وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 13:11
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
الدعارة السياسية لاتؤسس لمشروع ثقافي تنويري .
( انا لست يمينيا ولست يساريا , انا فتى سيء السمعة )
جان جنيه .
( كلما رايتني مذنبا في عيونكم اكثر , زادت حريتي اكثر )
جان جنيه .
( 1 ) :
ما الذي يجمع بين بائعة الجسد وبين المثقف المتحزب ؟ وبين السياسي العراقي المعولم ؟
1 – ان بائعة الجسد تقوم بخدمة من يقوم بتامين الحماية لها , كذلك هو السياسي العراقي , يخضع لقوى الاحتلال او للقوى الاقليمية التي يواليها , هكذا هو حال المثقف المتحزب الذي يخضع لحد الانبطاح لاسياده .
2 – تحتقر بائعة الجسد زبونها لانه يستغل جسدها حتى وان تظاهرت بعكس ذلك . هكذا هو حال السياسي الذي يشتم القوى المعادية له .اما المثقف المتحزب فهو من احطهم لانه يمارس التخوين والشتم للقوى المعادية رغم تحصيله العلمي , لكنه يمارس الدعارة السياسية والفكرية لاقصى مداها . وخطورته تكمن في خزين المعلومات التي يملكها وفي لباقته واناقته .
3 – تتميز اخلاق الاطراف الثلاثة بالكذب والنفاق وتعدد الشخصيات .
4 – تتطابق نفسية بائعة الجسد مع نفسية السياسي والمثقف المتحزب . انهم يشعرون بالنرجسية الحادة , يلبسون افخر الملابس , وياكلون في افخر المطاعم , لكن في دواخلهم يسكن الخواء الفكري والثقافي والخوف من الاخر.
5 – بائعة الجسد قد تؤذي جسدها فقط , لكن السياسي المعولم وتابعه المثقف المتحزب يؤذيان امة بكاملها .
6 – تتميز اخلاق المؤلفة نفوسهم اعلاه بالتنقل بين الايديولوجيات والانتقال بالولاء من جهة الى اخرى ,ويتنقلون من ضفة الى ضفة مقابلة .انهم يبحثون عن المال والمناصب والشهرة فقط .
7 – يقوم المؤلفة نفوسهم اعلاه ب ( قرصنة ) تاريخ اشخاص او تاريخ احزاب ونسبتها اليهم . رغم ان هؤلاء قد انتقلوا من الضفة الثورية الى الضفة الليبرالية والمحافظة .
تكمن خطورة المثقف المتحزب في امكانية تلونه كالحرباء وحسب الظروف , واستغلال امكانياته الفكرية والسياسية والاعلامية لانتاج خطاب طائفي – اثني – تقسيمي بلباس ومظهر حداثوي !!! .
خطورة هؤلاء تتاتى من ارتباطهم نفسانيا وايديولوجيا وطائفيا واثنيا بمشاريع لاحزاب متصارعة تستمد قوتها وتمويلها من دول الجوار والقوى الاقليمية والدولية ومن حصتها من الوزارات التي تشغلها, تستند الى ولاية الفقيه الايرانية اونظيرها الضد – النوعي القطرية او السعودية , والمصرية بعد ان تحولت مصر الى الاخونة والسلفية ( قبل السقوط المدوي لمرسي ولحزب الاخوان في الثورة الدائمة للشعب المصري الابي ) .
الصوت العالي لهؤلاء المثقفين المتحزبين يمهد الارض للفتنة وللتقسيم .
اقول للمتحزبين ان مدرسة التشيع ظهرت في الكوفة في العراق , ولم تظهر في مكان اخر .ان تبني مرجعية دينية – سياسية غير عراقية , سنية او شيعية سيعمل على تسهيل التدخل بشؤون العراق الداخلية .
( 2 ) :
لقد تحولت بعض احزاب اليسار في العراق من احزاب ثورية , الى احزاب يمينية محافظة موالية للاحتلال الامريكي وخاضعة لاحزاب الاسلام السياسي وللقوى الكردية . واخذت تنتهج سياسة الموالاة لهذه الاطراف .
( 3 ) :
يكتب خليل عبد الكريم في كتابه ( الجذور التاريخية للشريعة الاسلامية ) , دار مصر المحروسة ,1997:
( لنشر هذا الكتاب قصة .. بعد ان انجزت المخطوطة عرضتها على ثلاث دور نشر ( تقدمية ) .... تلك الدور تعلم اننا نكتب لغة غير تقليدية باطحة , تقتحم ميادين كانت مغلقة وموصدة وتتناول مواضيع شديدة الحساسية .... اذ ان تلك ( الدور الرافضة )لاتريد ( وجع دماغ ) ولا طاقة لها بالدخول في مصادمات .. بل يكفيها من ( التقدمية ) الشعار الذي ترفعه واليافطة التي ترفعها والرطانة التي تلوكها .ومما لاريب فيه ان ذلك نوع من الشطارة وضرب من تربيع الدائرة وهذا من ابرز العلل التي تصيب الحركة التقدمية في مصر والعالم العربي , ولعل هذا مايفسر لنا سقوط عدد وفير ممن كانوا يحسبون من قادة التقدم سقوطا مدويا , ويوضح لنا تراجع الحركة التقدمية وانزواءها وخسرانها الكثير من المواقع التي كانت تحتلها . ويجيب على السؤال الذي طالما اقضى مضاجع الكثيرين :
كيف غدا ( الاخر ) في المقدمة وانتشر وتوسع وصارت له الغلبة وامسك بعجلىة القيادة ؟ مع انه خالي الوفاض من الفكر , وعاجز عن تقديم المشروع الحضاري الذي ينتشل الامة من وهدتها .... بيد ان العلة الرئيسية في الحركة التقدمية ذاتها . او بتعبير ادق في من يتصدون لقيادتها ... هؤلاء فقدوا المصداقية , واصبح الكلام لديهم البديل للفعل والخطب الرنانة ,المعادل الموضوعي للنضال والثبات والجسارة , وغدت التضحية عندهم تعني البلاهة ودفع الثمن باهظا او غير باهض يساوي العبط والسذاجة .
لقد تحولوا الى تقدميين مظهرا ورجعيين معيشة وسلوكا وتصرفا .
يتسائل خليل عبد الكريم لماذا يرفض التقدميين واحزاب اليسار المشاريع النضالية التنويرية لتقدميين يساريين معروفين ؟يجيب...فاذا كان الاخر ينكرهم وينفيهم ويعاديهم ويحاربهم ... فهذا امر وارد وطبيعي , ولكن ماهو تعليل قطيعة التقدميين لهم ؟ وعزلهم وفصامهم ؟ ... الانهم يجسدون امام اعينهم النموذج الذي كانوا يتمنون ان يكونوه وعجزوا عن تحقيقه ؟ ام لان تواصلهم سيجر عليهم متاعب هم في غنى عنها ؟. وسيلحق بهم خسارة لايريدونها وسيحرمهم من مكاسب طفقوا يحصلونها اخيرا مقابل موقفهم المتارجح ؟
(4 ) : مثقف مدن الهوامش اكثر حرية وصراحة من الاحزاب ومن المثقف المتحزب
النص المفتوح وثقافة مدن الهوامش
في تقديمه لنص ( جلجثة ) للكاتبين علي شاكر ومالك عبدون يكتب خضير ميري مايلي :
(كتابة الهامشية اصعب انواع الكتابة وهي الكتابة المفقودة في ثقافتنا العربية ذات الحمولة السلطوية العالية , تلك الكتابة التي رحنا جميعا ضحية لها , حتى انفصمت الكتابة فينا وصرنا نكتب عن مالا نعتقده او نؤمن به , او نعيشه ونجبر على محوه ونسيانه . من هنا تاتي اهمية كتاب ( جلجثة ) وهو كتاب مفتوح على داخله وله حرية تلقائية .) .
الشاعر مالك عبدون نموذج فريد للمثقف حر التفكير . انه كاتب ليس كالكتاب . هو من كتاب هوامش المدن , كان شاهدا على انتحار امراة فقيرة في غرفتها في منطقة البتاويين ببغداد . وحين احرقت نفسها تم ادخالها الى المستشفى , بعد ذلك قامت بالهرب من المستشفى واحراق نفسها ثانية ! المراة الضحية اسمها شذا .
مالك عبدون لايخجل او يستحي ان يظهر الوحول داخل نفسه ويكشف ويسلط الضوء على حياة الصخب والفوضى والعبث التي يعيشها . انه يتحدث ويكتب بتلقائية يفتقد اليها المثقفون المتحزبون والاحزاب السياسية كافة , لذا ناصبوه العداء .
خاتمة :
بارادتنا وبحريتنا نقود مجتمعاتنا نحو الحرية والتقدم والتغيير .
- لالاحتكار الحقيقة باسم ماركس والاخرين .
- الماركسية ليست نصوصا جامدة محنطة , بل نصا مفتوحا للبحث وفق منهج المادية التاريخية , وليست نصا دائريا مغلقا على قراءة احادية واحدة فقط .
( جلجثة ) : هو الموقع الذي صلب فيه المسيح حسب الانجيل ويقع خارج مدينةاورشليم ( القدس القديمة ) .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟