جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 22:11
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
منذ أن حمل الدكتور خالد كلالدة حقيبته الوزارية(وزارة التنمية السياسية),نعم, منذ ذلك الوقت والعيون تراقبه باستغراب شديد, فكيف مثلا برجل قائد وعلم بارز من أعلام اليسار في الأردن يقبل بأن يحمل حقيبة وزارية!!,والناس في مجتمعنا الأردني في حقيقة الأمر لا يميزون بين المعارضة واليسار, فالمعارضة شيء واليسار شيء آخر, فالمعارضة لعبة سياسية ومن الممكن للمعارض أن يكون اليوم معارضا وغدا غير معارض أما اليسار فالموضوع مختلف تماما ذلك أن اليسار مهنة لا يتخلى عنها اليساري سواء أكان داخل الحكومة أم خارجها, إن اليساري له طريقة حياة مختلفة عن اليميني, فجماعة اليمين من الممكن لهم أن يتخلوا عن المعارضة ولكن اليساري طريقته في الحياة مختلفة تماما, فاليساري يمارس مهنة اليسار أينما ذهب, مع زوجته يساري ومع تربيته للأولاد يساري وكذلك في حزبه يساري وفي العمل يساري على اختلاف وتنوع وتعدد أحزاب اليسار في العالم بدء من الشيوعية والماركسية وانتهاء بحركة اليسار الاجتماعي الحديثة والذي يعد الدكتور الكلالدة من أبرز قادتها في الأردن هو والدكتور(أحمد فاخر).
وأنا على معرفتي القريبة بهذا الرجل فإن نظرتي به لا تخيب ولم تخب ولا في أي يومٍ من الأيام,فالرجل أمامه مهمة جديدة وهي احتواء أو تحقيق ثقافة التواصل بين الحكومة والجماعات الإسلامية وغير الإسلامية ولكن الجماعة الإسلامية هي الأهم من غيرها نظرا للظروف التي تمر بها هذه الجماعات في الوقت الحالي ,ومهمته أيضا بناء جسر يربط كافة الأحزاب السياسية بالحكومة الأردنية وبالنظام من أجل مراقبة الأداء الحكومي ,وثانيا من أجل تحقيق التقارب بين الحكومة و حزب اليمين الإسلامي الممثل بجبهة العمل الإسلامي, فجبهة العمل الإسلامي من منطلق توظيفها وتصنيفها من قبل الدكتور الكلالدة تعتبر مؤسسة سياسية كبيرة من مؤسسات المجتمع المدني في الأردن وهي موجودة على أرض الواقع ولا يمكن تجاوزها مطلقا,وهي مفروضة أو تفرض نفسها على الحكومة الأردنية بفضل قوتها التي تستمدها من الشعب,لذلك مهمة الدكتور الكلالدة هي التعامل مع هذه المؤسسة ليس بحذر وإنما من منطلق البيت الأردني الواحد فهذا البيت الأردني على تعدد أقطابه يوجد فيه من الحامض إلى الحلو والدولة الأردنية تريد الاعتراف بكل أفراد وأعضاء هذا البيت من الكبير إلى الصغير,وجبهة العمل الإسلامي مكون من مكونات العمل السياسي الأردني لا يمكن تجاهلها وبدون وجود جماعة الإخوان أو جماعة جبهة العمل الإسلامي لا يمكن أن تستمر الحياة السياسية بدونهما, حتى أن هنالك أحزاب سياسية إسلامية وسطية ومنظمات وجمعيات ومؤسسات كل تلك المؤسسات ستعترف فيها الحكومة الأردنية الحالية وتريد أن يكون لها التمثيل البرلماني في مجلس النواب القادم والذي أتوقع له أن يبدأ في مطلع عام 2014م بعد أن يحل هذا المجلس بقرار ملكي قبل نهاية هذا العام عام 2013م.
إن هذه المهمة الأساسية هي المهمة الملقاة على عاتق الدكتور الكلالدة وهي أن الكلالدة سيصبح همزة وصل بين الجماعات الإسلامية وبين الحكومة, على الرغم من اختلاف الكلالدة أيديولوجيا مع الإسلاميين,وأظن بأن سمعة الكلالدة الشخصية وأخلاقه واحترام الجميع له تلعب دورا مهما وأساسيا في هذه المهمة أو المرحلة,فالكلالدة على اختلافه فكريا مع الجماعات الإسلامية غير أنه له احترامه الكبير بينهما نظرا لسلوكه الشخصي وحسن السير,والحكومة الأردنية والنظام لا يريدوا أن تتأزم الأزمة بين الإسلاميين وبين الحكومة فعلى الأرض الأردنية لا يوجد متطرفون وغير مسموح للمتطرفين من الاتجاهين اليساري واليميني بأن يمارسوا الحياة السياسية على الأرض الأردنية.
ومن ثم لنعود إلى شخصية الدكتور الكلالدة التي استهجن الكثيرون حملها للحقيبة الوزارية,وهذا ليس مستغربا بل يجب على السياسيين في الأردن أن يفرحوا لهذا الخبر ولهذا المستوى, فنحن نريد أن نرى في الحكومة اليمين واليسار,وحمل خالد الكلالدة للحقيبة الوزارية هو حلمنا منذ زمن, فنحن منذ زمن ونحن نطالب ونحلم بأن يشارك اليسار في الحكومة فهذه المشاركة هي انتصار لكل المثقفين, وهذه بادرة كلها خير علينا جميعا وهذا معناه أن الحياة السياسية ستتنوع على الأرض الأردنية وسنقرئ قريبا مؤلفات تطرح وجهات نظر يسارية عن المرأة والرجل وطبيعة مؤسسات المجتمع المدني اليسارية, فاليسار لم يمت وهذا اعتراف من الدولة به,فالدولة دولة(عبدالله النسور) قد اعترفت باليسار الأردني وهذا مفرح لنا جميعا, ونتمنى أن يحمل زملاء جدد للكلالدة حقائب وزارية أخرى وأن يقوى التيار اليساري.
وفي النهاية,في كافة الحكومات العالمية يوجد فيها معارضون يحملون حقائب وزارية ويساريون أيضا يحملون حقائب وزارية,فهذا لا يعني أن هنالك خيانة لليسار إذا استلم اليساري حقيبة وزارية, بل على العكس هذا يبشر بالخير على الجميع ,وأعتقد بأن اليمين قد استفحل في الجسم العربي كثيرا ولا يوجد اتجاه يساري قادر على مواجهته, وأعتقد بأن مشاركة اليسار ودعمه من قبل الدولة للحيلولة دون تفككه هو فاتحة خير على النظام الملكي الأردني الحاكم,فاليسار في الأردن كاد أن يموت نهائيا لولا حركة اليسار الأردني الاجتماعية التي تزعمها الكلالدة لفترة قد حالت دون موت هذه الجماعة موتا نهائيا,لأن الشارع السياسي يغص بالإسلاميين وبنفس الوقت لا يوجد يساريين في الشارع السياسي,وهذا خطأ كبير, فيجب على الحكومة والنظام أن يدعما اليسار الأردني ليكون منافسا طبيعيا وثقلا كبير الحجم بموازاة اليمين الإسلامي المعتدل وغير المعتدل,فاليسار يجب أن يتواجد لحفظ كفة الميزان من أن ترجح على حساب الكفة الأخرى,وأخيرا جاء اليسار وعاد للحياة مرة أخرى لحفظ التوازن ولحفظ النوع من الانقراض,فانقراض اليسار نهائيا لا يبشر بالخير بل على العكس يبشر بإنهيار الدولة طالما أن الإسلاميين هم القوة الوحيدة في المنطقة ولا يوجد بمواجهتها قوة أخرى,وهذا من ناحية علمية أما من ناحية سياسية فمهمة الكلالدة هي الاعتراف الرسمي بالجماعات الإسلامية والحرص على أن يكون لهما تمثيل نسبي في الدولة والبرلمان وحتى مجلس الأعيان الأردني.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟