ناهده محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 10:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تحدثت ذات يوم مع مربٍ قديم , وقال لي لِمَ لا تكتبين يا سيدتي عن الإيثار , قلت له : وما الإيثار ؟ قال : كان فيما مضى إذا أعطى أحد الأطفال نصف رغيفه لزميله الفقير يُسمي هذا الطفل بالكريم أو المُحسن , أما إذا أعطى رغيفه كله لزميله وفضله على نفسه فهذا هو ما يُسمى بالإيثار , فضحكت وقلت ولما أكتب عن شيء لم يعد موجوداً , قال : كيف لم يعد موجوداً , قلت : نعم لم يعد . ولو كان ما تدعو إليه موجوداً لما تنافس المتنافسون على مواقع العمل والمراكز الإجتماعية , ولما تنافست الشركات على الصفقات والعقود , ولما تقاتلت الجيوش لأجل المزيد من الأراضي والثروات , ثم قلت لا تيأس هذا هو الجانب الأسود للمنافسة , لكن هناك الوجه الآخر وهو ما يُدعى الآن بالمنافسة الشريفة , فيها يتنافس العلماء لإختراع أحدث الإبتكارات الدوائية والعلاجية وفيها تتنافس الدول لإكتشاف الفضاء وفيها يبدع المبدعون طمعاً في وضع بصماتهم الأدبية والفنية على صفحات التأريخ . أوقفني وقال حزيناً لو كان ما تقولينه صحيحاً سيدتي فَلِم يتقاتل العرب والمسلمون كلُ يريد الكرسي حتى لو كان على جثث الملايين وهو ليس لأحد , ولم يُعتبر العربي والمسلم مجاهداً وهو يطلق صرخة ( الله أكبر ) أثناء قتله لعشرات النساء والأطفال الأبرياء , ولِمَ يُطلق الرصاص على الأفواه التي تقول الحق , ولِمَ يدعي البعض الديمقراطية فيطلق الأيدي ( لتبصم ) ويكبل الأرجل لكي لا تتقدم خطوة واحدة , ثم قال : هل لديكِ جواب ! قلت ليس لدي حتماً , قال : إذاً من لديه , قلت : لن يجيبك على هذا السؤال العرب والمسلمون الأسوياء والشرفاء , بل سيجيبك وستعجب للجواب , المرضى وغير الأسوياء منهم , فلديهم القدرة الأسرع على الحركة والقدرة الأسرع على الكلام ولا فرق إن أعجب الجميع أو لا , إذاً سيدي المربي لا وجود لهذه القيمة الحضارية فقد أصبحت غير حضارية , فلا يوجد بيننا من يُعطي رغيفه للآخر وإذا أعطاه فسيطلب من مئات الكامرات أن تتجه نحوه .
#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟