أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد - سندباديون - أو - تيتانك العراقيين الفقراء















المزيد.....

المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد - سندباديون - أو - تيتانك العراقيين الفقراء


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


يعتمد المخرج هادي ماهود على بنية المعادل الموضوع في صياغة القصة السينمائية التي غالباً ما تكون محبوكة، ورصينةً بحيث تشد الحدث، وتلملم أطرافه. وتبرز آلية المعادل الموضوعي لتعميق الدلالة الاستعارية التي يسعى إليها كاتب السيناريو ومخرجه. ففي فيلم " عاشوراء " نكتشف من دون لأي أن " الحرس الجمهوري " الذي يهجم على المنتفضين في جنوب العراق وشماله أيضاً هو المعادل الموضوعي للجيش الأموي الذي يهجم الإمام الحسين " رض " وآل بيته في واقعة كربلاء. وأن " السندباديين الجدد " الذين يغادرون العراق بحثاً عن ملاذ آمن هم المعادل الموضوعي لـ " السندباد " الذي خرج من العراق، وارتحل من جزيرة إلى أخرى، حتى وصل إلى ما وراء البحار باحثاً عن المغامرة، ومحققاً رغبته الداخلية في كسب المعرفة، واستكشاف المجهول. وعلى رغم اختلاف النيات بين السندباد القديم والسندباديين الجدد إلا عناصر السفر، والمجازفة، وركوب الأهوال، ومواجهة الموت في أعتى لحظات عنفه هي عناصر قائمة تعزز بنية المعادل الموضوعي التي أشرنا إليها آنفاً.
درامية القصة السينمائية
غالباً ما يختار المخرج هادي ماهود قصة سينمائية تتوفر على حدث درامي صادم يهز المتلقي، ويقذفه إلى دائرة الانفعال الذي يفضي دائماً إلى التوتر، وجيشان المشاعر، والانخراط في البكاء. ومنْ يشاهد فيلم " سندباديون " لا يستطع أن يظل صامداً من دون أن يجهش بالبكاء أمام هول الفجيعة التي ألمت بـ " 418 " لاجئاً جلّهم من العراقيين الذين ماتوا غرقاً في مياه المحيط الهندي المحصورة بين أندونيسيا وأستراليا، وتُركوا لوحدهم يواجهون مصيرهم المحتوم أطفالاً، ونساءً، وشباناً، وشيوخاً طاعنين في السن. هذا الحدث هو دراما كبيرة بحد ذاته، ولهذا لم أستغرب أبداً في حينه النداءات القوية التي أطلقها " هادي ماهود لوحده من دون المخرجين العراقيين كلهم " مستصرخاً عطف الدول، والأطراف العراقية المعارضة، والأثرياء، وكل من هو قادر على مد يد المساعدة له، ولطاقمه التصويري لتزويدهم بثمن تذاكر السفر فقط إلى أندونيسيا كي يلتقي بالناجين من هذه الكارثة المروعة، ويوثقها في فيلم سينمائي يظل ذخراً للأجيال القادمة، وشاهداً على معاناة العراقيين، لكن نداءات هادي ذهبت أدراج الرياح، وكأنه كان يصرخ في بئر عميقة لا قرار لها، أو في برية شاسعة غير مأهولة. فلم يسمعه أحد، لا الجهات الإنسانية، ولا المعارضة العراقية قبل سقوط النظام، ولا الأثرياء العراقيين الغارقين في ترفهم. وبعد بضعة أيام كانت طويلة وثقيلة على هادي الذي وضع دعوته على الانترنيت جاء رد إيجابي مشجع يتحمل صاحبه تكاليف سفر المخرج وطاقمه التصويري، فسرعان ما حمل هادي عدّته، ويمم وجه شطر السواحل الأندونيسية لكي يلتقي بالناجين، ويصور مأساتهم في فيلم وثائقي لا يموت، فهادي ماهود فنان مرهف، ويدرك تماماً أن أية فجيعة في الكون لا بد أن يتضاءل وقعها، ويخف زخمها بمرور الزمن. ومهمة المخرج التسجيلي هو أن يلاحق هذا الانفعال الصادق بأسرع وقت ممكن، ويمسك بالتوتر الذهني والنفسي والروحي في أقصى لحظات عنفه. القصة بمجملها زماناً، ومكاناً، وأحداث تتوفر على الثيمة الدرامية، أو الملحمية بشكل أو بآخر. فالزمان، الساعة 3:10 دقائق بعد الظهر من يوم الجمعة المصادف 19 أكتوبر 2001. الجو عاصف ممطر، وأمواج البحر بدأت تثور شيئاً فشيئاً. المكان: سفينة صغيرة متداعية حُمّلت بأكثر من طاقتها في عرض المحيط الهندي بين أندونيسيا وأستراليا، وعلى متنها " 418 " لاجئاً بينهم " 150 " طفلاً، و " 150 " امرأة، و " 118 " رجلاً، كلهم يحلمون بالوصول إلى السواحل الأسترالية بحثاً عن ملاذ آمن لا غير! لم ينجُ من هؤلاء سوى " 45 " شخصاً، بينهم " 33 " رجلاً، و " 8 " نساء، و " 4 " أطفال! الحدث: فجأة بدأت السفينة تترنح ذات اليمين، وذات الشمال بعد أن هاج البحر، الأمطار تزداد غزارة، والأمواج بدأت ترتفع من ثلاثة أمتار إلى أربعة أمتار، الأطفال بدؤوا يصرخون، الهلع أوصل قلوب النساء إلى التراقي، اليأس هيمن على قلوب الرجال، محرّكات السفينة بدأت تصطك مثل أسنان دهمها برد صقيعي مفاجئ، ارتفعت المياه في باطن السفينة فشرع عدد من الشبان اليافعين بغرف المياه المالحة بجرادل بلاستيكية وإعادتها إلى البحر الهائج. عيون الجميع أوشكت أن تخرج من محاجرها عندما شاهدت غير مصدقة أن ألواح السفينة بدأت تتفكك، وفي لحظة ملعونة لم تصمد فيها السفينة أما موجتين عاتيتين جاءتا من جهة اليمين فانقلب المركب بمن فيه، وتناثرت أخشابه المفككة التي تشبه ألواح الصبار الشائكة، ففضلاً عن الجوع، والعطش، واشتداد الريح، وغزارة المطر، وتلوث سطح الماء بوقود السفينة، والموت المتلاحق غرقاً كانت المسامير تعيق الناجين من التشبث بألواح الخشب التي تتقاذفها الأمواج المجنونة. ومن الأجواء الدرامية لهذا الحدث أن الآباء لا يعرفون إلى أين يلتفتون: أينقذون أبناءهم أو بناتهم أو زوجاتهم أو الناس الآخرين العزل المجردين حتى من " نجادات الإنقاذ "؟ ثمة شيخ كبير عمره " 80 " عاماً مات غرقاً ولم ينقذه أحد! وثمة طفل رضيع كان متشبثاً بصدر أمه، ورفض أن يفك اشتباكه بها حتى بعد أن طافت على سطح الغمر! كان الناس تباعاً يموتون غرقاً، بعضهم كان ينزف دماً من جراء تشبثه بالألواح الخشبية المليئة بالمسامير، فتثير رائحة الدم شهية الأسماك التي بدأت تنقر أقدام العائمين. ومن سوء المصادفات أن يكون ذلك المكان مأهولاً بأسماك القرش والحيتان الخطيرة، ولنتخيل نحو مائة مفجوع بأولاده وبناته وزوجه عائم على سطح البحر المسكون بأسماك القرش ينتظرون مصيرهم المحتوم حيث لا ماء ولا غذاء ولا أمل بالنجاة. هكذا تمضي الدقائق ثقيلة، موحشة، مخيفة، حبلى بمفاجآت الخطر الذي قد ينبثق من أعماق البحر في أية لحظة في هيأة فم مفتوح يسحب العائمين إلى قرارته الظلماء. أحد الأطفال طلب من أبيه بعد أن قتله العطش أن يضع لسانه على لسان أبيه علّه يشعر بشيء من الارتواء، فمات من دون أن يرتوي. البعض من المفجوعين أغرق غيره على أمل النجاة والتشبث بهذه الحياة الفانية فماتوا معاً. ولكي يزداد الحدث درامية بحيث يبعث على هلع حقيقي أن الليل بدأ يهبط ويلف الناجين من الغرق بعباءته السوداء. وعندما انتصف الليل أو كاد لاحت في الأفق البعيد بارقة أمل، إذ اقترب من موقع الحدث زورقان كبيران فبدأ المفجوعون بالصراخ والحركة وطرطشة الماء، وسكت بعضهم حينما اصطدمت أضواء الزوارق بوجوههم، لكن الأمر الغريب أن هذه الزوارق الكبيرة قد انسحبت مجهضة أحلام المفجوعين بالنجاة. فهل أن صاحب السفينة، المهرّب المصري " معتز عطية " والمعروف بـ " أبي قصي " قد أرسل هذه الزوارق للتأكد من أن سفينته غير الصالحة للإبحار قد تحطمت حقاً بفعل الأمواج العاتية، أم أنها وصلت إلى بر الأمان؟ وهل هم الذين أبلغوا زوارق الصيد في صبيحة اليوم، وتمكنوا من إنقاذ " 45 " لاجئاً فقط، بينما واجه الآخرون مصيراً تراجيدياً مؤلماً، أم أن خفر السواحل هم الذين قاموا بمهمة الإنقاذ؟ ولماذا تم قبول بعض الناجين منهم على وجه السرعة من قبل الأمم المتحدة، وتسفيرهم إلى النرويج والسويد وأستراليا؟ هل ثمة أسرار معينة دُفنت مع هؤلاء الناجين الذين تم تسفيرهم بسرعة؟ ثمة أسئلة كثيرة ما تزال تنتظر إجابات شافية.
تأطير الحدث
لا يميل هادي ماهود إلى تقديم فيلم سينمائي مشتّت، فأغلب قصصه تتسم بالرصانة، والحبكة القوية التي يمكن تلمّسها في أفلامه التسجيلية والروائية. والفيلم التسجيلي " سندباديون " لا يخرج عن هذا الإطار المحكم. فلقد اختار السينارست ومخرج الفيلم الإطار السردي " الحكواتي " مستفيداً من تقنية " ألف ليلة وليلة " حيث تسرد " شهرزاد " كل ليلة قصة للملك " شهريار " لتهدئ من روعه على أمل أن تواصل سرد قصة أخرى في الليلة التالية. وإذا كانت واحدة من قصص شهرزاد تتحدث عن السندباد القديم الذي سافر بحثا عن المغامرة، فإن قصتها هذه المرة كانت عن " السندباديين الجدد " الذين ارتحلوا مرغمين بحثاً عن ملاذ آمن. تقول شهرزاد: " بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن السندباد البحري خرج من مدينته بغداد إلى البصرة. خرج السندباد ليركب البحر أياماً وليالي عدة مسافراً من جزيرة إلى جزيرة، ومن بر إلى بر حتى وصل إلى بلاد ما وراء البحار. وبلغني أيها الملك السعيد أن حدثت نكبة بعد ذلك بقرون عدة، تحديداً في بلاد الفرات ودجلة، حيث تسلّط رجل بلا قلب، و جرَّ البلاد من حربٍ إلى حرب. وخرج من تلك البقاع خلق كثير طلباً للأمان، ركبوا البحر كالسندباد في سالف العصر والزمان، لا لمغامرة ينشدون، بل لحياة آمنة يسعون." وبعد اللقطات السندبادية الجميلة التي تبين لنا كيف يبحر السندباد في عرض البحار نرى صداماً بملابسه العسكرية وهو يوجّه القادة العسكريين عبر الهاتف بضرورة من الإفادة من انكسار الجيش الإيراني، واستثمار الفوز. ثم نشاهد صداماً في لقطة أخرى محاطاً بعدد من المنافقين والردّاحين وهو يدوزن فرحهم بحركة حماسية بيده اليمنى. ولكي يؤثث المخرج هذا الإطار الرصين لقصة فيلمه نراه يلتقي بنحو عشرين لاجئاً وناجياً من الغرق في السفينة التي أُطلق عليها "SIEVX " أو " تيتانك الفقراء ". ولعل أول اللاجئات هي أم جواد التي تحدثت ببساطة شديدة، وبمصداقية قلّ نظيرها وهي تصف الطريقة التي أتى بها المهربون اللصوص هي وعائلتها إلى جزيرة نائية طمعاً في دولارات غير موجودة لديها. ولو تتبعنا طريقة وصفها للمخاطر التي تعرضت لها مع أفراد عائلتها لأيقنا بأن هادي ماهود لا يبحث عن ممثل محترف، وإنما يريد " إنساناً صادقاً، يفصح لسانه عمّا في قلبه، وطويّته. " وربما تكون القصيدة المعبّرة هي الشيء الوحيد الذي انتقاه المخرج من الوسط الثقافي لكون هذا النص يختصر جانباً من جوانب معاناة العراقيين الذين يحومون حول الحدود الأسترالية أو في المنافي البعيدة. يقول الشاعر: ( تابوت الموت سفينتنا/ كانت تنقلنا كالهيروين الممنوع
إلى سدني/ بصمت كنا نحتشد في بطن المركب كالأخشاب المرصوفة خوفاً من خفر الساحل/ أو إيقاظ البحر النائم في ظني./ كان الليل يلّم بقبضته السوداء المركب/ وكان القبطان يغني/ وطفل من أرض بلادي يشبه حزني.
/ كان يقول أن أباه في ملبورن من سنتين/ وهو سيعبر هذا البحر المجنون للقاء أبيه المسكين/ اسم الطفل كان حسين/ وله أخت أصغر منه تدعى زينب مثل جمان/ كان الدمع ينزل من عينيها وهي تقول: ماما، ماما، بابا أين؟ ). ربما تختصر هذه القصيدة جزءاً كبيراً من هموم العراقيين، وتكشف عن محنتهم الراهنة، ولكن تظل اللقاءات الحيّة، أبلغ من أية صياغة شعرية لفاجعة السندباديين الجدد. فالمرأة التي غاب عنها زوجها تسع سنين ولم تعرف عنه شيئاً إلا بعد وصوله إلى سدني خشية أن يتسرب خبر هروبه إلى أزلام النظام السابق، ثم تلحق به إلى استراليا تحت ضغط بناتها بعد أن تبيع البيت وكل ما لديها من أثاث وذهب وممتلكات كي يلتّم شملهم من جديد في المنفى الأسترالي. فارس كاظم الناجي من الغرق يتحدث عن اللحظة التي انقلب فيها المركب، ثم يعرج على وصف الحالة التي غابت فيها ابنته في عمق المحيط وكأن حيواناً بحرياً سحبها إلى أعماق البحر، وحينما التفت لزوجته وجدها طافية بعد أن فارقت الحياة. الناجية أمل بصري وصفت اللحظة المرعبة التي بدأت فيها الناس تبلع المياه المالحة، وتختنق، وتموت، ثم تطفو فوق سطح الماء، ثم تذهب هي بمساعدة جثة امرأة طافية للاقتراب من ابنها الذي سيغرق بعد دقائق معدودة. ولا تتورع عن الاعتراف بأنها تمسكت بجثة ميتة، وظلت متشبثة بها حتى مجيء زوارق الصيد في اليوم الثاني. أما الشاب حسين الحسيني فقد كان يصف مشهد الطفل الرضيع الملتصق بأمه وكأنه مربوط بحبل سرّي، أو ربما هو كذلك لكن التعبير لم يسعفه في وصف المشهد المهول. عقيل داوود كان يتحدث عن د. كمال البطاط الذي كان متشبثاً بلوح خشبي مليء بالمسامير من مخلفات المركب المحطم، ولا يجيد السباحة، ولا يعرف كيف يصل إلى ابنه الذي يطلب منه النجدة ولا من مجيب. فأبوه لا يعرف العوم، وسيغرق حتماً إذا ما تخلى عن لوح النجاة. ثم نكتشف أن عائلة البطاط قد فارقت الحياة برمتها غرقاً في مياه المحيط. وربما يكون المشهد الأكثر تأثيراً هو حديث " أبو علي " الذي يصف اللحظات التي مات فيها ابنه " علي " من العطش في عرض البحر وهو ينخرط ببكاء محموم. وبالرغم من أن أبواب جهنم قد انفتحت عليهم كما وصفتها إحدى الناجيات إلا ما يثير الاستغراب حقاً هو اقتراب بعض المراكب ليلاً من مكان الكارثة لكن أحد لم يحرك ساكناً لإنقاذ هذه العوائل المنكوبة كما قال أبو مسلم وبعض النساء الناجيات من الغرق. أحدهم قال " ظللنا نصيح بالعربي والإنكليزي help, help, help لكن أحداً لم ينقذنا ". السيدة رباب عبد الله وصفت فاجعة موت ابنتها " آيات " في حضن أبيها، وكم تحملت من المصاعب والمواقف الشاقة من أجل إنقاذهما من الوضع السيء في العراق وإيران وصولاً إلى هذا الطريق الأسود، بحسب وصفها، ومنه إلى أستراليا. الناجي عقيل داوود سلّط الضوء على مُلابسات " أبو قصي " صاحب الزورق الذي أُلقي عليه القبض مع ضابطين أندونيسيين كبيرين، وبيّن لنا أنه مرتبط بالأجهزة الأمنية الأندونيسية لأنه يحمل جهاز لاسلكي لا يُسمح بحمله في أندونيسيا، كما شاهدوه يعلّق برقبته بندقية " غدّارة " الأمر الذي يكشف لنا عن الفساد الأمني السائد في تلك البلاد. أما المَشاهد التي ظهرت فيها شخصيات أسترالية فقد كشفت جانباً من اللبس الذي يكتنف هذه الواقعة. لنستمع إلى ما قاله توني كيفن السفير الأسترالي السابق في كمبوديا: " رحلة سفيكس لم تكن عملية تهريب بشر عادية. رحلة سيفيكس عملية رادعة لإرسال رسالة مفادها أن تهريب البشر يشكل خطراً كبيراً على الركاب. أنا أعتقد بأن المركب أرسل ليغرق، والناس أرسلوا ليموتوا. " وفي إطلالته الثانية يقول: " أنا أعتقد بأن تلك الزوارق أرسلت من قبل الناس الذين خططوا للرحلة والذين ساهموا في الخراب وحمّلوا المركب بأكثر من طاقته. هم جاؤوا كما أعتقد ليتأكدوا إذا ما كان الزورق قد غرق وكم عدد الناجين. لم يلتقطوا أي ناجٍ كما أعتقد بل هم ربما أعطوا معلومات لزوارق الصيد للاقتراب واكتشاف الأحياء في اليوم الثاني وعدم التقاط أي واحد منهم." وفي إطلالته الأخيرة يقول: " الناس الذين نظموا هذه الرحلة أرادوا أحياء قليلين للتحدث إلى الإعلام لصناعة درس مفاده أن تهريب البشر كان خطراً جداً لهذا كانوا يرغبون ببعض الناجين للعودة إلى جاكارتا ليواجهوا الإعلام. " أما السيناتور ناتاشا أس ديسبوجا فقد كان موقفها هو الأكثر نبلاً ومصداقية وإنسانية، إذ قالت: " أشعر بالخجل من هذه الحكومة بكل عواطفي وإنسانيتي، نعم أنهم لا يفعلون أشياء ضرورية. هل وجدتم رئيس الوزراء قد ذهب معكم؟ لكن ذلك لن يوقفنا عن العمل الحق. الأستراليون لا يرغبون بالوقوف مع هذه السياسة الشاذة. الأستراليون لا. . سنُعاقب ليس فقط من قبل التاريخ، ليس فقط من عيون العالم، لكن هذه الحكومة لجرائمها سلوك طريق رمي الناس في مراكز الاحتجاز." ثم نرى عدداً كبيراً من المتظاهرين الأستراليين قرب مركز احتجاز اللاجئين وهم يرفعون أصواتهم متسائلين: مادا تريدون: فيأتي صوت المحتجزين: فيزا. وفي الختام تظهر شهرزاد ثانية لتعتذر من شهريار قائلة: " عذراً أيها الملك السعيد، فقد أثقلت عليك بهذا الكم الهائل من الجراح، وعليَّ الآن أن أتوقف عن الكلام المباح، فلقد أدركني أيها الملك السعيد الصباح.". هنا تتأطر الحكاية بهذا الإطار المحكم الذي يكشف عن رؤية المخرج الرصينة الذي قدّم فيلماً ناجحاً وثق بأمانة كبيرة لهذه الواقعة المؤلمة التي ستبقى خالدة في الذاكرة الجمعية للناس. ولا بد من الإشارة إلا أن كلمات الأغنية المؤثرة للفنان صلاح الصبار وموسيقاه قد لعبتا دوراً في إثراء الفيلم، وتعميق بعده الإنساني النبيل. كما ينبغي الإشادة بدور كل من الفنانين أفراح هاشم، وعلي سريع، ونزار جبر الذين أدوا أدوارهم بشكل سلس، ومقنع. كما أضفت المؤثرات الصوتية والبصرية بعداً فنياً ضاعف من جمالية الفيلم الذي برع في تصويره كل من المصورين الأستراليين لاري لاوسن، وجون بنكان، ومَنتّجه المونتير الفنان علي وحيد.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهاد أبو سليمان في فيلمه التسجيلي - أستوديو سعد علي -: رؤية ...
- أول امرأة هولندية تُصاب بجنون البقر، وتسبب هلعاً جماعياً
- المخرج العراقي ماجد جابر في فيلمه التسجيلي الجديد - المقابر ...
- الفنانة التشكيلية حنان عبد الكريم في معرضها الأخير: من الرمز ...
- الروائي العراقي اليهودي شمعون بلاص لـ - الحوار المتمدن -:عند ...
- الروائي اليهودي العراقي شمعون بلاص لـ - الحوار المتمدن -: نز ...
- الفنان سعد علي في معرضه الشخصي الجديد - الحب في مدينة الليمو ...
- التشكيلي زياد حيدر لـ ( الحوار المتمدّن ): اللوحة بالنسبة لي ...
- حفل لسيّدة المقام العراقي فريدة في دار الأوبرا في مدينة نايم ...
- أكرم سليمان في فيلمه الجديد - هلو هولندا -: دقّة المخرج في إ ...
- المخرج جمال أمين لـ - الحوار المتمدن -: شعوب الشرق الأوسط هم ...
- المخرج جمال أمين لـ - الحوار المتمدن -: الفيلم التسجيلي هو ع ...
- جمال أمين لـ - الحوار المتمدن -: لو لم اكن مخرجاً وممثلاً، ل ...
- مهرجان السينما العراقية الثاني في لاهاي: ملامح جديدة لأفلام ...
- حدوس ثاوية
- المخرج العراقي ماجد جابر: الحيادية والتلقائية هما من مقومات ...
- المخرج هادي ماهود: علينا أن نستثمر هذه الحقبة لصناعة أفلام و ...
- المخرج هادي ماهود: الإنسان البسيط يتحدث على سجيته، ولا يتصنّ ...
- المخرج هادي ماهود: لم أكن سعيداً بفيلم - جنون - الذي فاز بجا ...
- الفنان ستار كاووش لـ - الحوار المتمدن -: أحب الموضوعات التي ...


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد - سندباديون - أو - تيتانك العراقيين الفقراء