أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التنفس بالقصبة الهوائية العبرية















المزيد.....

التنفس بالقصبة الهوائية العبرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 23:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كتب أ. ميلاد حنا (جريدة المصرى اليوم 1يونيو2013) أنّ المثل (افتكرناه موسى طلع فرعون) سببه أنّ فرعون كان (مثالا للقسوة والعنف بينما كان موسى النبى وديعًا جدًا) وأنا سعيد بمقال أ. حنا لأنه أتاح لى الكتابة عن موضوع شغلنى منذ عدة سنوات وهو: لماذ يُعادى المتعلم المصرى لغة العلم ، ناهيك عن ترديد مقولات بنى إسرائيل المعادية للحضارة المصرية. فلو أخضعنا هذا المثل لعلم المصريات لاكتشفنا أنّ كلمة فرعون عبرية. لأنّ الاسم فى الهيروغليفية (بر- عا) يعنى البيت الكبير. أى مقر الحكم . وأنّ ملوك مصر لم يكونوا بالقسوة التى صوّرتها كتب العبريين (من العهد القديم إلى القرآن) بل كانوا يُلزمون أنفسهم بتطبيق قواعد العدل كالتزام أخلاقى بقانون إلهة العدالة (ماعت) ووصل الأمر لدرجة أنّ أسرى الحرب كانوا يُعاملون معاملة المواطن المصرى من حيث الحقوق والواجبات. وذكر ديودور الصقلى أنّ ((عادة المصريين كانت تجرى فى حالة وفاة أحد ملوكهم بأنْ يوضع رفاته أمام مدخل القبر. وتـُشكل محكمة لتنظر فيما قدّم المتوفى من أعمال . وأباحوا لمن شاء أنْ يتهمه.. لذا كان ملوك مصر يحرصون على العدل حتى لا يتم حرمانهم من الدفن الرسمى)) وأضاف من واقع المعلومات التى حصل عليها أنّ ملوك مصر((لم يكونوا يعيشون على نمط الحكام المُستبدين فى البلاد الأخرى ، فيعملون ما يشاؤون تبعًا لأهوائهم غير خاضعين لرقابة ما. فقد رسمتْ لهم القوانين حدود تصرفاتهم- لا فى حياتهم العامة فحسب- بل فى حياتهم الخاصة وأسلوب معيشتهم اليومية كذلك. وأنّ الملك لم يكن فى قدرته أنْ يقضى فى المخاصمات وفق ميوله الشخصية وإنما وفق ما تنص عليه القوانين فى كل حالة)) وذكر ديودور أيضًا أنّ القانون المصرى كان يحكم بالموت على كل من يقتل إنسانـًا عمدًا ، سواء كان هذا الإنسان من المصريين أو من الأسرى ، أى لا توجد أية تفرقة بين الإنسان (ابن البلد) وبين الأسير. وبماذا نفسر ما كتبه العالم الكبير سيجموند فرويد (موسوى الديانة) عندما وصف المصريين القدماء ب (الودعاء) بينما وصف بنى إسرائيل ب (غلاظ القلوب) وكتب أنّ ((عقدة اليهود سبق مصر فى الحضارة)) وكتب عالم المصريات الكبير برستد أنّ القانون فى مصر القديمة لم يكن يُفرّق فى العقوبة بين الأشخاص ، فكانت الجريمة الواحدة تـُطبّق عليها عقوبة واحدة على جميع المواطنين بغض النظر عن الموقع الطبقى أو الوظيفى . وذلك عكس قانون حمورابى الذى نصّ على ((كل العقوبات والأحكام القضائية تـُدرج حسب مراكز المُذنبين أو مكانة المُتخاصمين الاجتماعية)) كما أنّ قانون حمورابى لم يقتصر على التفرقة بين المواطنين أمام القانون وإنما (زاد على ذلك) بأنْ رسّخ لآلية من آليات عصور الغابة المتوحشة ، أى آلية القصاص البدنى ، بعيدًا عن عقوبات الحبس والسجن التى عرفتها الشعوب المتحضرة بعد ذلك ، وكما عرفتها الحضارة المصرية. إذْ نصّ قانون حمورابى على ((النفس بالنفس . والعين بالعين إلخ )) وهى الآلية التى نصّ عليها فى قانونه الشهير المكوّن من 282 مادة . ثم تم نقلها إلى العهد القديم (خروج 21، وسفر لاويين 24) وإلى القرآن (المائدة / 45) وكتب المفكر المرحوم د. عبد الغفار مكاوى عن قانون حمورابى ((فمعاملة العوام فى قانون القصاص الحمورابى ، مختلفة كل الاختلاف عن معاملة السادة الأحرار. كما أنّ معاملة (العبيد) أدنى وأسوأ والدليل على ذلك أنّ قانون حمورابى نصّ على ((إذا فقأ سيد عين سيد آخر حر مثله ، تـُفقأ عينه.. وإذا كسر عظمة سيد حر مثله تـُكسر له عظمته. وإذا فقأ عين رجل من العامة أو كسر له عظمة فعليه أنْ يدفع (مينا من الفضة) والمينا كيلو جرام )) (د. عبد الغفار مكاوى – جذور الاستبداد – قراءة فى أدب قديم – سلسلة عالم المعرفة الكويتية- عدد 192- ديسمبر94- وكذلك مقدمته لملحمة جلجامش الصادرة عن هيئة قصور الثقافة عام 2003- أكثر من صفحة)
ويلاحظ على هذا النص فى قانون حمورابى ثلاثة أشياء : الأول استبعاد نظام السجون الذى يتطلب تخصيص مبنى يتم فيه حجز الصادر ضده الحكم . وأنّ هذه الاقامة الجبرية (الحبس أو السجن) تتطلب توفير الحراس وتدبير الطعام إلخ . الشىء الثانى : عدم التفكير فى احتمال براءة المتهم . فماذا يحدث بعد أنْ يتم فقأ عين إنسان ثم تظهر أدلة جديدة تؤكد براءته؟ وهذا الاحتمال سبب رفض التشريعات الحديثة للعقوبات البدنية. الشىء الثالث : التفرقة بين المواطنين . فالحر يفقأ عين الحر مثله أما إذا فقأ الحر عين إنسان (من عامة الشعب أو من العبيد) فليس عليه إلاّ دفع الغرامة. وهكذا كان الاستبداد فى بابل ، ليس بسبب المنظومة السياسية فقط ، وإنما بسبب المنظومة القانونية أيضًا ، وكل ذلك عكس ما كان فى مصر القديمة ، حيث كان القانون يُطبّق على الجميع بغض النظر عن الموقع الاجتماعى أو المنصب الوظيفى ، ومن هنا أهمية المقارنة التى عقدها علماء المصريات بين قانون حمورابى والقانون فى الحضارة المصرية ، لذا كان تعليق برستد ((وهذا يُفسّر لنا السبب الذى من أجله نعتبر أنّ ما أضافته المدنية البابلية إلى إرثنا الخلقى فى حكم العدم.. أما الإنسان فى الحضارة المصرية فقد سما إلى تصور خلقى عالٍ قبل أنْ تظهر الأمة العبرية فى عالم الوجود بألفىْ سنة. وأنّ الانعدام التام للفوارق الاجتماعية أمام القانون ، هو من أرقى مظاهر الحضارة المصرية)) وفى وثيقة مدونة محفوطة فى متحف ليننجراد كتبها ملك مجهول الاسم عبارة عن رسالة فى (سلوك الملوك) موجهة إلى ابنه (مرى- كا- رع) قال فيها ((اعلِ من شأن الجيل الجديد ليحبك أهل الحاضر. إياك أنْ ترفع من شأن ابن العظيم . لا تكن فظا لأنّ الشفقة محبوبة. وليكن أكبر أثر هو محبة الناس لك)) وذكر العالم ت. ج. جيمس أنه تم العثور على بردية يقول الملك فيها للوزير((لا تكن ظالما فى حكمك. الإله يمقت السلوك المتحيز. عامل على قدم المساواة من تعرف ومن تجهل. وعامل القريب منك مثلما تعامل البعيد عنك)) وكتب أدولف إرمان ((كان الظلم فى كل عصور مصر مرذولا. ونقرأ فى متون الأهرام أنّ الملاح السماوى لايسمح بالعبور لغيرالصالحين العادلين. ويُعتبر إله الشمس بصفة خاصة ممثلا للعدالة. وكان الصدق أوالعدالة كلمة واحدة. وفى البرديات نقرأ قل الصدق وافعل ما يقتضيه. وهذا القانون يتضمن المثل الأعلى لدى المصريين وهو ما يُكوّن دولة متحضرة. ومهما أوغلنا فى القدم فإننا ندرك أنّ المصريين عاشوا كشعب كان النظام يُسيطرعلى علاقاته الاجتماعية)) وعلق برستد على خطاب الملك الذى كان يلقيه عند تعيين وزيرجديد قائلا ((إنّ أهم توكيد فى كل وثائق الدولة هو عن العدالة الاجتماعية. إنّ منصب الوزارة ليس الغرض منه إظهار أى تفضيل للأمراء أوالمستشارين أو استبعاد أى فرد من الشعب. إنّ كل قضاء كان يجرى وفقا للقانون. والتعليمات المشددة كانت تنص على : افعل الصواب وعامل الكل بالعدل))
فإذا وضعنا علم المصريات بجانب كتب العبريين المعادية لمصر، وفيها اللعنات وتحويل النيل والبيوت إلى دم وبعوض وقتل كل أبكارالمصريين إلخ، (خروج14، 16، 17وعدد 11، 14) والقرآن (الأعراف – من 133- 137و الإسراء من 101- 104والدخان من من 18- 31) وبينما يدّعى العبريون أنّ جدودنا المصريين كانوا يضطهدونهم ، فإنّ بنى إسرائيل أنفسهم انتقدوا موسى وهارون لخروجهم من مصر. والدعاء برغبتهم فى العودة لمصرحيث كانوا يأكلون بالمجان ، بل ورغبتهم فى أنْ يموتوا فى مصر(خروج 14، 16، 17، وعدد11، 14، 20،21 وحزقيال 20وهوشع 8، 9) كل ذلك ينفى النصوص العبرية عن الطغيان والعبودية. وعندما نـُطابق علم المصريات على الكتب التى يُقدسها العبريون ، يتأكد لدى العقل الحر أنّ المثل الذى يعقد مقارنة بين الملك المصرى (فرعون وفق التعبيرالعبرى) وموسى هو صناعة عبرية ، ولو أنّ المتعلمين المصريين قرأوا بعض الكتب فى علم المصريات وطابقوها بما ورد فى التراث العبرى عن تدمير مصر من جانب وامتداح العبريين من جانب آخر، بل وتوريث مصر لبنى إسرائيل (العهد القديم أسفار الخروج وصموئيل الأول ويشوع وتثنية وعدد ، والقرآن – الشعراء من 23- 59 وطه 17- 80 والذاريات من 38- 40ويونس من 88- 93) لو فعلوا ذلك فقد يتخلصون من القصبة الهوائية العبرية التى يتنفسون بها.



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصل المصرى لقصة سندريلا
- علم الآثار والأيديولوجيا العروبية / الإسلامية
- دراما حياة ومأساة فيلسوفة مصرية
- مغزى مصطلح ( إسرائيليات )
- توضيح وشكر
- شكر للأستاذ Jugrtha
- حصان طرواده والأربعين حرامى
- الدين والفلسفة : علاقة إتساق أم تعارض ؟
- التعصب العنصرى والخصوصية الثقافية
- السخرية المصرية عبر العصور
- تعلق على ما كتبه الأستاذ أحمد مصطفى عن الشهور المصرية
- الشهور المصرية فى الأمثال الشعبية
- قهر الخوف بالسخرية
- أخلاق فيلسوف وأخلاق داعية إسلامى
- النكتة المصرية ومقاومة الاستبداد
- الدكتور سيد عويس والشخصية المصرية
- فلسطين بين الصهاينة والعروبيين
- المغزى الاجتماعى للأمثال المصرية
- عتمة افتراضية - قصة قصيرة
- سيناء وتوابع زلزال يناير2011


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التنفس بالقصبة الهوائية العبرية