أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - وتريات الحب والحرب : رواية الفصل21














المزيد.....

وتريات الحب والحرب : رواية الفصل21


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 20:11
المحور: الادب والفن
    


- 21 -
والآن، دعونا نبقي أنظارنا مصوبة تجاه الوجه البشع للحرب، للمآسي التي تخلفها، للدمار الذي تحدثه، لحرمان الأطفال من أبويهم وحرمان الصبايا من أزواجهن، وحرمان الأزواج من ثمرة الحب التي تجسدت في الأطفال، فقطعتهم من بستان الحياة وألقت بهم في صحراء مليئة بالأشواك والأفاعي .
أي حرب هذه التي تحاول اغتصاب الواقع بجنون وتضع حداً لحياة الناس واستقرارهم! إنها على نحو ما، توقظ فينا الدهشة والإثارة المفزعة التي كنا قد نسينا تأثيرها الفوري النفسي والمادي بين الحربين، الأمر الذي يدفعنا إلى تكرار الحكم السابق عليها لأننا لم نجد في قاموس اللغة مرادفاً مواتياً يليق بها وبالإفرازات التي خلفتها. إنها حرب لا أخلاقية على أناس عزل وضحاياها دوماً من الأبرياء..
هكذا وصفتها تالا في الوقت الذي أخذت فيه تستذكر الأشخاص الذين تعرفهم وهم يتقاطرون أمام عينيها واحداً وراء الآخر، بمن فيهم أولئك الذين شاهدتهم وهم يتساقطون مدرجين بالدماء والغبار وفي عيونهم سؤال لم يمهلهم القتل إلى حين سماع الإجابة: ما هو الذنب الذي إقترفناه حتى بتنا هدفاً لأحقادكم؟
استطردت في وصفها بألم فاجع: إنها الحرب التي تبقي الإنسان على الوضعية التي كان عليها قبل الموت بلحظات. شخص يقضي حاجته في المرحاض. آخر عارٍ تماماً من ملابسه. ثالث بين يدي أمه تضع له مرطب الجسم قبل إعادة تحفيظه. رابع عائد من سوبر ماركت حاملاً علبة حليب لطفله الذي انتظره خمسة عشر عاماً... أشياء خاصة لزوجين مبعثرة في الشوارع يتقاذفها الهواء يميناً ويساراً.. جسداً مشتعل ينهض عن الأرض يوثقها صحفي محترف في بث حي ومباشر.. إنها الحرب ذات الويلات التي لا يمل من استخدامها القاتل بين حين و آخر.
و جوه مشوهة وأجساد مقطعة وأطراف مبعثرة في الطرقات يتم تجميعها في المشرحة بعد أن تنقلها سيارات الإسعاف. تتساءل ببراءة الاغتراب عن الحالة الإنسانية المنسية بين الادبارات في أروقة المؤسسات الدولية: هل يجوز للأطباء خيط ذارع شخص لشخص آخر، رأس لجسد مختلف؟ وهل هناك أسوأ وأبشع من تأبيد لحظات في ذهن شخص عن هذه الصورة ؟
يأخذها البكاء وهي توصف الحالة،إلى حنينه الراسخ ويبعد بها نحو حكايات الطفولة. تنعكس فجأة وينتابها شعور قاسي وحالة نفسية رديئة، قد يعجز الطب عن علاجها سريعاً. شعور كان متوقعاً كباقي الأمراض التي تصيب الإنسان بسبب عدم وجود المناعة الكافية لحماية الجسد، ولكنه نفسي أكثر من أي مرض آخر، رغم معايشتها الحرب السابقة ومفردات الاجتياح بين الفينة والأخرى وسقوط الأبرياء على الدوام.
ومع ذلك، لم تكن تشبه نفسها في أي وقت كما هي الآن، لذا تعايشت مع نفاد الصبر بحكمة ودراية تعاصر الحروب التي سمعت عنها أو قرأتها في كتب التاريخ، كما لو أنها أرادت التكفير عن الحالة التي مرت بها قبل قليل، التكفير عن الحالة النفسية التي كادت أن تطول نفسيتها وتعطب الثوابت في كيفية مواجهة لحظات الخطر والمآسي والدمار.
عندها، عادت إلى الماضي الذي أثار فيها وجوب ترك المآسي خلف الظهر حفاظاً على استمرار الحياة رغم أنف الإثارات الكبرى التي تخلفها الحروب في معظم البيوت والنفوس التي تأبى إلا أن تنخرط في الحياة العامة .
كانت تتحدث عن وصفها للحرب بصدق وموضوعية وحقيقة خالصة تكاد تكون مطلقة، ولكنها تساءلت فجأة: مَنِ يهتم بالحقيقة في عصر الرياء والمعادلات الدولية التي تأخذ بالاعتبار مصالح الدول؟
أجابت نفسها وهي تبتسم: لا أحد، خذ مثلاً المحامي، هل تهمه الحقيقة كثيراً؟ بالتأكيد لا، لأنه في الغالب وأثناء مرافعته أمام القضاة يحاول جاهداً قلب الحقائق من أجل تبرئة موكله. إذا كان الأمر على مستوى الأفراد هكذا، فكيف سيكون على المستوى الدولي والاعتبارات الخاصة؟ يقيناً لم يعد أحد يهتم بالحقيقة والنزاهة التي تبدد المصالح لحساب الآخرين !



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل20
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 19
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 18
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 17
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 16
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 15
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 14
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 13
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 12
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 11
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 10
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 9
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 8
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 7
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 6
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 5
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 4
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 3
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 2
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 1


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - وتريات الحب والحرب : رواية الفصل21