أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قصص أبطالها حيوانات والأصل المصرى















المزيد.....

قصص أبطالها حيوانات والأصل المصرى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 17:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يعتقد كثيرون أنّ الشاعر اليونانى (إيسوب) أو(إيسوبوس) حسب النطق اليونانى أول من استخدم الحيوانات والطيور كأبطال لقصصه وذاعتْ شهرتها فى القرن السادس ق. م وترجمها إلى اللاتينية (فايدروس) الذى قلده الغربيون ونقلوا عنه خاصة الشاعر الفرنسى (لافونتين) ويتمادى البعض فيكتب أنها ((الأولى فى الأدب القديم)) كما ورد فى الموسوعة العربية الميسرة (ط 65- ص287) أما أشهر القصص التى اتخذتْ من الحيوانات أبطالها فهى (كليلة ودمنة) وهى هندية الأصل كتبها الفيلسوف الهندى (بيديا) وتستهدف بثْ المواعظ الأخلاقية. وتم نقلها إلى اللغة البهلوية. ثم ترجمها عبدالله بن المقفع (724- 759) إلى اللغة العربية. وكان يستهدف من ترجمتها نصيحة الخليفة المنصور إلى ما يجب أنْ يتبعه مع المحكومين من مراعاة العدل ، فى ضوء الاسقاط الوارد فى قصص كليلة ودمنة التى يرى كثيرون من المؤرخين أنه أضاف إليها بعض القصص من تأليفه. وأنّ بعض الأدباء العرب فعلوا ذلك بعده. وأنّ تلك الاضافات هى السبب فى الانتشار الواسع الذى لقيته تلك القصص بين الشعوب ، وكذلك التحوير والتغيير فى تركيب الجملة وفقــًا للأسلوب العربى . أما الأصل السنسكريتى والأصل البهلوى فمفقودان ، ولكن تم العثور على قصص منها فى ملاحم (البانتشتانترا) و(المها بهارتا) فى الأدب السكنسكريتى . ويرى بعض الباحثين أنّ الفرس أضافوا إلى الأصل الهندى بعض القصص . كما تمتْ ترجمتها إلى عدة لغات. أما الروايات العالمية التى أبطالها من الحيوانات فإنّ أشهرها رواية (مزرعة الحيوان) للأديب البريطانى جورج أورويل (1903- 1950)
تلك هى الشهرة الذائعة والسائدة فى معظم ثقافات الشعوب المختلفة ، بينما البرديات المصرية المحفوظة فى العديد من المتاحف العالمية ، بها العديد من قصص أبطالها حيوانات وطيور. وأنّ تلك القصص هى الأقدم والأسبق تاريخيًا ، وأنّ كثيرين من اليونانيين نقلوها عن البرديات المصرية. وأنّ تلك الحقيقة اعترف بها كثيرون من علماء علم المصريات أمثال (كلير لالويت عالمة المصريات الفرنسية مؤلفة كتاب " نصوص مقدسة ونصوص دنيوية من مصر القديمة- المجلد الثانى بعنوان الأساطير والقصص والشعر) وأشار العالم (بيير جريمال) فى تقديمه للكتاب المذكور إلى قصة (الحمار والحبل) وتحكى عن حمار يعض ويقرض فى حبل مجدول ، وكلما تهرأ الحبل يتحوّل إلى صورته الأولى فى متانته وقوته. وأنّ تلك القصة التى أبدعها جدودنا المصريون القدماء ((تستعيد إلى الأذهان صخرة سيزيف)) (المجلد الثانى ص 17) والمغزى فى القصة المصرية التى انتقلت إلى الأسطورة اليونانية واحد : العقوبة المُتجدّدة والعمل بلا جدوى .
من بين القصص المصرية تلك التى كتبها الحكيم (كاجمنى) والحكيم (حور- درف) وآخرين . ومعظم تلك القصص ظهرتْ حوالى عام 2850ق.م وكانت ضمن مناهج التعليم فى مدارس الدولة الوسطى ، مثل قصة (الثعلب والأوز) ، (الذئب راعى الغنم) {لاحظ المفارقة فى عنوان القصة ، وهى تـُذكرنا بالمثل المصرى الشهير: حاميها حراميها} وقصة (التمساح العجوز) ، (الأسد والغزالة الجميلة) وقصة (جيش القطط وقلعة الفيران) مع ملاحظة أنّ عناوين تلك القصص على سبيل المثال فقط .
تدور أحداث القصة الأخيرة (جيش القطط وقلعة الفيران) حول مجموعة من القطط تمكنتْ من حصار قلعة.. وأنّ تلك القلعة بها مجموعة من الفيران .. وأنّ القطط طاردتها لتأكلها .. لجأتْ الفيران إلى القلعة واختبأتْ فيها . شعرتْ الفيران باقتراب الخطر، عقدتْ الفيران اجتماعًا تقرّر فيه الاستعانة بأشرس الأعداء للقطط ، فقرّرتْ التحالف مع مجموعة من الكلاب لهزيمة القطط ، بمراعاة أنّ القطط هى العدو المشترك للكلاب والفيران . نجح التحالف بين الكلاب والفيران . دارتْ معركة شرسة بين جبهتيْن : جبهة الكلاب والفيران ، ضد جبهة القطط ، فى نهاية المعركة انهزمتْ القطط . وبعد انتهاء المعركة عقدتْ الكلاب والقطط اجتماعًا ، اقترحت القطط على الكلاب أنْ يتم التعاون بينهم للتمكن من السيطرة على الفيران وتشديد الحصار عليها تمهيدًا لأكلها. ولأنّ القطط سبق لها تذوق لحم الفيران وتعوّدتْ عليه ، أقنعتْ الكلاب بأنّ لحم الفيران مغذى ولذيذ . اقتنعتْ الكلاب بوجهة نظر القطط . وتدور المشاهد الأخيرة من القصة حول الاستعداد للمعركة الفاصلة .. وكيفية محاصرة الفيران وسد كل الطرق عليها حتى لا تتمكن من الهرب ، ثم تنتهى القصة بمشهد القطط وهى تلتهم الفيران ، بينما الكلاب يبدو عليها التردد ثم علامات الاشمئزاز وعدم استطعام لحم الفيران .
يستخلص القارىء من تلك القصة أنّ القطط هى المستفيدة من التحالف الذى تم بينها وبين الكلاب. بينما التحالف الأول الذى تم بين الفيران والكلاب ضد القطط ، تسبّب بعد ذلك فى هزيمة الفيران بعد أنْ تغيّر موقع الخصوم . وهذه القصة تتشابه فى مغزاها مع قصة الثيران الثلاثة الشهيرة التى جاءتْ بعد القصة المصرية بآلاف السنين ، والتى تحكى عن تحالف الثور الأحمر مع الثور الأسود لأكل الثور الأبيض ، وبعد هزيمة الثور الأبيض انقضّ الثور الأسود على الثور الأحمر وأكله. والمغزى فى القصتيْن هو خطورة التحالف غير المبدئى . وإذا كانت القطط والكلاب والثيران لا تعرف آفة (التآمر) التى هى من خصائص بعض بنى البشر، يكون هدف مؤلفى تلك القصص الاسقاط (الفنى) على الانحطاط الأخلاقى عندما يلجأ الإنسان إلى التحالف غير المبدئى بآلية التآمر، وتكون النتيجة هزيمة من وافق على ذاك التحالف على يد من سبق وتحالف معه ووضع يده فى يده فى مؤامرة دنيئة لا أخلاقية.
وكما استخدم الكاتب المصرى القديم الحيوانات فى كتابة القصة ، استخدمها كذلك فى كتابة الأساطير، ففى قصة الخلق الأشمونية (نسبة إلى مدينة أشمون الحالية) وأشمون تعنى ثمانية. أى الآلهة الثمانية فى (هرموبوليس) وتدور قصة الخلق تلك حول ثمانية آلهة داخل المحيط الأزلى ، عبارة عن أربعة أزواج ، يتكوّن كل زوج منها من عنصر أنثوى وعنصر ذكرى ، وكانت تتخذ هيئة الضفادع والأفاعى (والأخيرة رمز قديم للحياة المُتجدّدة فى الميثولوجيا المصرية) وبعد أنْ نزلتْ الآلهة الثمانية إلى هرموبوليس بدأوا يتحوّلون إلى ثيران وأبقار، لإتحاد الجنسيْن الأنثى والذكر، فينقض الثور على البقرة وتنزل (نطفته) على الماء فى (البركة العظمى) التى أثمرتْ (زهرة اللوتس) على هيئة جعران برأس كبش ، ثم تشكلتْ على هيئة طفل يضع صباعه فى فمه ويحمل تاجًا عليه صِلْ . وكلمة (الصِلْ) ترجمة يونانية للاسم المصرى (إى – عرت) الذى كان يلتف حول التاج الملكى ، وارتبط ب (حورس) فى البداية. وصورة (الصِلْ) موجودة فى متحف برلين بردية رقم P.13603 . وفى قصة الأخويْن (أنوب وباتا) التى تدور حول زوجة الأخ الأكبر التى حاولتْ إغواء الأخ الأصغر الذى رفض الإغواء ، فقرّرتْ الانتقام منه بالوشاية لدى زوجها بإدعاء أنّ أخاه راودها عن نفسها. هنا يلجأ كاتب القصة إلى الخيال فيجعل البقرة تقوم بتحذير الأخ الأصغر وقالت له ((إنّ أخاك يحمل حربته وينوى قتلك)) إلى آخر ما جاء فى تلك القصة الممتعة التى نجد فيها الأشجار والحيوانات تتكلم وتتدخل لحماية الأخ الأصغر الذى سيتحول فى نهاية القصة إلى ثور ضخم يتمتع بالألوان الجميلة ويقول لأخيه الأكبر الذى ندم على شكوكه وتصديقه كلام زوجته ((ستجلس على ظهرى يا أخى إلى أنْ يتألق النور الإلهى)) وقصة الأخويْن المصرية انتقلتْ بعد ذلك إلى أدب وأساطير ثقافات عديدة ، مثل الأسطورة اليونانية التى تدور حول (فيدرا) التى وقعتْ فى غرام (هيبوليت) ابن زوجها ، ولما رفض الاستجابة لغوايتها اتهمته أنه راودها عن نفسها ، ثم مات فى حادث بعد أنْ طرده والده . ثم تتكشف الحقيقة وتنتحر (فيدرا) وتعيد الآلهة الحياة إلى هيبوليت. كما أنّ قصة الأخويْن إنتقلت إلى التراث العبرى ، على النحو الوارد فى سفر التكوين، الإصحاح 39، ونقلها القرآن فى الآيات من 23- 30من سورة يوسف .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناء ضحية بين حماس وإسرائيل
- تحولات المستشار طارق البشرى
- إدوارد سعيد : داعية إسلامى
- المثقف بين الولاء للسلطة والولاء لشعبه
- لمصلحة من القتل والارهاب ؟
- الأحزاب الدينية والحداثة
- بورتريه ل ( ع . ف )
- السيسى حفيد حور- إم - حب
- الحداثة والإسلام نقيضان لا يلتقيان
- نص عبرى / حداثى
- اعتذار للأستاذ أحمد الخميسى
- الحضارة المصرية وأصل الموسيقى
- العلاقة بين الآثار والسياحة
- أحمد الخميسى يفتح كنوز أوراقه الروسية
- وعد بالفور بالمصرى
- العرق والدين آفتان للتعصب
- أحادية الفكر
- التنفس بالقصبة الهوائية العبرية
- الأصل المصرى لقصة سندريلا
- علم الآثار والأيديولوجيا العروبية / الإسلامية


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قصص أبطالها حيوانات والأصل المصرى