أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الفدرالية و أزمة الحكم في العراق















المزيد.....



الفدرالية و أزمة الحكم في العراق


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 11:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1. مقدمة
تعود بدايات الفكر السياسي إلى أفلاطون ( ولد في العام 428 و توفي في 347 ق. م.)، و ذلك حين قدم في كتابه " الجمهورية" أولى التأملات الفكرية حول ما يجب أن تكون عليه الدولة. و قد شهدت البشرية منذ ذلك الحين كثيرا ً من الجهود في مجال تطوير النظرية السياسية و تطوير العقد السياسي والاجتماعي بما يؤمن أفضل علاقة ممكنة بين مركز السلطة و مكونات المجتمع كافة. و لعل المجال لا يتسع هنا لعرض شتى صور الفكر السياسي و مناقشتها لأن ذلك يتطلب مكتبةً كاملة. على إنه لا بد لنا، هنا،من أن نعرض بشكل سريع لطبيعة التنظيم السياسي للدولة الحديثة و بنيته القانونية، فنقول: تتشكل بنية التنظيم السياسي في أية دولة من دول العالم المعاصر على وفق أصول و عقائد مختلفة، و تتخذ صورا ً متباينة. و لذلك يمكن تقسيم الدول من حيث الشكل إلى نظام حكم ملكي ونظام حكم جمهوري. ومن حيث صورة الديمقراطية إلى أنظمة دكتاتورية وأنظمة ديمقراطية. وهناك أنواع متعددة للديمقراطية (ديمقراطية مباشرة، وديمقراطية شبه مباشرة، وديمقراطية نيابية، و ديمقراطية توافقية)، ومن حيث تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث إلى النظم القائمة على الفصل و التوازن بين السلطات الثلاث و تلك التي تقوم على تداخلها. و الحقيقة أن تداخل السلطات الثلاث يعني، بالنتيجة، تغليب السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية و القضائية النظام. و هناك تقسيم آخر بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني. و كذلك يمكن تقسيم النظم السياسية في الدول على وفق طبيعة العلاقة بين مركز الحكم و الأجزاء أو الأقاليم إلى دول مركزية و لا مركزية و فدرالية و كونفدرالية. و بالنسبة للتقسيم على وفق العلاقة بين مركز الحكم و الأجزاء و المكونات، نلاحظ بأن لكل نوع مزايا و مثالب.
و يمثل الدستور الوثيقة القانونية الأهم في التنظيم القانوني للدولة. فكل دولة قانونية تحتاج لدستور يحدد طبيعة هذه الدولة وشكل نظام الحكم فيها، كما يحدد علمها وعاصمتها ولغتها أو لغاتها و الأسس الفكرية والسياسية لنظام الحكم فيها. والمسألة الثانية التي ينظمها الدستور هي السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية من حيث تشكيلاتها واختصاصاتها، وطبيعة العلاقة الدستورية فيما بينها، ويُنظم الدستور الحقوق و الواجبات والحريات السياسية والمدنية بين الحاكم و المحكوم سواء على صعيد الفرد أو على صعيد مؤسسات المجتمع المدني. كما لا تصدر القوانين إلا إذا كانت موافقة للدستور بوصفه الشرعة القانونية العظمى التي يتم الاحتكام إليها في كل الأمور القانونية و التنظيمية للدولة. و هنا، نورد تعريفا ً خاصا ً بالدستور في الدولة الاتحادية ينصٌّ على أن الدستور الاتحادي "اتفاقية سياسية تقرٌّ صراحة بوجود المصالح المتضاربة بين الجماعات المشكلة للبلاد و تسمح لها بأن تبحث عما يناسبها مما يؤمن لها الفاعلية السياسية المريحة، و بدون تجاوز أصوات الأقليات و كذلك بدون استخدام القوة." و نظرا ً لأن مثل هذه الاتفاقية السياسية لم تكتسب صورتها النهائية بعد في بلادنا رغم وجود الدستور الحالي الذي ينص على أن الحكم في العراق ديمقراطي إتحادي لأن التعديلات الدستورية المنصوص عليها لم يتفق عليها بعد، فقد كانت هذه الورقة جهدا ً في البحث في صلب هذه القضية، و توطئة لإعادة فحص الحجج المتقابلة و الآراء المختلفة و استعراض ما لها و ما عليها سعيا ً نحو تحديد ملامح أساسية لصورة النظام الفدرالي المنشود.
2. نظام الحكم: فدرالية أم كونفدرالية!؟
بعد احتلال العراق في 9/4/2003، و نظرا ً لانهيار الحكم الذي كان قائما ً و تفكك الدولة، كان لابد من البحث عن صيغة جديدة للحكم. و قد برز مفهوم الفدرالية (أو الحكم الاتحادي) في دائرة النقاش و الجدل السياسي حين طرح بوصفه صيغة مقترحة للحكم في عراق المستقبل و بديلا ً للحكم المركزي الذي ساد البلاد طويلا ً. و ذلك حين تبنته المعارضة العراقية القائمة آنذاك و التي آلت إليها مقاليد الحكم بعد ذلك. و لكن لم يخل الأمر من مشكلات و اعتراضات مهمة عند البدء بأولى مراحل التنفيذ الفعلي للنظام الفدرالي. فقد أثار بعض الباحثين و السياسيين كثيرا ً من اللغط حول المفهوم السياسي للفدرالية و طبيعة نظـام الحكم المستند إليه، و كذلك حول محاولة تطبيقه في العراق، فقالوا : (1) إن الفدرالية تشكل نقيضا ً للوحدة الوطنية العراقية لأنها ستقوم على أسس طائفية أو عرقية، (2) و إن الشعب العراقي غير مهيأ لخوض مثل هذه التجربة في الحكم، (3) و إن الظروف الدولية و الإقليمية غير مناسبة لتطبيق النظام الفدرالي لأنه سيكون توطئة لتكوين كيانات ضعيفة تكتسب قوتها من بعض القوى الإقليمية أو الدولية المؤثرة في مواجهة الحكومة المركزية من جهة و حكومات بقية الأقاليم من جهة أخرى، (4) و لذلك كله، فإن تطبيق الفدرالية يمثل مقدمة لتقسيم العراق. و لعل هذه النقاط الأربع هي الأبرز مما يمكن استخلاصه من بين ما يردده الرافضون أو المتخوفون من تجربة الحكم الفدرالي أو الاتحادي. فهل هناك أساس موضوعي لمثل هذه الاعتراضات؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد لنا أن نبدأ بتعريف للفدرالية أو نظام الحكم الاتحادي فنقول: إن الفدرالية نظام للحكم يقوم على الاتحاد الطوعي و الاختيار الحر بين الكيانات السياسية المكونة لشعب أو عدد من الشعوب فيكون هناك برلمان و حكومة مركزيان يسميان بالبرلمان الفدرالي و الحكومة الفدرالية. و لهذه الحكومة سلطة على كامل البلاد في أمور محددة في الدستور، و حكومات محلية أو إقليمية لكل واحد من هذه الكيانات المرتبطة برقعة جغرافية معينة بصلاحيات تنفيذية و إدارية واسعة و تساعد هذه الحكومة مجالس برلمانية محلية بصلاحيات تشريعية واضحة و محددة في الدستور. و يحدد الدستور الاتحادي و يضمن حدود و طبيعة سلطات الحكومات و البرلمانات المحلية و حدود و مديات سلطات الحكومة الاتحادية و المجلس النيابي الاتحادي؛ كما ينظم العلاقة بين السلطات الاتحادية و الإقليمية بشكل دقيق، و بما يمنع التضارب بين صلاحيات و سلطات المركز و صلاحيات و سلطات الأقاليم من النواحي التشريعية و التنفيذية و القضائية. و يعرف جوليان شوفيلد الفدرالية قائلا ً: "إنها تقسيم دستوري للسلطة بين حكومة عامة واحدة لها السلطة على كامل أراضي البلاد، و عدد من الحكومات المحلية الممثلة للأقاليم المكونة للبلاد. و كل حكومة محلية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال في ما يخص الإقليم الذي تحكمه." ثم بورد تعريفا ً مختصرا ً للفدرالية قائلا ً بأنها "اتحاد غير قابل للتخريب لوحدات أو مكونات غير قابلة للتخريب." و هذا يعني أن الكيان الاتحادي سيكون صلبا ً و غير قابل للتخريب إذا كان مكونا ً من وحدات، أو أقاليم، سليمة و صلبة لكونها غير قابلة للتخريب أيضاً. فهل أن واقعنا يتطابق مع مثل هذا الوصف؟
و من أهم مستلزمات نظام الحكم الاتحادي وجود محكمة دستورية اتحادية عليا تقوم بمراقبة أداء السلطات الاتحادية و سلطات الأقاليم و تفصل في الخلافات التي قد تنشأ نتيجة لتجاوز أي من الأطراف المذكورة أعلاه للصلاحيات و السلطات المنصوص عليها دستوريا ً. و تكون قرارات هذه المحكمة قطعية و لا سبيل للطعن بها. و تسهم مثل هذه المحكمة في تعزيز النظام السياسي و صيانة الدستور من الخرق كما تعزز من هيبة و استقلال السلطة القضائية. و تمثل أنظمة الحكم في ألمانيا و السويد و المملكة المتحدة و سويسرا و الهند، على سبيل المثال لا الحصر ، نماذج و صورا ً مختلفة لنظام الحكم الاتحادي. و هي أنظمة حكم فدرالية و ديمقراطية في آن واحد. أما الإمارات العربية المتحدة فهي تمثل تجربة خاصة من حيث كونها دولة فدرالية اتحادية دون أن تكون دولة ديمقراطية، و دون أن يكون ممكنا ً وصفها بالدكتاتورية. و قد يجوز لنا أن نصفها بأنها تجربة في الحكم الفدرالي تتطور نحو الديمقراطية خصوصا ً و قد ذكرت الأخبار مؤخرا ً أن الانتخابات النيابية ستجري في الدولة قريبا ً. وهذا يعني أن الفدرالية نظام حكم متطور أخذت به أمم كثيرة و أنها كانت على الدوام مقترنة بالديمقراطية باستثناء حالة الإمارات و حالات التطبيق المزيف للفدرالية. فإذا كـان نظام الحكم المركزي يقترن في كثير من التجارب السياسية، و خاصة في عالمنا العربي، بالدكتاتورية فأن التجربة البشرية أظهرت أن الدكتاتورية لم تجد لها أرضا خصبة قط في البلاد التي تأخذ بنظام الحكم الاتحادي الحقيقي لا المزيف. و هذا ما يجعلنا نستنتج بأن الفدرالية إحدى الضمانات الأساسية لنظام الحكم اللديمقراطي. و لكن إذا كانت الفدرالية هي الضمانة لعدم عودة الدكتاتورية للحكم في المركز فإن ذلك يدعونا إلى التقكير مليا ً في جعل الفدرالية ضمانة أيضا ً للديموقراطية على مستوى الأقاليم و أن نحدد طبيعة الإجراءات الدستورية و التنظيمية لهيكل الدولة الاتحادية التي تمنع الممارسة الاستبدادية للسلطة على المستوى الداخلي في أي من أقاليم الدولة الاتحادية و بما يجعل من الفدرالية حقيقة سياسية ملموسة لا تسمح بتكون سلطات محلية في الأقاليم ذات طابع دكتاتوري. و لعل هذا الأمر، على أهميته، لم يحض بالاهتمام الكافي في النقاشات التي تدور حول الفدرالية. و من المهم أيضا ً أن نشير إلى أن تعديل صيغة الحكم الاتحادي دستوريا ً ينبغي أن يتسم بالتوازن فلا يكون غاية في الصعوبة و لا غاية في السهولة مثل اشتراط حصول موافقة ثلثي الهيئة التشريعية الوطنية و ثلاثة أرباع الهيئة الهيئة التشريعية على مستوى الدولة.
و ينبغي لنا أن نؤكد أن اختيار نوع نظام الحكم المنشود في العراق هو حق أساسي من حقوق الشعب العراقي جميعه، و طبقا ً لإرادته الحرة و دون تأثير أو ضغوط من أية جهة. لأن إنشاء عقد سياسي جديد بعد انهيار الدولة العراقية هو من مسؤولية جميع العراقيين و من حقهم. و لهم أن يستفيدوا في هذا الشأن من تجربتهم مع نظام الحكم المركزي لمدة ثمانين عاما ً. و لعل الجميع يتفق على أن الجوانب السلبية من تجربة الحكم المركزي في العراق لم تكن بالضرورة نتيجة الحكم المركزي بقدر ما هي نتيجة لافتقار ذلك الحكم إلى الديمقراطية خصوصا ً بعد 14 تموز 1958. فليس كل نظام حكم مركزي يؤدي بالضرورة إلى الدكتاتورية. و على أية حال، فإن ممارسة هذا الحق لا تنفصل عن حقيقة مهمة و جوهرية إلا وهي أن اختيار طبيعة نظام الحكم الفدرالي مسألة ترتبط بجملة من المخاوف و الهواجس التي قد تراود هذه الجهة أو تلك. و يمكن أن نجمل هذه المخاوف و الهواجس في الأسئلة الآتية: فهل هناك حاجة فعلية لتبني النظام الفدرالي في إنشاء نظام الحكم الجديد في ضوء كون العراق بلدا ً موحدا ً في الأصل؟ و هل الفدرالية آلية مناسبة لحـل مشكلات الحكم، أم أنها قضية مثيرة للخلاف و الجدل و الصراع الفكري و السياسي الذي قد يؤدي إلى تقسيم البلاد في حال تم فرضه دونما مراعاة للظروف الخاصة التي يمر بها العراق حاليا ً؟ و هل تعبر الفدرالية عن قناعة لدى كل القوى السياسية الأساسية الفاعلة و المؤثرة في صوغ و تشكيل الإرادة السياسية في البلاد؟ و هل الظروف الإقليمية مناسبة للشروع بتطبيق هذا النظام؟ و عموما ً نعتقد بأن أحد أهم الأسباب في مثل هذه المخاوف هو أن الدستور العراقي في صورته الحالية ينص على أن العراق دولة فدرالية، و لكنه حين يتناول تفاصيل صلاحيات السلطات الاتحادية و سلطات الأقاليم و يبحث في العلاقة بينهما، نكتشف بأن صلاحيات الأقاليم تتجاوز الصلاحيات في الدولة الفدرالية لتكون من النوع الذي تتمتع به الأقاليم في الدولة الكونفدرالية كما سيظهر لاحقا ً.
و نظرا ً لأن اختيار نوعيه العقد الاجتماعي المعبر عنه بطبيعة الحكم المنشود في العراق لم ينته بعد لأن عملية تعديل الدستور لم تنجز لحد الآن، فإن مسألة خيار تطبيق الفدرالية ما زالت قضية عامة لا تخص حزبا ً سياسيا ً بعينه أو مجموعة أحزاب دون إسهام الآخرين في القبول الحر و غير المشروط، بالأخذ بالنظام الفدرالي، و كذلك في مناقشة طبيعة هذا النظام و حدوده، و دون خلط بين النظام الفدرالي و النظام الكونفدرالي. و هي مهمة ليست بالسهلة. و تتطلب جهدا ً فكريا ً متواصلا ً ، و فحصا ً دقيقا ً لكل الحجج، و موازنة بين المنافع المنظورة و الأخطار غير المنظورة التي يمكن أن يؤدي إليها التسرع في تعديل الدستور دون ترو و تدبر و تحديد دقيق للمصطلحات و المسميات و علاقة كل مصطلح بمقدار الصلاحيات الممنوحة لكل من السلطتين الفدرالية و الإقليمية،و البحث في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إنجاز دستور يكون أساسا ً لسلام دائم في البلاد.
3. الفدرالية: مزايا و مزالق
يقرر بعض الباحثين في القانون الدستوري بأن من شأن تطبيق الفدرالية تطبيقا ً سليما ً إن يؤدي إلى تحقيق فوائد مهمة، منها:
1. أن الفدرالية تحمي البلاد ضد الضغوط الخارجية؛ فالنظام الفدرالي، في جوهره، دفاع ضد التقسيم و الغزو الخارجي و ليس موجها ً ضد الداخل.
2. أنها تركز الموارد و الجهود البشرية و العسكرية و الدبلوماسية و الاقتصادية و العلمية في قطب عام و موحد يكرس لخدمة المصالح العامة لكل البلاد.
3. أنها توفر سوقا ً اقتصادية أوسع و تكاملا ً أكبر للكيانات المكونة للدولة الاتحادية.
4. أنها يمكن أن تكون وسيلة لحماية الوحدة الوطنية بما توفره من ممارسة للحرية السياسية و من مرونة اقتصادية و إدارية.
و الملاحظة المهمة في سياق مناقشة هذه الفوائد أنها تقدم بوصفها حوافز لمجموعة بلدان أو كيانات سياسية غير موحدة أصلا ً. و بما أن العراق بلد موحد في الأصل فإنها يمكن أن توصف بأنها إغراء زائف. و الحقيقة أن هذا الرأي ليس صحيحا ً تماما ً لأن الكيان العراقي الموحد المعبر عنه بالدولة العراقية ما كان دولة مركزية لأن إقليم كوردستان كان يتمتع بالحكم الذاتي الذي هو شكل من أشكال الدولة الاتحادية، ثم صار هذا الإقليم يتمتع بما بشبه الاستقلال منذ العام 1991 و لحين سقوط النظام السابق. لم يعد قائما ً بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، فصار من الضروري البحث عن صيغة جديدة للعقد الاجتماعي تجمع ما تناثر من شتات الكيان العراقي. و ينبغي أن نؤكد، هنا، بأنه لكي تقوم الفدرالية ينبغي أن تكون هناك قيم سياسية عامة مشتركة و متفق عليها. فالفدرالية ليست شرا ً مطلقا ً و لا خيرا ً مطلقا ً. و إنما هي نظام حكم قد ينجح في التطبيق أو قد يفشل اعتمادا ً على توفر جملة من الشروط و العناصر الممهدة التي تجعل الأخذ بنظام الحكم الفدرالي إجراءً علاجيا ً ناجعا ً لأزمة نظام الحكم أو تجعل اختياره مرغوبا ً لكونه تجربة جديدة في نظام الحكم في العراق. و يمكن إجمال هذه الشروط في الآتي:
1. أن يكون تبني النظام الفدرالي تعبيرا ً عن إرادة عامة للشعب العراقي عامة، و أن تكون هذه الإرادة صادرة عن وعي سياسي و قناعة فكرية بأهمية نظام الحكم الفدرالي و أفضليته بالقياس مع الحكم المركزي. و ليس انطلاقا ً من حاجات مرحلية أو قناعات ظرفية لهذا الطرف أو ذاك. فهذه الحاجات قد تتغير في فترة لاحقة إلى النقيض من الإيمان بضرورة العيش المشترك في ظل الدولة الاتحادية، و هو ما سيؤدي إلى نقض الميثاق الدسنوري الذي بنيت على أساسه الفدرالية. و نقترح بصدد ذلك أن يتضمن الدستور مادة أو مواد صريحة ضد أية خطوات تؤدي إلى تفتيت كيان البلاد أو تهدد وحدتها بالصميم، كأن ينص الدستور، بوصفه تعبيرا ً عن إرادة حرة لجميع الفرقاء المنضوين تحت عنوان ممثلي البلاد، على تحريم الانسحاب من الدولة الاتحادية لأي سبب كان. و هذا ما سكت عنه الدستور الحالي فلم يبحث مسألة تمتع الأقاليم المكونة للدولة الاتحادية بحق الانفصال من عدمه. و يثير مثل السكوت مخاوف لدى من يقبلون الفدرالية شرط أن تحافظ على وحدة العراق من أن يكون ستارا ً لرغبة غير معلنة لدى البعض في الانفصال عن العراق مستقبلا ً.
2. أن لا تكون هناك محاذير منطقية و مسوغة، و استنادا ً إلى الظواهر الجزئية المنبئة بما سيكون التي تحدث حاليا ً في البلاد، من أن تطبيق النظام الفدرالي سيؤدي لا محالة إلى تكوين كيان سياسي ضعيف في المركز مؤلف من كيانات سياسية ضعيفة أيضا ً، و الضعف يولد المخاوف و الهواجس كما هو معلوم، و هي المخاوف و الهواجس التي تعبر عنها القوى السياسية جهارا ً، من أن تطبيق الفدرالية من كيانات يخشى بعضها بعضا ً سيؤدي بالنتيجة إلى البحث عن دعم جهات أجنبية من خارج البلاد. و لذلك لا بد من تعزيز دور المركز دستوريا ً و تحريم أية علاقات للأقاليم مع أي طرف خارجي يمكن أن تؤدي إلى تعويق التفاعل الإيجابي الداخلي بين السلطة الاتحادية و سلطات الأقاليم نتيجة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. فكما أنه قد يكون لنا رأي في شكل السلطة السياسية أو مسألة العلاقة بين السلطة المركزية و الجهات التي تعارضها في البلدان المجاورة و لكن ليس لنا أن نتدخل في شؤونها الداخلية، كذلك لن نقبل بأن تتدخل أية دولة من دول الجوار و شؤوننا الداخلية. و الحقيقة أن تدخل دول الجوار يتسلل عبر منفذ المخاوف و الهواجس من الشركاء في الوطن.
3. من المعلوم أن تشكيل الدولة الاتحادية من أقاليم أو ولايات ينبغي أن يستند إلى حدود داخلية واضحة لهذه الأقاليم. و يجب أن لا تكون هذه الحدود موضع خلاف أو تجاذب من أي نوع كان. و الحقيقة أن المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية التي تحولت إلى المادة ( 140) في الدستور الدائم تشير صراحة إلى جملة من المشكلات التي تخص مسألة حدود الأقاليم أو المحافظات و عاديتها لهذه الجهة أو تلك. و أي تطبيق للفدرالية دون حسم مسألة حدود المحافظات و الأقاليم سيؤدي إلى بداية فعلية للحرب الأهلية، و كما صرح بذلك أحد أقطاب السياسة العراقيين مؤخرا ً. فالفدرالية يجب أن تكون نهاية حقيقية لكل أشكال النزاع الداخلي و تعزيزا ً للسلم الأهلي و الاستقرار الدائم في البلاد و ليست فترة استراحة ٍ و تجميع ٍ للقوة قبل الشروع بالحرب.
4. أن تكون طبيعة العلاقة بين السلطات الاتحادية و سلطات الأقاليم أو الولايات واضحة لا تحتمل اللبس أو الغموض مع التوكيد على مبدأ دستوري صريح هو أن سلطة المركز الاتحادي أعلى من سلطة الإقليم أو الأقاليم. و في حال حدوث تعارض بين الصلاحيات الدستورية للسلطتين فإن الأرجحية في التطبيق لحساب صلاحيات السلطة الاتحادية. و نلاحظ هنا بأن الدستور الدائم قد نصَّ في في الباب الخامس، الفصل الأول، المادة 117 ثانيا ً على أنه" يحق لسلطات الإقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم في حالة وجود تناقض بين أو تعارض بين القانون الاتحادي و قانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية." و نرى أن يضاف شرط على هذه الإباحة هو أن لا يكون هذا التعديل مناقضا ً للمبائ العامة للدستور الاتحادي، حتى تسري أرجحية الدستور على كل ما يمكن أن تشرع في الإقليم.
5. و أن ينص في الدستور على أن القرار في قضايا الدفاع، و يتضمن ذلك مسألة تشكيل القوات المسلحة و عديدها و تجهيزها و تدريبها و نشرها في أرجاء البلاد كافة، هو حق للسلطات الاتحادية حصرا ً. و أن لا يسمح بتشكيل قوات في الأقاليم، و خارج سيطرة الحكومة الفدرالية، تتجاوز حاجة الأقاليم لتنفيذ الواجبات الأمنية الاعتيادية من ملاحقة الجريمة و تأمين المجتمع ضد الإرهاب . و ذلك لانتفاء حالة التهديد الداخلي.
6. و أن ينص في الدستور على أن القرار الأخير في السياسة الخارجية و التمثيل الدبلوماسي و العلاقات الاقتصاد الخارجية ذات الطابع الاستراتيجي، مثل اتفاقيات التصدير و الاستيراد لمواد مثل النفط و الغاز و المعادن الأخرى، هو حق للسلطة الاتحادية. 7. كما أن للبرلمان و الحكومة الاتحاديين السلطة العليا بخصوص السياسات المعتمدة في التنقيب و الاستثمار و التوزيع و التصرف بعوائد موارد الثروات الوطنية من مياه و نفط و غاز و فوسفات و أية موارد أخرى لصالح الشعب العراقي. على أن يكون ذلك مشروطا ً بما يؤمن تنمية متوازنة للبلاد تؤدي تدريجيا ً إلى القضاء على مظاهر التباين في مستويات التطور بين الأقاليم من جهة و بين الريف و المدينة من جهة ثانية.
8. و لا بد أن تكون للسلطات الاتحادية الكلمة العليا في خطط التنمية الاستراتيجية و مشاريعها التي تتجاوز في انتشارها الجغرافي حدود الإقليم أو أن تكون آثارها البيئية مما يتجاوز حدود الإقليم، مثل مشاريع إنشاء السدود و البنى التحتية من طرق و جسور و خطوط نقل الطاقة الكهريائية و مد أنابيب النفط و الغاز. إذ مما لا شك فيه أن من شأن مثل هذه الخطط أن تستثمر الطاقات الاقتصادية و البشرية و الموارد الفنية و التقنية على مستوى البلاد كافة، و هو الأمر الذي قد يصدم بسلطة الحكومات المحلية في هذا الإقليم أو ذاك، أو بالتشريعات الإقليمية فيها. و من المعلوم أن مثل هذه الاستراتيجيات و الخطط التنموية تحتاج في التنفيذ إلى المرونة التي تستلزم التعاون الوثيق بين السلطات الاتحادية و سلطات الأقاليم لكونها تعبر عن حاجة فعلية للبلاد كافة و ليس لإقليم بعينه. و هو مما سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية و إقامتها على أسس أكثر رصانة. و لا مجال للخوف من حكومة و برلمان اتحاديين منبثقين من انتخابات برلمانية حرة لأن الحكومة الاتحادية ستكون مكونة من أبناء الأقاليم كافة كما أن أعضاء البرلمان الاتحادي سيكونوا ممثلين لأبناء الأقاليم كافة. و هو مما يكفل أن تتفرغ كل من السلطات الاتحادية و سلطات الإقليمية التشريعية و التنفيذية و القضائية لإنجاز مهماتها دون الدخول في دوامة تداخل الصلاحيات و عدم وضوح المسؤوليات و الصراع القانوني العقيم بشأن كل ذلك.
9. أن ينص في الدستور على تشكيل محاكم عليا في كل إقليم تتمتع بسلطة تفسير مواد الدستور الخاص بالإقليم فضلا ً عن مراقبة أداء الأجهزة القضائية فيه. و أن ينص الدستور أيضا ً على حق المواطنين سواء أكانوا أشخاصا ً طبيعيين، أو الأفـراد، أو أشخاصا ً معنويين، أو الهيئات و الشركات، في طلب التقاضي أو التمييز أمام القضاء الفدرالي لا أن يقتصر الأمر على الحكومة الاتحادية و حكومات الأقاليم فقط لأن المظالم و التجاوزات قد لا تكون سياسية و عامة بين السلطات الاتحادية و سلطات الإقليم بقدر ما هي بين حكومة الإقليم نفسها و الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين فيه.
10. أن ينص في الدستور على أن للمواطن العراقي حرية الانتقال و العمل و السكن في إي من أقاليم البلاد دون أية عوائق أو إجراءات خاصة تجعل من وضعه شبيها ً بوضع الأجانب على أن لا يؤدي ذلك إلى نوع من التغيير الديموعرافي.
11. أن ينص في الدستور الاتحادي على عدم جواز سن البرلمان الاتحادي أو البرلمانات الإقليمية أي قانون يتعارض و أحكام الدستور. و أن تجري مراجعة شاملة للقوانين التي صدرت قبل قيام نظام الحكم الاتحادي في صورته النهائية لكل القوانين التي صدرت سابقا ً سواء على مستوى التشريعات الاتحادية أم على مستوى التشريعات في الأقاليم لإلغاء ما يتعارض مع الدستور أو تعديله بما ينسجم و أحكام الدستور.
12. و أن تكون السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية الدولة، سواء أكانت اتحادية أم إقليمية، و كل ما يرتبط بكل منها من أجهزة و هيئات، مبنية ماديا ً و فنيا ً على أسس تنسجم مع طبيعة ممارسة السلطة في النظام الفدرالي و هي مهيأة لإنجاز ما يتوقعه المواطن منها. فلا فدرالية بدون شعب يؤمن بها و يدافع عنها و أجهزة فنية تفهمها و تؤمن بها و تعمل على تطبيقها تطبيقا ً نابعا ً من الحرص و الكفاءة.
13. و أخيرا، يجب أن لا تكون في الأقاليم وزارات للخارجية و الدفاع، أو أن تنشئ بنوكا ً مركزية، أو أن تصدر عملات خاصة بها، أو أن تمنع رفع علم الدولة الاتحادية الذي يجب أن يكون معبرا ً عن روح النظام الفدرالي التعددي.
و أخيرا ً، قد يقول البعض أن صورة الحكم هذه تشبه الحكم اللامركزي، و أنها بعيدة عن الحكم الفدرالي. فنقول أنها تمثل جوهر نظام الحكم الفدرالي تماما ً. و هي تحافظ على مزايا النظام الاتحادي دون أن تتجاوز أسسه و معاييره و طبيعته إلى شكل و نوع مختلف تماما ً هو النظام الكونفدرالي. و في تقديري بأن النظام الفدرالي ليس بالصيغة الجامدة، و إنما هو نظام يتسم بالصيرورة المتواصلة من التفاوض الدائم الذي يبحث في قضايا لم يجر الإقرار بها في الوقت الراهن، و قضايا قابلة للحل حاليا ً، و أخرى غير قابلة للحل و يلزم تأجيلها للمستقبل. و أن من الممكن تطوير التجربة استنادا ً إلى تطور المعطيات السياسية و الاجتماعي من خلال نقد و مراجعة ما أفرزه التطبيق الفعلي للفدرالية من مشكلات و إمكانيات للتطور المستقبلي. و إذا كان البعض يعبر عن هواجس و مخاوف في حال عدم الإسراع بتطبيق النظام الفدرالي فإن للآخرين هواجسهم و مخاوفهم أيضا ً من الإسراع في عملية التطبيق هذه. و لما كانت الدول و الأنظمة السياسية لا تبنى على الهواجس و المخاوف و إنما على الثقة المتبادلة، فإننا نعتقد بأن على جميع السياسيين و المثقفين و المختصين بالقانون الدستوري و المهتمين بالشأن العام أن يتصدوا للبحث في هذه القضية الأساسية حتى يكون بناء السياسي الجديد على أسس قويمة تدفع بالعراق كله على طريق التقدم الاجتماعي و الاقتصادي السياسي و تمكنه من أن يلعب دورا ً فاعلا ً و إيجابيا ً يكافئ مكانته الجيوستراتيجية التي يستحقها بوصفه بلدا ً محوريا ً مهما ً في المنطقة و العالم.
أليس كذلك؟

نص المحاضرة التي ألقيت في الندوة الفكرية الموسعة التي أقامها المجلس العراقي للسلم والتضامن فرع بابل حول " الفدرالية و التقسيم" في مدينة الحلة صباح يوم الجمعة الموافق 30/11/2007.



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح هجرتها الموسيقى
- لطفية الدليمي: هجرة الإبداع
- الميثوبي و السرد الغنائي
- بين مربدين
- كان شامخا ً مثل نخلة عراقية
- أدلجة سوسور: قراءتا بلومفيلد و تشومسكي لمحاضرات سوسور
- ما تستحقه الكلمات
- نظرية النشوء: نحو منهج مادي تاريخي في تأريخ اللسانيات
- هدف الرغبة الغامض البعيد: علم اللغة
- نزع الميثولوجيا عن اللسانيات الاجتماعية
- من الذي سيكون سيدا ً تأسيس السلطة العلمية في علم اللغة
- الأيديولوجيا و العلم و اللغة
- أبواب
- محو الغربة و تدوين الاغتراب
- مسألة السلطة السياسية هي جوهر الخلاف بين العلمانيين و القائل ...
- جدل الشكل و لامحتوى في السرد الوائي: ( حديث الصبح و المساء إ ...
- العلمانية و الدين و المجتمع
- لحية كارل ماركس
- في أخلاقيات الحوار و شروطه المعرفية
- حول اللغة و سوء التفاهم


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الفدرالية و أزمة الحكم في العراق