أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي















المزيد.....

لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 12:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تسعي التيارات الدينية "الأصولية" لوضع دستور مصري قائم علي شرع الله والسيادة لله (حسب مفهومهم لمعني الله والشرع)، وتسعي التيارات المدنية والعلمانية، لوضع دستور يقوم علي سيادة الشعب والقانون والعدالة (حسب مفهومهم للشعب والقانون والعدالة).
الحوار يدور، ليس حوارا فكريا متجردا عن المصالح الاقتصادية والسياسية، يدور بين الرجال والرجال، لا تشارك فيه النساء (نصف المجتمع) الا قلة قليلة تعد علي أصابع اليد الواحدة، تحرص كل منهن علي التبعية لفكر حزبها أو التيار الذي تنتمي اليه، سواء كان دينيا أو علمانيا. امرأة تنتمي الي اليسار القبطي العلماني، تؤيد بقاء المادة الثانية في الدستور التي تنص علي، مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، هذه الاستاذة تدرك أن هذه المادة تتناقض جذريا مع الدولة المدنية، وتمهد الطريق لدولة دينية اسلامية أصولية، لكنها تسعي فقط لإضافة العبارة "يتبع غير المسلمين في أحوالهم الشخصية لشرائعهم"، تردد ما يقوله زملاؤها في الحزب، دون أن تدرك الضرر الذي سيقع علي مصر كلها، وعليها كامرأة، مكانتها في شريعتها ليست أفضل من غيرها من الشرائع. واحدة أخري من التيار الاسلامي الأصولي تصر علي هذا النص "في اطار الشريعة الاسلامية" فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، وتريد اضافة نص جديد "طاعة المرأة لزوجها وحجابها وتعدد الزوجات من أوامر الله، لا تدرك هذه الأستاذة أنها أول من تدفع من حياتها ثمن هذه النصوص".
الحوار حول المادة الثانية من الدستور كشف عن غياب الوعي، أو الأصح غياب الشجاعة الفكرية في مواجهة التدين المتصاعد، لتكريس الخضوع للاستبداد السياسي والاقتصادي والثقافي تحت اسم الديمقراطية. كلمة الديمقراطية أصبحت كاللبان الأمريكي، يلوكها كل لسان، الكل يتغني بالديمقراطية كتابة وشفاهة، من أقصي اليمين الرأسمالي الديني الي أقصي اليسار الاشتراكي العلماني، فقدت الكلمة معناها.
كلمة العلمانية شاعت مع الزحف الديني الأصولي، في مصر والعالم شرقا وغربا، يحتاح الحكام الي شعوب جاهلة مطيعة يسهل حكمها واستغلالها، لا يختلف النظام في مصر عن النظام في أمريكا أو أوروبا، الاختلاف فقط في الشكل المتقن التكنولوجي، والتقدم العلمي في تجميع المعلومات وتطوير أسلحة الدمار الشامل. وقد خضع العالم سبعة آلاف عام لفكرة العدوان علي حقوق الغير بالقوة، أصبحت الحرب هي القانون الطبيعي، أو القانون الإلهي المطلق، القوة المطلقة التي خلقت الغني والفقير والرجل والمرأة والسيد والعبدوالحاكم والمحكوم، حتي اليوم يقوم التعليم علي المطلق في المدارس الأمريكية والأوروبية حسب الفكر المسيحي، رغم انهزام الكنيسة أمام العلم الحديث، تطور علم الكون وعلم البيولوجيا، وفسيولوجيا المخ، أصبح كل شئ نسبي يخضع للعقل والعلم، لا أحد يؤمن هناك بأن المرأة أقل بيولوجيا أو عقليا من الرجل، رغم أن أغلب النساء هناك يعانين التفرقة في قوانين الزواج والنسب والإرث، وتحصل المرأة علي نصف أجر الرجل في مجالات كثيرة، وتصل المرأة هناك الي منصب وزيرة الخارجية أو رئيسة الدولة، لكنها تظل خاضعة لمفهوم الزواج والأمومة حسب مفهوم الكنيسة القديم. لا أحد هناك يؤمن بأن الكون جاء في ستة أيام، حسب نظرية الخلق في الكتاب المقدس. لكنهم يذهبون الي الكنيسة كل أحد، يدفعون النذور علي شكل التبرعات، يحتفلون بميلاد المسيح وأمه العذراء، وان توقفوا عن الايمان بالعذرية.
تغلب التيار الديني الأصولي في مصر علي التيار العلماني، يتم تغيير بعض مواد الدستور خاصة فيما يتعلق بحقوق الشعب الفقير والنساء، يعني حقوق الأغلبية خارج الأحزاب والقوي السياسية الشعب المصري، في نظر التيار الديني، ليس مصدر السلطات، بل الله هو صاحب السيادة، كيف يسمحون للشعب أن يحكمهم؟ الشعب الذي خلع مبارك بقوته الثورية وما زال ينادي بإسقاط بقية النظام؟
يجب عليهم ازاحة الشعب، ليصبح الحكم لهم تحت اسم الله، من يعترض علي الله إلا الكفرة؟ كلمة الشعب لا تقل غموضا عن كلمة الله، في نظر التيار العلماني لا يؤمن بالشعب المصري المقدس (في نظرهم) إلا الخونة للوطن وأعداء العدالة الاجتماعية يعيش أغلبهم في الأحياء الراقية النظيفة، ينفقون الأموال علي تعليم أولادهم في أمريكا وأوروبا، أدواتهم أجنبية بما فيها الكومبيوتر واللاب توب، يقابلون هيلاري كلينتون، وأعضاء لجنة الحريات الدينية الأمريكية، يؤلفون الكتب عن حقوق الانسان وحقوق المرأة، يشطبون أسماء النساء المفكرات المصريات من التاريخ الحديث والقديم، التيار الاسلامي السياسي في مصر لايقل تناقضا، الي جانب تعاونه مع الاستعمار القديم والجديد، مع ذلك يتهمون أي شخص بالعمالة للغرب أو بالكفر، ان أراد فصل الدين عن الدولة، أو سألهم هذا السؤال البديهي: من يتجسد في صورة الله حين نريد تطبيق نص: السيادة لله؟ أنتم أو الاخوان أو السلفيون أو الصوفيون أو القرآنيون أو السنة أو الشيعة؟ التيار العلماني في مصر، الليبرالي أو الاشتراكي وغيرهما، لماذا فشلوا جميعا في تأسيس تيار فكري يقف في وجه هذه التيارات الدينية الصاعدة؟
هناك أسباب من خارجهم ومن داخلهم، منها أن الحكومات المصرية المتتالية عبر القرون، عملت علي ترسيخ الفكر الديني الأصولي في نفوس الأطفال في المدارس المصرية، يقوم التعليم في مصر حتي اليوم علي السمع والطاعة، طاعة الله وأولي الأمر منهم، المندوب السامي وجلالة الملك أيام الانجليز، مبعوثة أوباما والسيد الرئيس أيام الأمريكيين، بالاضافة الي الزوج صاحب القوامة في حالة الجنس الآخر من غير الرجال.
المفكرون العلمانيون يذكرون علي عبدالرازق وطه حسين ونجيب محفوظ وفرج فودة ونصر حامد أبوزيد وسيد القمني وغيرهم. لا يذكرون بالطبع اسم امرأة مصرية، قد يقتبسون عبارة من امرأة أمريكية أو أوروبية باعتبارها مفكرة، لكن المرأة المصرية في نظرهم لا تكون مفكرة، انها ناقصة عقل عن الأجنبية. ويقابل الزعيم السلفي هيلاري كلينتون، يستمع اليها بأدب واحترام، علي حين تعيش زوجته حبيسة البيت والحجاب، لماذا لم ينجح رواد التيار العلماني في الوصول الي الشعب المصري؟ كانوا أفرادا متفرقين؟ كل منهم يكتب كلمته ويمضي الي حضن السلطة أو خارج البلاد؟ لماذا لم يؤسسوا تيارا فكريا متقدما؟ لماذا تظل الساحة الفكرية المصرية حتي اليوم خالية من الشجاعة العقلية؟ لا أحد ينقد الفكر الديني السياسي بشجاعة، كم منهم طالب علنا بحذف المادة الثانية من الدستور؟ كم منهم تصور في الصحف بجانب الرئيس الجديد كما تصوروا مع القديم؟ لغتهم لم تتغير، كل منهم يتهم الآخر بالتحول؟، كل منهم يدافع عن نفسه؟ يكاد المريب يقول خذوني. أغلب النخب الفكرية لا تأمن الا في حضن السلطة؟ الشعب المصري أيضا لا يطمئن الا في حضن السلطة، يؤمن الجميع بالمثل الشائع : "ان فاتك الميري اتمرغ في ترابه"، هل تغيرت النخبة المصرية بعد الثورة؟، ربما تغيرت بعض الوجوه لكن الفكر والأسلوب لم يتغير؟ ألا يتخبط الجميع بين المطلق والنسبي؟ بين الديني والعلماني؟ ألا ينسون في الصراع علي مصالحهم الطبقية الأبوية نصف المجتمع من النساء؟ ألا يعتبرون مظاهرات الفقراء فوضي أو علي الأقل احتجاجات فئوية غير وطنية؟ ألا يظل صاحبات و أصحاب الشجاعة الفكرية في قبورهم (ان كانوا موتي) أو في بيوتهم، ليس لهم مكان في الساحة الفكرية والثقافية، التي تتصارع فيها القوي الحزبية العلمانية والدينية علي حد سواء؟!.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف
- النسبى والمطلق وجدتى الريفية
- الثورة وحزب الإبداع
- بين التقاليد والعدالة والكرامة
- يزداد العنف بازدياد الضعف والخوف
- المرأة والعنف والطب النفسى
- إسلام مختلف فى تونس؟
- أيتها المعارضة تمردى ولا تستكينى
- ثورة الشباب وثورة النساء
- قناة فضائية للنساء فى تونس
- المسكوت عنه بطبقات الخوف
- إخراج الجن من أجساد البنات والأولاد
- عفة النساء والإبداع الغائب
- كلمة الحماية سيئة السمعة
- من شهيدات ثورة يناير ٢٠١١
- الثورة لا تعرف لغة السوق
- «لا أخاف النار.. ولا أطمع فى الجنة»
- لا يسير الأبطال تحت أقواس النصر
- ماذا يلغى عقول الرجال الكبار؟
- الصدق وإن أقبح يظل أجمل


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي