عبد الرزاق عيد
الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 03:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنا دائما ننظر بازدراء واحتقار إلى الصراعات (الطائفية) التي تفجرها إيران في المنطقة منذ أكثر من ثلاثين سنة ، لأنها دعوة إلى صراعات مستنقعية متعفنة متأسنة بسبب ركودها في الزامان والمكان، الذي يدعوك إلى تفتيح جروح عدائية ودموية عمرها أكثر من عشرة قرون،بينما الصراع مع إسرائيل كان يفجر في داخلنا دائما الشعور بالغضب والتحدي والإصرار ، لأنه صراع ( حضاري ) : اقتصادي -تقني -سياسي- ثقافي -مدني- يدعوك ويحرضك دائما على النهوض لتجاوز الذات (المريصة والمنهكة بالتأخر الحضاري والمدني ) ....
على عكس الصراع مع ايران بوصفه ( حرب دوران في المكان والزمان يخوضها طرفان متأخران : العرب والفرس )،لكن الشعور الأكبر بعار الهزيمة (الحضارية اليوم أمام إسرائيل ليس فقط السياسية والاقتصادية والتقنية ) ...بل هو في الهزيمة الأخلاقية ...
وذلك عندما يستشعر السوريون أن عدوهم (الإسرائيلي) ليس أشد وحشية عدائية من حكامه، وأن الإسرائيلي لا يمكن أن يكون بدرجة الاغتراب الاستيطاني الأسدي كرها وحقدا على شعبه السوري، بل ووحشية في ذبح الأطفال وإبادتهم الجماعية بالكيماوي، حتى يضطر المواطن السوري للمقارنة دائما بين الإسرائيلي والأسدي في شدة أيهما أكثر عداوة للشعب السوري!! لتخلص هذه المقارنة -دائما- على أن الإسرائيلي هو أقل وحشية وهمجية نحو الشعب السوري ممن يعتبرون أنفسهم من أهل البلد (كالمستوطنيين الأسديين) ....
تلك هي أشد أنواع الهزائم، أن يشعر الشعب السوري أن عدوه التاريخي الإسرائيلي ليس أشد عداء وعدوانية وحقدا وهمجية وقتلا وتدميرا للشعب السوري من نظامه الاستيطاني الاستعماري الأسدي المدعي للوطنية والممانعة .....
أردت من كلامي السابق ومن ردود الأصدقاء أن يفهم الغرب والأمريكان الداعمين والضامنين لأمن إسرائيل استراتيجيا، أن الشعب السوري شعب متحضر ومسالم ويريد السلام والحرية لنفسه ولكل شعوب المنطقة، وإلا لما قدم كل هذه التضحيات التي لم يقدم مثيلها في كل تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وذلك ضد نظام ديكتاتوري فاشي أمني عصبوي طائفي يزعم أنه وطني محارب لإسرائيل ....لو أن شعبنا لا يفهم من الحرية -كما يريد أن يصور نظامه (الأسدي) للعالم سوى الحرب ضد الآخر الخارجي الأمريكي والغربي والإسرائيلي- لما قدم كل هذه التضحيات ضد نظام يدعي (القومية والعروبة والتمسك بالهوية والأصالة والتراث العربي والإسلامي) ..
إن الأولوية بالنسبة لشعبنا بغض النظر عن أهوائه وتياراته السياسية والفكرية (إسلامية كانت أم علمانية ) ، هو الحرية ضد أسره الداخلي العصبوي المافيوي الفاشي، واستباحة حريته وكرامته وإنسانيته من قبل عصبته الحاكمة، أما صراعاته الخارجية الوطنية والقومية مع الآخر ( الإسرائيلي )، فهي مؤجلة لما بعد تحرره من عدوه الداخلي (الأسدي) الذي بات الشعب السوري مقتنعا أنه العدو الأول، وأن كل الصراعات والعداوات الخارجية الأخرى، يمكن حلها بطريقة سلمية وفق الشرعية الدولية، إذا ما وقفت الشرعية الدولية تجاه مطالب شعبنا السوري بشكل عادل ومتضامن مع دماء أطفاله وحريته وكرامته وسيادته واستقلاله ...
#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟