|
رسائل سورية للعالم والإنقلاب الأبيض
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 1178 - 2005 / 4 / 25 - 11:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تابعت مثل الكثيرين الوضع السياسي السوري بتوتر شديد بدءا من لحظة اغتيال الحريري. ومما كتبته مقالا بعنوان " لمَ لايفعلها الرئيس الاسد متوقعا ومطالبا أن يتضمن الخطاب رزمة من الاصلاحات التي اصبحت واجبة لاخيار أخر غيرها لتجنيب البلاد والعباد ماهو آت. إلا أن خطاب الرئيس الاسد تحت قبة " مجلس الشعب "(1) الذي جاء بعد أيام من نشر ذاك المقال كان محبطاً لي على مستوى التطلعات والامال وعلى المستوى النفسي فانقطعت حتى عن متابعة الاخبار متمتما " لا تندهي مافي حدا..." أو بحسب تعبير أخوتنا في الخليج " ماعندك احد .." وفي هذه الفترة (المنصرمة) كنت اتابع إما الاذاعة السورية أو فضائيتنا العتيدة، كنوع من جلد الذات وليس من باب الحنين للوطن. وقد استطاعت فضائيتنا الكريمة عبر أحد برامجها أن تجرفني مرغماً للكتابة، نعم هذا ما حصل، فقد تابعت امس وأمس الاول برنامجا مخصصا لاجتماعات مجالس أو مجلس " اتحاد شبيبة الثورة " ولمن لا يعرف هذه المنظمة نقول له انها منظمة رديفة للحزب القائد للدولة والمجتمع وتختص برفد هذا الحزب بالكوادر المؤهلة !! بعد ان تجري لهم دورات ومحاضرات تأهيل عقائدي (2)، والحقل العمري لنشاطها هم طلاب المرحلة الاعدادية والثانوية (12-20 سنة ) ليبدأ نضال الطلبة بعدها في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا الذي يرفد الحزب يالقيادات الواعية المتبنية لتطلعات ( الجماهير) والأمينة على أنفاسها.
ما أفجعني(3) ليس كم الشعارات التي تم ترديدها من المجتمعين حين تلتقي أحدهم مذيعة الفضائية الرشيقة , وتساؤلي أين يعيش هؤلاء ؟ أما يقرؤون حتى صحفنا الوطنية ألا يتابعون فضائيات العالم ؟ ليس هذا الذي أفجعني ابداً فهذا يمكن تبريره أن " الشباب " يجب أن يتكلموا هكذا لأنه مبرر وجودهم و تواجدهم وسبب اجتماعهم، ولا كذلك اعمار الذين تحدثوا عن نضال الشبيبة في مواجهة الهجمة الشرسة التي يواجهها الوطن، فقد كان اصغر متحدث في العقد الرابع من العمر، ووقف خلفه رجل في العقد السابع من عمره وبدا اللباس الموحد للمجتمعين لائقا عليه , فقد تناسب القميص الازرق الذي ارتداه الجميع مع شعره الذي كان ابيضاً بكامله ولم يفجعني كذلك التوصيات التي صدرت عن المجتمعين من تعزيز اللِحمة الداخلية، والوقوف صفاً واحداً خلف القيادة التاريخة الحكيمة ممثلة بحزبنا العظيم وامينه العام رغم أن الحزب منذ وفاة الأمين العام السابق ( الراحل حافظ الاسد) بدون أمين عام
ما أفجعني حقيقة هو أحد التوصيات التي قررت أنه يجب ابدال المقرات المستأجرة لاتحاد شبيبة الثورة وروابطها بمقرات جديدة مستملكة أو المباشرة ببناء مقرات جديدة هذا ما أفجعني وضحكتُ وصديقي الذي كان كل قليل يهم أن يقلب القناة بالريموت كونترول وأنا ارجوه دعنا نتابع يارجل أنه مسلسل كوميدي مسلي أما عندما وصلو لبناء المقرات، ورغم ضحكي شعرت بالفاجعة كما لو أن كل العالم اطبق على صدري، لأن هذا يعني أن " االشباب " مطــولين وأن الحديث الذي تواتر في الصحف ووكالات الانباء عن انقلاب أبيض سيقوده الرئيس الاسد قبل المؤتمر القطري القادم لحزبنا العظيم هو " حكي جرايد ".فقد استطاع النظام السوري أن يبدد كل الامال التي عقدت على تولي بشار الاسد للحكم وافتتاح عهده بخطاب قسم أعتبره البعض بداية حقيقية لأصلاح ما أفسده البعث.
ثمة مؤشرات تؤكد أن هذا النظام لا يريد أن يقرأ الاحداث ولا تداعياتها وقد عاد لممارسة وسيلة اثيرة لديه وهي نظام الرسائل الموجهة للعالم عبر الداخل السوري ، دون ان يقرأ الرسائل الواضحة الموجه له من العالم. ونظام الرسائل السوري هذا نظام غامض لا يفهمه إلا من يوجه هذه الرسائل وجماهير حزبنا العظيم، رغم أن عصر الاتصالات قد أتاح للجميع أن يوجه رسائل وايميلات بكلفة قليلة أو معدومة، تذهب إلى الشخص المحدد وحده إلا أنه يبدو أن العائق هو بطئ شبكة الانترنت داخل سوريا وارتفاع كلفة الرسائل القصيرة عبر شركة الاتصالات السورية " سيريا تيل " التي يملكها إبن خال الرئيس، ونحن نحتاج إلى رسائل سريعة ومنخفضة الثمن فلا مناص من العودة الى نظام الرسائل الغامض الذي كان مستخدماً طوال عقود
فعندما أراد النظام أن يوجه رسالة للمعارضة الداخلية حين احتجت أمام قصر العدل بذكرى فرض قانون الطوارئ عبء " باصات" من طلبة الجامعة العقائديين (القادمين من الشبية الى اتحاد الطلبة: الكوادر التي سـ تقود الحزب العظيم ) وحماهم بأجهزة تروها أولم تروها، وهؤلاء الطلبة (العقائديين ) مشحونون اساسا ضد الاعداء، وتم ابلاغهم أن هؤلاء هم الاعداء فتم ضرب " الاعداء " المحتجين في الشارع وشتمهم وكانت هذه الرسالة واضحة لكل من يريد أن يحتج بعدها وكذلك لجهات لم أستطع تحديدها وكان مضمون الرسالة : حسناً لن تتدخل الاجهزة الامنية علنا لكن هناك من يتدخل نيابة عنها أما حين اراد توجيه رسالة لمجلس الامن قبل تشكيل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري فقد حشد مليون شخص في مدينة دمشق لرفض التدخلات الخارجية بين سوريا ولبنان الذين هما " شعب واحد في بلدين " وتتالت رسائل المسيرات الحاشدة في المحافظات السورية ولم افهم اغلبها لكني بدأت التخمين إثر كل مسيرة حاشدة فوجدت أن مسيرة حلب موجهة لجيراننا الاتراك غير أني لم افهم مضمونها، ومسيرة دير الزور موجهة للعراق الجديد , ومسيرة حماة موجهة لجماعة الاخوان المسلمين (العميلة) الذين يطالبون بمصالحة وطنية شاملة، ومسيرة إدلب الخضراء موجهة للمستثمرين في صناعة زيت الزيتون لأنها تحوي اكبر عدد من أشجار زيت الزيتون في " القطر ", أما رسالة الحسكة أو مسيرتها فهي موجهة للاكراد السوريين ومطالبهم بحقوق ثقافية أو قومية، ولم استطع رغم تمحيصي الشديد أن افهم مسيرة الرقة كرسالة كمغزى وكجهة موجهة لها لأنها كانت مشفرة بشكل كبير وفهمت فيما بعد لما لم تخرج القنيطر " المحررة " بمسيرة حاشدة فقد خمنت أن هذه الرسالة قد تفهم خطأً بأنها موجهة لاسرائيل وهي الوحيدة التي كان النظام السوري كاملاً حتى بإعلامه بما فيها مجلة المناضل ( المجلة الداخلية لحزب البعث) يوجه لها رسائل واضحة وصريحة بأننا نرغب بالعودة الى طاولة المفاوضات وكانت ابلغ هذه الرسائل هي المصافحة بين الرئيس الاسد والرئيس الاسرائيلي إبان تشييع جنازة البابا الراحل وفي كل هذه الرسائل السابقة واللاحقة فقرة من الرسالة موجهة للادارة الامريكية كتحذير مبطن لأننا لم نعد نجرؤ على التحذير العلني تقول : إفعلوا ما تشاؤون فإنا ههنا قاعدون معنا كل هذه الجماهير الهادرة فحاذروا أما اجتماع اتحاد شبيبة الثورة الذي دفعني للكتابة فهو رسالة موجهة لهذه الجرايد والصحف والتسريبات التي بدأت تتحدث عن الانقلاب الابيض... ياعااااااالم إنهم يبنون مقرات لشبيبة الثورة الأمر ليس مزاحا...
*****
1- مجلس الشعب : مجلس منتخب شكليا في سوريا ينام أغلب اعضائه اثناء النقاشات ويستيقظون فقط حين التصويت ولتقريب المعنى يمكن ذكر مفردة كالبرلمان بلا تشابيه 2- هذه الدورات تبدأ عادة بدورة تأهيل عقائدي تليها دورة الصاعقة التي تؤهل من يتمها أن يحصل على عشرين علامة تضاف لمجموعه العام في الثانوية العامة للقبول الجامعي ثم تليها دورة إعداد قتالي حسب المدى المجدي للبارودة (كلاشينكوف) " أي قتال داخلي " ودورة نيل شرف العضوية العاملة. ولا يظن احد أني امزح هنا
3- أفجعني ليس كـ فجعني فهي تعبير تختلط به الفاجعة والذهول
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيرة الإباحية لشاعر مكبوت
-
إعلان توبة وطلب غفران
-
أنا سبب هزائم الامة العربية
-
أمريكا والذهنية العربية الجهادية
-
نجلا بح والقرضاوي: وجهان لعملة واحدة
-
القبر التاسع : ليكن للقتلة
-
سوريا ولبنان امام استحقاقات اغتيال الحريري
-
مذبحة في عيد الحب و تساؤلات محيرة
-
احتلال الدول المتخلفة هل هو الطريق الوحيد للخلاص
-
أيها اللبنانيون كفوا عن إيذائنا
-
جَمَل غــيدا
-
الفردوس اليباب ليلى الجهني : تحت الحصار
-
لمن لايعلم: الامة بخير ولنردد الشعار
-
العنصرية العربية البينية : التجلي الاجتماعي لفكرة القومية ال
...
-
الملعون
-
من آشور إلى إشبيليا
-
الجسد ..........سؤال اليابسة
-
رسالة جوابية من بوش الابن الى الرئيس علي عقلة عرسان
-
المؤسسة العامة(السورية ) للاتصالات : او حكم قراقوش
-
مــــــــــــــرّوا
المزيد.....
-
بيلوسي لـCNN: يجب استبعاد الحرب كحل لأي صراع.. ونتنياهو انحر
...
-
نانسي بيلوسي لـCNN: ندعم إسرائيل دائمًا ولكن هذا لا يعني منح
...
-
بكين تدعو إلى تعميق العلاقات بين الجيشين الروسي والصيني
-
بيلاوسوف: روسيا والصين تتبنيان مواقف مشتركة تجاه الوضع في ال
...
-
مجلس الأمن يدعو إلى -احترام سلامة قوات اليونيفيل-، وحزب الله
...
-
صورتها على كل شيء وفي كل مكان.. سباق القطة -هالو كيتي- يقام
...
-
نتنياهو أمام انتقادات بسبب غياب استراتيجية ما بعد الحرب
-
حسما لحالة الجدل حول مصيره.. التلفزيون الإيراني يعرض مشاهد ل
...
-
كان ملكا لترامب.. تعرض يخت أمير سعودي شهير لأضرار بالغة في ت
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اكتشاف مجمع ضخم لـ-حزب الله- تحت الأرض
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|