أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الزقزوق - الإحباطُ ينتقل كما الأنفلونزا














المزيد.....

الإحباطُ ينتقل كما الأنفلونزا


محمد الزقزوق

الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 16:36
المحور: الادب والفن
    


من يزيل هذا الفتور الجاثم على نَفسِ المكان , أو من يوقف سيل الأفكار المنهمر من رأسي تجاه الأرضِ انخفاضاً و إلى سقف الغرفة علوا , فيتوقف هذا الضنين و أصل إلى دقيقة عدم حقيقية ينعدم فيها اى نوع من التفكير في اى شئ مهما كان التفكير فيه مهماً



المشهدُ يبدو أكثرَ ميوعةً فلا أستطيع تحديد حالة شعورية واحدة أشعرُ بها , الدقيقة الواحدة تشهد ثلاثة حالات على الأقل ويكون الانتقال من الأولى الثانية حادةً عنيفاً يجعلك تعتقد أن ثمة جنون لا ريب فيه يستقرني, أشعرُ أنني أريد تمزيق صوت بائع ( الانحاس والالونيوم ) الذي يتسلل من النافذة كلصٍ تماما فيفسد اى لحظة خلوة ويقطع اى محاولة استقرار ذهني .



وما أن ينتهي من جوقة الأصوات التي يُلقي بها في الشارع كطفلٍ مشاكس يتعمد رمي القمامة قطة , قطعة حتى يندلع صوت بائع (المي الحلوه) أكثر عنفاً و ضجيجا ً , يندفع الصوتُ محملاً بصخبِ الشوارع ِ و قيظ الشمس فإذا ما أصاب أذنك أفسدَ محاولاتك الدءوبة للاستحضار الهدوء و جلب الاسترخاء , وهي عادة الأشياء التي بعد أن تُحّمل بالطاقات اى كان نوعها تعكس نفسها على الأشياء الأخرى , بعض الناس المحبط الحائر الصامت بمجرد النظر إلية ينقل لك هذا الخليط من عوامل الموت التي يشعر بها .



الأمر يرادف العدوى تماماً , الإحباط وخيبة الأمل ينتقل كما تنتقل الأنفلونزا , ثم عندما يعم المرض وتنتشر العدوى يكون الوباء , وهذا ما نحن فيه تحديدا , فلقد أصاب وباء الإحباط السواد الأعظم من الناس , و دخل كل البيوت , واخذ يفتك بنا في الوقت الذي عزت فيه الأدوية المضادة له , كالأمل أو التفاؤل والايجابية .



البلاد لا تهدأ وساكنيها حيارى ومساكين , كيف يمكن لي لن أصدق أن مكانا كهذا الذي أعيش فيه , مختلف الثقافات , غريب الأطوار , متغير المزاج , متشعب الاتجاهات والميول , كيف لي أن اصدق أن حالة ما ,تسيطر على كل من يسكنه بنسبٍ متفاوتة ,.



من منكم يستطيع أن يقول لي أنه لا يشعر بخيمة الأمل جراء ما يحدث ؟ من منك يستطيع أن ينكر حجم الإحباط الذي يكبر فيه شيئا فشيئا ؟ ومن منكم لا يعاني من المرض أو لم تصله العدوى ؟ ومن منك لم يراوده شك فقدان الأمل في التغير ؟ إلى متى يستمر هذا الحال ؟و طنٌ يجر من رأسه ويمسح به الأرض , منقسم ومتفرق , ضعيف وحائر , قبيح من فرط قبحنا و أسود من جحيم قلوبنا .



قولوا لي بربكم كيف لي أن اصدق أني فلسطيني وان من يعيش في الضفة الغربية فلسطيني وأننا مواطنين في نفس الدولة , اى مواطنة هذه التي لا تشرك مواطنيها بأي شكل من أشكال الالتقاء , أعلم أن الهم المشترك هو الاحتلال موجود ويعاني منه الجميع لكن غزة لا تعاني من الاحتلال الإسرائيلي فقط , هنا فقر , بطالة , جهل , قمع , انقطاع للكهرباء , معابر مغلقة , وشح بالمواد والموارد , هذا كله تنفرد به غزة ويعاني منه ساكنيها .

هذا مزعج وقاتل لكن الأكثر وجعاً في الأمر كله ما نتج عن هذه الأمور من حالة غير مسبوقة من خيبة الأمل و الإحباط الجسيم , الجميع في غزة محبط وأكاد اجزم بذلك , تستطيع أن تشعر أن الناس في هذه البقعة من الأرض ربما تبلدت أحاسيسهم من فيض المعاناة و الألم وما يزيد الطين بلة أن الجميع مستسلم لهذه الحالة , فلا أحد يلوح بفكرة تغير وكأنه لا يمكن تحقيق ذلك , مع أن التغير هو عادة المدينة و التمرد شعارها , ما الذي حصل؟؟



لِما كل هذا الخوف؟؟ لا يمكن تصور التسليم بهذا الواقع , ومن ماذا تخاف غزة ؟؟ هل تخشى الموت وهو من عاداتها اليومية أم أن الضرر لم يمس الجميع وأنا اعتقد أن الألم أصاب الكل وان كافة الغزاوين يعانون تحت عذاب السياط , وتستثمر عذاباتهم لمصالح فئوية ضيقة ومحدودة ,

على الغزاوين أن يدركوا جيدا أن عذاباتهم ليس لأي هدف وطني وأنهم يموتون يوميا بلا هدف بلا سبب وبلا رؤية , عليهم أن يدركوا جيدا أن الحالات الاستثنائية تتحول إلى أمور واقعية سيكون من الصعب أن لم يكن من المستحيل تغيرها , عليهم أن يفكروا جيد في المستقبل الغامض والمبهم والتعيس الذي ينتظر أبنائهم والأجيال القادمة أن استمرت هذه الحالة من التخلف المخزي والانقسام المشين ,



قليل من الغضب قليل من الصوت قليل من الإحساس بالمسؤولية لأجل واقع جديد ومستقبل أفضل .





محمد الزقزوق 1/8/2013



#محمد_الزقزوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة أم كبوة
- غزة على السريع
- حيثُما نَقرأَ تَشدو يَمامة
- الشِعرُ مُضِرٌ بِالصِحة
- إعادة نظر
- في جَلسة تَحضير الأرواح
- للجَميلة غزة / يوميات الحرب
- الحُب حاكِمٌ وجلاد
- غزة واللَعنَةُ الغائبة


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الزقزوق - الإحباطُ ينتقل كما الأنفلونزا