أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صباح كنجي - امرأة الحلم رواية ل حمودي عبد محسن ..















المزيد.....

امرأة الحلم رواية ل حمودي عبد محسن ..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 4183 - 2013 / 8 / 13 - 12:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


امرأة الحلم رواية لـ حمودي عبد محسن ..

الى الشاعر مؤيد الراوي
تقول في ديوان مَمالك ...
(هادئاً اكونُ كقلعةٍ خرّبّها الغزاةُ
ورسموا على جدارها الوشمَ
ثم حفروا في مداخلها الألغاز )

امرأة الحلم رواية حمودي عبد محسن الجديدة الصادرة عن دار الغاوون للنشر والتوزيع بطبعتها الاولى 2012 هي الرواية الخامسة في سياق ابداعه الذي شمل ايضاً الشعر والقصة القصيرة بالإضافة الى نشاطه المتميز في مجال النقد الادبي والسياسي ..
حمودي المسكون بهوس التاريخ .. الميثولوجيا .. أطلال المدن العريقة التي هدمت بواباتها .. سُدة مداخلها .. اختفت معابرها وسُترت ، حلّ فيها الخراب غلفها الظلام فهجرها أصحابها .. المدن العصية المطوقة بالألغاز والأساطير والشجن .. المدن المقهورة التي اصبحت في حسابات التاريخ واليائسين شيئا ً من الماضي .. الماضي المشلول .. الساكن .. المحتقر .. الفاقد للأمل .. العاجز عن الاصلاح بحكم غياب المصلحين أو تغييبهم في المنعطفات التي نشبت فيها الحروب واندلعت فيها الحرائق .. الأحداث الاسطورية التي ارهقت كاهل البشر قبل أن تحولهم الى رمم تنفث العفونة .. بسبب تواطئ الحكام المستبدين الجهلة وانغماسهم بلهو عبثي ماجن .
من هول التداخل بين الماضي والحاضر .. من بقايا الأثر وسط الخراب والدمار يلتقط حمودي عبد محسن شخوص روايته بحكاياتهم ومزاياهم التي يدرك ابعادها وتفاصيلها المرئية وغير المرئية لينسج منها احداث امرأة الحلم ..
رياض الحالم بإمكانية صياغة الكون من جديد ليصبح أجمل وأفضل .. الشخصية المحورية فيها معلم مفصول في العهد المكي .. معتقل ومعذب صامد بوجه الجلاد .. طريد الدنيا يقتل في حادث سيارة في العراق مرة وفي انفجار بركان سابق .. المدفون في اليمن السعيد تتشكل جذوره وتمتد لتاريخ حضاري ابتدع اسلوباً اشتراكياً في الزراعة قبل ظهور الاسلام وبدء غزو العراق والاستقرار في النجف .. رياض الذي يصعق بالكهرباء ويسقط بفعل ضربة جلاد بعد مشاركته في تظاهرة جمعة الغضب في بغداد .. ليس إلاّ.. سلام عادل وقافلة رفاقه السائرين في دربه ذات يوم المعتقلين في سجون الحلة ونكرة السلمان .. هو نفسه في لحظة التجلي تموز العاشق لـ عشتار رمزاً للنقاء والحب والصفاء .. هو حسن سريع الذي واجه المستبدين وقاد انتفاضة عسكرية في ليلة اسطورية تماهت مع معراج أنانا وعودة الاله تموز .. هو شاكر محمود الذي قتل في حادث دهس مدبر .. هو ذاته حمودي عبد محسن .. الذي مرّ بوادي الافاعي في مقر مراني للأنصار وبقية شعاب كردستان .. الراوي المجروح من سقوط بغداد .. يتجرع الألم الدفين من هول الحدث في منفاه وعزلته في اقاصى الشمال الأوربي ..
بغداد التي تعدد سقوطها .. وشبعت احتلالا حينما كان حكامها السلاطين والخلفاء يمارسون شبقهم الجنسي في احضان جاريات بالمئات في قصورهم التي زادوا من عدد ستائرها لتقيهم شبح الفضيحة كي يفصلوا بين صرخات ميادين الحرب والقتال وآهات الشبق الجنسي خلف الستائر الواقية للغزاة والمحتلين .. ستائر تصدُ موجات صراخ المنتصرين الذين يجولون شوارع وأزقة بغداد والدروب المؤدية لقصر الخليفة في الزمن السحيق وقصور الرئاسة التي تركت لتستقبل الغزاة بصمت خجول بعد ان انتزع منها الكبرياء والشرفُ والكرامة ..
رياض وحده في حلمه يستفيق من كابوس الموت ليبدأ بعد لحظة ذهول تسري في مفاصله لا تحول بين ارادته وقدرته على الحركة لرفض الوهن والاستسلام وتجاوز المحنة ومخلفات الارث الذليل للأجداد .. يشاركه في مسعاه جيلا من الرجال الاقوياء ممن اقتحموا ارجاء الكون ووصلوا الى حيث ما كان ممكناً في تلك الأزمان .. ليشعل انتفاضة وثورة مع اباة رفضوا ذات يوم ان يصنفوا في خانة ضيقة وتجاوزوا تسمياتهم الخاصة بعد أن أدركوا انهم عراقيون قبل ان يكونوا عرباً او صنفاً آخر من تكوينات ما بين النهرين الجميلة ..
ثورة تجلت في رفضه لتناول الطيور المعدة لشوي في احد مطاعم البتاوين .. بدأت مع اطلاقه للطيور الحية الموضوعة في الكونية لتحلق حرة تشدو في البعد اللامتناهي .. انها الوجه الآخر لعازف الناي الذي هدرت حياته .. في زمن القمع الكابح للحرية .. المستعبد للأنثى .. من الكهنة الجدد ورجال الدين المتواطئين مع المحتلين عبر حقب توالت وتتالت تمتد لزمن كورش الذي وجد من يسهل امر غزوهِ لبغداد وبابل .. كهنة ودجالون يوظفون الدين لمصالحهم الدنيئة في سياقات تاريخية عكست تخلخلا في العلاقة بين الرجل والأنثى شكلت بداية انعطاف نحو الاستبداد لتبدأ قصة الانسان المُستعبدْ وكفاحه من اجل الحرية عبر مورثات ومحطات الزمان والمكان في تلك الاصقاع الخربة بين .. بغداد .. النجف .. ومدن التاريخ التي تنز حكايا اسطورية لصراعات بين البشر.
صراعات تمتد لزمن التوحش تعكس تحولا في مسار الكون لاقتلاع الشر من زمن هابيل وقابيل وقسوة المبارزة بين كلكامش و انكيدو اللذان ارتقيا ليشكلان محوراً انسانياً .. ثورياً .. صلداً .. متحداً .. لا ينفل أو يتساهل عند مواجهة خمبابا الشرير المراوغ ..
محوراً يحسمُ الموقف دون وجل .. يأبى تركه حياً أو منحه المزيد من الفرص ليعود لنوازع الاجرام والتوحش ويزيد من الآم الناس ومعاناتهم .. معاناة تدمر نفوسهم كادت أن تقضي على طموحهم .. مستقبلهم .. كما يفعل قادة الخراب من لصوص و حرامي المنطقة الخضراء مع أحفاد الشرير خمبابا وزبانيته من مجرمي الارهاب المتفشى الذي يحصدُ ارواح العراقيين على سنة الله ورسوله في بغداد وبقية المدن .. حيث قرر رياض مواجهتهم في ساحة التحرير تحت نصب جواد سليم مطلقاً صرخة احتجاج و اعلن رفضه وسئمه من ان يكون بطل عذاب منطلقاً من الاورفلي ..
من أجل المستقبل .. يستفيق رياض ليبحث عن امرأة الحلم .. عن انانا .. عشتار .. الفتاة الفاتنة الجمال .. زوجته المعتقلة في عام 1978 .. طيف حمامة يلاحقهُ مذكراً ومنبهاً لرسائل ودٍ تمدُه بالعزيمة والإصرار ليثبت في المنعطف ويتمسك بالحلم الجميل عازماً على الوصول لها رغم المحنة .. انتشار الرعب .. هول المذابح .. كما ثبت نوح ومن معه في منعطف الطوفان لحين انطلاق الحمامة وعودتها بغصن الزيتون منبئة بانحصار و انتهاء الطوفان ..
يغوص حمودي عبد محسن في التاريخ ليلتقط منه شذرات تتصل بشخصيات ومواقف تساعده على تجاوز محنته وتخطي الصعاب التي تحيل دون وصوله لهدفه في اللقاء بـ عشتار .. امرأة الحلم التي ليست الا الخطوة الاولى للخلاص من تاريخ مثقل بالجرائم تجددَ باعتقال عازف الناي بتهمة ازعاج السلطان في بغداد ليعذب وتدق بجسده المسامير الطويلة قد تكون نفس المسامير التي اخترقت جسد المسيح في لحظة تماهي بين الماضي والحاضر في مساحة تجمع بين خرائب مدينة اور والمستبدين الجدد من قادة المنطقة الخضراء والمصير المجهول للوطن .. مقارناً بين مجلس اور الذي رفض خوض الحرب في ذلك الزمن السحيق معلناً عدم انصياعه لرغبة كلكامش وجنوحه للحرب والقتال وبين البرلمان المعاصر بميوعته ودجله ونفاقه وانحطاطه .. انها مقارنة تجلب الاسى رغم هذا الفارق الزمني الطويل لصالح الماضي .. الذي عمد فيه الراوي ابراز تلك الشذرات التاريخية ليؤكد من خلالها ان الماضي كله ليسَ سيئاً ومهيناً..
هكذا الحال بالنسبة لبقية الاقتباسات عند مروره على الحكام الذين حكموا العراق ومدنه ودافعوا عنها وحموا سكانه كما فعل حمو رابي ونبو خذ نصر وأنجزوا الكثير مما خلدهم .. في حين كان هناك من ارتبط عهده بالخراب كالمعتصم بالله الذي سلم مفاتيح بغداد للمغول وسلسلة الحكام الجرابيع التي امتدت للطاغية صدام حسين ..
للخلاص من المصير المجهول يستكشف رياض عبر طيات التاريخ الآثار المدفونة في الارض .. يخرجها لتنطق بالعبر المرشدة لتخطي النهر نحو الضفة الاخرى بادياً بمشروع مراجعة نقدية لتحديد رؤية الحالم بعالم افضل يتيح له اللقاء بامرأة الحلم بعد انتشالهما لطفل من بين خرائب بغداد ومزابلها ليتجدد به ذكرُ تموز ودوره المنشود في الزمن القادم المحتدم ..
رواية لا مكان فيها للسكون والموت والاستسلام للقدر .. رواية لا ينتصر فيها الجلاد البليد والمستبد الطاغي .. بل الانسان الحالم الواعي الذي تجسدَ في شخصية رياض وقيمه الانسانية ..

صباح كنجي
8/ 8/ 2013
ــــــــــــــــــ
ـ بسبب ما رافق الطبع الردئ لنسخة الغاوون من نواقص وثغرات .. تم طبع الرواية مجدداً في بغداد من قبل دار الرواد ..



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة الرعب..
- عويل الذئاب لزهدي الداوودي ..
- محطات من أيام الشام ..
- الفرحُ بالمقابر الجماعية!!..
- زهدي الداوودي في زمن الهروب ..
- الدوغاتي في العهد الديمقراطي ..
- بالجمر والرماد يؤرخ لكفاح الأنصار..
- مسؤول بعثي شُجاع ..
- ابو فلمير ذلك الثوري المرح..
- تنويه خاص لقراء صوت العمال ..
- جحش مُؤذي في بامرني ..
- استذكار للأول من أيار ..
- في رحيل وارينا زريا ..
- مدخل لتجاوز الوضع الراهن في العراق .. 2
- فواز قادري وهذه القصيدة ..
- القرآن وسيلة للتحرش الجنسي ..
- عدنان اللبّان في صفحات انصارية..
- المُتلصصُ على الموتِ في قوقعةِ خليفة ..
- مدخل لتجاوز الوضع الراهن في العراق ..
- سرحان يْكولْ ..الى الصديق فواز فرحان


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صباح كنجي - امرأة الحلم رواية ل حمودي عبد محسن ..