أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آلان كيكاني - خفافيش الظلام














المزيد.....

خفافيش الظلام


آلان كيكاني

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 01:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التقيت بأحدهم في مركز للتسوق في عاصمة عربية، يعرج في مشيته، لم يتجاوز الثلاثين من العمر، بيد أن لحيته السوداء القاتمة المسترسلة تصل إلى سرّته، محفوف الشارب بعناية، إزاره يتشمر عن كعبيه، يضع الشماغ على رأسه دون العقال، ينثر التسبيحات والتكبيرات ويتلفظ بحمد الله وشكره في مستهل كل فعل أو قول يقوم به. تقرَّب إليَّ حين علم من أمري وقال محاولاً زرع الطمأنينة في قلبي:
لا تخف سوريا بخير.
قلت: كيف؟
قال: ما شاء الله تعالى على هذه الصحوة المباركة.
قلت: أفصح.
قال: نساء حلب وإدلب.
قاطعته: وما بهن؟
قال: سواد من قمة الرأس حتى أخمص القدمين.
قلت: وكيف عرفت ؟
قال يزيح ثوبه عن ساقه اليمنى ليريني ضماداً يلف ركبته: هذا جرح حدث لي منذ أسبوعين في إدلب وأنا أقوم بواجبي الجهادي.
لم أشأ بفتح باب للحوار معه في مكان عام فتمنيت له الشفاء وودعته.
لم يسمع الظلامي في حلب وإدلب أنين الجرحى وعويل الثكالى وصراخ الأطفال ولم يشمَّ رائحة الدم والموت في كل بقعة من بقاع سوريا، بل ولم يرَ بلداً يتعرض لدمار شامل منذ ما يربو عن السنتين، وإنما كل ما لفت نظره وخطف بصره هو اللون الأسود الذي يلف نساء حلب وإدلب! هكذا هو الظلامي، يعشق اللون الأسود، لون الموت والفناء، لون الحزن والكآبة. وهكذا يعبر العدميُّ عن نفسه بشغفه لرؤية المرأة وهي تبدو وكأنها قطعة من ليل دامسٍ، لا طيف شعاع ينير الحياة ويصنعها.
سوريا، صاحبة أقدم أبجدية على وجه الأرض، وموطن الفينيقيين الذين علموا اليونان والرومان صناعة السفن وفن الإبحار، والبقعة الوحيدة في العالم التي لا زالت تحتفظ بالناطقين بلغة السيد المسح، هذه الأرض ترزح اليوم تحت أقدام الظلامين الذين يضربون في طول البلاد وعرضها ينثرون فيها فتاويهم الشاذة ويسرقون بيوتها وينهبون خيراتها بعد أن استوردوا لأنفسهم أمراءً من خارج البلاد وولوهم على أنفسهم وبايعوهم! وليس هذا فحسب، بل وأعلنوا الحرب على فطيرة الكرواسان وأفتوا بحرمة صنعها وأكلها لأنها تشبه الهلال وأكلها فيه استهتار بالعقيدة الإسلامية!
في اتصال مع صديق في إحدى قرى تل أبيض التي باتت منذ أسابيع إحدى البؤر الأكثر توتراً واحتقانا في سوريا، استفسرت منه عن سبب الصدام بينهم وبين جماعة النصرة قال لي: جاؤونا دون مقدمات وقالوا بايعونا. فقلنا لهم من أنتم وعلى ماذا نبايعكم؟ فقالوا نحن المجاهدون في سبيل الله على أرضه الواسعة وأميرنا هو المجاهد أبو المصعب الشيشاني ونريدكم أن تبايعوننا على سنة الله ورسوله. فرفضنا طلبهم وكان ما كان حيث في اليوم الثاني كانت منابر المساجد في تل أبيض تستحل أموالنا وأعراضنا.
هؤلاء هم الخفافيش الظلاميون، بل هم أكثر ظلاميةً من الخفافيش، لأن الخفافيش تستهوي الظلام وتنشط فيه وتجاهد على متنه طلباً لرزقها من حشرة طائرة في جنح الظلام أو نملة تائهة عن سربها عند المساء، أما هؤلاء فهم لا يعشقون الظلام فحسب، بل ويصنعونه ويدمنون على العيش فيه.



#آلان_كيكاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عماة البصيرة
- في تمنيع العقل
- المسلمون وفوضى الحواس
- ثورات الشباب ونصيب الكرد منها
- ثورة تحطيم الأصنام
- اللهم زدني كفراً
- المسلمون مصانع للشهرة
- إلى الأخ آرام في الثوارالبيشمركة
- مرحى للحوار
- والحقد في الصغر كالنقش في الحجر
- مام علي
- أمي
- ملاك الوحي
- ضريبة الزقوم
- كرديستوفر كوردلومبس يكتشف جزيرة كوردسيكا *
- ريح الشمال
- آه يا مصطفى
- أنا وجدي
- حين ينمو الجسد وتتوقف الشخصية عن النمو
- يوم خجلت كوني طبيباً


المزيد.....




- انتقادات لترامب بعد استخدامه كلمة معادية لليهود
- تحقيق حصري: هل الكنيسة الروسية في السويد وكر للجواسيس؟
- فوق السلطة: نتنياهو مكلف بتعجيل ظهور المسيح وهذا ما يفعله
- روسيا تصبح أول دولة تعترف بالإمارة الإسلامية في أفغانستان
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- أغاني حصرية هتفرح أطفالك طول اليوم .. تردد قناة طيور الجنة ب ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- السعودية وفكرة بناء كنيسة قبطية على أرضها.. البابا تواضروس ا ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- قرأت لكم -انكسار الروح- لمحمد المنسي قنديل


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آلان كيكاني - خفافيش الظلام