عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4172 - 2013 / 8 / 2 - 03:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بيّنا في آلحلقة ألأولى ألخطوط ألعامة لنهضة ألأمم و بناء ألحضارات و كذا أسباب موتها و دمارها بشكلٍ عامّ كجوابٍ على آلأسئلة ألّتي وردتنا من بعض ألأخوة حولَ ذلكَ, و عرضنا تلميحاً ألأسس و آلمعايير ألكليّة ألّتي من خلالها يتمّ إنتخاب ألأصلح لقيادة ألأمة سواءاً لرئاسة ألمجلس ألنّيابي أو آلقضائيّ أو آلتنفيذيّ أو ألأعلاميّ!
في بلدنا آلأسلاميّ – ألعراق – و لضمور آلوعي و تسطح ألفكر و آلمعرفة ألحقيقية لا يحكم ألنّظام ألأسلاميّ – نظام ولاية ألفقيه – ألذي يسعى لتطبيق ألمبادئ و آلأحكام ألأسلاميّة, و قد بيّنا تفصيلاً سبب هذا آلتدني ألفاضح في آلفكر و آلعقيدة و آلأخلاق و آلمعرفة في مباحث مفصلة سابقة لا مجال لبيانها هنا.
و نظامُ ولاية آلفقيه هو أصلٌ يَتَقَدّم خطوة على "آلدّيمقراطية" في مجال تحقيق ألحقوق و نشر ألعدالة و تتمثل قدرتهُ من خلال مدى تجاوب ألأمة و قبولها لنظام ولاية الفقيه و يعتمد ذلك على مدى الثقافة و الوعي و الأيمان التي تتصف بها الأمة و تتسلح بها!
أمّأ في النّظام ألدّيمقراطي .. و على آلرغم من آلأعتقاد ألسّائد و آلشائع بكون آلنّاس هُمْ مَنْ ينتخبونَ مُمثّليهم بدون مُؤثرات أو لوبيات من وراء الكواليس؛ إلّا أنّ حقيقة ألأمر و كما أثبتتْ الوقائع و آلتجارب العديدة الجارية أو آلتي جرتْ خصوصاً في بلاد الغرب و غيرها قد بيّنتْ بأنّ آلأعلام ألموجه الذي يُسيطر عليه المنظمة الأقتصادية العالمية و تُدار مركزياً من قبل مُدربين تكنوقراط مخلصين لهم و معهم الأحزاب ألرئيسيّة ألّتي يتحكمون بها و آلتي تعتاش على موائدهم!
ما يحصل في آلعادة أثناء آلأنتخابات هو تنافسٌ شديدٌ بين حزبين رئيسيين من تلك آلأحزاب و ربّما أكثر .. حيث يُلاحظ عملية ألأستقطاب و آلشّد و الجذب بين آلجانبين؛ ألجّانب ألحاكم من وراء ىلكواليس و ىلجانب ألمَحكوم و سعيهُ لحفظ ألتوازن بين رأي و حقوق الشعب و بين مصالح ألطبقة ألرأسماليّة ألتي تتحكم بآلأشارة الخضراء, و لو لمْ يتعهد بحفظ الخطوط الحمراء لمصالح ألطبقة ألرّأسمالية فأنه يستحيل على آلحزب او أيّة جهة من آلفوز في آلأنتخابات!
و في آلحقيقة ليس مهماً كثيراّ عند طبقة ألواحد% و من ورائهم ألعمالقة ألكبار ألرأسماليين أنْ يأتي هذا آلحزب أو ذاك ما دام الطرفان – أو بقية الأطراف ألمشاركة في آلأنتخاب و ألتي تتناوب على آلحكم – مُتفقةً على تطبيق و إدامة ألبرنامج أو . G20السياسات ألكلية للمنظمة الأقتصادية ألعالميّة
و لذلك قلنا سابقاً بأنّ: [ألرّأسمالية و آلدّيمقراطية وجهان لعملة واحدة], و آلعراق أليوم مثالٌ بارزٌ على ذلك, حيث تمخّضت عن ألعمليّة ألديمقراطيّة بعد عشر سنوات مجموعة من الأثرياء و آلتجار ألذين لم يكونوا يملكون ثوباً نظيفاً أو راتباً حلالاً؛ لئن يحكموا و يتحكموا بمصير البلاد و آلعباد إلى ما شاؤوا بعد ما أعلنوا تسليمهم المطلق و إنبطاحهم أمام خطط و سياسات المنظمة ألأقتصادية ألعالميّة و منذ أول لحظة – أي قبل سقوط الصنم البعثي الجاهل.
ملاحظة هامة على ما تقدّم و هي: إنّ آلقيم و آلمعايير الأنسانيّة هنا تكون خاضعة بشكل قهريّ و ربّما بشكلٍ طبيعيّ لسلطة أصحاب ألمال و الجاه و آلشّركات, و تتقدّم على مصلحة ألأمة فمصلحتها عادةً مّا تأتي بعد ذلك, من حيث خضوعهم بشكلٍ "قانونيّ" لرحمةِ ألمؤسسات و آلنّظام ألذي يُدير شؤون معيشتهم – أيّ معيشة ألأمة - و تُحقق فرص آلحياة و العمل و آلتنفس لهم!
بجملة مختصرة: بقائهم و حياتهم مرهونة بسياسة ألحكومة التي تُسيرها ألمنظمة ألأقتصاديّة آلعالميّة.
إنّ آلضحية ألأكبر في هذا آلوسط و كما هو واضح هي؛ ألقيم و آلمثل ألأنسانيّة ألعليا و آلحرية ألحقيقيّة و آلتي يسعى آلمستكبرون من حجبها عنهم كي تسهل آلسّيطرة عليهم, لأنّ آلأنسان ألمُحمّل بآلقيم و آلمبادئ لا يرضح لسلطة الظالمين و يصعب إخضاعه و إستعماره, و هذا آلمعنى يتجلّى في آلشّعب ألأيراني و قيادته الألهيّة ألتي أبَتْ أنْ تخضع للقوى الأستكبارية و لهذا نراها تعرّضتْ و تتعرّض على الدّوام للضغط و الهجوم الأستكباري من كلّ ألجّبهات!
ألحريّة تنتهي حين يكون مصير لقمة ألخبز بيد مجموعة لا تعرف معنىً للرّحمة و آلقيم و آلأخلاق!
و بذلك يكون نظام "ولاية ألفقيه" ألذي يُؤكد على ضرورة تحقيق ألقيم و المثل و آلمُثل و آلمبادئ ألأنسانيّة و على رأسها ألعدالة؛ هو آلنّظام ألأمثل ألضامن لتحقيق الكرامة و آلحقوق ألطبيعية و نشر العدل و الكمال الأنساني و كما أراده الله تعالى كفلسفة محورية لخلق الأنسان و هبوطه إلى الأرض!
كما تتذكرون بأننا ذكرنا في آلحلقة الأولى "ألأصول ألأربعة" ألّتي حدّدها آلأمام عليّ(ع) في "آلنهج" كنهجٍ للحكم ألأسلامي ألأصيل و هي:
1- تضييع الأصول و التمسك بآلفروع.
2- ألغرور و آلتكبر.
3- تقديم ألأراذل على آلأفاضل.
4- ترك ألأمر بآلمعروف و آلنهي عن آلمنكر.
و لعلّ أصل الأصول في آلمحاور ألأربعة هو تقديم آلافاضل" على غيرهم في عمليّة ألأدارة و آلحكم, لأنّ وجود ألأفاضل و آلخيّرين في قمّة ألهرم يعني وجود ألصّمام ألآمن و بآلتالي تَجَنُبْ تحقّق ألأصول الأخرى ألمُدمرة للدّولة و آلنّظام و آلأمّة بشكلٍ طبيعيّ, بمعنى أنّ "ألفاضل" لا يتكبّر و لا يغتر و لا يسرق و لا يفسد و لا يزني بل يُحاول تطبيق الأصول والمبادئ التي تُسبب تطبيق الفروع آلثلاثة آلآنفة بآلتوالي عبر آلأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
و آلأهم الذي سيتحقق بعد هذا بشكلٍ حتميّ هو:
إطمئنان ألأمّة على مسيرتها و مستقبلها حين ترى إخلاص ألمُتقدمين عليها و تقواهم و تواضعهم و عدم إرتكباهم للذنوب و آّلحرام و آلسرقات و آلزنى, و هذا آلحال يفرض عليهم ألأستقامة و آلتعاون و العمل بإخلاص مع آلحاكمين و دعمهم بجدٍّ و مثابرة لبناء ألمجتمع و إسعاده و درء ألمحن عنه, و إنْ شذَّ أحدهم أو حتّى مجموعة منهم فأنّ آلنّاس و معهم ألحاكمين سيقفون معاً ضدّهم لهدايتهم و تقويمهم إنْ كان مُمْكناً أو مُعاقبتهم إنْ لمْ تُجدي ألوسائل ألأصلاحيّة نفعاً.
و آلسّؤآل ألذي يأتي تباعاً و يطرح نفسه بعد هذا آلعرض ألأهم في عملية ألسّياسة و آلحكم بين آلنّاس هو:
ما هي آلأصول و كيف نعرفها لنُشخّص ألفاضل لأنتخابه .. لِنُحَقّق آلمطلوب من فلسفة آلحكم في الأسلام لترشيد حركة ألأمة و تجنّب ألمَوتُ "ألمخروم" ألذي بدتْ بوادره في الأمة العربية و حتى الأسلامية و ألذي بيّناه في آلحلقة ألماضية!؟
بلا شك هناك معايير و حقائق تفصيليّة أقرّتها آلرّسالات ألسّماوية و على رأسها آلقُرآن ألكريم و آلعترة(السّنة) الطاهرة تجب معرفتها كي يتحقّق ألمطلوب لنيل ألسّعادة و آلفوز في آلدّارين, و سنُبين ذلك في آلحلقة ألقادمة إنْ شاءَ الله.
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟