أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آلان كيكاني - والحقد في الصغر كالنقش في الحجر














المزيد.....

والحقد في الصغر كالنقش في الحجر


آلان كيكاني

الحوار المتمدن-العدد: 3047 - 2010 / 6 / 28 - 14:40
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    



رداً على سؤال عن كيفية إصلاح الإنسان التركي قال الكاتب التركي الساخر المغفور له عزيز نيسين : هناك طريقة واحدة وهي أن نأتي بآلة للزمن تعيد كل تركي بالغ إلى أيام طفولته الأولى ومن ثم نقوم بتربيته من جديد تربية إنسانية قائمة على أسس حضارية , وبهذه الطريقة فقط يمكن أن نبني إنساناً تركياً مثالياً بعيداً عن الهمجية والتخلف , وبغيرها لا يمكن أن يصلح التركي أبداً .
لا أود الإساءة إلى أحد في هذه الأسطر فالشعب التركي كما كل ملل الأرض فيه الصالح وفيه الطالح وإنما ما يهمني من قول عزيز نيسين الحكمة المبطنة فيه والتي تنم عن حقيقة علمية ساطعة لا ريب فيها , وإنْ أوردها عزيز على شكل طرفة يضحك بها قراءه كما درج على فعل ذلك في جل أعماله , وكأنّ عزيزاً يقول أن شخصية الإنسان وطباعه تتكون بشكل أساسي في سني الطفولة والمراهقة حين يكون صلصالاً طرياً ليناً , حيث نستطيع أن نصنع منه ما نشاء , أو ورقة بيضاء يمكن أن نكتب عليها ما نريد , أو صخرة نستطيع أن ننحت منها الشكل الذي نرغب , وإذا كبر فقد مرونته ومطاوعته ومن الصعب ثنيه عن طباعه التي اعتاد عليها مهما كانت سيئة , وهذه الحقيقة دفعت الدول المتقدمة إلى الأهتمام الكبير بأبنائها في سني الطفولة والفتوة بتنشئتهم على قاعدة مدنية علمية قائمة على الإحترام والمحبة والتسامح ونبذ العنف والكراهية والعنصرية , فأنتجت هذه الدول مجتمعاً يكاد يكون خالياً من أية عقدة نفسية أو إجتماعية , ينطلق في الحياة باندفاع دون أن يعيقه عرق أو دين أو لون أو لسان . هذا في الغرب , فما حال شرقنا هذا من هذه المعادلة الذهبية ؟
لا يزال السياسيون والمسؤولون عن حقل الثقافة في معظم دول الشرق ينفثون السموم في أدمغة الناس منذ الصغر تحت ذريعة تنمية الشعور القومي والوطني لدى الناشئة حيث يلقنونهم أفكاراً متطرفة توهمهم أنهم خير أمة على وجه الأرض وأنهم من تبر وما سواهم من تراب , والنتيجة هي وقوع الأجيال في فخ العنصرية العمياء والكراهية المقيتة .
ولعل خير مثال يمكن أن أورده هنا هو هذا الموقف الذي جرى لي منذ أيام قلائل وهو الذي جعلني أكتب هذه الأسطر :
مطعم تركي قريب من بيتي اعتدت على التعامل معه كزبون دائم منذ أكثر من سنة , يديره ثلاثة شبان لم يبلغوا العشرين بعد , وهم من سكان ولاية هتاي أو ما يعرف سورياً بلواء اسكندرون , ولعل هذا هو السبب في تقربي منهم وتوددي إليهم وتقديمي بعض الخدمات الطبية لهم مجانا , انطلاقا من شعور وطني سوري , إذ لا يخفى على أحد أننا كسوريين تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن لواء اسكندرون أرض سورية مغتصبة أُلحِقت عنوة بتركيا في عام 1939 دون إرادة أهلها . إلّا أن هؤلاء الفتيان سرعان ما انفضوا عني حين علموا أنني مجرم , علموا ذلك من خلال حديثي أمامهم بالكردية إلى أحد الأصدقاء إذ فجأة اكفهرت وجوههم وبانت عليها علامات القلق والخوف وباتوا يتجنبونني وكأنني أحمل مرضاً خطيراً معدياً .
الكردية , إذاً , جريمة في نظر هؤلاء , وكونك كردياً فأنت مجرم يجب أخذ الحذر والحيطة منك لأنك خطير لا تعرف غير القتل , وأنت متمرد انفصالي تقاتل في سبيل شرخ الأرض التي خلقها الله للترك وحدهم دون سواهم .
هذا ما دأبت الآلة الإعلامية التركية على تلقينهم منذ طفولتهم مما جعلهم يكنون لي العداء لمجرد علمهم بانتمائي الكردي .
لم ألمهم في شيء , رغم شعوري بالأسف عليهم , فليس من أحد يخلق عنصرياً , والعنصرية صفة غير محمولة على المورثات يمكن أن تنتقل من الأبوين إلى الأبناء وإنما هي مكتسبة يتعلمها الفرد من محيطه من خلال التربية والتعليم ووسائل الإعلام بصورة رئيسة .
بث سموم الحقد والكراهية في رؤوس هؤلاء الفتيان , العرب عرقاً والعلويين مذهباً , منذ الطفولة هو المسؤول عن تصرفهم الأرعن تجاهي . وهو المسؤول عن إقدام الجندي التركي على الدوس على جثث المقاتلين الكرد ليلتقط لنفسه صورا تذكارية يتباهى بها أمام ذويه وأصدقائه , بعد الانتهاء من الخدمة العسكرية , على أنه صنديد قاهر لأعدائه ! يقوم بفعله هذا بدم بارد ووحشية قل نظيرها , حتى القبائل البدائية لا تفعلها , ومعروف أن العرف القبلي الذي ينعت دائماً بالمتخلف يقضي أن العدو إذا سقط أرضاً لا يجوز المس به حياً كان أم ميتاً , والاعتداء عليه وهو مطروح ليس من شيم الرجال الشجعان المحترمين بل هو من صفات الأنذال والجبناء , إلا أن هذا العرف يبدو غير موجود في ضمير العسكر التركي وسياسييه لأنهم من إنتاج مطابخ أتاتورك العنصرية .
لو كنت في موقف مفاوض كردي مع الحكومات المضطهدة للكرد لطلبت منها شيئاً واحدا :
أن ارسموا في أذهان أولادكم صورتي جميلة غير مشوشة .
لعمري أن هذا هو مفتاح كل الحلول والحقوق .
فما قيمة دستور يعترف بي ولكنه يقبع على الرف ويتراكم عليه الغبار ؟
أو ما قيمة دستور يشمل حقوقي ولكن تسهرعلى تطبيقه عقول مريضة



#آلان_كيكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مام علي
- أمي
- ملاك الوحي
- ضريبة الزقوم
- كرديستوفر كوردلومبس يكتشف جزيرة كوردسيكا *
- ريح الشمال
- آه يا مصطفى
- أنا وجدي
- حين ينمو الجسد وتتوقف الشخصية عن النمو
- يوم خجلت كوني طبيباً
- عيشو وجانيت
- حديث شيوخ


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آلان كيكاني - والحقد في الصغر كالنقش في الحجر