وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 14:59
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
( يعترف الامام الغزالي بان الزواج يوازي العبودية بالنسبة للمراة )
الباحثة فاطمة المرنيسي .
- لماذا يشجع المجتمع الاسلامي الزوج على ان يلعب دور السيد وليس دور العشيق ؟
- ايهدد الحب بين الزوجين شيئا حيويا في الهندسة الاجتماعية ؟.. ان الاشباع الجنسي يعتبر ضروريا لصحة المؤمن المعنوية , وبالتالي ليس هناك تناقض بين الاسلام والحياة الجنسية ,مادامت هذه الاخيرة تعبر عن نفسها بالطرق التي يبيحها الشرع .
- ان العنصر السلبي والمعادي للمجتمع يتمثل في مبادرة المراة وقدرتها على خلق الفتنة حين تقرر ان تعيش حياتها الجنسية بطريقة مخالفة لتلك التي يفرضها القانون .
تكتب الباحثة فاطمة المرنيسي في كتابها ( ماوراء الحجاب , الجنس كهندسة اجتماعية ) – ط4 – 2005 – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب – ترجمته للعربية , فاطمة الزهراء ازرويل , والكتاب هو ترجمة للاصل الانجليزي Beyond the Weil وهو مختصر لاطروحة تقدمت بها فاطمة المرنيسي لنيل دبلوم P .H . D في علم الاجتماع العائلي سنة 1973 .
( يحاط الاتصال الجنسي الذي يعتبر جنابة ( سورة النساء – اية 43 ) بمجموعة من الطقوس تهدف الى خلق مسافة عاطفية بين الزوجين وتحويل لقائهما الى مجرد وظائف اولية تتلخص في القذف والاخصاب .
خلال الاتصال الجنسي يحاصر الزوج بمداعبات شريكته , انها المراة ! رمز الفتنة والفوضى , تابعة الشيطان والقوة المعادية للنظام وللثقافة , ومن هنا الخوف من القذف الذي يعاش كفقدان للسيطرة على النفس , ويقارنه الغزالي بالفسق , اي بالظلمة كما في الاية ( 3 ) من سورة ( الفلق ) :
( قل اعوذ برب الفلق من شر ماخلق ومن شر غاسق اذا وقب ) . وخلال لحظة القذف الحاسمة , حين يذوب المادي والمعنوي في تماه شامل بالمراة , على العشيق المسلم ان لاينسى ان :
( واذا قربت من الانزال فقل في نفسك ولا تحرك شفتيك :
الحمد لله الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ) .
ان الخلية الزوجية اخطر من الاتصال الجنسي الذي يتصف بسمة الزوال , حيث ان الحب يمكن ان يكبر ويغدو شيئا اكثر اتساعا وشمولية , وقد يتحول الى خطر يشغل المؤمن عن هدفه الاساسي في الحياة وهو عبادة الله .
لقد تم اضعاف الرابطة الزوجية عن طريق ترتيبين قانونيين هما :التعدد والطلاق , يرتكزان على مؤشرات نفسية تتضمن معرفة عميقة جدا بنفسية الزوجين ومواطن ضعفهما.وحتى لايتردد الزوج في الذهاب الى الفتوحات نتيجة رابطة الحب التي تربطه بزوجته ( الملاحظة من كاتب المقال ) .
ان تعدد الزوجات وسيلة تمكن الرجل من اكتساب قيمة عن طريق اقامته لمنافسة بين مجموعة من النساء كي يحصلن على عطاياه . ان ظاهرة التعدد تستهدف الحد من تطور الرابطة الزوجية على المستوى العاطفي , وينتج عن ذلك اضعاف الالتزام المتبادل بين الزوجين كعشيقين .
ان النتيجة الفعلية لتعدد الزوجات هي ان الزوجة لاتملك زوجها , وتقف مع زوجة او زوجات اخريات . ويعني ذلك ان الزوج الذي يتزوج باكثر من واحدة لايرتبط عاطفيا بامراة واحدة فحسب , وبتعبير مبتذل انه ( لايضع بيضاته في سلة واحدة ) ... والواقع ان المراة هي الاخرى لاترتبط بزوجها ارتباطا دقيقا , وتنصرف اكثر الى علاقات اخرى .وقد اثبتت الاحصائيات بان التعدد يلفظ انفاسه الاخيرة .
يعتبر تعدد الزوجات امتيازا مقصورا على الرجال , بيد ان هناك جانبا دقيقا يمنع الرجل من ممارسة اكثر حقوقه حميمية , اي حقه في الاتصال الجنسي بالزوجة التي يختارها , وفي اللحظة التي يرغبها .
يكتب الامام الغزالي في كتابه :( احياء علوم الدين ) :
(اذا كان له نسوة فينبغي ان يعدل بينهن ولا يميل الى بعضهن , فان خرج الى سفر واراد استصحاب واحدة اقرع بينهن , كذلك كان يفعل رسول الله (ص ), فان ظلم امراة بليلتها قضى لها فان القضاء واجب عليه ) .
ان تطبيق النظام الدوري على الزوجات يعني بالنسبة للرجل ان عليه الا ينقاد لرغبته اذا تعلق الامر بزوجة لايكون الدور عليها .وحين يضمن هذا النظام الندرة وسط الوفرة , فانه لايجبر الانسان على التوزع العاطفي فحسب , لكنه يعزز قاعدة الاستبدال . فالرجل مجبر على ان يجامع امراة لايرغب فيها وان لاينقاد لجاذبية امراة اخرى رغم ان الامر يتعلق بزوجته . كذلك فان الطلاق يعد من الامتيازات التي يتمتع بها الرجل , حيث يمكنه من استبدال شريكته بمجرد التلفظ بعبارة ( انت طالق ) .
ان المكان يمثل قطبا اساسيا في هندسة العلاقة الاجتماعية بين الجنسين , وبالتالي فالمكان يمثل مجالا حيويا في العلاقة بين الجنسين .
ان استهلاك الغني للمكان يختلف عن استهلاك الفقير له, كما ان هناك احياء كاملة من المدينة مفتوحة في وجه الاغنياء لاتطاها اقدام الفقراء . وذلك بحكم توزيع تراتبي مسكوت عنه للمكان . ان نظرة الفرد الى المكان ترتبط ارتباطا وثيقا بنظرته الى ذاته واتصاله الحميمي بمحيطه .
ان تقسيم المكان الاجتماعي الى مكان منزلي ومكان عام تعبير عن علاقة سلطوية وتراتبية . فالهندسة الاجتماعية في بلادنا العربية تقسم العالم الى عالمين فرعيين : عالم الرجال ,الامة الذي يرادف الدين والسلطة , وعالم النساء الذي يمثل الحياة الجنسية والاسرة .وبتعبير ادق هناك الذين يملكون النفوذ والسلطة في جانب والذين جردوا منها في الجانب الاخر .انهما عالمان حيث تتحكم مفاهيم وقوانين متعارضة تعارضا كليا في عمليات التبادل الاجتماعي .
وفي حين يفترض في العلاقات القائمة بين اعضاء الامة ان تكون قائمة على الوحدة والاخوة والحب والمساواة ,فان العلاقات في المجال المنزلي تنعت بكونها قائمة على عدم المساواة . انها علاقة صراع مبنية على توتر بين طرف يامر وطرف يخضع . وهو تقسيم بين عالم ذكوري وعالم نسوي .
يهدف عزل المراة واحتجابها الى منع كل اتصال بين الرجال كاعضاء ينتمون الى الامة , وبين النساء كمنتميات الى المجموعة المنزلية .غير ان المفارقة تكمن في ان الفصل بين الجنسين يفضح البعد الجنسي لكل تبادل بين هؤلاء الرجال والنساء , وكذلك بين الجنسين بصفة عامة في مجتمعنا .
ان مجتمعا يختار ويمارس الفصل بين الجنسين هو مجتمع يدفع بالافرادالى استثمار طاقاتهم في العلاقة مع افراد جنسهم من جهة , والى الاغراء كوسيلة للاتصال من جهة اخرى .
ان الحاجة والفقر مبرران لوجود المراة خارج البيت وهما مما لايبعثان على الاحترام حسب الاعراف والانساق السائدة . ان الوعي الطبقي يضع الخادمة او العاملة الموسمية في اسفل السلم الاجتماعي . وحسب التقاليد فان البغي او المراة الفاقدة لعقلهاهي التي تتجول في الشارع . وقد كشف البحث الميداني الذي اجراه ( بول باسكون )و ( بنطاهر ) ان الشاب البدوي حين يزور المدينة ,يعتقد ان كل امراة تتجول في الشارع مستعدة لممارسة الجنس .
يعتبر حضور المراة في مكان مخصص للرجال بمثابة تحرش واهانة ,ان المراة تعتبر دخيلة في مكان يمتلكه الرجال . بما انها تعرف كعدو , وليس لها الحق في استعمال المكان المخصص للجنس الاخر . والواقع ان مجرد وجودها في مكان لايجب ان تكون فيه يشكل عملا هجوميا ..ويكون الوضع اخطر اذا كانت المراة سافرة , ويطلق عليها في المغرب نعت بالغ الدلالة ( عريانة ).
نجد ان اغلب النساء اللاتي يترددن على المدارس او يعملن خارج البيوت هن سافرات ( البحث يخص المغرب في اوائل السبعينات ) , واذا اجتمع العنصران معا :اختراق المراة لمكان الرجال وهي سافرة فانهما يشكلان عملية تعر مهمة .
عمل المراة في المكاتب
ان غياب اشكال للتبادل بين الجنسين خارج اطار العلاقة الجنسية المعتادة يشرح الى حد ما السلوكيات التي تمارس في المكتب والشارع .ان وضعية المراة التي تعمل في مكتب تذكر بوضعيتها في البيت التقليدي , والخلط بين هذه الصور والمواقف يفسر بعض ردود افعال الرجال تجاه زميلتهم المراة .فمثلا نجد ان الكاتبة الخاصة للرئيس تابعة له كما لو كانت زوجته او اخته , وله الحق في اعطائها الاوامر , كما انها تابعة له بخصوص حياتها المادية بطريقة اكثر او اقل مباشرة . فالرئيس هو الذي ( يمنحها ) راتبها الذي تحصل عليه مقابل الخدمات المحددة التي تؤديها له , ومن هنا فانه يخلطها بزوجته التي يسيطر عليها نتيجة تفوقه المادي وسلطته المؤسساتية , فليس بين الكاتبة والزوجة الا خطوة قصيرة , ويبدو ان عديدا من الرجال يخطونها بيسر .
ان الانزلاق الذي يحدث في العلاقة بين الموظف وكاتبته الخاصة , الناتج عن الخلط الذي يقع فيه هذا الاخير بين امتيازاته كرجل وامتيازاته وحقوقه كموظف لايقف عند السلوك الجنسي . وقد اعتبر ( ماكس ويبرر )هذا الخلط كاحدى القضايا المطروحة على النظام البيروقراطي والدالة على الخلل فيه .
ان حدة الصراع والضغوط التي تعيشها النساء العاملات في الادارة في مجتمعاتنا , مترتبة عن اجتياحهن الجسور لمعابد السلطة الرجالية .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟