أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثورة الكبرى في العالم بعد الثورة الفرنسية والثورة البلشفية ؟ أم هي المؤامرة الكبرى على سوريا وعلى العرب أجمعين ؟















المزيد.....


السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثورة الكبرى في العالم بعد الثورة الفرنسية والثورة البلشفية ؟ أم هي المؤامرة الكبرى على سوريا وعلى العرب أجمعين ؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 01:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثورة الكبرى في العالم بعد الثورة الفرنسية والثورة البلشفية ؟ أم هي المؤامرة الكبرى على سوريا وعلى العرب أجمعين ؟

قامت الثورة الفرنسية في نهايات القرن الثامن عشر. وكانت تلك الثورة ثورة دامية بكل معنى الكلمة، إذ اجتاح الثوار سجن الباستيل، وأنهوا الملكية في فرنسا. ومع أن الثورة قد أودت بحياة الكثيرين، فإنها قد أرست الأسس التي باتت ثابتة لحقوق الإنسان، وهي الحقوق التي أقرت فيما بعد بشرائع دولية. ومن أجل ذلك كله، وبسبب إنجازاتها الرائعة، فقد اعتبرت الثورة الفرنسية ثورة كبرى، وسجلها التاريخ في صفحاته بحروف من نور، لكونها قد أرست نقطة تحول في العلاقة بين الحاكم والمحكوم .

وفي بدايات القرن العشرين، ظهرت للعالم الثورة البلشفية التي مهد لها قبل عشرات من السنين كارل ماركس، وساهم لينين في إرساء مفاهيمها باعتبارها ثورة جاءت لتحقيق العدالة بين جميع مواطني الدولة، من خلال المبادىء الشيوعية المعروفة بالماركسية اللينينية التي أرادت أن تأخذ من كل حسب قدرته، وأن تعطيه حسب حاجته منعا لتراكم الثروة في أيد معينة دون أخرى. واستطاعت هذه الثورة إنهاء الحكم القيصري، وسلمت مقاليد الأمور للبروليتاريا، أي للطبقة العمالية في الشعب. واستطاعت هذه الثورة أن تنهض بالبلاد التي انتشر فيها الفساد والاضمحلال الخلقي، وخصوصا بعد ظهورالراهب راسبوتين، وهذا كله جعل البلاد تعاني من مشاكل اقتصادية كبرى زادها تدهورا سيطرة النظام الملكي القيصري على البلاد. وخاضت الحكومة الروسية البلشفية الحرب العالمية الثانية، وحققت انتصارات كبرى فيها. كما أسست الإتحاد السوفياتي الذي وقف طويلا في مواجهة الولايات المتحدة ، إلى أن أدت عدة عوامل إلى تفكك الإتحاد المذكور، والذي ساهم بوريس يلتسين، الذي ساعدته الظروف على الوصول إلى مركز حاسم في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، مما هيأ له الفرصة، إضافة إلى عوامل أخرى، على العمل على تفكيك ذاك الإتحاد. وانتهت بتفككه حقبة هامة في التاريخ الحديث. ولكن إذا كان تفكك الإتحاد السوفياتي قد قضى على ذاك الإتحاد، فإنه لم يقض على الفكر الماركسي الشيوعي، باعتباره حمل للعالم أفكارا مثالية وسامية تسعى لتحقيق العدالة بين البشر. وإن أصيب هذا الفكر بنكسة، إلا أنه لم يصب بمقتل. وبما أن أفكاره تقوم على إحقاق العدالة، فإنها تظل أفكارا نبيلة يصعب أن تموت مهما طال الزمن، وطال حصارها ومحاولات القضاء عليها .

والآن، في العصر الحديث، ظهر ما سمي بالثورة السورية، والتي يسعى البعض إلى تصويرها على أنها ثورة كبرى تسعى لتغيير الأمور، لا في سوريا وحدها، بل في المنطقة كلها، باعتبارها ثورة ستنهي الوجود السوري الممانع لعملية السلام، بل المعارض، كما يعتقدون لوصول المنطقة برمتها إلى حالة من الاستقرار نتيجة الوصول إلى ذاك السلام. وبذا تستقر الأنظمة هنا وهناك لعشرات الأعوام القادمة، وتستقر معها أنظمة الخليج التي يخشى أن تعمل مفاهيم التطور الزمني الحتمي على تغيير معالمها، لتصل إلى مرحلة حكم الشعب، لا حكم العائلة .

لكن أحدا لا يدرك أنهم قد وضعوا تحت تصور خاطىء ، ومفهوم فيه مغالطة كبرى حول الهدف الحقيقي من هذه الحرب، التي صورت كذبا وبهتانا على أنها ثورة شعب. فهي بعيدة كل البعد عن ذلك، وهي تندرج على صفحات المفهوم الذي طرحه هنري كيسينجر، مخطط الإستراتيجيات الأميركي في الماضي، وهي الأفكار التي ما زال يعمل بها حتى اليوم .

ففي عام 1973 عندما وقعت حرب أكتوبر، وقررت منظمة الأوبيك فرض حظر على تصدير النفط لدول الغرب، وهو القرار الذي اعتمد بمباركة وتشجيع من الراحل العاهل السعودي العظيم الملك فيصل، والذي آمل أن يذكر ابنه الأمير سعود الفيصل رؤية والده العظيم التي حققت نقلة نوعية في السياسة النفطية والعربية. فهذا الحظر على النفط، قد أدى إلى ارتفاع سعره ارتفاعا باهظا تجاوز الخمسين دولارا للبرميل، بعد أن كان سعره في حدود 15 دولارا للبرميل الواحد. فالسعر الجديد قد تجاوز إذن ثلاثة أضعاف السعر القديم ، وهذا أدى إلى تجميع أموال طائلة إضافية في الخزائن العربية، وهي أموال فائضة عن الأموال المقررة في ميزانيات دول الغرب. وهذه أموال كان لا بد أن يستردها الغرب من الدول العربية النفطية . فكيف يستردها إذن ؟ هذا سؤال طرحه كيسنجر على نفسه وخرج بالإجابة التالية : لا بد أن نبيع مزيدا من السلاح للعرب كي نسترد بثمنها فائض تلك الأموال التي دفعناها ثمنا فائضا للنفط. ولكن كيف نقنع العرب بشراء مزيد من السلاح ؟ وفي رؤية كيسينجرية سريعة ،هلت عليه كإطلالة قمر العيد على منتظريه، رأى كيسنجر أن يشعل حروبا في المنطقة تضطر العرب لشراء مزيد من السلاح . وهللت الولايات المتحدة لهذه الفكرة العبقرية، وباشرت بتنفيذها فورا بمجرد أن لاحت لها الفرصة لذلك .

إذ جرى فجأة اغتيال معروف سعد، الزعيم الناصري الصيداوي، في صيدا. وتتابعت الأحداث. ففي 13 نيسان عام 1975 قام كمين كتائبي بقتل 9 مقاتلين فلسطينيين كانوا عائدين من احتفال شعبي في مخيمات صبرا وشاتيلا. واشتعلت حرب أهلية في لبنان بدأت على شكل حرب بين الكتائب والفلسطينيين، وتطورت تدريجيا لتنضم للكتائب تجمعات مارونية أخرى، في وقت انضمت فيه للفلسطينيين التجمعات الناصرية والسنية واليسارية بقيادة كمال جنبلاط. وجاء ذلك في وقت كانت فيه الولايات المتحدة قد بدأت ترعى مفاوضات كامب ديفيد بين المصريين والإسرائيليين. وهكذا أصابت الولايات المتحدة عصفورين بحجر واحد، احدهما مشاغلة الفلسطينيين عن وضع العراقيل في مواجهة مباحثات كامب ديفيد، وثانيهما استدراج المنطقة لحرب استنزاف تطول، وتستنزف من خلالها الفائض في قيمة أموال النفط التي دخلت الخزائن العربية، وذلك تنفيذا لاستراتيجية كيسينجر. وبالفعل استنزفت الكثير من تلك الأموال، إضافة إلى اهراق العديد من أرواح الشباب العرب في هذا الجانب وذاك. وانتهت حرب لبنان التي تأكد تدريجيا أنها حرب استنزاف لا حرب حسم ، في نهايات عام 1989، أي بعد أربعة عشر عاما ونيف من القتل والاقتتال واستنزاف الأرواح والسلاح .

ولكن مرحلة الهدوء لم تدم إلا شهورا قليلة . إذ كان لابد من إشعال حرب أخرى تمضي قدما في اقتضاء بيع السلاح واستنزاف أموال النفط. وهكذا ابتدع العقل الأميركي العبقري فكرة استدراج العراق إلى الكويت. فلعبت إبريل جلاسبي لعبتها ، بالإيحاء للرئيس المرحوم صدام حسين أن الولايات المتحدة غير معنية في الخلافات الحدودية بين العراق والكويت. وهكذا دخلت القوات العراقية إلى مدينة الكويت في 2 آب 1990 ، وربما لم يكن عندئذ في ذهن الرئيس العراقي الراحل سوى التفاوض للحصول على حدود أفضل مع الكويت. لكن أميركا تشبثت بالوضع الذي وصل إليه العراق، فلم تتح له الفرصة لتعديل موقفه ، أو للانسحاب السلمي من الكويت، رغم موافقته لأكثر من وسيط عربي ودولي على الانسحاب. فالعراق قد دخل في المصيدة، فهل من المعقول أن يتركوه يفلت منها ؟

وكيف يدعوه يفلت من شرك كهذا كان بوسعهم من خلاله استنزاف بلايين الدولارات كثمن للسلاح وللعمليات العسكرية ، إضافة إلى كونه يساعد على حماية إسرائيل عبر غزو العراق والتأكد من بقاء العراق بعيدا عن إنتاج القنبلة النووية. وكل هذا بذريعة تحرير الكويت التي كان يمكن تحريرها، كما يرجح، بالوسائل السلمية. ولكن من يريد الوسائل السلمية .

وفيما ادعي أنه عملية تحرير الكويت ، خسرت دولة الكويت أكثر من تسعين مليار دولار كانت مودعة في البنوك الأميركية واستنزفت كلها في عملية تحرير الكويت . ودفعت السعودية مليارات أخرى من الدولارات أنفقت على الجنود الأميركيين من مشاة ومارينز، حطوا رحالهم في قواعد عسكرية سعودية ، فكان من الطبيعي أن تنفق السعودية عليهم .

وعندما تم وقف إطلاق النار وصدر قرار مجلس الأمن رقم 687 بموجب الفصل السابع من الميثاق الدولي، فرض هذا القرار على العراق دفع مليارات الدولارات كتعويضات للكويت وتعويضات للقوات الأميركية بدل ما أنفقته في هذه الحرب من أجل تحرير الكويت التي افترض أن العراق مسئول عن تحمل تبعاتها وتعويضاتها .

وعندما اقتربت هذه المرحلة من التعويضات من الانتهاء ، اختلقت الولايات المتحدة سببا آخر لامتصاص أموال النفط . وتمثل ذلك بغزو العراق غزوا مباشرا في شهر آذار 2003 بمعاذير واهية منها اكتشافها أن العراق ما زال يعمل على امتلاك قدرات نووية، وهو ما ثبت فيما بعد عدم صحته، ولكن بعد أن تسبب الغزو الجديد ، بقتل عدد هائل من المدنيين لا يعرف أحد على وجه الدقة عددهم، فالأرقام تراوحت بين خمسين ألفا ومائة وخمسين ألفا في مجزرة بشرية لم يعرف مثيلا لها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية . ولكن شيئا آخر ترتب على هذا الغزو، وهو أن أميركا وضعت يدها بشكل مباشر على آبار النفط العراقية التي استنزفتها لعدة سنوات قبل الرحيل عن بغداد في نهايات عام 2009 بدايات عام 2010 عندما لم يبق جندي أميركي واحد في العراق .

ولكن الأمر لم ينته تماما مع الانسحاب من العراق ، لأن وسيلة أخرى خطط لها مسبقا وشرع في تنفيذها مع شهر آذار 2011 . وتمثل ذلك بتلك المعضلة التي نحن الآن
بصددها ،أي حرب الاستنزاف في سوريا. ويزعم البعض أنها كانت مجرد حراك شعبي سلمي . لكن شهود عيان من السوريين القاطنين في حمص ، أكدوا لي أن الأمر لم يكن سلميا منذ البداية. إذ كانوا يشاهدون بعض السوريين يتجمعون لغايات التظاهر ، ولكنهم ما كانوا يتحركون فورا ، بل ينتظرون وصول حافلة ينزل منها مسلحين ببنادق الكلاشنيكوف وغيرها من الأسلحة . وبعد نزول المسلحين من الحافلة ، تبدأ المظاهرة في المسير محاطة بأولئك المسلحين .

وهكذا يتضح تدريجيا ، أن كل شيء وقع في سوريا كان مخططا له ، سواء من حيث الشروع بما سمي بالثورة السورية السلمية التي أريد لها أن تكون ثورة كبرى تضاهي في آثارها الثورتين الفرنسية والبلشفية، فخطط لديمومتها طويلا، وها هي باقية حتى الآن رغم انقضاء ثلاثين شهرا على بدايتها. فهذه الديمومة الطويلة، إنما ترجح وجود مخطط مسبق، وإلا كيف ظهرت فجأة كل هذه الأسلحة بأيد كل أولئك المسلحين، طالما أن المشاركين كانوا مجرد متظاهرين سلميين . فهل وصلت إلى أيديهم بقدرة قادر، أم هبطت عليهم من السماء ، أم كانت نتيجة تخطيط مسبق أعد له طويلا، وطويلا جدا، ربما مع بداية انسحاب القوات الأميركية من العراق .

فإذا كان الأمر قد انتهى خلال أيام قليلة في تونس، في عام 2011 ، لدى ظهور ما سمي بالربيع العربي التونسي، ومثلها في مصر. ففي كلا الحالتين، لم يستغرق الأمر طويلا قبل أن يحسم الأمر برحيل زين الدين العابدين بن علي عن تونس، ورحيل محمد مرسي مبارك عن كرسي الرئاسة. إذن لماذا لم يحسم الأمر في سوريا أيضا مع أيامه الأولى، فيجبر الرئيس بشار الأسد على الرحيل بعد أيام قليلة، أسوة بما حدث مع بن علي وحسني مبارك .
فمن استطاع أن يزود سرا المقاتلين في سوريا بكل هذا السلاح ، كان بوسعه أن يخطط أيضا لإنهاء أمر الرئيس خلال أيام أو أسابيع . لكن لم يكن ذلك هو المطلوب . فإذا كان المطلوب في تونس وفي مصر هو تبديل النظام، فإن شيئا آخر كان قد رسم لسوريا، وهو حرب ممتدة في الزمن تستنزف سوريا والعرب في آن واحد. فإسقاط بشار الأسد ربما كان ممكنا لو أرادته الولايات المتحدة. لكنها لم ترده. وهي ما زالت لا تريده، إذ أنها عندما تخطط لقصف سوريا، فهي تخطط لعمل محدود، لا لعمل حاسم أسوة بما فعلوه في العراق في مواجهة صدام حسين، أو ما فعله الأطلسي بمباركة أميركية في ليبيا ضد معمر القذافي .

وهناك بعض المؤشرات الآن تفيد أن الكونجرس الأميركي يشترط للموافقة على الضربة العسكرية لسوريا، أن تكون ضربة قوية، لا مجرد ضربة محدودة . ولذا أفسحوا المجال لتلك الضربة ، أن تستغرق حتى ستين يوما قابلة للتمديد ثلاثين يوما أخرى. وكان ذلك هو مطلب السناتور جون ماكين الذي يبدو بأنه لا يكن الود للعرب. وهذا القرار المقترح من الكونجرس (فهو ما زال مجرد مشروع اقتراح أو قانون )، قد جاء رغم استفتاء أجري في الولايات المتحدة ، وأفاد أن 56 بالمائة لا يوافقون على الضربة العسكرية ، و 19 بالمائة فقط وافقوا عليها. أما ال 25 بالمائة المتبقية، ليس لديهم إلمام واضح بما يحدث.

ورغم وجود هذا المقترح أمام مجلس الكونجرس، قد لا يكون أوباما مضطرا للرضوخ له ،
فيتمسك بالتالي بما أعلنه عن ضربة عسكرية محدودة لتناسبها مع المخطط الأميركي الحقيقي بصدد سوريا. فليس المطلوب إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد. ولو أرادته الولايات المتحدة لنفذته منذ زمن طويل، رغم مخاوفها من الروس اللذين قد يمكن استرضاءهم بشكل أو بآخر، ورغم مخاوفها من حلول المتطرفين محل بشار في سدة الرئاسة ، الذين لم يبرز وجودهم بشكل واضح وقوي ومؤثر، إلا قبل عشرين شهرا أو أقل، مع وجود إمكانية لاحتوائهم بشكل أو بآخر لو صممت أميركا على ذلك .

لكنها لا تريد هذا الحل. فما تحتاجه أميركا هو الأسلوب الكسنجري في التطبيق ، أي أسلوب الاستنزاف للتعويض عن خسائر الغرب في شراء النفط بسعر مرتفع بلغ مؤخرا المائة دولار للبرميل وتجاوز المائة أحيانا . إضافة لوجود سبب آخر، وهو إبقاء سوريا منشغلة عن إسرائيل ، كخطوة نحو تحقيق الشرق الأوسط الجديد والذي يتطلب سوريا ضعيفة .، كي تستطيع إسرائيل أن توقع اتفاقيات سلام مع دول الخليج ومع دول المغرب العربي ، دون وجود قدرة سورية على الاعتراض. بطبيعة الحال سوف يتعذر في الوقت الحاضر، توقيع اتفاقيات كهذه مع سوريا والعراق وربما مع لبنان أيضا .

ولكن ذلك هو شق من شقين تقتضيهما الظروف لتحقيق الشرق الأوسط الجديد . ويبدو أن أحد الشقين قد فشل تماما في الوقت الحاضر ، ومن هنا باتت أميركا متمسكة ببراثنها في الشق السوري من المخطط، بإبقائه مشتعلا إلى ما شاء الله. ولتبقيه مشتعلا ، كان لا بد أن توجه لسوريا ضربة قاسية ، محدودة ولكن قاسية. والحاجة لهذه الضربة اقتضاها التقدم السوري على صعيد جبهات القتال. فطالما أننا بصدد حرب استنزاف ممتدة في الزمن لتكون قادرة على تحقيق أهدافها، بات من الضروري توجيه تلك الضربة العسكرية لاستعادة التوازن بين الطرفين. ولتبرير تلك الضربة العسكرية، كان لا بد من ابتكار قضية استخدام السلاح الكيماوي، بل وتوجيه اتهام استخدامها للسوريين، متناسين أن جماعة النصرة كانت متهمة باستخدام السلاح الكيماوي في خان العسل، وأن بعض أفراد النصرة قد ضبطوا في تركيا وهم يحاولون إدخال أربعين كيلوغراما من المواد الكيماوية إلى سوريا. وكما قال أحد المحللين السياسيين الأردنيين، وهو السيد حباشنه، الذي ظهر يوم الاثنين 2 – 9 على قناة جورسات الأردنية ، فإن السعودية هي التي زودت المعارضة السورية بمواد من السلاح الكيماوي على حد قوله. وذكر اسم شخصية سعودية هامة بكونها قد أشرفت على عملية تسليم تلك الكمية من السلاح الكيماوي، وأنا أفضل عدم ذكر أسماء معينة لعدم تأكدي من صحة المعلومات . والاهم من ذلك كله، أن منظمة أطباء بلا حدود، وهي منظمة إنسانية غير ربحية، قد أبلغت قناة "بي بي سي" أن بريطانيا وأميركا قد أساءتا استخدام تقريرها الخاص باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وقد يكون تقرير أطباء بلا حدود، هو أحد الأدلة التي تستند إليها أميركا بثقة تامة كدليل على استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيماوي .

أما الشق الذي فشل، فهو الشق المتعلق بمصر. ذلك أن الولايات المتحدة، بالمشاركة مع الدكتور محمد مرسي ، وبمباركة إسرائيلية بطبيعة الحال، كانت تعد خطة مذهلة كشف عنها في الأسبوع الماضي الإعلامي المعروف عماد الدين أديب، استنادا، كما يبدو، لمعلومات استخبارية موثقة. إذ كشف عماد الدين أديب في برنامجه المذاع على قناة "سي بي سي " أن الدكتور محمد مرسي قد منح الجنسية المصرية بشكل استثنائي، لخمسين ألفا من سكان قطاع غزة. وتم ذلك بصفة استثنائية، لأن القوانين في مصر وسوريا ولبنان، تمنع تملك الفلسطينيين في تلك البلاد، لكون الفلسطينيين لاجئين ولا يجوز تشجيعهم على التملك ، كي تظل لديهم الرغبة بالعودة إلى بلادهم قائمة. ومن هنا جاءت الحاجة لمنح الجنسية المصرية لأولئك الغزاويين، كي يستطيعوا التملك كمصريين. وسارع أولئك المصريون بالتجنس، إلى شراء الأراضي في سيناء. واشتروا مساحات كبيرة منها، وسجلوا في بريطانيا، شركة مقاولات وبناء. ووضعت هذه الشركة مخططا لبناء مليون وحدة سكنية على تلك الأراضي في سيناء .

وليس هناك معلومات مؤكدة حول الدوافع لبناء هذه الوحدات السكنية ، وهو المشروع الذي أجهض الآن. ولكنها بكل تأكيد لم تكن لإسكان أهالي غزة فيها، وهم اللذين لا يزيد عددهم على مليون ونصف مليون نسمة. إذن إلى أين كانت تتجه النوايا وراء بناء مليون وحدة سكنية تتسع إلى خمسة أو ستة ملايين إنسان، باعتبار أن العائلة العادية تتكون من أربعة إلى ستة أفراد .

فهل كان المفروض أن يكون هذا المشروع في سيناء ، التي افترض المخطط ضمها إلى غزة لتصبح غزة الكبرى، يهدف إلى حل قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين. فإذا كنتم أيها الفلسطينيون اللاجئون تريدون العودة إلى فلسطين، تفضلوا وعودوا إلى سيناء التي باتت الآن جزءا من فلسطين .

لكن المعلوم تماما ، أن الجزء الأكبر من الفلسطينيين اللذين لجأوا إلى الخارج إثر حرب عام 1948 ، قد فارقوا الحياة ولم يبق منهم إلا عددا قليلا يسهل حصرهم . بطبيعة الحال هناك نسلهم من ذكور وإناث، وهم كثر. لكن الكثيرين منهم قد أسس أعمالا في البلاد التي يقيمون فيها، وبعضهم تملك فيها وخصوصا في الأردن التي سمحت لهم بالحصول على الجنسية الأردنية وعلى تملك الأراضي والشقق السكنية بل والبنايات الكاملة أيضا. فهؤلاء قد يترددون قبيل الموافقة على العودة إلى فلسطين، فكم بالحري العودة إلى سيناء التي هي حتى الآن مجرد صحراء. وبالتالي قد يعود بعضهم، كل ما في الأمر لن يكون مجموع العائدين أكثر من مليون، أو في أفضل الأحوال مليونا عائد.

إذن من غيرهم يمكنه الرحيل إلى سيناء. قد ينتقل بعض سكان غزة المكتظة بالسكان ،
ولكن هؤلاء من المرجح ألا يزيد عددهم عن بضعة مئات من الآلاف، ليس أكثر. إذن لمن كانت ستبنى كل هذه الوحدات السكنية ؟ هل أخذت بعين الاعتبار انتقال سكان من الضفة الغربية إلى سيناء ؟ أو سكان عرب فلسطين المحتلة اللذين يتمتعون بالجنسية الإسرائيلية . قد يكون المرجح تشجيع انتقال أعداد كبيرة من سكان الضفة الغربية إلى غزة ، مع تشجيعهم على ذلك بدفع نسبة تعويضات عالية مقابل الانتقال. وبذا تتوحد الأراضي الفلسطينية، إذ يتجمع معظم الفلسطينيين في منطقة قطاع غزة وبامتدادها على أراضي سيناء، ويصبح عندئذ ممكنا حلم إسرائيل بضم الضفة الغربية الذي فكر فيه أكثر من رئيس وزراء إسرائيلي ثم عدل عنه، كي لا يزداد عدد الفلسطينيين الحائزين على الجنسية الإسرائيلية. فبهذه الوسيلة يصبح عدد الفلسطينيين المتمسكين بالبقاء بالضفة الغربية قليلا، أو على الأقل، أقل كثيرا من ضم الضفة بكامل سكانها، علما أن اقتراح الضم بدون منح الجنسية الإسرائيلية لهم ، أي إبقائهم "بدون" جنسية، قد لا يبدو مقبولا من المجتمع الدولي .

ولكن إذا كان هذا الشق من المخطط قد فشل ، شكرا للثورة المصرية ، فإن الشق الآخر ما زال قائما . وهذا الشق يتعلق بسوريا .

وأكثر الأمور إيلاما، هو الاعتقاد الذي يبدو راسخا لدى عدة دول عربية وأبرزها دول
الخليج، بأن ما يحدث في سوريا هو عملية تحرير شعب من حكم طاغية . وقد يكون هناك بعض الصحة في وجوب إجراء تعديلات ديمقراطية كبرى على نظام الحكم في سوريا . وهذا أمر يتفق عليه الكثيرون. ولكن مع استمرار عملية الاقتتال، كيف يمكن إجراء التغيير المطلوب. فهذا الاقتتال، إنما يوفر للنظام القائم الأسباب الموجبة لتجديد الرئاسة لبشار الأسد نظرا لتعذر إجراء انتخابات في ظروف الاضطراب والاقتتال وعدم الاستقرار. ولعل هذا ما تسعى إليه الحكومة الأميركية من وراء توجيه ضربة عسكرية لسوريا بذريعة استخدام الكيماوي، في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات الرئاسية في بدايات عام 2014 . إذ أن ظروف الاضطراب ستجعل من غير الممكن إجراء انتخابات رئاسية جديدة تحت إشراف دولي، يشارك فيها بشار الأسد، ولكن يشارك في مواجهته مرشح آخر معتدل وتسميه المعارضة .

فاستمرار الاضطراب الذي تغذيه دول الخليج، لا يخدم الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه ، وهو لا يؤخر فحسب تحقيق هذا الهدف ، بل يؤدي إلى استنزاف مزيد من مليارات الدولارات من عائدات النفط ، وهذا ما ترغب فيه الولايات المتحدة . فتلك المليارات الإضافية التي جاءت
لخزينة دول الخليج ، ثمرة لعمل عبقري نفذه العاهل السعودي الراحل الملك فيصل، ودفع حياته ثمنا له كما يرجح البعض، إنما تستنزف ذاك الفائض من مليارات الدولارات، فكأن الملك الراحل قد دفع حياته بدون طائل أو جدوى. وكان يجدر بولده الدبلوماسي المخضرم الأمير سعود الفيصل، الذي نحترمه ونجله، أن يكون المدافع عن سياسة والده الراحل ، وألا يشجع سياسة الاستنزاف الجارية حاليا على قدم وساق، علما بأنها لن تحقق الكثير من الأهداف الساعين إلى تحقيقها، بل ستؤخر تحقيقها وتعيقه .

وسيزداد الأمر سوءا إذا شجعت دول الخليج ضربة عسكرية لسوريا . لأن مزيدا من الضحايا الأبرياء ، سيقعون فريسة لصواريخ التوماهوك. فهم في محاولتهم اقتناص بشار، مرشحون لأن يقصفوا ملجأ يتهيأ لهم أن بشار قد لجأ إليه، وعندئذ سيقتلون مئات الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ، كأولئك اللذين سقطوا في بغداد في منتصف شهر شباط 1901 عندما قصف ملجأ العامرية خطأ لاعتقاد الأميركيين أن صدام متواجد فيه .

وكذلك الأمر إذا لجأ بشار للاختفاء في موقع خارج دمشق. إذ سيعتقد الأميركيون عندئذ أنه موقع القرداحة، مسقط رأس والده الراحل حافظ الأسد، ومركز تلك المحافظة. فيقومون عندئذ بدك القرداحة بالصواريخ وربما بالقنابل التي تطلقها طائرات ب 52 ، أسوة بما حدث في المدينة الصغيرة " الدور " التي دمرت عن بكرة أبيها تقريبا، في 23 كانون ثاني 1991، فلم يسلم من منازلها إلا عددا قليلا يعد على أصابع اليد، فبدت المدينة الصغيرة المدمرة وكأنها هيروشيما أخرى لكثرة القنابل الثقيلة التي ألقتها عليها موجات من طائرات البي 52 سعيا لتدمير كامل المدينة ، لاعتقاد الأميركيين، كما يبدو، أن عزت إبراهيم الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي، لكونه من " الدور "، قد لجأ إليها . ولذا سعت لتدمير معظم منازلها على أمل أن يكون عزت إبراهيم مختبئا في أحدها. ولكنها قتلت العشرات من العراقيين المدنيين ، ولم تقتل عزت براهيم الدوري . وقدمت الولايات المتحدة أعذارا واهية عندئذ، مدعية مرة أنها قصفت المدينة لتواجد المعمل الفني فيها، وهو معمل ينتج أدوات اليكترونية، ومرة بأنهم قصدوا قصف سامراء القريبة من الدور لوجود معمل فيها ينتج مواد كيماوية، تبين أنها علاجات طبية لاستخدام العراقيين، ولا تنتج شيئا آخر. فهل تقدم أميركا الآن على قصف القرداحة، وتحولها إلى ناجازاكي أخرى ، كما حولت الدور في السابق إلى هيروشيما أخرى، فتقتل المدنيين في عملية بحثها عن بشار الأسد ؟

آمل أن يدرك الأخوة العرب، أن ما يجري في سوريا لن يتحول إلى ثورة كبرىكما يأملون، لأنه في حقيقة الأمر مذبحة كبرى يقتل فيها العشرات يوميا. صحيح أن الرئيس بشار قد يكون مسئولا عن بعض أرواح من هؤلاء الضحايا، ولكنه ليس دون كيشوت يطوح بسيفه في وجه طواحين الهواء، بل هو يلوح به في وجه مقاتلين مسلحين . ولو توقف بعض العرب عن تزويد أولئك بالمال والسلاح ، لتوقف القتل أو خفتت حدته، فأولئك يشاركون بشار في المسؤولية عن عملية القتل الجارية على قدم وساق منذ ثلاثين شهرا.

Michel Haj



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟
- متى يتعلم الأميركيون من أخطائهم ؟ متى ؟
- هل أطل علينا أخيرا ربيع عربي حقيقي، أم علينا أن ننتظر؟
- لماذا تقصف طائرات -درونز- الأميركية مواقع -القاعدة- في اليمن ...
- من ينقذ الأردن من بركان ربيعي مدمر ؟
- متى يزهر الربيع العربي في السودان، أم أنه قد تحقق قبل كل فصو ...
- متى يدرك القادة العرب أن -المغول- قادمون؟
- ألا يدرك الإخوان المسلمون في مصر، أن محاولتهم لاستدراج الحكو ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي – ال ...
- Arab Spring Question 25 أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع ال ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي - ال ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي - ال ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حل الواقع العربي والربيع العربي – الس ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي - ال ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابةحول الواقع العربي والربيع العربي- السؤا ...


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثورة الكبرى في العالم بعد الثورة الفرنسية والثورة البلشفية ؟ أم هي المؤامرة الكبرى على سوريا وعلى العرب أجمعين ؟