أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال سيف - دبي حاضنة النور














المزيد.....

دبي حاضنة النور


طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)


الحوار المتمدن-العدد: 4167 - 2013 / 7 / 28 - 08:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



فجأة خرجت من مسجد محطة تموين السيارات مندفعا ، وإذا بسيارة شرطة تمر فى نفس الطريق وفى ذات التوقيت . توقفت مضطربا ، خوفا من الاصطدام . فسمعت صوت مكباح السيارة وقد توقفت بعنف شديد ، وإذا بي وكعادتي التي توارثتها فى طرقات بلادنا ، أشرت للسائق بيدي كي يمر . رأيت الضابط الجالس إلى جواره وهو يبتسم ويشير بيده كي أمر أولا . أعدت الإشارة ، فعاود الإشارة مرة أخري وتمتم بشفتيه ، وقد فهمت من إشاراته وتمتماته ، أنه يقول : الأولوية للمشاة . ولأن الطبع يغلب التطبع والعادة تعلو التعود . فظننت خيرا فى شخص الضابط ، حتى فوجئت بأن النظام والإنسانية والقانون ودولة المؤسسات هم مفردات هذه المدينة المرتبة حد الإزعاج . المضيئة حد التعجب . النظيفة حد الإبهار ، وجاءني ذلك اليقين ، بعد ذلك الموقف المحرج الذي تعرضت له وصديقي محمد ، لحظة أن كنا بشاطئ الجميرة وبيد صديقي هاتفه النقال . فأتانا بشكل مفاجئ وبطريقة فجة عنيفة شرطي أسيوي ، لا يتحدث العربية ولا الانجليزية . أمسك صديقي من يده وراح يصرخ . فدفعته بعنف يناسب حجم الهجوم غير المبرر . راح يشير ناحية شخص يجلس بعيدا عن الشاطئ . ولأنني كنت محض زائر لهذه المدينة . لم أفهم الموقف جيدا . فقال صديقي : هو يطالبنا بالذهاب إلى ضابط الشرطة . لكنني لم أر إلا شابا بزي الشاطئ . يرتدي قبعة رياضية على رأسه . حينما اقتربنا منه . رأيته يقف فى أدب . تداعب شفتيه ابتسامة رقيقة ، وقد أخرج شارة عمله وعرفنا بشخصه ، ثم قال قبل أن نبدأ الكلام : حياكما الله . أعتذر عن عنف الشرطي . لكنه ربما يكون متعب من ارتفاع درجة الحرارة ، وراح يعطي مبررات خجولة كي يخفف حدة توترنا وانزعاجنا . قلت له : أريد تفسيرا مقنعا لهذا الموقف وإلا اضطررت لعمل محضر ضد شرطة دبي . راح الضابط يعتذر بشده وقال منذ قدومكما وأنا أعرف أنكما لا تفعلان هذه الأفعال، فأنا دارس جيد لعلم النفس ومهنتي تحتم علي قراءة وجوه الناس . وكان يقصد بتلك الأفعال ، تصوير النساء بالمايوهات على الشاطئ مثل بعض المصطافين الشرق أسيويين على حد قوله. فطلبنا منه أن يتفحص الصور، وحاول صديقي أن يعطيه الهاتف . فرأيته فى حاله تلقائية وسريعة يضع يديه خلف ظهره مرددا : لا يحق لي ذلك قانونا . فعدت وطلبت منه وأقسمت عليه . فقال برقة تناسب إنسان مثقف : لماذا تقسم يا سيد ؟ لابد من إذن نيابة كي أتفحصه. أخذت الهاتف من صديقي ورحت أستعرض الصور أمامه . رأيته خجولا محرجا ، وادارك فى القول : يا ساده أرجو لكما رحلة سعيدة وأن تكون دبي قد أعجبتكما ونتمنى لك أن تزورنا ثانية ، بعدما علم أن صديقي مقيم . تلك القراءة العجولة ليست للإعجاب أو السرد القصصي ، لكنها قراءة متأنية فى طريقة تعامل الأمن مع الزائرين والمقيمين ، بدلالات تفضي إلى احترام آدمية البشر . بالطبع أعرف أن بعض القراء وكعاداتنا فى الهجوم ، سيحيلون تلك القراءة إلى استغلال العمالة ومنح الغرباء رواتب غير آدمية ، لكننا سنحيل تلك القراءة السطحية إلى تلك المقولة الشهيرة " العقد شريعة المتعاقدين " وأن فكرة المساواة بمفهومنا العربي ، هى أسوء ما أنتج تاريخ الإنسانية ، وهي أيضا لبنة تخلف عالمنا العربية ، فثمة فارق كبير بين العدالة والمساواة . فالأولى تعطي الإنسان بالقدر الذي يستحقه فلا يمكن أن تقنعني أن مستشفى أي مستشفى ستتعاقد مع الدكتور مجدي يعقوب بنفس الأجر الذي ستتعاقد به مع طبيب شاب حديث التخرج ، من باب ما يسمى بالمساواة ، وإلا فالعجز والإهمال سيكونان نصيب صاحب المشفى . فالدول التي تأسست على الانفتاح الغربي ، لا تعترف بوهم القيم الرجعية . فالقانون والنظام هما أساسيات النهضة فى الدول الراغبة فى التقدم ، دون ترك المجال لمبررات عقيمة تعوق مسيرتها . ولأنني أعلم ما تعرضت له دولة الإمارات فى الآونة الأخيرة من هجوم غير مبرر وبسذاجة راح البعض يردد أن دبي " مرقص " كبير . أود أن أذكر حكاية تقول : يحكى أن ملكا أرسل ثلاثة إلى مصر ، وبعد شهر عادوا إلى الملك فسأل أولهم عن مصر فقال : أهلها فاسقون وهي بلد حاضنة للخمر والدعارة فقال الملك : صدقت ، ثم سأل الثاني فقال : هي بلد المساجد والعلم والتقوى والإيمان، فقال الملك :صدقت ، أما الثالث فقال : هى بلد بين الإيمان والدعارة تعيش ، فقال الملك أيضا صدقت . فتعجب القوم من تصديق الملك الذي قال للحضور : أما الأول فلم يزر إلا الخمارات وبيوت الدعارة . أما الثاني فلم يزر إلا الأزهر والمساجد وحلقات العلم ، والثالث ترنح بين هذا وبين ذاك . فأنت ترى دبي بعين حالك أيها المبجل ، واختر لنفسك بأي عين تراها . إن دبي حاضنة النور شاء من شاء وأبى من أبى ، ورغم حبي لتلك المدينة التى أراها حاضنة النور إلا أنني مازلت عنصريا وللأقصر التي هى مولد النور عاشقا ، فإن كانت دبي الحاضنة ، فالأقصر هى الوالدة ، وإن كانت الشارقة للطيبة جامعة ، فأسوان هي ميلاد حقيقة الطيبة والطيبين . وإن كانت أبوظبي للثقافة حاضنة فجامعة أون بهوليوبوليس كانت منارة منارات ثقافة العالم . نحن لا نقارن بين أخوين . لكننا نتمنى أن يكون للمصري كرامته التى تليق بحضارة مولد النور . إنها مصر يا سادة . فرفقا يا مصر بالعاشقين . وسلاما دبي حاضنة النور .



#طلال_سيف (هاشتاغ)       Talal_Seif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تموت القضايا
- خاتم سليمان من الطمس إلى الاشتياق
- الانقلاب .. الدم .. الخيانة
- ثنائية الرأسي والأفقي فى حصن براون الرقمي وشوارع محمد ناجي ا ...
- الثورات العربية من عقل الكاميرا إلى غباء السياسة
- إعلام العار .. عورة العقل
- معذرة ماركس .. الكهنة تجار الأفيون
- أوتوجروت الألماني وإعلام جحر الضب العربي
- الإخوان من السياسة إلى المخولة.. الرئيس مرسي يستخول للبقاء ف ...
- دعوة إلى الكفر
- (سورة الإنسان -- إلى ملح الأرض عمال مصر ) قصيدة للشاعر سامح ...
- فى انتظار المسيح
- برامج النميمة من قناة الجزيرة إلى تليفزيون الحارة
- إزميل و- استراكا - ويد واحدة للحفر
- النقد التليفزيوني - من المنهجية إلى الارتجال -
- - إختشي يا صلاح -
- الشيخ الشوارعي - محمد عبدالله نصر -
- الفريق شفيق .. المنتخب مرسي
- جماعة الاخوان وجماعة عبدالحميد أبوصبري
- على حد علمي


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال سيف - دبي حاضنة النور