أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - أربعينية القاص عبد الستار ناصر: في رثاء الكلمة الجميلة














المزيد.....

أربعينية القاص عبد الستار ناصر: في رثاء الكلمة الجميلة


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 15:46
المحور: الادب والفن
    


تمر اليوم أربعينية القاص و الروائي المبدع عبد الستار ناصر. و إسهاماً في أحياء هذه المناسبة الحزينة، كلفني عدد من مثقفي العراق في كندا و الولايات المتحدة بكتابة رثاء للعزيز الراحل أبي عمر. و سوف يقرأ الشاعر هادي ياسين على النص الذي كتبته في حفل التأبين الذي سيقام اليوم في كندا و يحضره مثقفون عراقيون و عرب و مسؤولون من السفارة العراقية. و هنا أنشر النص الكامل للرثاء. و عسى أن يتلفت المسؤولون عن الثقافة لإقامة ندوة علمية عن نتاج عبد الستار ناصر الغزير.

عبد الستار ناصر
في رثاء الكلمة الجميلة
باقر جاسم محمد
كلية الآداب/ جامعة بابل/ العراق

و الآن، هل رحل عبد الستار ناصر حقاً؟
تجيب السجلات الرسمية: "نعم."
و تجيب عقولنا:
"نعم."
فهل انتهت حكايته؟ و ماذا تقول ضمائرنا؟
نقول: كلآ، فمنذ أن ولد في محلة الطاطران، كان عبد الستار ناصر، ذلك الفتى الوسيم المسكون بهواجس إبداعية، نغمة عظيمة في لحن الحياة، فهو ما انفك يحدق فيها بعينين جميلتين تشبهان نبعين صافيين في نهار وجهه الذي تشع منه الطيبة. و كان ممتلئاً بالبساطة الآسرة، إذ على الرغم من كونه الفتى الأكثر وسامة بين أقرانه، فإنه ممن لم يركبه الغرور بوسامته الباذخة حد الترف، و في الوقت نفسه، لم يلتفت كثيراً خوفاً من الماضي و من صليب تاريخه الأسري، بل كان يعانق ذلك التاريخ بصدق منقطع النظير، فكان أن انعكس بعض من ذلك التاريخ الذاتي في قصصه و رواياته حين صار كاتباً له منزلته بين كتاب الستينيات من القرن العشرين. فكان يسرد بصراحته و صدقه المعروفين أطرافاً من تاريخه الأسري دون وجل أو تردد. و أعتقد أن أكثرنا، إن لم أقل جميعنا، كان يفتقر إلى شجاعة عبد الستار ناصر الآسرة في هذا المجال. و لو تهيأ لنا شيء من صراحته و شجاعته فربما كان دور المثقف العراقي قد تغير على نحو جذري. و لو كتبنا التاريخ النقدي للقصة العراقية فإن عبد الستار ناصر سيكون في مقدمة كتاب القصة الذين تتداخل في كثير من قصصهم العناصر السيرية الذاتية مع العناصر الحكائية المأخوذة من الحياة. و لعل كتابته لسيرته الذاتية في الأدب و الحياة التي نشرها في مجلة الأقلام العراقية و في مجلات ثقافية أخرى، بما تتميز به من صدق و حميميه، شاهد حي على ما أقول، و هي من أهم وجوه إبداعه كشفاً عن ملامحه النفسية و الأخلاقية و عن قناعاته الفكرية و الاجتماعية.
لا يعاني عبد الستار ناصر كثيراً في كتابة قصصه و رواياته و نصوصه المسرحية القصيرة، فهو يكتبها كمن يمتح من نبع متدفق لا كمن يمتح من بئر عميقة. و هو يحرص على أن تكون قصصه مسكونة بالهموم الإنسانية البسيطة بعيداً عن التعقيدات التقنية أو الأسلوبية حتى ليمكن القول أنه كان يكتب القصة بالسهولة التي يتنفس بها أو يقطع الشارع مشياً، أو يحدق في منظر أو في وجه امرأة جميلة، فهو قد ولد ليعيش الحياة بكل تفاصيلها السارة و المحزنة من جهة، و لينجز فعل السرد القصصي عن حياته و حياة الناس من حوله من جهة أخرى. و شيئاً فشيئاً تحولت القصة إلى واحدة من أهم الأسباب التي تمده بالرغبة بالبقاء و مواصلة الحياة و التحديق فيها بشبق الفتى العاشق، ذلك الشبق الذي لم تخفف السنون من غلوائه. فقد ظلت ينابيع عبد الستار ناصر الروحية تمور بحب الحياة حتى اللحظة الأخيرة.
في العراق، كنا نلتقي في دار الشؤون الثقافية أو في مقهى حسن عجمي، في البصرة أو الموصل أو أربيل، و في خارج العراق التقينا في عمان، و في مقهى السنترال، و كنا نتحاور، و في أحيان كثيرة كنا نختلف، لكن عبد الستار ناصر كان يتواصل مع الجميع بروح من المودة و التسامح تثير الإعجاب، فما أن تجلس إليه حتى يحدثك، و هو منهمك في لعبة ما مع صديق آخر، عن آخر إصداراته، و أنه سوف ينتهي قريباً من العمل في قصة أو رواية. نعم، لقد كان بسيطاً، بل هو الغاية في البساطة، فلم يكن يحمل شيئاً من عجرفة المثقفين في عالمنا العربي الثالث الذي يرتد الآن ليكون عالماً عاشراً.
عبد الستار ناصر، الإنسان و المثقف و الكاتب، ابن العراق؛ شهد تحولاته و فجائعه و اتسا}}ع رقعة آلامه. و في أحيان كثيرة، امتلك شجاعة التصدي لذلك الانهيار القيمي الذي صاحب صعود الدكتاتورية، فكانت بعض نصوصه القصصية، مثل (سيدنا الخليفة) ذات البنية الفنية المحكمة، نوعاً من القصة المكرسة لنقد الواقع السياسي و الاجتماعي في أواخر السبعينات من القرن العشرين، و كان ذلك في وقت انصرف فيه بعض القصاصين إلى تمجيد النظام بينما لاذ بعضهم بالصمت. و كان من عقابيل ذلك أن دخل عبد الستار ناصر السجن الانفرادي، و عاش فيه ظروفاً غاية في الصعوبة حدثني عنها قبل أكثر من عقدين حين كنا في القطار في طريقنا إلى البصرة. و لم يخرج من سجنه الرهيب إلا بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات. و لكن، لأنه ابن الثقافة العراقية الأصيل، فقد عاني أيضاً من الانكسارات التي مرت بالبلاد. و على خلاف كثير من الكتاب و المثقفين، فقد امتلك عبد الناصر ناصر شجاعة الاعتراف بتلك الانكسارات و الاعتذار عنها مما ينم عن نفس نقية و ضمير حي.
و الآن، هل رحل عبد الستار ناصر حقاً؟
تجيب السجلات الرسمية: "نعم."
و تجيب عقولنا:
"نعم."
"و أين كانت وفاته؟"
نقول: "بعيداً عن شواطئ دجلة التي عشقها و كرس حياته ليحكي عن أهلها.
و لكن ضمائرنا، نحن أصدقاءه و محبيه، تقول:
"لم يمت عبد الستار ناصر. فهو باقٍ ما بقيت قصة الإنسان و الحياة ليدون، سردياً، تفاصيل مرحلة تاريخية أرهقت الجميع. إنه خالد في ضمائرنا جميعاً، و في تاريخنا الثقافي و الإبداعي."



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسهام في ملف
- المثقف العراقي و الدور الغائب: مقاربة وظيفية
- لحظتان
- جكه ر خوين مبتسما ً
- علامة الاستفهام
- أقنعة المسرح
- نحو مركز عربي لدراسات الأدب النسوي
- أسئلة الوجود و فضاء المتحف
- الشعر و طبقات المعنى: - أهاجي الممدوح- إنموذجا ً
- أنا الحرية: البنية و التأويل في ( الكرسي )
- الفدرالية و أزمة الحكم في العراق
- روح هجرتها الموسيقى
- لطفية الدليمي: هجرة الإبداع
- الميثوبي و السرد الغنائي
- بين مربدين
- كان شامخا ً مثل نخلة عراقية
- أدلجة سوسور: قراءتا بلومفيلد و تشومسكي لمحاضرات سوسور
- ما تستحقه الكلمات
- نظرية النشوء: نحو منهج مادي تاريخي في تأريخ اللسانيات
- هدف الرغبة الغامض البعيد: علم اللغة


المزيد.....




- بوتين يثير تفاعلا بفيديو تقليد الممثل الأمريكي ستيفن سيغال و ...
- الإعلان 1 ح 163 مترجم.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 163 على قن ...
- ماسك يوضح الأسباب الحقيقية وراء إدانة ترامب في قضية شراء صمت ...
- خيوة التاريخية تضفي عبقها على اجتماع وزراء سياحة العالم الإس ...
- بين الغناء في المطاعم والاتجاه للتدريس.. فنانو سوريا يواجهون ...
- -مرضى وفاشيون-.. ترامب يفتح النار على بايدن و-عصابته- بعد إد ...
- -تبرعات قياسية-.. أول خطاب لترامب بعد إدانته بقضية الممثلة ا ...
- قبرص تحيي الذكرى الـ225 لميلاد ألكسندر بوشكين
- قائمة التهم الـ 34 التي أدين بها ترامب في قضية نجمة الأفلام ...
- إدانة ترامب.. هل يعيش الأميركيون فيلم -الحرب الأهلية-؟


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - أربعينية القاص عبد الستار ناصر: في رثاء الكلمة الجميلة