أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - محمد باقر الصدر..... وريمون !















المزيد.....

محمد باقر الصدر..... وريمون !


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محمد باقر الصدر .....وريمون !

عارف معروف
كنت ، مع صديق آخر ، في بيت البروفسور "ريمون نجيب شكورّي" ، نودّعه بعد ان حصل على عقد مع الجامعة الاردنية ،عام 1996 . كّنا في غرفة مكتبته ، وكان قد عرض ان نأخذ منها ، ما نشاء ، نحن فئران الكتب التي لا تشبع ، على حد تعبير كازنتزاكي ، قبل ان يصفّيها استعدادا للرحيل . اخذت كتابين ثم وقع في يديّ ثالث ،مجلّد ، فتحته لمعرفة عنوانه ، فالفيته " اقتصادنا " للشهيد محمد باقر الصدر ، قلت موجها كلامي لدكتور ريمون ، "...وهذا سآخذه ايضا ، فلم تتسن لي قراءته في حينه..." ، اجابني د. ريمون بابتسامته الودودة : " هذا لا ... هذا ساحتفظ به لي بين بضعة كتب ". ...تطلعت اليه بعينّي متسائلا ، فأخذ الكتاب وفتحه على الصفحة الاولى ، ليريني اهداءا موجّها اليه بخط المرحوم السيد محمد باقر الصدر . لا اتذكر ، الان ، فيما اذا كان نصّ الاهداء يخاطب السيد ريمون بالاخ او الصديق العزيز ، لكنه كان اهداءا حميما ، نمّ ، ربما ، عن معرفة شخصية ، او ، على الاقل ، علاقة تعاطي و تواصل فكري او رغبة فيها . مايهمّني من الواقعة ، اضافة الى ماتشير اليه ، بقّوة ووضوح ، من سعة افق المرحوم الصدر ، الفذة ،وتواصله الحميم مع العراقي ، الاخر ، المختلف ، هو سر اعتزاز "د. ريمون شكوّري "بتلك النسخة رغم ان الاحتفاظ بها كان ، مايزال ، حتى ذلك الوقت ،، يمثل خطرا او بعض الخطر او ربما جر ّ على حائزها متاعب وشبهات ، على اقل تقدير ، هو في غنى عنها تماما ، خصوصا ، بالنسبة لشخص ،اكاديمي ، مختص ، واكثر من هذا ، مسيحي ، مثل د. شكوّري !
لا ريب ان السيد "شكوّري " لم يحتفظ بالكتاب لمادته العلمّية ، التي كان مضمونها ومحاورها ، تنتمي الى تيار فكري اصبح معروفا ، وهو ،على اية حال ، ليس من اختصاص السيد شكوّري ولا قريبا منه ، ولا اعتزازا بالاهداء الشخصي وحده ، لان بعض ما اخذنا من كتب كانت تتضمن اهداءات شخصية من مؤلفيها . لكن الأكيد، حسب ما اعتقد ، ان الكتاب ، بالاهداء الشخصي الذي يوّشحه ، كان قد اكتسب معنى عزيزا على قلب الرجل ، معنى ينتمي الى المواجهة والبطولة والتحدي ، تلك التي ، كنّا ، جميعا كعراقيين ، احوج مانكون اليها ، في تلك الايام السوداء !
واذكر ، ايضا ، واقعة اخرى ، مشابهه ، من حيث المضمون والدلالة : فقد زارني، في بيتي ، مهنئا بمناسبة ما ، في احد الايام من عام 1999 ، آمر وحدتي التي تسرحت منها ، قبل سنوات ، العميد " ع ...". كان الرجل عضو شعبة او مرشحا لعضويتها في التنظيم العسكري لحزب البعث الذي كان منتميا اليه منذ الستينات . لكن تناغما ، روحيا ، نسج بيننا ، خلال عام من وجودي في تلك الوحده العسكرية ، عرى ودّ وصداقة جعلت منه يغض النظر عن بعض ما عرفه عني ثم يتجاوزه الى التصريح لي ببعض ما يعتمل في صدره من عواصف . كان صديقي ، من الرمادي ، اصلا ، ... جلسنا في صالة الاستقبال ، وكالعادة ، سرعان ما انتهى بنا الحديث الى الهّم الثقيل المشترك ، لكل العراقيين : الدكتاتورية والطغيان . الاسفاف في الجريمة والتخبط ، والافق الاسود الذي ينتظر العراق . لم يكن هذا النوع من الاحاديث يحمل اية خصوصية ، فقد كان سرا ذائعا ،بحق ، بين العراقيين ،جميعا ، فما ان يأمن احدهم الاخر حتى يبدأ هذا الحديث الذي كان ذو شجون لاتنتهي ابدا . المّ بي الجزع او الملل ، وداعبني الامل ، فعدت الى ما جرّبته سابقا ،وكاد يودي بحياتي . قلت : يا "ابو فلان ، سننتهي ، بحديثنا هذا ، ان آجلا او عاجلا ، الى النهاية التي لابد منها ، النهاية ، الجديرة وحدها ، في ظرفنا هذا ، بالعمل : ضرورة التنظيم العسكري السري لعمل ما يمكن عمله ، قبل ان تذهب دمائنا " بلاش " وتودي بنا الكلمات والكلمات فقط ، الى حتوفنا ، فهل انت مستعد ؟!
كان الشهيد ، محمد صادق الصدر قد اغتيل قبل ايام ، وكان تلفزيون بغداد قد عرض برنامجا ملفقا حول الجريمة رمى فيها الاتهامات بشأنها على حوزة النجف ورجالها ، وتضمن البرنامج الذي عرضه ، التلفزيون ، لقطات من صلوات الجمعة التي كان يقيمها الشهيد واتباعه في مسجد الكوفة ، وفيها يردد لازمته الشهيرة " لا لا امريكا ... لا لا اسرائيل "......
فوجئت بصديقي ، يكوّر قبضته، ويلوّح بساعده ، مجيبا على سؤالي ،هاتفا ، على ذات المنوال ، وبنفس النبرة وبصوت خفيض ، ولكنه عميق :" لا لا امريكا ... لا لا اسرائيل " !! فهمت الاشارة والايجاز الشديد الذي عبّر به ، عما يراه مطلوبا آنذاك ، وعن طبيعة القوة والعمل اللذين يراهما مناسبين لمواجهة النظام ، لكن ما ادهشني حقا، اكثر من غيره ، ان يقتدي هذا الضابط ، البعثي ، والسني من غرب العراق ، بمحمد صادق الصدر ويرى فيه جوابا وامكانية للحل !
لم يكن صديقي هذا ، معنّيا ، بالتأكيد ، بفقه السيد محمد صادق الصدر ، ولا بما افتى فيه من حل وحرمة ووجوب واستحباب ، مع احترامي ، لمنجزه بهذا الشأن ، لكنه كان معنّيا ، بكل تأكيد ، ببطولة الشهيد ووطنيته و تحّديه ثم مواجهته بكفنه وقبضته وكلماته ، للنظام وقوته الغاشمة!
وهذا الامر ، هو ذاته ، ما بلبل رجال الامن والحزب وهم يدبجون تقاريرهم السرية التي حارت في تفسير اقبال العشرات من الشيوعيين السابقين من مدن الثورة والشعله على صلاة جمعة الكوفة ، خلف الشهيد محمد صادق الصدر واطلاقهم اللحى واعتمادهم المسابح ومواضبتهم على الرحلات المكوكية الى الكوفة كل جمعه ؟! لقد كان العراقيون يبحثون عن المواجهة والبطولة ، والموت مقابل ثمن ، في قضية ، مواجهة ، حقيقية ، ان صح التعبير ، لا الموت المجاني ولا المتاهات التي لا تنفتح على درب ....

ورغم وجود امثلة ونماذج حالكة من التفكير والسلوك في مواجهة هذه الامثلة النّيرة ، بالطبع ، غير ان الوقائع الحاسمه ، والكثير منها ، اثبتت وتثبت ، ان العراقيين ، جميعا ، شأنهم شأن شعوب وامم الارض كافة ، معنيون بتلبية حاجاتهم الحيّوية وامانيهم الوطنية، رغم كل حيّل وامكانات التضليل والتعمية ، وانهم في هذا السبيل ، وامام قيادات وقوى تتمثل فيها الوطنية والنزاهة والشجاعة والتضحية والعدالة ، لايتوقفون كثيرا عند الهوّية الطائفية او الانتماء الاثني . لقد عرّض الوف المتظاهرين ، العزّل، من سكنة مدينة الثورة ، بطابعها المعروف ، صدورهم العارية ، الاّ من الحب والحماس ، لرصاص الانقلابيين في شباط 1963، في سبيل نصرة " الزعّيم " الذي "رأوا " صورته في القمر ، حبا وهياما ، دون ان يتوقفوا كثيرا عند هويته الاثنية وانتماءه الطائفي ، واختلطت دماءهم بدماء ، ابن الاعظمية ،الشهيد "عبد الكريم الجدة" آمر الانضباط العسكري وقائد القّوة المكلفة بالدفاع عن مقر وزارة الدفاع ، يومها ، والذي اكّد شهود عيان وبضمنهم الانقلابيين انفسهم ، انه قاتل بشراسة منقطعة ، حتى الموت، ورفض التسليم او الاستسلام ، وقد وجدت عشرات جثث المهاجمين تحيط بموضعه قبل ان تدهمه بسرفتها دبابة مهاجمه ، وكذلك قريبه ، الملازم الشاب " كنعان حداد " ذلك الفتى ،الذي تشبه قصته افلام المغامرات الرومانسية الغريبه ، فقد كان اعّد العدة للخروج في سفرة للتنزه مع خطيبته ، وفي الطريق سمع ببيان الانقلاب وادّعاء الانقلابيين بانهم يحاصرون وزارة الدفاع ، فاستدار بسيارته ليتزود بالسلاح ويدخل وزارة الدفاع مقاتلا وذائدا عن ثورة 14 تموز ، وليقاتل ،باستماته ،جعلت الانقلابيين في حيرة من امره ،حتى اسر واعدم في دار الاذاعة مع الزعيم عبد الكريم قاسم .
تلك امثلة خلت ، من زمن الوطنية والنزاهة والرجولة ، نسوقها في زمن الاقزام وباعة الوطنية وخدم الاجندات الاقليمية والعالمية ، اولئك الذين يتمترسون بالطائفة خوفا من الوطن العراقي الواحد، ويحتمون بالعرق هربا من الشعب العراقي الموحد ، ويتناخون الى القبيلة بدلا عن النخوة الوطنية . مؤكدين، عن قراءة مترّوية للتاريخ الحديث وتفّحص متمعّن لوقائعه ، لا عن عاطفة مشبّوبة وهوى بلا اساس : ان العراقيين ، مهما علت طبول التزييف ، وتصّعدت حمّى التهويش والتضليل والاستعداء ، مثلهم كمثل اي شعب آخر ، يدركون مصالحهم الجذرية الحقيقية ، ويمنحون ثقتهم ويمحضون ولائهم لمن يبرهن ، حقا وفعلا ، من خلال القول والفعل ، انه فوق الطائفة انتماءا ، واوسع من المذهب افقا ، واكبر من العرق صلة ..



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنّة العراق ، من الافق القومي الى الثقب الطائفي !
- الوعي المفارق .... ملاذ آمن للكتّاب !
- العراق: حالة اعاقة دائمة !
- ما لم يقله المالكي ....
- - صكبان - والعدل الآلهي .....
- ملامح طبقة ضارية !
- الوطنية العراقية : مخاض مرير....
- سر - الخرق الامني- !
- الله اكبر !
- تجمع شيوخ الليزر !
- نظرية المؤامرة!
- امراء الحرب وسياسة حافة الهاوية !
- نصف قرن على انقلاب 8 شباط 1963 .... من يجيب على الاسئلة؟
- الانتهازية ..... والعلاقة بين الفطري والمكتسب . (5)
- الانتهازية والسلطة في العراق ...رجال لكل العصور !
- رزكار عقراوي .. دعوة مخلصة ولكن!
- مع السيد عصام الخفاجي في -ثورات الربيع العربي وآفاقها- اكبر ...
- الانتهازية والسلطة في العراق ... من اجل فك الاقتران !(3)
- الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (2)
- الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (1)


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - محمد باقر الصدر..... وريمون !