أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - ميزان العدالة يا أمى هل يعتدل؟














المزيد.....

ميزان العدالة يا أمى هل يعتدل؟


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 08:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



جاءت هذه الرسالة من شهيد الى أمه، فى ٢٧ يونيو ٢٠١٣

كنت أظن يا أمى أن الثورة ستحقق لك العدل والكرامة، لكن الدماء أغرقت الشوارع والميادين دون أن يتحقق الحلم، شهدت عذابك يا أمى دون أن أملك القوة فى طفولتى لأخفف عنك، كنت أود أن أضحى بحياتى كى يعتدل ميزان العدل، فلا تحزنى أن مت، فقط ضعى يدك على رأسى ولا تفارقينى فأنت الوحيدة التى يمكن أن ترانى وأنا أموت.

وإذا جاءت زوجاتى فأغلقى بينى وبينهن الباب حتى لا يشمتن فى موتى، وإذا جاء أبى فامنعيه من الدخول، فهو الذى أدخلنى كلية التجارة رغم إرادتى، وتعرفين أننى لم أحب التجارة ولا أبى، منذ رأيته فى الليل معها، كنت طفلا وضربنى فى الصباح لأشرب اللبن، وكل صباح أصبح يضربنى، فأشرب اللبن ثم أتقيؤه، كان يهددنى بالموت إن قلت لك، حملت الثقل فى قلبى، تغسلين سرواله وفى أنفك رائحة الخيانة تشمين، وفى عينيك أدرك أنك تعرفين، تغسلين وتطبخين وحتى يعود آخر الليل تنتظرين، ترين الكذب فى عينيه وتصمتين، لو أنك نطقت مرة، لو أنك رفضت أو تمردت؟ لو ذهبت إلى رجل آخر؟ ربما نمى لدى إحساس بالعدالة.

كنت أسمع المدرس يقول العين بالعين والخيانة بالخيانة، وظلت خيانة أبى محفورة فى الكون بلا فعل منك يمسحها، يزداد الخلل فى ميزان العدالة حين أراك فى وجهه تبتسمين، لم يكف أبى عن خيانتك ولم تكفى عن الوفاء له، ثم اعترفت لك يا أمى، لكنك لم تسمعى وإن سمعت تصمتى، لم أفهم لماذا تقابلين الخيانة بالوفاء ثم عرفت أنك كنت تخافين، وكل ليلة تبكين، وفى النوم تحلمين أنك نفذت تعاليم العين بالعين والخيانة بالخيانة، لكنك فى الصباح تتراجعين، لو أنك قاومت الظلم مرة؟ لو أنك دافعت عن حقك؟ ربما عرفت أنا العدالة، إن عجزت عن الدفاع عن حقك فهل تدافعين عن حقى يا أمى؟

ترين أبى يظلمنى ويضربنى، وفى كل صراع بينى وبينه تقفين تتفرجين، وإذا اشتد الصراع تنحازين إليه وعنه تدافعين، هو على صواب دائما وأنت عن الحق لا تدافعين، لو أنك قلت مرة إنه أخطأ، لو أنك حكمت مرة بالعدل؟ ربما عرفت أنا العدل، ربما قابلت الوفاء بالوفاء، لكنى أصبحت مثلك يا أمى أقابل الخيانة بالوفاء، وأصبحت مثل أبى أخون من تخلص لى وأخلص لمن تخوننى، أول امرأة فى حياتى كانت الخادمة الصغيرة تشمر جلبابها وتنثنى لتمسح البلاط فيصعد الدم إلى رأسى ثم يهبط ساخنا إلى أسفل، وتغلقين عليها باب المطبخ بالمفتاح، كنت أرى أبى يسرق المفتاح، ولم أقل لك، وإن قلت فأنت لا تسمعين، وإن سمعت تصمتى، فأصبحت أصمت مثلك وأخاف أن أنهض فى الليل فأراه معها فى المطبخ، وأحبس البول حتى الصباح، ويقول أبى إننى أبول فى الفراش، وأمشى فى النوم، وأقول إننى رأيته معها فترتعدين ولا تصدقين، وإذا ضربنى وقفت معه وعن الحق لا تدافعين، لو أنك وقفت مع الحق مرة؟

ربما فعلت مثلك، لكنك أبدا لم تفعلى، وسرقت من جيبك المفتاح، وحين يرانى أبى يصمت وحين أراه أصمت، وأصبحت لى حياة علنية تتناقض مع حياتى السرية، سأموت يا أمى فهل يعتدل ميزان العدل؟



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمرد النساء المصريات والشباب
- البنات والأبناء يقودون آباءهم وأجدادهم للتمرد
- الشرخ العميق فى الشخصية
- الإبداع والتمرد والأسئلة البديهية
- النخب المصرية وإجهاض الثورة
- الثورة والإبداع وحرية العقيدة
- ورقة وقلم أخطر من الطبنجة
- الإبداع والتمرد
- أصبح زوجها مؤدباً؟
- أجيال جديدة متمردة فى الأفق
- إباحة التبنى وانتصار العدل على الشرع
- عبقرية المصريين
- رحلة الصعود فوق الجبل
- العدالة تنتصر!
- الكلمة من أعماقك شعاع شمس
- الثورة ضد العادات والأعراف والتقاليد
- النساء والقهر الاجتماعى
- تهذيب الذكورة في مصر وأمريكا
- إنه الدم
- لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - ميزان العدالة يا أمى هل يعتدل؟