باقر جاسم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1585 - 2006 / 6 / 18 - 11:05
المحور:
الادب والفن
تنبثق الكلمات من زمنها الأول...
تنهض متوجة ً بصمتها،
و قد لفها بخار التكوين،
تومئ، ثم تهمهم، ثم تفصح،
فيتبدد الشواش،
و تبدأ موسيقى الأشياء الأولى،
موسيقى لحظة التكوين.
و بحنجرة مصنوعة من الغمام تغني الرياح:
" لا شيء أعلى من الكلمات...
لا شيء خارج الكلمات."
فتنهض كلمة البحر و هي تشهق بالموج و الزبد،
و في أحشائها كون من الأسماك و الرخويات،
من الحيتان و الأقراش،
من الإشنات و جزر المرجان.
و تنهض كلمة الصحراء مرتدية قبعة نهارية ساطعة
تتنفس رملا ً حارقا ً، و جمالا ً متهادية
شيحا ً و قيصوما ً،
و عطشا ً و سرابا ً.
و تنهض كلمة الغابة مغتسلة بالمطر ،
فإذا هي شجر كثيف،
أعشاب و أزهار،
فراشات عصافير،
نمور و غزلان،
وصقور و أرانب.
............................. .
............................. .
............................. .
أما الآن...
فتنهض كلمة الإنسان،
أنظر في عينيها، فأرى ...
البحر، و الصحراء، و الغابة، و الجبال، و الأنهار، و المجرات الكونية،
أرى فيهما ...
الحيتان و الإشنات، الشيح و القيصوم، الشجر الكثيف و الأزهار.
و لكن...
أرى أيضا ً
قتلا ً و قتلة ً و قتلى،
عشقا ً و عشاقا ً و معشوقات.
و أرى صراعا ً نفسيا ً,
و صراعا ً بين الأجيال،
و صراعا ً طبقيا ً،
و صراع حضارات.
و طغاة و مظلومين،
أرى ...
الحسين و يزيد،
الحلاج َ و الحجَّاج َ،
غاندي و ستالين،
عمر المختار و موسولينيا
اليندي و بينوشيه،
محمد الدرة و شارون.
طرفة بن العبد،
عروة بن الورد،
أبا العلاء المعري،
و شعراء السلطة و السلاطين.
أرى ...
رجال الكي جي بي،
و هم يحلقون بالقوة لحية كارل ماركس،
و يجبرونه على العمل نادلا ً في مطعم الماكدونالد.
و أحدقُ...
لأرى أعمقَ، فأبصر ...
أسئلة بدون أجوبة،
و أجوبة مفروضة لأسئلة لم تطرح...
أما في عمق الأعماق فأرى ...
لوعة و جوعا ً ميتافيزيقيا ً أبديا ً.
زوارة
14 / 06 / 2006
#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟