أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - شيء من -الجدل- ينعش الذِّهْن














المزيد.....

شيء من -الجدل- ينعش الذِّهْن


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 22:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ما أبْسَط "الجدل" وما أعْقَده في آن؛ وكَمْ هو مُهِمٌّ ومفيد وضروري لنا في النَّظَر إلى الأمور والأشياء جميعاً؛ فهو كان دائماً عند ماركس "زورق النجاة"!
وإنَّ من الأهمية بمكان أنْ يتمثَّل المرء أوَّلاً، وقَبْل كل شيء، "وحدة الضِّديْن" التي لا انفصام فيها أبداً.
وأنتَ لو نَظَرْتَ في ظاهرة بسيطة جدَّاً، بعَيْنَيْن لا تغشاهما أوهام، لوجدت فيها، واكتَشَفْتَ، كل بذور "الجدل"، ولَوَقَفْتَ على "مبادئ" و"قوانين" تَشْتَرِك فيها كل الظواهر والأشياء؛ أَلَمْ يَكْتَشِف ماركس في "السِّلْعة" كل بذور جَدَل النِّظام الرأسمالي؟!
أَلْصِقْ (بمادة لاصقة، يُمْكنكَ التغلُّب على قوَّتها اللاصقة بسهولة) ورقة بلوحٍ من الزجاج؛ ثمَّ اسْعَ في فَصْلها (شيئاً فشيئاً) عن لوح الزجاج، ناظِراً إلى هذه "العملية" بـ "عَيْن فلسفية"؛ فماذا ترى؟
ترى أنَّ "الفَصْل" عملية تَسْتَغْرِق وقتاً، يطول أو يَقْصُر؛ وأنَّه (أيْ الفصْل) يستمر ويزداد (وينمو) ما بقي "نقيضه"، ألا وهو (في هذا المثال البسيط) الالتصاق، أو الاتِّصال، أو الاتِّحاد.
متى تَبْلُغ هذه العملية نهايتها؟ متى تَكْتَمِل؟
عندما لا يبقى شيء من الالتصاق (الاتِّصال، الاتِّحاد) بين "الورقة" و"لوح الزجاج"؛ فمع بلوغ عملية "الفصْل" جزءها الأخير، لا يبقى من وجود لـ "الضَّديْن"؛ فالضِّدان يَظْهَران إلى الوجود معاً، وفي اللحظة نفسها، ويستمرَّان معاً، ويَذْهبان (يزولان) معاً.
ما الذي تراه قبل اكتمال (انتهاء) العملية؟
ترى "الالتصاق" و"الانفصال" معاً؛ فجزء من الورقة ما زال ملتصقاً، وجزء قد انفصل.
ما هو "الفَصْل"، فِعْلاً ووجوداً؟
إنَّه (في لغة الفلسفة) الالتصاق وقد نُفِيَ (أُلْغِيَ) واحْتُفِظَ به (اسْتُبْقِيَ) في الوقت نفسه؛ فَقَبْل أنْ يَقَعَ الانفصال، وحتى يَقَع، لا بدَّ أوَّلاً من وجود الالتصاق، ولا بدَّ ثانياً من نفي (إلغاء) وجوده، ولا بدَّ ثالثاً (وأخيراً) من الاحتفاظ به (لأنْ لا وجود، ولا بقاء، لأحد الضدين إذا ما زال الآخر).
ما هو أساس هذه العملية؟
إنَّه "الصراع"؛ ففيه، وبه، ومن طريقه، يأتي "الانفصال".
إنَّكَ ما أنْ تشرع تَفْصِل الورقة حتى تصطدم (وتُواجَه) بـ "مقاوَمَة"؛ فلا شيء يظهر إلى الوجود إلاَّ بعد التغلُّب على "مقاوَمَة"؛ فثمَّة قوى تُقاوِم حتماً ظهوره إلى الوجود.
ما أنْ تشرع تفصلها حتى يَسْتَثير فعلكَ هذا، وفي اللحظة نفسها، "قوى مضادة"، أيْ قوى تعمل في الاتِّجاه المعاكس والمضاد؛ وينبغي لكَ أنْ تصارعها، وتتغلَّب عليها، قَبْل، ومن أجل، تَحَقُّق "الفصل".
لا وجود إلاَّ لـ "أزواج من القوى"؛ فكل قوَّة لا تَظْهَر إلاَّ متَّحِدةً اتِّحاداً لا انفصام فيه مع نقيضها، أيْ مع قوَّة مضادة لها؛ إنَّهما تَظْهَران معاً، وتستمران معاً، وتختفيان معاً. اضربْ كرة بقدمكَ، فترى فعل قدمكَ في الكرة؛ فالكرة تحرَّكت، وإلى مسافة معيَّنة، قبل أنْ تتوقَّف؛ ولكن هل بقيت قدمكَ (الضاربة) بمنأى عن رَدِّ فِعْل الكرة (المعاكس في الاتِّجاه، المساوي في القوَّة)؟
كلاَّ، لا تبقى؛ ففي اللحظة نفسها (لحظة فعل الضَّرب) ضَرَبَت الكرة قدمكَ، جاعلةً إيَّاها ترتد قليلاً إلى الوراء. في هذا المثال، نرى "الفعل" و"رد الفعل" يَظْهَران معاً، ويختفيان معاً.
صارِع ضدَّ "الالتصاق (التصاق الورقة باللوح الزجاجي)"، فهل تحصل على شيء غير "الفصل (والانفصال)"؟!
صارِع ضدَّ "السكون (الميكانيكي)"، فهل تحصل على شيء غير "الحركة"؟!
صارِع ضدَّ "الجهل"، فهل تحصل على شيء غير "المعرفة (أو العلم)"؟!
صارِع ضدَّ "العبودية"، فهل تحصل على شيء غير "الحرية"؟!
صارِع ضدَّ "الموت"، فهل تحصل على شيء غير "الحياة"؟!
تخيَّل أنَّ أمامكَ الآن إنساناً من القرن الرابع قبل الميلاد، مثلاً، فتسأله: "ما هو جسيم الإلكترون؟". إنَّه يجهل تماماً ما هو الإلكترون؛ لم يسمع به من قَبْل، ولا يعرف عنه شيئاً. هذا الإنسان هو في حالة جهل، أيْ في حالة جهل بهذا الأمر؛ لكنَّه في حالة معرفة، في الوقت نفسه؛ فهو يعرف أنَّه لا يعرف شيئاً عن الإلكترون؛ يعرف أنَّه يجهل ما هو الإلكترون؛ فإنَّ الجهل والمعرفة في هذا الأمر يتَّحِدان اتِّحاداً لا انفصام فيه.
ولقد شرع هذا الإنسان الآن يصارع ضدَّ هذا الجهل، أيْ ضدَّ جهله بهذا الشيء المسمَّى "إلكترون"، فحصل على المعرفة إذْ تغلَّب على جهله هذا.
صاحبنا هذا صارَع ضد هذا الجهل، فحصل على المعرفة إذْ نفاه، وألغاه، وتغلَّب عليه، محتفظاً به في الوقت نفسه؛ ولولا احتفاظه بشيء من الجهل في هذا الأمر لَمَا اتَّسَعت وتطوَّرت واغتنت معرفته؛ فأنتَ ما أنْ تتغلَّب على جهلكَ بأمر ما حتى تحصل على معرفة تنطوي على شيء من الجهل؛ فالجاهِل والعالِم يشتركان في الجهل؛ لكن شتَّان ما بين جهل الجاهل وجهل العالِم.
تخيَّل مجتمعاً يخلو تماماً من "الرذيلة"؛ فكيف لـ "الفضيلة"، عندئذٍ، أنْ تنمو، لا بَلْ أنْ تُوْجَد؟!
إنَّها تنمو من طريق صراعٍ تخوضه ضدَّ "الرذيلة"، وتتغلَّب فيه عليها، محتفظةً بها في الوقت نفسه؛ فما "الفضيلة" إلاَّ "الرذيلة" وقد نُفِيَت، واحْتُفِظَ بها في الوقت نفسه.
إنَّنا في حاجة دائمة إلى وجود وبقاء كل "نقيض"؛ فوجودنا من وجوده، لا ننمو، ولا نتطوَّر، ولا نتقدَّم، إلاَّ من طريق صراعٍ نخوضه ضده، فنتغلَّب عليه، ونحتفظ به في الوقت نفسه. إنَّنا نحتفظ به ليس حُبَّاً به؛ وإنَّما من أجل أنْ نظل موجودين.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السوري في -تركيبه الكيميائي الجديد-!
- عِشْ ودَعْ غيركَ يَعِشْ!
- بشَّار الذي فَقَدَ ترسانتيه -المنطقية- و-الكيميائية-!
- كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟
- طاغوت
- -عناقيد المجرَّات-.. لماذا لا تغادِر أماكنها؟
- معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-
- -مبادرة- تقول لبشار: سَلِّمْ تَسْلَمْ!
- أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!
- المدافعون عن -هولوكوست الغوطة-!
- -الغوطة-.. دَرْسٌ في السياسة الدولية!
- أخطر ما تمخَّض عنه -جَدَل الضَّرْبة-!
- قبل ساعات من الضربة!
- -الفقر- و-وعي الفقر-.. -الطاغية- و-شيخ الطاغية-!
- تفجير طرابلس!
- -الثورة المصرية-.. ظواهر ميدانية تطلب تفسيراً
- الثورة المصرية.. نتائج وتوقُّغات
- التناقُض المُدمِّر لثورات -الربيع العربي-!
- في -الإشكالية الدستورية- المصرية
- في -الفاشية- و-البلطجة-!


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - شيء من -الجدل- ينعش الذِّهْن