أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أعداء الديمقراطية الأربعة















المزيد.....

أعداء الديمقراطية الأربعة


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



صِلة "المبدأ" بـ "الواقع" كصلة "الشيء" بـ "بيئته (محيطه، وسطه)"؛ وليس من "شيءٍ" يُمْكِنكَ فَصْله عن "بيئته"، والاحتفاظ به، في الوقت نفسه؛ فـ "الشيء هو على ما هو عليه"؛ لكونِّه متَّحِداً اتِّحاداً لا انفصام فيه مع "بيئته"؛ وفَصْل "الشيء" عن "بيئته" إنَّما يعني "وَضْعه في بيئة أخرى"، وتَرْكِه يتفاعل معها، فيَخْتَلِف ويتغيَّر، بما يجعله "شيئاً آخر".
"المبادئ (والقِيَم)" تُوْلَد في "السماء"، بمعناها المجازي؛ فإذا بقيت في "عالمها الأفلاطوني"، أو في "عالَم الأفكار المجرَّدة"، فإنَّكَ لن تستطيع أبداً فَهْمها، أو "وَزْنَها"؛ فعالمها هذا، أو "مسقط رأسها"، إنَّما يشبه "فضاء تنعدم فيه الجاذبية"؛ فتتساوى الأجسام جميعاً في "صِفْريَّة" الوزن.
إنَّ عليها أنْ تَنْزِل أوَّلاً من "السماء" إلى "الأرض"، أيْ إلى "أرض الواقع"، فعندئذٍ فحسب تَدُبُّ فيها الحياة، ونَقِف على معانيها "الحقيقية (الواقعية، المحسوسة)"، ونستطيع، من ثمَّ، أنْ نَقِف منها موقفاً واقعياً؛ وهذا "الموقف الواقعي" إنَّما هو المتأتِّي من نَظَر المرء إلى "المبادئ (والقِيَم) التي كسا الواقع عظامها لَحْماً" بـ "عَيْن المصلحة والحاجة"، مصلحته هو، وحاجته هو.
"الديمقراطية"، بمبادئها وقِيَمها جميعاً، تظلُّ "أفلاطونية"، و"كونية (عالمية)"، ما بقيت في "السماء"، أيْ في "عالَم الأفكار المجرَّدة"؛ لكنَّها ما أنْ تهبط إلى سطح الأرض، وتنغرس في التربة التي سقطت فيها، وتتفاعل مع هذه "البيئة الأرضية (الواقعية)"، أو تلك، حتى نراها "كائناً حيَّاً"، له ما له من ملامح وخصائص.
و"الديمقراطية" لا تَنْزِل إلى "الأرض" إلاَّ كنُزول "فارِسٍ (محارِبٍ، مقاتِلٍ)" إلى "ساحة (وميدان) الصِّراع (والقتال)"؛ فإنَّ أعداء كُثْر (لها) يتربَّصون بها الدوائر؛ وأخطرهم، وأهمهم، أربعة، هُمْ: "المال (بسلطانه ونفوذه)"، و"الدِّين (باشتغال رجاله ومؤسساته بالسياسة، وسائر الشؤون العامة)"، و"التعصُّب (أيْ تعصُّب الفرد لجماعةٍ منافية بطبعها وطبيعتها للحياة الديمقراطية، كالعشيرة والقبيلة والطائفة الدينية)"، و"الخوف (أيْ خوف المواطن من عواقِب ممارَسَتِه حقوقه الديمقراطية المكفولة له دستورياً؛ لأنَّ قوى القمع والإكراه في "الدولة" ما زالت تَعْمَل، بالسِّرِّ والعَلَن)".
"الديمقراطية الفضلى"، أيْ التي صارعت "أعداءها الأربعة أولئكَ (وغيرهم)"، وانتصرت عليهم، إنَّما هي (حتى الآن) كائن خرافيٌّ؛ فإنَّ أيَّاً من المجتمعات العريقة في ديمقراطيتها لم يعرفها، وينعم بها، حتى الآن، فيكفي أنْ يبقى لها عدوٌّ واحدٌ، يستبدُّ بها، وهو "المال"، حتى يعتري الفساد كثيراً من مبادئها وقِيَمها "الواقعية"، أيْ التي تجسَّدت في الواقع، وبه؛ فتخيَّلوا (وهذا تخيُّلٌ يتضاءل فيها كثيراً وزن الواقع والواقعية) أنَّ مجتمعاً من تلك المجتمعات (العريقة في ديمقراطيتها) قد مارس (بأفراده وجماعاته) الحقوق الديمقراطية نفسها (أي المنصوص عليها دستورياً) وخاض تجاربه الانتخابية نفسها؛ لكنْ بمنأى عن سلطة وتأثير ونفوذ "المال"، وأباطرته، فهل تظل "النتائج (والعواقب)" هي نفسها؟!
إنَّني لم أرَ مؤسَّسة في الغرب (العريق في ديمقراطيته) تُعْنى بـ "تحليل النتائج"، أيْ نتائج كل انتخابات، ونتائج الممارسة الديمقراطية على وجه العموم، بما يسمح لها بإحاطتنا عِلْماً بالوزن الحقيقي والواقعي لـ "سلطة المال" في هذه "النتائج" على وجه العموم.
إنَّ "المال السياسي (الديمقراطي والانتخابي)" هو "قوَّة الإفساد والتشويه والمسخ الأولى (أيْ الأكثر فاعليةً ونعومة وقبولاً)" للحياة الديمقراطية، وللانتخابات منها على وجه الخصوص؛ ولقد اعتدنا وجود وعمل هذه "القوَّة"، وكأنَّها جزء لا يتجزَّأ من الديمقراطية نفسها، مفهوماً وواقعاً وممارسَةً.
و"الإيجابيون" في موقفهم من هذه "القوَّة"، أو من هذا "العدو الأخطر على الديمقراطية"، إنَّما يَسْتَمِدُّون لحججهم ومنطقهم قوَّة من تجارب الديمقراطية في "العالَم الآخر"، والذي إليه تنتمي مجتمعاتنا ودولنا العربية؛ ففي هذا العالَم، ما زالت تُلْعَب لعبة تزوير نتائج الانتخابات نفسها، فـ "نتائج الفَرْز" تأتي مختلفة عن "نتائج التصويت"؛ و"التصويت نفسه" محكومٌ بـ "قانون (ونظام) انتخابي" يَضْمَن الإتيان بـ "برلمان" يُمثِّل، لجهة مجموع الأصوات التي جاءت به إلى الوجود، "الأقلية (من الناخبين، ومِمَّن لهم حق الاقتراع، ومن الشعب)"، ولو كان المُدْلون بأصواتهم يمثِّلون أكثرية المقترعين؛ و"المشاركة"، لجهة حجمها ونسبتها، محكومة بـ "قانون انتخابي ـ سياسي خفي"، يسمَّى "عدم الجدوى"؛ فإنَّ كثيراً مِمَّن يحق لهم الاقتراع لا يشاركون في الاقتراع لشعورهم (الذي يغذِّيه الواقع نفسه) بـ "عدم جدوى المشاركة (من الوجهة السياسية)"؛ فالانتخابات، مع نتائجها، تجعل المواطِن أكثر إيماناً بأنْ "لا جديد تحت الشمس".
وفي هذا العالَم نفسه، والذي إليه ننتمي حتى في زمن "الربيع العربي"، ما زال "الخوف من العواقب" يشغل حيِّزاً من إرادتنا السياسية والانتخابية؛ فـ "الدولة" عندنا ما زالت تبدو حيِّزاً تتركَّز فيه قوى القمع والإكراه؛ أمَّا "طور الانتقال" الذي تعيشه دول "الربيع العربي"، فَلْمْ يعرف، على وجه العموم، من كَسْر القيود إلاَّ ما سمح بتحرير "قوىً"، يكفي أنْ تتحرَّر حتى تُقَيَّد الديمقراطية نفسها بسلاسل ثقيلة؛ فإنَّ كثيراً من الناس شرعوا يَعُون وجودهم، ومصالحم، وحاجاتهم، وحقوقهم، ومستقبلهم، بالدِّين، أو بالعشيرة والقبيلة والطائفة الدينية؛ ولقد وُجِد مَنْ يَشْحَن هذا "الوعي" بطاقةٍ هائلةٍ من التعصُّب، فعميت الأبصار والبصائر.
هذا "التكوين الفسيفسائي" لمجتمعاتنا يتحدَّى "الربيع العربي" أنْ يجعله "تعدُّديَّة ديمقراطية"، بها، وفيها، تتأكَّد قوَّة وحيوية الديمقراطية الوليدة، وإلاَّ استحال إلى "برميل بارود" تحفُّ به عيدان الثقاب المشتعلة، وما أكثرها.
ولقد اجتمع على هذه الديمقراطية الوليد "أعداؤها الأربعة الكبار"، متَّخذين من هذا "التكوين الفسيفسائي" برميل بارود، يُمْطرونه بوابِلٍ من عيدان الثقاب المشتعلة؛ أمَّا العاقبة التي قد تترتَّب على ذلك، والتي يكمن لهم، أو لبعضهم، فيها هدفاً، فهي جَعْلُ "القديم" يبدو أفضل، وأفضل بكثير، من هذا "الجديد".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب يؤسِّس لعهد جديد من الصراع!
- عَبْر -القصير- إلى -الجنَّة-!
- تعلَّموا من إبيكوروس معنى -الحياة-!
- -القبطان- بشَّار!
- سيناء تطلب مزيداً من السيادة المصرية!
- ما معنى أنْ ينجح -المؤتمر الدولي-؟
- -نظام التصويت- الذي يؤسِّس لمجتمع ديمقراطي
- فلسفة -الإرادة-
- في فِقْهِ -الاستبداد الدِّيني-
- لماذا أعلن كيري -الدليل القاطِع-؟
- هذا -الرَّد الإستراتيجي- السوري!
- الوزن الحقيقي ل -تَفاهُم كيري لافروف-
- هل ثمَّة ما يُبرِّر خوفنا من الموت؟
- لماذا يصر نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل على أنَّها ...
- شبابنا إذا حُرِموا -نِعْمَة- العمل!
- الظاهِر والمستتِر في الضربة الإسرائيلية
- في الجواب عن سؤال -الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية-
- -إنجاز- كيري!
- طريقتنا البائسة في التفكير والفَهْم!
- عيد -المحرومين في وطنهم-!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أعداء الديمقراطية الأربعة