أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - وطن على المشرحة














المزيد.....

وطن على المشرحة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1199 - 2005 / 5 / 16 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ نصف قرن كتب الماغوط:
هل أرسم
فوق علب الكبريت الفارغة
بيوت وسواقي وأنهار
وأناديها يا وطني.
تلتقي المأساة والمهزلة في العبارات الوطنية المختلفة, وبالخصوص:الوطن للجميع.
لأن السؤال : كيف يكون الوطن للجميع؟ في بلادنا المملوكة لبضعة أسر وعائلات, جميع العبارات الوطنية تضمر الغفلة أ و الخداع.
الوطنية حقوق محددة وواضحة تتأسس عليها الواجبات المحددة وليس العكس.
الإنسان وحدة الوجود ومادته الأساسية, وهو الغاية والمعنى. في ثقافتنا السائدة ما زال الانسان أحد ملحقات الأيديولوجيا, وهو مطالب بالموت لأجل حفنة تراب أو شبر
أو لعزّة الأمة ومنعتها, باستثناء القلّة القليلة التي تملك الأرض وما عليها. هذا الحال في سوريا وأغلب بلاد العرب والمسلمين, ليتكدس الكلام الأجوف: الوطن فوق الجميع, الوطن للجميع, إلى آخر الاسطوانة, بدل الكلام الفعلي المقترن بالتجربة والموقع والموقف, أن يتكلم المسؤول عن تجربته وطموحاته وأخطائه, كذلك المثقف السلطوي أو المعارض, بدون ذلك الطريق الواضح سننتقل دوما من سيئ إلى أسوأ.
الخطاب السائد العام والعائم, المتعالي على الوجود الفردي, والمتعالي كذلك على شكل وبنى المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية المختلفة, يضمر بالممارسة والفكر رغبة مستمرة في طمس سؤالين, على أي مشروع سياسي فردي أو مشترك الإجابة الصريحة والتفصيلية عليهما:أ_ حقوق الفرد الكاملة كما تنص عليها الدساتير والمواثيق الدولية ب_ شكل وبنيان الدولة التي يبشر بها المشروع.

*

لم يتبق من كلمة وطن سوى المحمول الأيديولوجي,والذي انحسر بدوره إلى مجرّد تبرير للظلم الاجتماعي والقمع السياسي, أو لصفّ الكلام الفارغ.
بدلا عن الجدل البيزنطي حول الوطن والأمة أو الوطن والهوية أو..., أنجزت البلاد والمجتمعات المتطورة, بمشاركة حكامها ونخبها وقواها السياسية والاجتماعية المختلفة, دولة المواطن والقانون, الدولة الحديثة المتعالية على الدين والعرق والجنس واللغة, وحققت مقولة"الدين لله والوطن للجميع" وبذلك تم نزع السلاح القاتل,التخوين أو التكفير, عن أصحاب النزعات العنصرية, التي تعجّ بهم بلادنا المنهوبة حتى من الكلام. لا استخدم التعابير المجازية حتى في الشعر, وبلادنا المنهوبة من الكلام, عبارة واقعية توصّف سوريا على مدى العقود الأربعة التي عشتها, فقد تم استبدال الكلام الواضح والدقيق والذي يتفاهم البشر من خلاله, بخطاب بلاستيكي مطلق, ويكفي تصفح أي عدد من المجلات والجرائد الحكومية,على اختلاف تسميات المواضيع والقضايا فكرية سياسية أدبية, لإدراك ذلك وفيه ما يغني عن الشرح.
أكثر من ذلك, فقد تواطأت جميع وسائل الإعلام المسموح تداولها, على ذلك بتكريس لغة جوفاء ومتعالية على الحياة والواقع, وأكثرها عقلانية تمرر بين الحين والآخر بعض الكتابات المختلفة, ولكنها ما زالت الاستثناء الذي يبقي على قاعدة التحريف.

*

منذ الطفولة الباكرة يتعرض أطفالنا للسطو على عقولهم وكلامهم, من الأسرة والمدرسة وبقية المؤسسات الاجتماعية والدينية, يتلقّون خطابا مزدوجا: من جهة يطلب منهم ممارسة الصدق والأمانة واحترام الآخرين لكن بشكل وعظي وممل, وبنفس الوقت يجبرون بالترغيب والترهيب معا على ممارسة النفاق الاجتماعي السائد, بالإعلان والتعبير الصريح عن احترامهم ومحبتهم, لمن لا يحبونهم ولا يحترمونهم, من الأقارب والأساتذة وأصحاب الثروة والنفوذ. وبسرعة يفقدون الثقة بالنفس, وبالطبع يخسرون معها التقدير الذاتي واحترام الآخر, ومع نهاية فترة الطفولة, تكتمل الخسارة بفقدان المقدرة على التعبير البسيط عن المشاعر والرغبات والمخاوف. ويكون بانتظار المراهقين والشبان الصغار,و الذين يعانون الفصام الصريح أو المضمر بمعظمهم, مؤسسات بكامل بأفرادها وممارساتها, جاهزة للقضاء على ما تبقى من روح المبادرة والإبداعية الخاصّة.
أدبنا رديء وفكرنا ضحل وسياستنا خداع, وتكتمل الحلقة بحياة سريّة, تعرفها ويعرفها مثلي وأكثر, من يعيشون في بلاد الصمود والقلاع الأخيرة التي لا همّ لها سوى التصدّي لمخططات الإمبريالية والاستعمار.
من ينهب حياة الأطفال هم الأهل والأقرباء والمدرسة الحبيبة, ومن يعتدي على المرأة في سوريا وجوارها هم على التوالي: الأب والأخ والزوج ثم الابن, إن بقي ما يمكن الاعتداء عليه, ومن يحوّل الرجل المقهور إلى وحش بين أ هله, هو الوطن المفدّى الذي حرمه من حقوقه الأساسية وليس جورج بوش أو طوني بلير, هذا بعض ما تعلّمته من المفكر الحرّ العفيف الأخضر, وليس لدي ما أقدمه له في محنته, سوى مشاركته في الأسى واليأس على حالنا جميعا, صباح الخير يا صديقي الذي يشبه بوذا, أعرف أن الحدّة وبعض القسوة في كتاباتك, مصدرها عمق الخيبة, وليست الرغبة في العنف, كما يقرأها الخارجون من مدارس الكراهية, كراهية النفس أولا, التي بعدما تفيض على الوعي والوجدان تتحول طاقة الحب والحياة التي ولدت معهم ومعنا, إلى نبت شيطاني يحوّل شبابنا المساكين إلى قتلة, لا أعرف ما ذا يمكننا أن نفعل حيالهم, هل نشفق على بؤس مصائرهم أم على أمهاتهم , أم سنستمر بالدعوة إلى محاكمة من خرّبوا عقولهم, عسى هذا الجنون يتوقف يوما .

اللاذقية_ حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأس الأصدقاء
- قراءة في عصاب الثقافة السورية
- هوس الاستبداد
- حكاية التجمع الليبرالي في سوريا 2
- حكاية التجمع الليبرالي في سوريا 1
- الشريد الابدي.... والحاضر المفقود..حوار مع الشاعر حسن عجيب
- الهوية الفردية- خيار يساري سابق
- قصيدة-بيتنا
- النميمة ميراثنا المشترك
- أبقار الفن والأدب
- هل الإصلاح ممكن في المدى المنظور؟النموذج السوري
- فن الاصغاء_مشكلة سوريا اليوم
- السلّة
- الحاضر المراوغ
- رابطة الكتاب السوريين المستقلين
- الحاضر المفقود
- العطالة السورية
- المأزق والقرار,وإمكانية الحلول المناسبة-أزمة سوريا اليوم
- الهوية القاتلة
- تأنيث سوريا


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - وطن على المشرحة