القلب ولا يحتمل قلبي رؤية مسرح القتل في كل يوم.

سوريا الجارة العزيزة التي كانت مكبا للأحزان وللآلام يصير وضعها هكذا! كل الذين كانوا يشعرون بالاكتئاب كانوا يذهبون إلى الشام لكي يكبو أحزانهم في أحضان الشام هكذا تصبح المورد رقم واحد للأحزان؟ سوريا التي ليس عليها أي دين خارجي تصبح فقيرة إلى هذا الحد؟ آه يا بلد.

أرجو من كل الإخوة والأصدقاء عدم إرسال أي بطاقة معايدة لي سواء أكان على الموبايل أو على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت, منذ استشهاد محمد البوعزيزي في تونس وأنا لا تغط لي عين ولا ينطوي لي جفن ولا تجف لي دمعة,ومنذ أن سالت الدماء في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا وأنا لا أنام جيدا ولا حتى امشي جيدا ولا أشعر بالسعادة مع أولادي, منذ أن أراق المجرمون الدماء وأنا أصلي من أجل الجميع فأنا لا أطيق سماع الأخبار السيئة وإطلاق العيارات النارية, منذ بدأ مسلسل القتل في العراق والتصفيات الجسدية في تونس وأنا لا تهدئ ولا تكف عيني عن البكاء, منذ تلك اللحظة وأنا أشعر بشيء يخنقني في الفراش وأنا نائم, إن الأحزان تلاحقني في كل مكان وأنا لا يمكن لي أن أتوقف عن التفكير في الأطفال والأرامل.

منذ أن أحرق القذافي المطالبين بالإصلاح في الشوارع العامة وأنا أكاد أن أنفجر حزنا وألما وأكتم مشاعري وأكبت الحزن في داخلي, فكيف سأشعر بطعم العيد وكيف أقول كل عام وأنتم بخير وأنا لا أشاهد أمامي أي خير بل كل ما أشاهده شرا بشر ولا أحد يخرج من هذا الصراع منتصرا فالكل يخسر ومن الممكن أن يستفيد من هذه المشكلة فقط تجار السلاح وتجار النمو الكريه.

طبعا إن كنتم تجهلون السبب فهذه جريمة نكراء بحق الدماء التي سالت في تونس وفي اليمن وفي سوريا وفي العراق,فما دامت الدماء تسيل في الشام فلا يمكن لي أن أشعر بالفرح أو بالسعادة, فكيف أمسك بأولادي أقبلهم في يوم العيد وعدد الأيتام في تزايد مستمر على مر الساعة, هنالك أطفال بدون آباء وأمهات وهنالك أمهات وآباء بدون أولاد, حتى الآباء يشعرون بالأيتام, فمنذ سنة ونصف كانوا في أحضانهم سعداء جدا بهم حتى وإن عاشوا معا تحت مستوى خط الفقر, إنها المصيبة الكبيرة جدا والتي لا يعرف مرارتها إلا من عاش يتيما مثلي أنا, فأنا أعرف ما معنى أن تكون يتيما في مجتمع لا يرحم أبدا,وفي مجتمع لا يمد يد المساعدة للضعفاء من الناس, في سوريا يا أصدقائي الدماء تسيل وكل يوم أنصت خاشعا لسماع قصة جديدة أو لمشاهدة فيديو جديد عنوانه الذبح والقتل والانتقام من الأخيار بيد الأشرار والكل يدعي أنه هو صاحب الحق وبأنه يمثل القوى الخيرية وغيره يمثل قوى الشر,أنا حزين جدا,ومكتئب جدا,ولا شيء يضاهي أحزاني أو أوجاعي,رأيت الكثير,وسمعت الكثير,وفكرت بالكثير وبالقليل,ولا يوجد عندي عيد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الطلاق شريعة سماوية؟
- خطأ علمي في القرآن
- رأيتُ فيما رأيت
- حكمة من التوراة
- ما الفائدة من ختم القرآن
- القرآن هو السبب
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟ 2
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟
- أمريكيا والإسلام
- التعب الفكري
- نشرنا الغسيل
- أنا مليونير حقيقي
- فشلوا في تربيتي
- الكفار هم خير أمة أخرجت للناس
- نحن أكذب أمة عرفها التاريخ
- خوفي وقلقي
- أيهما أفضل المواطن المسلم أم المُلحد؟
- حقيقة الدين الإسلامي
- بين الأمس واليوم
- نحن


المزيد.....




- رائد فضاء في مهمة لفتح الفضاء أمام ذوي الاحتياجات الخاصة
- أكسيوس: تدابير جديدة تخص طالبي اللجوء في أميركا تصدر قريبا
- انعكاسات الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسؤولين أمميين حو ...
- اقتحام رام الله والبيرة واعتقال 3 فلسطينيين بالخليل وبيت أمر ...
- عودة النازحين.. جدل سياسي واتهامات متبادلة
- الخارجية الأردنية تدين الاعتداء على مقر وكالة -الأونروا- في ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من شلل جهود الإغاثة في لبنان
- مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يبعث رسائل لمسئولين أمميين حو ...
- الأونروا: استمرار غلق المعابر ومنع دخول الوقود سيصيب العمليا ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - لا يوجد عندي عيد