القوى الواقفة وراء ظاهرة الدعارة والاغتصاب

كوسلا ابشن

الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 22:20
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    

الدعارة بالمعنى الدقيق عملية تجارية الجسد , بيع المتعة الجنسية , وهي ليست نتيجة لظروف اجتماعية معينة فحسب بل في الوقت ذاته تعبيرعن هيمنة علاقات محددة تتجلى في التنظيم الاجتماعي وسيادة مفاهيم غير طبيعية حول جسد المرأة ومهام هذه الاخيرة كأنسانة داخل المجتمع التيوقراطي الذكوري المتخلف .
السلوكات الشادة (الحلالية ) في المجتمعات الهيمنة الاستطانية العروبية الاسلامية هي امتداد لممارسات راسخة في التاريخ العربي وتأثيراته على المجتمعات الخاضعة للسيطرة الاستطانية ومرجعيتها السوسيو- ثقافية , فهذه السلوكات الماضوية والحاضرة في العلاقات النكاحية فيما يسمى تجاوزا بالزواج ,كالنكاح العرفي , النكاح المصياف , النكاح المحجاج ,النكاح المهراب , النكاح المضراط , النكاح الاستبضاع , النكاح المشاركة ونكاح المثلاط وخصوصا الغلمان ( عبر ابي نواس عن هذه العلاقة بكل امانة ) ... .
انعدام المساواة الاجتماعية بالاضافة الى تصورات القروسطوية المهيمنة على الحياة السوسيو - ثقافية , ليستا صيرورة حتمية لاستمرارية الفساد الاخلاقي وانتشار ظاهرة الدعارة والاغتصاب في المروك , لولا وجود العنصر الاستطاني المهيمن على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية , والمسؤول الاول على ظاهرة الدعارة واغتصاب الاطفال والمستفيد من الرأسمال المالي المستثمر في هذه الجريمة ولذا لم يكون القانون الجنائي يشير الى تجريم هذه الجريمة وظل مرتكبيها في مأمن من العدالة , والظاهرة ظلت طابو يحرم الحديث عنها في مجتمع تهيمن عليه الخرافة المقدسة, ولم تثير الظاهرة اهتمام الرأي الداخلي طيلة عقود رغم ان الضحايا قاصرات و قاصرين , وبعد الغزوة الخليجية منذ اواسط الثمانينات وتلهف هذه الحيوانات البشرية الى نهش اللحم اللين كيفما كان الثمن , ازداد الاستثمار العلوي وحاشيته في الدعارة وتم الضخ المالي لتوسيع مجال الترابي للاستثمار في الدعارة عوض حصره في الهامش , لتظهر للوجود الدعارة الراقية خصوصا في المدن السياحية و محمية من طرف السلطة التنفيذية عبر اعوانها الميدانيا .
تسبب عفو الكهنوت الاكبر حامي الفساد عامة والدعارة واغتصاب الاطفال خاصة , على دنيال كافاني الاسباني , في ضجة كبيرة مبررة , لكن لو عرفت الجموع ان مغتصبي 11 طفل وطفلة , هو عراقي عربي مسلم اسمه الحقيقي صالح الدين , هل كان ستنزل الجموع الى الشارع ؟؟؟؟؟ وقد تعلمت العامة في المدارس ان العربي المسلم مثال يقتدى به وهو فوق كل الشبوهات وكل ما يحدث حاليا هو مؤامرة امبريالية صهيونية لافساد مجتمع الاخلاق في حرمة ( امير المؤمنين ) , متجاهلا ان ظاهرة الدعارة واغتصاب الاطفال جزء من النسيج الاجتماعي والاقتصادي والمؤثر على الرأس مال الاجتماعي في عملية التنمية , وظلت الظاهرة في شكلها الحلالي لعقود لا يحاسب مرتكبي هذه الجرائم ولا ينصف الضحاياها , بل يسب ويشتم ويهدد من تجرأ على الشكوى , وفي حالة ما اذا تمت حملة على دور الدعارة فالمتورطين يطلق سراحهم بعد دفع الاتاوى , ( فالمجرم العربي صلاح الدين الاسباني الجنسية سبق وان رفعت ضده شكوى باغتصاب اختين احدهما في سن 14 والثانية اصغر منها ومع ذلك اطلق سراحه وتابع طريقه الاجرامي بكل حرية في غزواته الجنسية والضحايا قاصرات وقاصرين ) وان استفحلت الحالة وخصوصا مع الاجانب يطلق سراحهم من المحاكم مع دفع الغرامة المالية , فمن الظاهرة تقتات الاجهزة القمعية ومؤسسة القوادين ومنها تتراكم ثروة الاسر المتحكمة بزمام الامور , ضاربين عرض الحائط للقيم المجتمعية وكرامة الشعب المحلي ,احت سيطرتهم قفز المروك للمرتبة الاولي بين الدول الفاتحة ابوابها للسياحة الجنسية وبالاخص بعد مطالبة الكهنوت الاكبرلاستقطاب 10 ملايين سائح مما زاد من عصابات الوساطة لجلب القصرات والقاصرين للدعارة والاغتصاب , واصبح البلد وجهة مفضلة للمهووسين بالجنس وتربعت مراكش على عرش نكاح الغلمان الذي زاد طلبه من طرف الاعراب رافعي راية الشريعة المحمدية المطبقين لنظرية ّ ويطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ّ .
استفحال ظاهرة البيع الجسد لاغرض التمتع الجنسي والارباح الطائلة المجنية من هذه التجارة , فتح الابواب لتصدير الدعارة الى الخارج (الاستفادة من العملة الصعبة ) وخصوصا تهجيرها الى بلدان الكبت الجنسي من العربان المقدسين ,عبر عصابات الجريمة المنظمة وهذا ما تشير اليه التقارير الدولية باتهام المروك المصدرة الاول لتجارة المتعة الجنسية , وبرر هذه الهجرة السيئة الصيت الوزير المتحدث باسم السلطة السابق الناصري بتصريح فكاهي بان الديمقراطية المروكية والمساواة بين المرأة والرجل فتحت الابواب للمرأة ان تسافر وتشتغل اينما ارادت , وكان رد دولة البحرين على الديمقراطية المروكية طرد 500 عاهرة مروكية من اراضيها , وكما اشارت بعض المصادر مؤخرا الى وجود 25000 عاهرة مروكية في دول الخليج . قد يكون العدد مثله او اكثر في اوروبا واقل عدد في افريقيا السوداء , من دون اي رد للسلطة الاستطانية على هذه الفضيحة مما يزكي ليس تورطها في العملية الدعارة فحسب بل كذلك التأكيد عن انتمائها الاجنبي وليست مبالية بكرامة الشعب ولا بقيمه .
عائدات تجارة المتعة الجنسية تدر الملايين الدولارات على خزينة البلاط وحاشيته و بعض الفتات على عصابات القوادين , اما البلد والشعب فينالان منها التشويه والاذلال , ومن خلال المعطيات الواقعية وتعامل السلطة الفاسدة مع ملف الدعارة والاغتصاب في غياب ميكانيزمات وقوانين فعالة تعاقب الفعل والفاعل وتحمي ضحايا الاغتصاب , تشير الى تصاعد وتيرة هذه الظاهرة , فالمستثمر الاساسي في تجارة المتعة الجنسية والمستفيد الاول منها هو نفسه من يصدر القوانين والقادر الوحيد بمنع الدعارة والاغتصاب , فمن المنطقي والطبيعي فعملية مكافحة الدعارة والاغتصاب تستلزم في المقام الاول مكافحة القوى المستثمرة في هذه التجارة واسسها المادية والروحية .

#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل