أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الزقزوق - إعادة نظر














المزيد.....

إعادة نظر


محمد الزقزوق

الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 10:47
المحور: الادب والفن
    


رُبما كانَ مهم أن أكتب لِذلك الطِفل الذي ابتَسم لي صَباحاً وكأنهُ يَمنحني فرصةً إضافيةً للتَفاؤل , أو لِتلك المرأة التي خَبزت لي رَغيفين طازجين كَقمرين شَهيين أو لسائق التاكسي الذي كَف شره عني هذه المرة ولم يَبدأ بسرد هموم البَلد وكَأني رئيس الوزراء .

شَخصيات كثيرة تستحق أن نَكتب عنها , لكن كَيف يُمكن للمعنى أن يَسد مسد الصورة ؟ ومتى كانت اللغة صورة صادقة ومُطابقة مطابقةً تامة لما نراه ونسمعه ونعيشه من أحداث , لا أشك أن بِوسع اللغة فعل الكَثير وأنها أداة مُتَميزة لِترجمة الحياة في تَجليات إبداعية يكون الشعر جزءً منها , لكن السؤال كيفَ يُمكن لي أن أُحضر ذلك الطِفل إلى قصيدة شِعر تُطابقهُ تَماماً ؟ وهل سَيكون راضِ عن الشَكل الذي سَتُلبسه اللغة إياه, كَيف يُمكن لامرأة بَسيطة رُبما لا تُجيد القِراءة والكِتابة أن تَفهم ما أُريد أن أوصله لها من خلال الشِعر .

ما الشعر ؟ : الشِعر هو تِلك التَجربة التي تَجعل مِنكَ شاعراً , هو ذاكَ الشئ الذي يُخضِع اللُغة لتَرجمتهُ , القوه الحقيقية تَكمن في عُمق المَشهد وغَزارة التَجربة التي تَجعل مِنكَ شاعراً وتُطَوع اللغة لها .
صَلابة السَيدة التي كانت تَبيع الصَبر عِندما تَوسطت الشَمسُ السَماء وألهبت أشعتها الأرض دونَ أن تَضجر أو تَتَذمر بِكلمة واحدة يَجعلك تَقول شِعراً .

ذلك الرَجل الذي على ساعديهِ تَحطُ الطيور المُهاجرة ومن ماء عينيه تشرب يُنطِقك شعراً , تِلكَ التي تَراقصت كَأفعى وتَمايلت فاستجابت لها الكائنات طائعة يُحيكَ شعراً , من هنا يأتونَ بِالشعر مادة خام يُشكِلها الشُعراء كما يُربدون عَمودياً أو أفقياً .

ما الحب : عِندما تُصاب السَماء بِنوبة حنين مُبكية يَهطل المَطر مُنساب , عذب, طازج , رقيق, مُدهش , هادئ ويُصب الأرض كَما لو أنه سرب حمام , يا الله رائحة التُراب بعدَ الماء شهيه , أصيلة , مُنعشة أملأ رئتيك حب , حب , حب .

ذلكَ الطِفل الذي مُنذُ أن يُشرع ديكه ميلاد اليوم يَبدأ بِاللعب يركض , يصرخ , يضحك , يبكي , لا يترك ذرة تراب إلا ويَدوسها بقدميه الصَغيرتين , تَشُكَهُ شَوكة تُؤلمه قليلاً ثم سرعان ما يُزيلها من قدمه ويواصل اللعب , يَمُر من كُل أزقة المخيم , ويًدخل كل البُيوت , يعرفه الجَميع ولا يَعرف إلا أدوات لعبه يَملئ الحاويات الصَغيرة بِالرمال ثمَ يفرغها ويملئ ويُفرغ ولا يَكل ولا يَمل ويَنتهي النهار وينام خائر القوى وما زال في يده حَجرٌ من حجارة المخيم ما هذا الحب .

القِطة التي تَتَسِع لِتِسعة قِطط صغيرة تَحملها طِوال فترة الحمل ثم تَضع صِغارها وحدها وتَعتني بِنفسها عقب الوضع وحدها وتَعتني بالصغار حتى يَشتد عودهم وحدها دون مساعدة أحد ولا تَسمح لكَ حتى بمجرد الاقتراب منهم ما هذا أنه حب حب حب .

كم من الأشياء نَراها دون أن نُلقي لها بالاً , كم من الأشياء بِحاجة إلى هالة من الضوء , كم من الأشياء بِحاجة إلى إعادة نظر .



#محمد_الزقزوق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في جَلسة تَحضير الأرواح
- للجَميلة غزة / يوميات الحرب
- الحُب حاكِمٌ وجلاد
- غزة واللَعنَةُ الغائبة


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الزقزوق - إعادة نظر