|
ديناميكية رفض المخالف والمغاير ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 17:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
رمضان الكريم ، ورغم أن الغالبية لا تصومه لأسباب كثيرة منها ،الوضع الصحي ، المشقة ، ظروف وطبيعة العمل ، التكاسل وعدم الايمان ، فأن المسلمين جميعا لا يجهرون بافطارهم ، لأسباب عديدة اهمها "الحفاظ " على مشاعر الصائمين !! وهذ الامر محمود في حد ذاته ففي المحصلة، فأن احترام المشاعر واجب ومهارة و"ذكاء شعوري " ، يفتقده العرب والمسلمون كثيرا !! ولكن باطن الامور غير ظاهرها ، فمنظومة "المعايير القياسية " اي ،ستانتارد الجودة ، يقتضي وللحصول على "علامة الجودة " أن تتوفر في " المنتوج الاجتماعي "اي الانسان ، مجموعة من السلوكيات تتلاءم مع "مقدسات " هذا المجتمع !! ومنها بل ومن اهمها "الانصياع " لقوانين السلوك " المعتمدة " . وأحد هذه القوانين هو احترام التقاليد ، ولو لم يلتزم الشخص بها (بالتقاليد ) على المستوى الشخصي ، لكن عليه اظهار الولاء لها ، واعتمادها نبراسا وشرعة شخصية !! فرغم ان الغالبية لا تصوم رمضان ، الا ان التظاهر بالصوم ، عن طريق عدم الجهر بالافطار ، يحافظ على "صبغة " المجتمع الدينية !! فالحفاظ على صبغة ولو وهمية ، يؤدي دورا في عدم خرق وتمزيق النسيج الاجتماعي "المنسجم والمتناغم " . لكن ما هي الحاجة الى "مجتمع منسجم ومتناغم " في واقع الحال ؟؟ لقد كانت المجتمعات البشرية في ما مضى ، تستمد قوتها ومقومات وجودها ، وفي مواجهة الاخطار ، تستمد هذه القوة ، من وحدة وتطابق الرؤى والاهداف ، فللمتشابهين رؤى ، معتقدات واهداف ، ويلتزمون بالدفاع عن هذا الكيان "الموحد والمميز " ، وعادة ما كان التهديد قادما من "مجتمعات خارجية ، مختلفة ومغايرة " . جرت مياه كثيرة في الانهار ومثلها من الدماء ، لكن هذا الثمن الباهظ لم "يغير " النفوس وامراضها ما قبل التاريخية !! لقد ادى "الانسجام ، التناغم والتشابه " دوره في الحفاظ على مجتمع متماسك ذو هوية عرقية واضحة واهداف مشتركة . وقامت اليوم ،على انقاض ذلك المجتمع ، مجتمعا ت انسانية ، لا يخيفها ولا تشعر بتهديد اذا خالطها ، شاركها أو عايشها مختلف !! مع أن "الغريزة " ما قبل التاريخية تعود الى الحياة وقت الازمات ، ولنا في الاحزاب العرقية ، العنصرية في الدول المتحضرة خير دليل . على صعيد المجتمعات العربية التي "تشعر " بأنها ما زالت "مهددة بابتلاعها " من قبل المجتمعات المتقدمة ، فأنها تجد ملاذها الاخير ، في اذكاء مشاعر العداء " للتهديد الخارجي " والخطر الوشيك . بحيث تو لد شعور موهوم لدى الافراد والجماعات ، بأن بقاءنا منوط بالتمسك والعض بالنواجذ على "سر قوتنا " ، والذي هو ديننا وعاداتنا وامجادنا وفق منظور الاسلاف والاجداد والسير على خطاهم . اما ما يحصل فعلا ، فهو الانغلاق المحكم على الذات وتهويل المخاطر الموهومة وتعظيم الماضي وتمجيده ، مما يعني عدم المشاركة في نشاط المجتمع البشري الحداثي ، وتحديدا في عدم المساهمة في التراكم المعرفي الهائل والذي يتضاعف في فترة وجيزة ، الامر الذي تكون نتيجته الحتمية ، أن تتعمق الهوة بين سائر البشرية (المغاير والمخالف )، وبين من يعاني رهاب تفكك النسيج الديني والاجتماعي الواحد (المجتمعات العربية المسلمة )!! لذا فأن كهنوت الترهيب والخوف ، ينهجون خطابا متشددا ، متزمتا عدوانيا وعدائيا في الداخل ، مقرون باستعمال القوة او التهديد باستعمالها ، بينما خطابه نحو الخارج فهو خطاب خانع ، لشعوره بالنقض والذي له ما يبرره على ارض الواقع !! اما على صعيد الافراد ، فالشخص الرافض للمغاير والمختلف ، هو في الغالب شخص يعاني من نقص في ثقته بنفسه وثقته بممارساته السلوكية ، فالجهر بالافطار مثلا يضع الصائم امام صراع داخلي قاس واسئلة اصعب هو : لماذا "اخاف "انا بينما الاخر لا يخاف ؟؟ هل حقا ، أن ما اؤمن به هو الحق ؟ وغيري لا يرى فيه قيمة ما ؟؟وهذا هو حال كل عاجز ، فكريا وشعوريا .. هذا التهديد للتوازن النفسي للمؤمن والعاجز ، يتركه امام خيارين ، التمسك بشدة بصدقية معتقداته ، أو التخلي عن معتقداته !! لذا نرى ونسمع التصعيد في الخطاب الديني للعاجزين ، لدرجة اتهام الاخر والمختلف بكل الرذائل ، بل وضمه الى عالم الحيوان ، كوسيلة دفاعية عن ذاته التي نفخوها وعظموها بأوهام الامجاد !! ف "نفخ الذات " هو خيار جيد ، في مواجهة احتمالية أن " تنفجر ذاته" كبالون !! وهذا ما سيحصل عندما يصل نفخ الذات الى اقصى مراحله !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خير اجناد الارض .... العوا ومعمر القرضاوي !!
-
اقصاء المرأة العربية من مواقع اتخاذ القرار .. السلطات المحلي
...
-
ورحل -فلسطيني - اخر ... العفيف الاخضر
-
تعليق على مقال الاستاذ ناصر لعماري بعنوان :رضاع الكبير في ال
...
-
فوائد الضحك
-
ندى الاهدل ايقونة المستقبل ...
-
خليهم يتربوا وخليهم يفرحوا ..
-
احتفاء واعتذار
-
لكي لا ننسى ...
-
البنت ؟؟..شخص غير مرغوب به !!
-
شهيد حتف انفه ..!!
-
الاسود لا يليق بها (اسرائيل )...؟
-
نوسطالجيا الافراد ونوسطالجيا الامم ...!!
-
شيخ محمود يتسبب بقذف الذات الالهية قصة قصيرة
-
النهلستية والاسباب المجهولة للثورة !!
-
هل حقا احلاهما مر يا استاذ جواد
-
ولي النعمة ..والايديولوجيا !!!
-
تداعيات على -وصفة - المفكر العفيف الاخضر للموت الرحيم - بين
...
-
تأثير خفقان جناحي الفراشة
-
نعي فاضلتين !!
المزيد.....
-
اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
-
حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
-
بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو
...
-
بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص
...
-
فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا
...
-
السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د
...
-
ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا
...
-
العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
-
اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
-
موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|