أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة















المزيد.....

تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة من أغرب ما شاهدته المملكة المتحدة لأكثر من مائة عام الماضية وربما سوف لن تتكرر في المستقبل المنظور. إذ تعتبر هذه النتائج نوعاً من الانحراف في الديمقراطية بسبب الحملات الإعلامية السلبية الضارية التي مارستها وسائل الإعلام البريطاني وأحزاب المعارضة حيث بذلت كل ما في وسعها على نشر البلبلة الفكرية وتضليل الناخب وتشويه صورة توني بلير وحكومته العمالية والتنكر لكل المكتسبات الاقتصادية التي حققتها والتركيز على حرب العراق ومشاكلها، من أجل الكسب السياسي ولو على حساب الحقيقة والمصلحة الوطنية.

وتأتي غرابة النتائج من اعتبار الأحزاب الرئيسية الثلاث رابحة وخاسرة في آن واحد في هذه الانتخابات. إذ اعتبرت الصحافة حزب العمال خاسراً رغم أنه فاز بالسلطة بأغلبية مطلقة وللمرة الثالثة على التوالي لأول مرة في التاريخ، لأنه خسر 6% من الأصوات و 96 من المقاعد عما كان عليه في الدورة السابقة. كذلك حزب المحافظين رغم أنه كسب 33 مقعداً إضافياً، إلا إنه أعتبر خاسراً لأنه لم يكسب أي زيادة في عدد أصوات الناخبين عن انتخابات عام 2001. وحتى حزب الديمقراطيين الأحرار الذي كسب زيادة في عدد المقاعد وأصوات الناخبين، إلا إنه يعتبر خاسراً لأنه فشل في استثمار الفرصة الذهبية التي توفرت له لأول مرة لتحقيق المزيد، حيث عدد المقاعد التي فاز بها 62 (9.6%) لا يتناسب مع عدد الناخبين 22% الذين صوتوا له.
لذلك وبعد أن هدأت العاصفة أرى من المفيد تحليل نتائج هذه الانتخابات لاستخلاص الدروس من خبرة هذه الدولة العريقة التي تعتبر قلعة وموطن ولادة الديمقراطية الحديثة والاستفادة منها للتجربة العراقية في الديمقراطية الناشئة.

تنقسم بريطانيا إلى 645 دائرة انتخابية لملء 645 مقعداً برلمانياً. وفي هذا البلد نظامان انتخابيان، نظام الفائز الأول First past the post (FPP) لانتخاب أعضاء مجلس العموم (البرلمان المركزي) الذي جرى يوم 5/5/2005. ويكون الفائز وفق هذا النظام هو المرشح الذي يحصل على أكبر نسبة من الأصوات حتى ولو كانت دون 50 بالمائة. والنظام الثاني وهو التمثيل النسبي Proportional Representation (PR) الذي يجري لانتخاب نواب البرلمانات المناطقية، سكوتلاندا وويلز وآيرلندا الشمالية (ألستر) وكذلك لانتخاب نواب الوحدة الأوربية.
وفي هذا العرض سنحلل النتائج وفق نظام الفائز الأول FPP ونقارنها مع نتائج فيما لو طبق التمثيل النسبي PR، فنلاحظ الفرق الشاسع بين نتائج النظامين.
1- يبلغ تعداد الشعب البريطاني حوالي 60 مليون نسمة، وعدد البالغين (18 عاما فما فوق) الذين يحق لهم المشاركة 44 مليون نسمة، أي بنسبة 73% من الشعب يحق لهم التصويت، مقارنة بالشعب العراقي البالغ 27 مليون نسمة والذين تم تسجيلهم للانتخابات الأخيرة حوالي 14 مليون نسمة، أي بنسبة 51% . وهذا يكشف لنا فئات الشعب العمرية. ففي بريطانيا يبلغ الذين دون 18 عاماً حوالي 27%، بينما في العراق تبلغ نسبة هذه الفئة 49%، أي حوالي نصف الشعب العراقي هم دون سن البلوغ. ولهذه النسبة جوانب اجتماعية وسياسية واقتصادية سلبية خطيرة.

2- نسبة الأصوات لكل حزب عدد المقاعد وفق نظام الفائز الأول
العمال: 35.2% 356
المحافظون 32.3% 197
الديمقراطيون الأحرار 22% 62
آخرون 10.5% 30
المجموع 100% 645

3- من هذه الأرقام نعرف أن الفرق في نسبة أصوات الناخبين بين الحزبين، العمال والمحافظين، حوالي 3%، بينما الفرق في المقاعد 159 (24.6%). فلو طبق نظام التمثيل النسبي لصارت حصة كل حزب من المقاعد إلى نسبة أصوات الناخبين كالآتي:
نسبة الأصوات لكل حزب عدد المقاعد حسب التمثيل النسبي
العمال: 35.2% 227 (بنقصان 129)
المحافظون 32.3% 208 (بزيادة 11)
الديمقراطيون الأحرار 22% 142 (بزيادة 80)
آخرون 10.5% 68 (بزيادة 38)
المجموع 100% 645
(ملاحظة: هنا اختلاف قليل في عدد المقاعد عن دراسة الأستاذ جون كيرتس، المنشورة في صحيفة الإندبندنت اللندنية يوم 10 أيار/مايس الجاري، فالأرقام اقتبستها من موقع البي بي سي، أذكر الرابط في نهاية المقال لمن يرغب المزيد).

4- كما أسلنا في أعلاه، لم تتغير نسبة أصوات الناخبين لحزب المحافظين في الانتخابات الأخيرة 32.3% عن انتخابات عام 2001، وهي النسبة التي حصل عليها حزب العمال تحت قيادة مايكل فوت عام 1983 والتي اعتبرت في وقتها أبشع كارثة انتخابية نزلت بحق حزب العمال مما أدى إلى استقالة زعيم الحزب. ولكن رغم ذلك حقق المحافظون 31 مقعداً زيادة على ما حققوه عام 2001. وهذا يعني أن تغيير زعيم حزب المحافظين لم يحقق لهم أي نفع. وربما هذا هو سبب عزم مايكل هاوارد على الاستقالة من زعامة الحزب ولو ادعى أن ذلك بسبب العمر!. أما كيف جاءت هذه الزيادة في عدد المقاعد لحزب المحافظين دون أن ترافقها زيادة في أصوات الناخبين فهو أن حوالي 6% من الذين صوتوا لحزب العمال عام 2001، غيروا ولاءهم وصوتوا لحزب الأحرار، وبذلك وفروا الفرصة لمرشحي المحافظين بالفوز في المناطق الهامشيةseats marginal التي كان فيها الأحرار لا نصيب لهم بالفوز حتى مع التصويت التكتيكي في تغيير الولاء لصالحهم.
أما لماذا غير ناخبو العمال ولاءهم في الانتخابات الأخيرة وصوتوا لمرشحي حزب الأحرار، فذلك لثلاثة أسباب وحسب أهميتها: حرب العراق، فرض حكومة العمال أجور دراسية على طلبة الجامعات، وأخيراً قرار منع صيد الثعالب fox hunting الذي أغضب نسبة كبيرة من سكان الأرياف الذين كانوا يكسبون رزقهم من هذه الرياضة الوحشية.

تشويه آخر للديمقراطية وفق نظام الفائز الأول FPP ، فرغم أن حزب العمال حصل 35.2% من أصوات الناخبين وهذه النسبة أقل من ربع السكان الذين يحق لهم التصويت، إلا إنه فاز بالأغلبية المطلقة من المقاعد البرلمانية التي تمكنه من حكم البلاد. وهذا يعتبر أقل نسبة من الأصوات تحصل عليها حكومة منذ أكثر من قرن. ولهذا السبب، برزت جماعة بقيادة صحيفة الإندبندت ومعها حزب الديمقراطيين الأحرار، أشد المتضررين بنظام الفائز الأول، يطالبون بتغيير هذا النظام إلى التمثيل النسبي الذي يعتبر اكثر عدالة في تقرير عدد المقاعد حسب نسبة أصوات الناخبين.
ولكن هناك مساوئ لنظام التمثيل النسبي، منها: أنه في أغلب الأحيان لا يستطيع حزب واحد أن يحصل على الأغلبية المطلقة من المقاعد ليشكل الحكومة لوحده وبالتالي تتشكل حكومة ائتلافية التي يفرض فيها الحزب الأصغر شروطه على الحزب الأكبر. وغالباً ما يكون الوضع السياسي غير مستقر كما هي الحال في إيطاليا. كذلك لا يعرف سكان الدائرة الانتخابية من هو ممثلهم في البرلمان ولا يهتم النائب بكسب رضا سكان منطقته الانتخابية. بينما في النظام الفائز الأول هناك دوائر انتخابية، يعرف سكان كل دائرة نائبهم فيراجعونه في مشاكلهم ويصوتون له حسب اهتمامه بهم. ولذلك فإن الحزبين الكبيرين المتناوبين على السلطة في بريطانيا، العمال والمحافظون، كانا دائماً ضد تغيير النظام الانتخابي. ولكن على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة هناك تحرك حتى من داخل حزب العمال لتغيير هذا النظام إما إلى التمثيل النسبي أو إلى نظام آخر أكثر عدالة في توزيع المقاعد حسب نسبة الأصوات.

فما الدرس المستخلص للعراق؟
أعتقد، طالما لا توجد في الوقت الحاضر، أحزاب قوية في العراق والديمقراطية الوليدة مازالت في مراحلها الأولية، يفضل الاستمرار على نظام التمثيل النسبي ولكن مع تغيير. ففي الانتخابات العراقية الأخيرة يوم 30 كانون الثاني 2005، اعتبر العراق كله دائرة انتخابية واحدة، ولهذا النظام مساوئه. وأهم سيئة أن بإمكان الحزب أن يفرض مرشحين كما يريد دون الاهتمام بعدالة توزيعهم حسب المناطق. وبذلك تحرم بعض المناطق من نسبة عادلة من النواب تتناسب مع نسبة سكانها. كذلك لا يهتم النائب بمشاكل المنطقة التي جاء منها لأنه لا يمثل منطقة بذاتها وفوزه لا يعتمد على كسب رضا سكانها. ولسد هذه الثغرة هناك حل في التمثيل النسبي بأن يقسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، أي اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، ويكون مرشحو الأحزاب من أهل تلك المحافظة، يتنافسون داخل كل محافظة وليس على نطاق الوطن ككل.

________________
مقالات ذات صلة بالموضوع:
1- رابط البي بي سي:
http://news.bbc.co.uk/1/hi/uk_politics/vote_2005/constituencies/default.stm).



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
- فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
- المحاصصة شر لا بد منه!!
- حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية
- محنة العراق وبن سبأ الإيراني
- فتنة المدائن صناعة بعثية
- هل البعث قابل للتأهيل؟؟؟
- ملاحظات سريعة في ذكرى سقوط الفاشية
- مغزى عولمة تشييع البابا يوحنا بولس الثاني
- علاقة سلوك البشر بالحيوان في الرد على بن سبعان
- لماذا الأردن أخطر من سوريا على العراق؟
- تحية للمرأة في يومها الأغر
- سوريا والإرهاب
- أعداء العراق في مأزق
- اختيار الطالباني رئيساً ضرورة وطنية
- من وراء اغتيال الحريري؟
- بريماكوف الأكثر عروبة من العربان!!
- وحتى أنتِ يا بي بي سي؟
- العراق ما بعد الانتخابات
- مرحى لشعبنا بيوم النصر


المزيد.....




- كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
- وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت ...
- ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة ...
- العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
- وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش ...
- تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
- أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
- الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
- بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن ...
- حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة