أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الإبداع والتمرد والأسئلة البديهية














المزيد.....

الإبداع والتمرد والأسئلة البديهية


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقود الوعى بالظلم الى التمرد، ينتقض الانسان فى حركة تمرد فردية أو جماعية، قد تقود الى ثورة شعبية كما حدث فى يناير عام 2011 فى مصر، أو الثورات الأخرى فى العالم.
لهذا تسعى جميع الأنظمة الحاكمة (شرقا وغربا) الى تغييب وعى الشعب منذ الطفولة بالاعلام والتعليم والتربية القائمة على السمع والطاعة والخضوع للسلطة الحاكمة فى الدولة والدين والعائلة. ورغم المؤامرات المتكررة الداخلية والخارجية لاجهاض الثورة المصرية، تواصل قطاعات شعبية متعددة سعيها لاسقاط حكم الاخوان المسلمين وحزبهم السياسي، الذى صعد الى الحكم بعد الثورة بتدعيم من المجلس العسكرى وحكومة باراك أوباما الأمريكية، تتعاون النظم الرأسمالية الأبوية فى العالم، بصرف النظر عن اختلاف الجنسيات والقوميات والأديان، بل إنها تستخدم هذه الاختلافات (خاصة الأديان) لتقسيم الشعوب وإضعافها لتسهيل قهرها ونهبها، المعارضة فى مصر وتتكون من الأحزاب القديمة والجديدة، منها الأحزاب الدينية السلفية والصوفية والجهادية بكل مذاهبها، ممن يعارضون الاخوان المسلمين شكليا، والأحزاب المدنية منها حزب الوفد واليمين الرأسمالى والوسط الليبرالى والنيوليبرالى واليسار الناصرى والاشتراكى والشيوعى ومنظمات المجتمع المدني.
وظهرت مؤخرا حركة شعبية معارضة تتجاوز الأحزاب السائدة بكل فصائلها، تحمل اسم "تمرد" استطاعت أن تجمع ملايين التوقيعات لسحب الثقة من رئيس الدولة الحالى يوم 30 يونيو، تعلن قيادات "تمرد" أنهم فقدوا الامل فى أحزاب المعارضة، وفقدوا الثقة فى حكم الاخوان المسلمين، أغلب الحركة شباب ينقدون دولة الاخوان الدينية بسبب اهدارها كرامة مصر ومواردها وتسولها المعونات الخارجية ونجحت حركة تمرد جماهيريا اكثر من أحزاب المعارضة القديمة والجديدة التى فقدت مصداقيتها، بسبب مفاوضاتها (السرية) مع قيادات الاخوان الحالية وأعوان مبارك السابقين، وتنازلاتها المتكررة عن مبادئ الثورة وأصبحت كلمة "تمرد" ايجابية، بل جميلة، بعد أن كانت من الكلمات المنبوذة منذ العبودية. ولم يكن للفلاحين التمرد على السيد مالك الأرض والا تعرضوا للقتل والحبس، ولم يكن للمراة أن تتمرد على سيدها الرجل والا عوقبت مثل عبيد الأرض.
مع التغيرات السياسية والاقتصادية فى مصر خلال القرن العشرين والانتفاضات الشعبية والثورات المتكررة بدأت كلمة "تمرد" تفقد قبحها فى اللغة السائدة.
وكان اليمين الدينى يعتبرها كفرا أو الخروج عن طاعة الحاكم الشرعي، وكان اليسار العلمانى يعتبرها طيشا وتهورا فرديا يتناقض مع العمل الجماعي، أما اذا اقترن التمرد بالمرأة فهى تصبح (فى نظرهم رغم اختلافاتهم الايديولوجية) ناشزا، تستحق التأديب بالضرب، أو بالطلاق، أو بالاقصاء السياسى والتجاهل، وفى بداية طفولتى أحسست أن أخى يحظى بما لا أحظى به لمجرد أنه ولد وأنا بنت، رغم أن بيتنا كان متحررا نسبيا، ولم تسحقنى السلطة الأبوية المطلقة كما يحدث لأغلب الأطفال التصقت بى كلمة متمرد منذ الطفولة، وتعنى عدم طاعة الأوامر وطرح أسئلة طفولية بديهية مثل لماذا يميز الله بين الولد والبنت اذا كان عادلا؟ لماذا تغطى الطفلة رأسها بالحجاب حين تصلى وأخوها يترك رأسه عاريا؟ لماذا أحمل اسم جدى (الذى مات قبل أن أولد) ولا أحمل اسم امى التى ترعانى ليل نهار؟
تطورت الأسئلة وتطورت خطورتها مع تطورى الفكري، وتشريحى لمخ الانسان فى كلية الطب وبحوثى عن علاقة المخ بالعقل والشعور بالتفكير والكيمياء بالبيولوجيا وكانت سعادتى بتحصيل المعرفة تشتد، ويشتد معها الأذى الذى أناله وبدأت أبحث لماذا أصبحت المعرفة خطيئة وارتبطت بحواء؟ وانفتح عش الضبابير، لكنى واصلت البحث عن علاقة الابداع بالمعرفة وعلاقة المعرفة بالتمرد وفى يناير 1993 وجدت نفسى خارج الوطن متهمة بالتمرد ومهددة بالقتل بسبب المعرفة (المحرمة) التى نشرتها فى كتبي. وما أفعل فى المنفى وأنا لا أحب مهنة الطب وأكره رائحة المستشفيات؟ أسعفنى خيالى واخترعت علما أطلقت عليه اسم "الابداع والتمرد" تحمست له بعض الجامعات المتطورة فى العالم، وهى تسعى لدعوة المفكرين والمبدعين من كافة البلاد لتدريس العلوم الجديدة التى تتجاوز التخصصات، وتربط بين العلوم الطبيعية والعلوم الانسانية، مثلا تربط الطب والكيمياء والفيزياء بالفلسفة والتاريخ والادب والموسيقى وغيرها.
كان الطلاب والطالبات (فى فصلي) من جنسيات متعددة، أغلبهم أمريكيون، بعضهم لم يتخرج بعد، وبعضهم تخرج فى الكليات المتخصصة وبدأوا الدراسات العليا، وتعودوا تسجيل كل كلمة تخرج من فم الاستاذ بكلية الطب فى جامعة القاهرة منذ نصف قرن طلبت منهم ان يضعوا أقلامهم ويرفعوا وجوههم لارى عيونهم. ابتسموا فى حرج، فالثقافة الأمريكية (الحديثة) تعتبر لقاء "العين بالعين" انتهاكا للخصوصية الشخصية واعتداء على الحرية الفردية رغم جذورها العدوانية فى التاريخ، وجدتى لأمى (التركية الأصل) كانت تنهرنى فى طفولتى إن نظرت مباشرة فى عينيها وتقول: عيب يا بنت تبحلقى كده؟ وكانت أمى (عكسها) تنصحنى بالنظر فى عينى من يكلمنى فهذا يعنى احترامه، أما جدتى الفلاحة (أم أبي) فكانت تقول: الروح تطل من العينين.
وأسألهم كما سألت جدتى فى طفولتى ما هى الروح؟ وكيف تطل من العينين؟ وأترك النقاش مفتوحا ليدور الحوار فى الفصل.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخب المصرية وإجهاض الثورة
- الثورة والإبداع وحرية العقيدة
- ورقة وقلم أخطر من الطبنجة
- الإبداع والتمرد
- أصبح زوجها مؤدباً؟
- أجيال جديدة متمردة فى الأفق
- إباحة التبنى وانتصار العدل على الشرع
- عبقرية المصريين
- رحلة الصعود فوق الجبل
- العدالة تنتصر!
- الكلمة من أعماقك شعاع شمس
- الثورة ضد العادات والأعراف والتقاليد
- النساء والقهر الاجتماعى
- تهذيب الذكورة في مصر وأمريكا
- إنه الدم
- لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي
- الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف
- النسبى والمطلق وجدتى الريفية
- الثورة وحزب الإبداع
- بين التقاليد والعدالة والكرامة


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الإبداع والتمرد والأسئلة البديهية