أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-














المزيد.....

الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 22:25
المحور: كتابات ساخرة
    



كل الأساتذة الكوريين الذين تعلموا في البلدان العربية يعتبرون هذه البلدان بلدهم الثاني. خاصة الجيل الأول وكذلك الجيل الثاني من الذين ذهبوا في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين لنيل الماجستير والدكتوراه في الجامعات العربية. في تلك الفترة كانت الفجوة الاقتصادية والتكنولوجية بين العالم العربي وكوريا محدودة. وكان الرخاء والهدوء وكانت السلوكيات الطيبة من السمات الغالبة على العرب. عاد هؤلاء الأساتذة إلى كوريا وظلت قلوبهم متعلقة بتلك البلدان وظلوا مخلصين لأساتذتهم الذين علموهم بدرجة تصل إلى التقديس. فما أن تنطق "محمود فهمي حجازي" حتى لتجدن تلاميذه بأقدم الجامعات الكورية يريدون الوقوف وتقديم التحية لمجرد سماع الاسم. بعضهم يحمل حبًّا خالصًا لكل ما هو عربيِّ. وبعضهم مع كل الفضل للعالم العربي عليه لا يرى إلا المساوئ والعيوب؛ ويرد الصاع صاعين لكل عربي يصادفه هنا في موقف يكون فيه هو الأقوى!

الطريف أنهم عندما يتقابلون لوضع امتحانات المدرسة الثانوية أو لتأليف الكتب التعليمية. تجد كلا منهم يضع مثالا أو يسأل عن عاصمة البلد الذي تعلم فيه حتى أنك بعد وقت قصير تستطيع أن تعرف مَن الذي وضع الامتحان من خلال المدن العربية والأطعمة التي وردت فيه. فالأستاذ موسى "كيم جونغ دو" لا يمكن أن يخلو امتحانٌ شارك في إعداده من شيء عن السودان الشقيق. الأستاذ "عبد الرزاق لي جونغ هوا" يعشق المغرب. والأستاذة "إحسان جو هي صن" تحب تونس كما لو كانت وطنها الثاني والأمثلة كثيرة.

أما الدكتور حمزة "سونغ كيونغ كن" فهو مصري حتى النخاع. عاش قرابة عشرين عامًا فيها. درس في جامعة الأزهر. هو واحد من أطيب خلق الله وأكثرهم هدوءًا وأقلهم كلامًا. ركبتُ معه السيارة ذات يوم. وكان الوحيد الذي يقود بسرعة وسط المدينة ويستخدم آلة التنبيه أكثر من مرة. لم أسمع آلة التنبيه في سيارة كورية خاصة ولم أسمعها سوى في الباص وفي بعض سيارات التاكسي. قلت له :" كأنك تقود في القاهرة". فقال ضاحكًا بصوته الخافت كالعادة: "صحيح. قدتُ السيارة هناك لسنوات طويلة ولا أستطيع أن أغير أسلوبي الآن".

يزور مصر مرة كل سنة. مرت عشرون عامًا تقريبًا أو أكثر على عودته. وحتى الآن كل ملابسه وأحذيته وأدويته البسيطة "الصداع مثلا" يشتريها من مصر. قال لي: أرخص ملابس بأجود صناعة تجدها في مصر. الملابس الكورية غالية. الملابس المصرية سعرها معقول جدا وتبدو جديدة حتى بعد عشر سنوات. نصحني كثيرًا ألا أشتري ملابس أو أحذية من كوريا. وكلما تقابلنا وكانت الظروف تسمح بالحديث عن أي شيء، ينتهي الكلام دائمًا بمصر وعنها. عندما أرادت ابنته أن تدرس في أمريكا. أرسلها أولا لمدة عامين تقريبًا لتدرس في الجامعة الأمريكية بمصر ثم بعد ذلك ذهبت إلى أمريكا كما كانت تحلم. يحدثني عن مصر أكثر ما يحدثني عن كوريا. يقول دائمًا: "مصر من أجمل بلاد العالم. المصريون أطيب الشعوب التي عشتُ معها. هم في حاجة إلى النظام والهدوء فقط. أتمنى أنْ يعرفوا كيفية الاستمتاع بالحياة مثل الكوريين وأنْ يكون كلُّ واحد منهم مشغول بحياته وبنفسه فقط وأنْ يترك الآخرين في حالهم كما تقول العبارة المشهورة التي كانت تُلصق على السيارات والحافلات في مصر منذ زمن: "دع الخلق للخالق".

محمود عبد الغفار غيضان
19 يونيو 2013م



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
- عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما ...
- لحظة انهزام الخريف
- بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة
- عزيزي اللص. جزاك الله خيرًا.
- مِن تأبَّطَ شرَّ إلى تأبَّط -سنجه- إلى المتأبطين أكياسًا.
- ما لك وما ليس لك هنا .... بسبعة أرواح (1)
- أحنُّ إلى زمن المصاطب
- من دفتر نوادر الأجانب مع العربية
- سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف
- أنا وابن خرداذبة في مدح كوريا سواء
- كوريا وثقافة الوجود داخل جماعة
- لهم -فيسهم- ولنا -فيس-.
- التاريخ يهزم الجغرافيا
- صعودهم لأعلى وصعودنا أبدًا لا يليق بنا
- أنت -رايح جاي- أم -اتجاه واحد-؟
- مينا ومارك وبيتر وشم النسيم مع الكوري الجنوبي -شادي-
- خامس المستحيلات في أساليب الانتقاد بين الكوريين والعرب.
- تلصصٌ على شاعر كوري
- تلصص في الوجع


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-