أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آکو کرکوکي - إنتخابات كوردستان ، قِراءة في العوامل والإحتمالات















المزيد.....

إنتخابات كوردستان ، قِراءة في العوامل والإحتمالات


آکو کرکوکي

الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 14:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تدل المؤشرات على إن إنتخابات كوردستان القادمة ، ستجلب تغييراً يطال المُعادلات السياسية ، سواء بالنسبة للأحزاب المعارضة أو التي هي في السلطة . بل إن هناك توجسٌ بيّن يخيم على كل الأحزاب من هبوط شعبيتهم ، ولربما حتى فِقدانهم للسلطة أو لجزءٍ منها .

ويمكن مُلامسة هذا التوجسْ عن طريق عدة أمثلة . فقرار تمديد ولاية البرزاني في 30/06 ، كان الدليل الدامغ على خِشية البارتي مِن فَقْد المنصب لِصالح خصومهم فيما لو أُجريت إنتخابات نزيهة . أما إشتراك الإتحاد في المؤامرة ، ومطالبتهم بتنظيف سِجلات الناخبين بعد سكوتهم عليها لعقودٍ مضت ما كانت إلا محاولة يائسة لِتأجيل إنتخابات مجالس المحافظات . وذلك لِتخوفهم من فقد السُلطة على مُحافظة السُليمانية . ويُفسر البعض ، تقاعُس حركة التغيير في الدعوة الى تظاهرات شعبية ضد ماحصل في البرلمان ، على إنهُ المُؤشر على خوفهم من عدم إستجابة الناس لطلبهم !

تخوفٌ آخر بنفس المستوى يطغى على أذهان وتفكير المُراقبين . مِن إنَّ الإنتخابات المُقبلة ستكون مُثيرة للجدل ، وحافِلة بالطعنْ بالنتائج بسبب التزوير . ولربما ستكون فتيلاً لإشعال فِتنة في مجتمعٍ لمْ يعشْ لحِد الآن ، أحرج مرحلة في الديمقراطية والتي هي "التداول السلمي للسلطة" . فلربما لايمكن لهذه الأطراف أن تستوعب ببساطة أيُّ إنتكاسةٍ في الإنتخابات ، فتلجئ الى التزوير أو التحجج بالتزوير .

في هذا المقال ، سنتعرف على المؤشرات التي تدل على هذا التغيير المتوقع . فنعرج على سلوك الناخب ، وهو مركز العملية الإنتخابية ، ونستعرض العوامل التي يُمكنها أن تؤثر على قرارهِ ليَجعَل مِنهُ الصانعْ ، لهذا التغيير المُرتقبْ.

جاءت إنتخابات 25/07/2009 النيابية ، بتحولٍ نوعي ، حيثُ شِهدتْ ولادة قِوى جديدة ، لَعِبَتْ فيما بعد ، ولأول مرّة دَور المُعارضّة السياسية . هذهِ النتائج كانت المُؤشر على تطورٍ مُهم ، وجذري ، يطالُ تفكير الناخِبْ . فلقد أنجَبَّ المُجتمع المدني الكوردستاني شريحةٌ مُهِمة مِنْ "الناخبين العقلانيين" . أيّ تِلك النوعية مِنْ الناخبين المُترددين ، اللذين يكونون واعين لمِصالحهِم . وهم شريحة جد مُهمة للعملية الديُمقراطية . فهذا النوع مِن الناخبين يُغيرون مِن ولاءاتهِم بسرعة ، على ضوء المُستجدات ، وبالتالي يكون تصويتهم هو العامل المُقرر ، والمُؤثر على النتائج.

فصاروا ينافسون "الناخبين التقليدين أو الأسرى" ، اللذين لايغيرون مِن ولاءاتهم ، ويصّوتون في كُلِ مرةٍ لِجهةٍ مُعينةٍ بذاتها . وهؤلاء الأسرى غير معنيين بإحداث تغيرات ، ولايمكن للعملية الديُمقراطية مِن أنْ تتطور ، وتشهد تداولاً للسُطة بسببهم . ويمكن أنْ يكون لِهذا الولاء الأعمى ، والسلوك الإنتخابي السلبي ، أسبابٌ عدة . منها الإنتماء العقائدي ، والأيدولوجي ، أو كما هو في أغلب الأحوال في كوردستان ، نتيجةً لِسلبيات تأثير "الإقتصاد الريعي" أو نتيجةً للإنتماء المناطقي والعشائري .

يُمكننا الإستدلالْ مِن هذا بإن التركيز على العوامل المُؤثرة على الناخب بصورة عامة ، وعلى الناخبْ العقلاني بصورة خاصة ، هو المُفتاح ، لِفهم الكثير عن السلوك الإنتخابي . وهكذا سيكون السطور القادمة معنية ومهتمة بما سيفعله الناخب العقلاني لا الأسير.

كانَ للتأريخ النضالي ، دورٌ كبير في كَسب الناخبين في أول إنتخابات نيابية تشهدها كوردستان في 1991 . ولكن وبعد فترة الحربْ الأهلية ، وعودة الإنتخابات في 2005 ، وبعد تلقي الأحزاب لِرّيوع الموارد النفطية من بغداد . بَرَزَ عاملٌ آخر كانَ لهُ تأثيرٌ موازي على الناخبين ، وهو "مفعول الرّيعية" . والمقصود بتأثير الرّيعية هو : إستخدام الحكومة للمال المُستحصل من رّيوع النفط ، لإخماد النشاط السياسي للناس ، وخلق شبكات المحسوبية سواء على الأساس العشائري أو المناطقي أو غيرها . أيّ بِلُغةٍ أوضح "شِراء الذمم" . وكذلك الضغط بإتجاه لجوءْ المتُعلمين الى التوظيف الحكومي ، ليخلق بالتالي تبعية للدولة التي يستحوذ على مفاصلها الأحزاب.

فبتأثير مفعولْ الرّيعية ، والمحسوبية ، والشعارات الثورية أستَحْصَلَ الحِزبان الرئيسان في إنتخابات 2005 على أكثر من 88% مِن الأصوات . لكنهما تفاجئا بهبوط شعبيتهما الى 57.47 % فقط في سنة 2009 . فكان هذا إعلاناً بِولادة الناخبين العقلانين المُترددين . وهذهِ الشّريحة إنْ لَمْ تكُنْ قد إزدادت ، وتضّاعفتْ خِلال الأربع سنين الماضية ، فهي لَمْ تَنقُصْ أبداً . والسؤالُ الذي يشغلُ الأذهان الآن هو : لمِن سيصوت هؤلاء الناخبين العقلانين هذه المرّة ؟

فَهُم شريحة غير مضمونة الولاءْ كما قُلنا ، ومواقفهم يُحددها أداء الأحزاب خِلال الدورة الإنتخابية الماضية . وأداءْ هذه الأحزاب بدورها قد تأثرَ بِعدّة عوامل وأحداث مُهمة ، حَصَلت خِلال هذهِ الفترة .

فيما يلي سنحاول أنْ نلُم بجانب مِن هذهِ الأحداث ، والعواملْ.

العامل الأول هو (( النشّاط المُعارض )) : شَهِدت الفترة المُمتددة من 2009 الى 2013 ، نشاطٌ سياسيٌ غير مَسبوق بالنسبة للأحزاب ، والناخبين . فلقد برزت جهةٌ أو عدة جهات مُعارِضة، رسمية ، ونشّطة ، تتحدثْ ، وتَنْتَقد بشكلٍ مُنظم ، ومبرمج . فكسِرّتْ حاجز الخوفْ ، وساهمتْ بتوعيّة الناخبين ، وإماطّة الِلثام عنْ الكثير من ملفات الفسادْ المُهمة ، والحساسة ، مثل ملف النفط ، وتمويل الأحزاب ، والميزانية ... وألخ . وهذا مِن شأنهِ أن يُغيّر من أعداد الناخبين العقلانيين.

العامل الثاني هو ((غياب مام جلال)) : فقبل حوالي تسعة أشهر ، أختفى السيد جلال الطالباني - بسبب المرض- من المشهد السياسي كُلياً . فأدى غيابهُ الى إختلال الموازيين كوردستانياً ، وحزبياً . وفاقم مِن التشّرذم الذي يُعاني مِنهُ الإتحاد أصلاً . حيثُ كان المسؤولْ عن إيجاد التوازن بين الأجنحة ، والتكتلات ، ومراكز النفوذ في داخل الحزب . أما كوردستانياً فكان لغيابهِ التأثير المباشر على الإتفاقية الإستراتيجية ، المُوّقعة مع البارتي . فهو الشخص الوحيد ، الذي جعل قواعد الإتحاد ، يصبرون على هذه الإتفاقية المُجحفة ، بحقهم ، وبحجمهم ، ودورهم "كما يقولون" . وبالتأكيد فإنّ هذا التشرذم ، سيُفرخ أعداداً أُخرى من الناخبين العقلانين ، اللذين سيفكرون كثيراً قبل أن يدلوا بأصواتهم هذه المرّة.

العامل الثالث هو ((الإستقطابات الأقليمية والعواصف التي تضرب الشرق الأوسط ) : حَتَّمَتْ المصالح الحزبية ، والجغرافية السياسية ، وغياب المشّروع الوطني ، والقومي ، إصطفافاً ، وتوزيعاً فاضحاً للأحزاب في كوردستان على القوى الأقليمية . فغدت تبعية قراراتهم ، وتغليبهم للأجندات الأقليمية على المصالح الوطنية ، أمراً مكشوفاً . فسياسات البارتي مثلاً والمتطابقة مع توجهات تركيا في مُعاداة تجربة غرب كوردستان (كوردستان سوريا) ، وتعاونهُ مع العرب السُّنة ، وإفتعالهِ للأزمة مع المالكي يمكن أنْ يكون مِثالاً صارخاً لهذهِ النوع من التبعية . كذلك فإن قيام الأحزاب الأسلامية ، بالتظاهر في أربيل ، تأييداً للرئيس المصري المخلوع محمد المُرسي ، يدخل ضمن نفس السياق . كما إنَّ إمتناع مام جلال عن التوقيع على مُذكرة سحب الثقة من المالكي ، وحضور قاسم السُليماني إتفاقهم الأخير مع حركة التغيير ، وموقف الحزبين من الأحداث في سوريا ، يُمكن أن يكون مِثالاً على التأثير الإيراني على سياستهما . إن هذا العامل كفيلٌ بإسقاط ورقة التوت عن الكثير من الشعارات القومية ، والوطنية الفارغة التي لطالما خدعوا بها الناخبين . وفرصة لهؤلاء الناخبين من أنْ يعيدوا النظر بهذه الأحزاب .

العامل الرابع هو ((التكتُلات والمشاكل الداخلية الحزبية ): كما أشرنا سابقاً فيمكن إعتبار الإتحاد أكثر الأحزابِ المُتضَّررِة مِنْ هذه المُشكلة وخاصّةً بعد غياب الطّالباني . لكن الأحزاب الأُخرى ليست بِمناءى عن هذه المُشكلة أيضاً . فَحَركة التغيير أيضاً عانت مِن صراعٍ بين الحرس القديم (القيادات المُنشقة عن الإتحاد) ، والجيل الشّاب . فأستقال بعض الشباب ومِن ثُّمَ أستقالَ بعض القّادة المُخّضرمين وتململ آخرين . وتوالت الإنتقادات للحركة نتيجة إنشاءها ماسُمَّي بـِ"التَّجمُع الوطني –جِفات-"، كقيادة مركزية ، عن طريق التعيين لا الإنتخابات . فيما كان هُناك حديثٌ ساخن ، ومؤشراتٌ قوية ، لصراعٍ مَخفي على السلطة ، في داخل البارتي ، بين كلٌ مِنْ جناح مسرور البرزاني ، وجناح نيجرفان البرزاني . هذهِ التكلات تنهشُ مِنْ الداخل تلك الأحزاب ، وكانت السبب في نفور الكثير مِنْ الكوادر منها . والتأثير شمل حتى المُرشحين للأنتخابات . بحيث إن التكتل الحِزبي أفرَزَ في النهاية شخصياتٌ من الدرجة الثانية ، والثالثة ، لِقيادة الحّملة الإنتخابية لهذهِ الأحزاب . ونقطة الضُعف تلك سوف لَنْ تمر على الناخبين العقلانين مرور الكرام.

العوامل هذه تؤشر الى : [ إن غالبية الناخبين والمقررين في الإنتخابات المُقبلة سيكونون مِنْ النوع العّقلاني والمُترددْ].

قطعاً لايُمكن إعتبار العوامل الواردة أعلاه هي الوحيدة المؤثرة على الناخبين . لكنها بالتأكيد ستكون أبرزها. وتم إختصارها لضيق المساحة فقط . فإضافة لهذه العوامل ، شهدت كوردستان أحداثٌ سياسية مُهمة. تركت أثراً لايُمحى على شعبية الأحزاب هذهِ ، ولربما كاَنَ أهمها:

الحدث الأول هو ((تظاهرات 17/شباط/2011 ، وإستخدام العنف)): خِلال هذه الفترة دخل الحِزبان الرئيسان مرحلة جديدة مِنْ التعامل مع المُجتمع الكوردستاني . فأستخدمت العُنف وقَتَلَتْ المُتظاهرين ، وفي سابقةٍ خَطيرة آوت القَتَلة اللذين تَلطَخت أيادهم بدماء الأبرياء . والعنف هذا لَمْ يقتصر على المُتظاهرين بل تم إحراق المقرات الحزبية للمُعارضة ، وإختطاف والإعتداء وقَتل العديد مِنْ الصحفيين قبل وبعد هذا التأريخ . ومن الأحداثِ ماكان لهُ صدىً واسع ، كقضية سردشت عُثمان مَثلاً.

الحدث الثاني هو ((مسرحية عمليات دجلة ، والمواجهة مع بغداد)): كما نوّهنا سابقاً فإنَ البارتي ومِنذُ مارس 2012 وبتأثيرٍ مُباِشر مِنْ تُركيا والسعودية قد أقحَّمَ نَفسهُ بِمواجهةٍ مَعْ بغداد ، بدأها بالهجوم على أداء المالكي ، وأيواء الهاشمي ، ومحاولة سَحبْ الثقة الفاشلة ، وأنهاها مع حليفهِ الإتحاد برفض عمليات دجلة وتحشيد القوات ضدها . لكنهم وبين ليلةٍ وضُحاها قبلوا بتلك القوات ودَفنوا بالتالي المادة 140 ، ومُشكلة المناطق المستقطعة الى الأبد . وعادوا ليرموا بإنفسهم في أحضان بغداد مرّةُ أُخرى.

الحدث الثالث كان ((تمديد الولاية لمِسعود البرزاني)): هذا التجاوز الصّارخ على القانون والشرعية ، أبطَّلَ دعاوى الإتحاد بإستقلالية قرارتهِ عن البارتي . وأعاد حقيقة معروفة مَرةٌ أخرى الى الأذهان . حقيقة إن هذان الحزبان لايُقيمان للقانونِ والبرلمانِ ولِأرادة الناسِ أيُّ إعتبار . في المقابل أظهَرَ مدى ضُعف وقلة حيلة أحزاب المعارضة تِجاه هكذا تجاوزات أيضاً!

والأحداث هذهِ مع غيرها طبعاً ، قد أرسل رِسالةٌ واضحة للناخب ، عن النَهج والسياسية والإرادة الحقيقة لهذه الأحزاب ، مِن دكتاتورية ، وسلطوية ، وفساد ، وديماغوجية في الخطاب والأفعال . وبالتالي هناك مايكفي ويزيد مِن الأسبابِ والعواملِ لكي يبني عليها الناخبُ العقلاني رئيه ، ويحكم بها على كل تلك الأطراف . وبالمقابل هناك أيضاً من الأسبابِ مايكفي فِئةٌ أُخرى مِن الناخبين لكي يشعروا باليأس مِن حصول أي تغييرٍ سلمي وديمُقراطي ، ويتملكها هاجس تحول الصراع مع هذه الأحزاب الحاكمة الى مايشبه الفوضى السائدة في دول "الخريف العربي" . ويبدو إنَّ غرز هذا اليأس في نفوس الناس هو في الأساس هدف ، ومغزى الحزبان أصلاً.

على ضوء ماسبق يمكننا الآن حصرُ الإحتمالات لِنتائج الإنتخابات القادمة ، وتداعياتها في ثلاث فقط ، وكما يلي :

الأحتمال الأول (( سيادة السلبية)) : أنْ تتخذ الغالبية وهم (الناخبين العقلانين) ، ومن باب اليأس من هذهِ الأحزاب ، موقفاً سلبياً ، ولايشاركوا بالإنتخابات . فتكون نسبة المُشاركة ضعيفة (أقل من 40%) ، وهذا سيعني إنَّ الناخبين التقليدين للحزبين فقط سيشاركون بالإنتخابات . فتحصل كُل الأحزابِ على أصواتٍ قليلة ، وخاصة الأحزاب المُعارضة ، المُعتمدة كثيراً على تصويت الناخبين العقلانين ، ويتفوق الحزبان الرئيسان بسبب الناخبين الأسرى ، والعشر مقاعد المزورة "لأصوات الموتى" الغير المحذوفين مِنْ السجلات خلال كل هذهِ السنين . ولو نظرنا الى إنتخابات مجالس المحافظات في ديالى وصلاح الدين في 2013 كمقياس ، سنرى كيف إنّ هذا ماحصل بالضبط . فكانت نسبة مُشاركة الكورد هناك شحيحة . وعند حصول هذا الأمر سيلجأ الجميع ، وبعد نقاشاتٍ ، وإتهاماتٍ بالتزوير الى تشكيل حكومة إئتلافية تشمل كل الأطراف ، ويرأسها الحزبان . وهذا أسوء مايمكن أنْ يحدث للعملية الديمقراطية ولمصلحة المواطن حيث سيموت الدور المُعارض.

الأحتمال الثاني ((سيادة الإيجابية)) : أن يلعبْ الناخبين العقلانين دورهم الإيجابي ويشاركوا بقوة . وهنا سيكون حظوظ الحزبين التقليدين ضئيلة جداً في الفوز بالأغلبية . وفي هذا الحال تمتلك أحزاب المُعارضة وخاصة حركة التغيير حظوظاً أوفر نسبياً من الحزبين التقليدين ، للفوز بغالبية هذهِ الأصوات للناخبين العقلانين . غير إنَّ المُعارضة الحالية أيضاً قد تعرضت للنقد . فلا أحدْ يضمن ولاء الناخبين لهم . بل يمكن لهؤلاء الناخبين أن يمنحوا أصواتهم الى طرفٍ آخر جديد ، ولربما مَنسي ، ومحايد أو مستقلْ ، وغير معروف . فقط كي يعاقبوا الأحزاب الحالية مِنْ التي هي في السلطة وحتى التي هي في المُعارضة . والأحتمال الثاني بمجمل تفرعاتهِ هو أفضل مايُمكن أنْ يحدث للعملية الديمقراطية ، ولمِصلحة المواطن أيضاً. حيث سيجلب التغيير المطلوب ، ويبقي على المُعارضة السياسية.

الأحتمال الثالث ((سيادة السُلطوية ، والتزوير)): الروح السُّلطوية لدى الحزبين ، وإرتباطاتِهما بالقوى ، والمصالح الإقليمية ، وسياستِهما السابقة ، تظهر بجلاء حقيقة تكاد تقول : إنهُ مِنْ المستحيلِ قبولهم بتدوال السلطة بشكلٍ سلمي ، وبالتالي لن يسمحوا بسيناريو كالذي ورد في الأحتمال الثاني مِن أنْ يرى النور . لذا فهم بالتأكيد قد تحضّروا لهذه الموقف مُسبقاً . فلو شعروا بإن نسبة المُشاركة عاليّة ، سيلجؤن الى عمليات تزوير واسعة النطاق . كما حصّل في الساعة الأخيرة لإنتخابات 2009 ، وكما حصّل في إنتخابات مجلس مُحافظة نينوى في 2013 ، حيث مَارسَ البارتي تزويراً ضخماً . وسيكون هذا أسوء مايمكن أنْ يحصل ليس للعملية الديمقراطية فقط ، بل لِمُجمل التجربة الكوردستانية . وستكون الخميرة لِإحتقانٍ مُؤجل سينفجر عاجلاً أم آجلاً ، على شكل تظاهرات وإضطرابات وحتى فوضى مدمرة كبلدان "الخريف العربي"!

خلاصة القول ، فإن الوصول الى حالة مِنْ النُضج السياسي ومنذ 2009 ، قد أسهَمَ في ولادة طبقة جديدة من الناخبين العقلانيين مِنْ ظهر المجتمع المدني الكوردستاني . ومنذُ ذلك الحين الى هذا اليوم فلقد تظافرت عدة عوامل ، وأحداث سياسية حاسمة ، ومهمة ، في زيادة أعداد هؤلاء الناخبين العقلانين . يصعب التكهن عادةً بالسلوك الإنتخابي ، لِأعتمادهِ على العامل الإنساني (سلوك الناخبين المترددين) ، غير إنَّ رَّدة فِعل المتوقعة ، للناخبين العقلانين على الأحداث التي شهدتها كوردستان ، خلال الأربع سنين الماضية ، ستكون محصّورة ، يا أما بين السلبية والإستسلام لليأس ، واللامبالاة : أي بِمُعاقبة العملية الديمقراطية برمتها وعدم المشاركة في الإنتخابات ، والذي سيؤدي الى الإضرار بمصلحة المواطن ، وإنشاء حكومة إئتلافية برئاسة الحزبين ، وبمشاركة كل الأطراف . أو تكون رَّدةُ فِعلهم إيجابية فتؤدي لِخسارة مُحّققة للحزبين الرئيسين ، وحظوظ أفضل لِحركة التغيير ، والأحزاب الإسلامية أو لطرفٍ آخر مَنسي. ومن المحتمل جداً أن يحفز السيناريو الأخير ، الحزبين الرئيسين الى إقتراف عمليات تزوير واسعة ، والتي ستكون لها تداعيات مستقبلية خطيرة .



#آکو_کرکوکي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أ يُعقل هذا؟
- يرى القشة في عين أخيه، ولا يرى الخشبة في عينيهِ!
- خاطرة... عن الذاكرة الطائرة
- المالكي... طريقٌ أقصر.... ترجمة لمقالة الأستاذ كمال رؤوف.
- التقسيم والأقاليم وأشياء أخرى
- السياسة ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية
- حتى المستقبل... كان أجمل في الماضي!
- كوردستان تتقمص جسد أوجلان
- الإنقلاب العسكري
- كوردستان، مِنْ منظورٍ بعثي
- كاتالونيا، وكلاسيكو يحبس الأنفاس!
- الربيع المنَسي
- العودة الى نُقطة الصِفر!
- حول المنهج العلمي، ملاحظتان الي العجمي
- يوست هلترمان، مِنْ مُدير... الى مُثير الأزمات
- كركوك عبق التأريخ، ولذة الذكريات
- دروس من طائر النعام
- تأسيس الدولة، واللعب في الوقت الضائع
- ذاكرة سمكة
- ملحق : لمقالة القومية العراقية والكتابة بالحبر السري ( 2 من2 ...


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آکو کرکوکي - إنتخابات كوردستان ، قِراءة في العوامل والإحتمالات