أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - ثلاثية الصحن و الكلب و المجنون














المزيد.....

ثلاثية الصحن و الكلب و المجنون


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 01:45
المحور: الادب والفن
    


بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة /
ثلاثيةُ الصّحنِ و الكلبِ و المجنون

احمد الحمد المندلاوي
**كانَ متكئاً على جذع نخلةٍ باسقةٍ بجوارِ مقهى ليلي ذات مساء.. ليس له نقود كي يجلس على إحدى القنفات و يحتسي كوباً من الشاي الحارّ كباقي الناس..وُضع صحن كبير من الثريد على الطاولة ..تعلوه قطعٌ من اللحم المحمّر،أخذ يرمق الطعام على بعد،ثم خاطب نفسه قائلاً:
- أيكون هذا الطعام لي بعد نهار طويل لم أذق شيئاً ؟.. ربَّما ..لماذا لا يكون ذلك؟ إذا قد فكّر بيَّ أحد المحسنين هذا المساء رغبة في الأجر و طلباً للثواب في إشباع بطن غرثى..
و استمر في محادثة نفسه:
- لا لا تفكر هكذا (يا مجنون) لقد قلَّ المحسنون هذه الأيام..إنَّهم يرون السعادة في ادّخار المال و إرضاء نسائهم!!..يا ليتني متُّ قبل أن يغدر الزمان بجيبي و بذاكرتي،ولكن هذه سمة الدهر لا يستقر على وضع واحد،دائم التقلُّب كجسد الثعبان،وفي تلون كالحرباء بين الأدغال،دعْني من هذا السرد المؤلم؛فهذا الطعام الذي أمام ناظري لذيذ حقاً..
صمت قليلاً،والهدوء يلفُّ المكان؛لأنَّ الوقت للصلاة،وتناول العشاء كلٌّ في منزله،و كأنّه يريد أن يقوم بعمل ما..و شرع بالحديث ثانيةً مخاطباً نفسه:
- يا نفسُ هل تسمحين لي أنْ أغامر باختطاف الصَّحن و دعْ ما يكون ..وما يحصل يهون بعد التهامه و إسكات شهوة المعدة و الأمعاء و عوائهما..لا لا ليس من شيمتي مثل هذه الدناءة ..صحيح أنا الآن أعزل من المال،و يتصور كثير من المجتمع بأنّي معتوه .. مجنون.. فاقد الذاكرة..
شهق و هو واضع يده اليمنى على ركبته؛ و قال بإنكسار:
- أجل من لا يرى إلاّ مظهري الخارجي فهو محقٌّ بما يظنُّ!! و بالأخص نحن في عصر لا يتطلع فيه المرء إلّا للمظهر؛ لأنّه فقد المنظار الذي يرى به الحقيقة..لقد تعبتُ من هذه التصورات و تعب ذهني أيضاً..
دعني أتمتع بجمال هذه الصحن الفاره الذي هجرني منذ سنين ..قد يكون من نصيبي؛ يا إلهي كم هي فرحتي كبيرة به إن صحَّ توهمي!!..
إلتفتَ يساراً فرأى كلباً باسطاً ذراعيه بالقرب منه؛خاطبه:
- ماذا أأنتَ أيها الكلب جائع أيضاً، و متربص بالصحن مثلي ؟؟..بهذه الكلمات خاطب كلباً جاثماً تحت عامود الكهرباء بعينينِ لمّاعتينِ تجاه الطاولة و الصحن ..قد يجوز ذلك..هناك من يهتمُّ بكلبه أكثر من خادمه ، بل أحياناً أكثر من أرحامه ،لست أدري ألوفائه الفريد؟ أم لإمور أخرى أجهلها !!..صحيح إنّي كنتُ طائشاً نوعمّا و لكن ما كنتُ يوماً أربّي الكلاب و لا القطط ..لا أحبّها و لا أكرهُها..فلها خصوصيات جيدة أكثر من أناس عديدين حولنا ..ولكن قد يكون الصحن من نصيبه و أنا فاضٍ منه ..إذاً أنا و إيّاك في الإنتظار أيّها الكلب..كلانا جائعان و الخيراتُ كثار من حولنا!!..تحت قبضة الجوع ،لنتصالح إن كان لي؛ عهداً عليَّ لا أحرمك منه بتاتاً .. و أنت هل تعاهدُني على ما قلتُ إن كان الصحن لك يا صديقي لا تحرمني منه..ها ماذا تقول ..ينظر اليه و كأنه يخاطب كائناً عاقلاً ..
- تكلم..
أخرج صوتاً باهتاً..ها ها أظنّه قد وافق على ذلك ،إذاً ننتظر..فإذا بصاحب المقهى يتبعه صانعه جلسا على القنفة خلف الطاولة و شرعا بتناول الثريد اللذيذ و ينهشانِ اللحم دون إنتباه الى ما حولهما ..هنا قهقه المجنون عالياً:
- ألم أقل لك يا كلب أنا و أنت سيّان في هذا المدار،و ليس لنا من الصحن إلا شكله و رائحته ؟ يريدونك للحراسة؛و يريدونني للسخرية!!..هكذا دولاب الدهر..قم معي نبحث عن زاوية أخرى علّنا نجدُ شيئاً ينفعنا.
بغداد – 7/12/2012م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناجاة حقيبة /3
- الأمُ تاجُ الرؤوس
- التسلق نحو الأسفل
- وردة مندلي
- وطن في تبّانة الغيظ
- خلجعات النفس في العيد
- تلال العشق
- واقدساه
- مناجاة حقيبة /2
- الوطن في تسابيح العشق
- صرخات فتاة كوردية فيلية ليلة التهجير
- احمد الياور:فنان متعدد المواهب من ربى مندلي
- امير الهدى
- مناجاة حقيبة /1
- خبزٌ بطعمِ النَّسيم
- صادروا مني الوظيفة
- الشاعر ميران جمشيد و التراث المفقود
- نفثات الروح في حضرة الوطن
- برواز .. بإمتياز
- هروب قصيدة


المزيد.....




- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...
- اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري ...
- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...
- نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد ...
- إقبال متزايد على تعلم اللغة التركية بموريتانيا يعكس متانة ال ...
- غزة غراد للجزيرة الوثائقية يفوز بجائزة أفضل فيلم حقوقي
- ترميم أقدم مركب في تاريخ البشرية أمام جمهور المتحف المصري ال ...
- بمشاركة 57 دولة.. بغداد تحتضن مؤتمر وزراء الثقافة في العالم ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - ثلاثية الصحن و الكلب و المجنون