أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - في ذكرى اغتيال رفيقي الشجاع حسن علي فليح !














المزيد.....

في ذكرى اغتيال رفيقي الشجاع حسن علي فليح !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 01:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مثل هذا اليوم، من أيام العراقية المخضبة بالدماء الزكية، 22 مايس / آيار من عام 1981 ارتكبت عصابات البعث الصدامي واحدة من جرائمها البشعة واغتالت رفيقي وصديقي حسن علي فليح حين اخطفته زمرة من عناصرها الأمنية واختفت آثاره لعدة أيام ثم عُثِرَ على جثمانه بعد أيام في نهر الشطرة وقد ظهرت عليها آثار التعذيب.
كان حسن قد اعتقل عدة مرات آخرها حين اعتقلنا سويةً في بغداد في شهر تشرين الثاني سنة 1978 لما يقرب من شهرين في معتقل مديرية الأمن العامة / فرع بغداد. وبعد إطلاق سراحه قبلي بعدة أيام فصل من المعهد العالي للمهن الصحية الذي كان طالبا فيه دون إيضاح الأسباب، ومَن كان يجرؤ على مجرد طرح سؤال عن الأسباب؟
كان حسن يصغرني بسنوات قليلة ولكنه كان يحوز شخصية كارزمية صلبة ورصينة لا تجعل من السهل تخمين عمره الحقيقي، وكان إلى ذلك شجاعا إلى درجة تبلغ التهور أحيانا ( ضرب ذات مرة بحذائه صورة للثنائي البكر وصدام معلقة في الشارع الرئيسي لمدينتنا الشطرة نهاراً أمام الناس وتم احتواء الحادثة ولا أتذكر كيف تم ذلك). أما في تجربة اعتقالنا في الأمن العامة فقد كان بطلا حقيقيا تحمل الكثير من التعذيب الجسدي والنفسي ولم ينجحوا في كسره أو إذلاله .. حين كنت أراه في فترات الاستراحة أو الذهاب الى المرافق الصحية بعد أنْ ينزلوننا من "حفلات" التعذيب في الطابق الثالث "كنا نسميه قاف ثلاثة للتسلية والمرح" ، وقبل أن يودعوننا في زنزانتين منفصلتين، كان يبادرني برسم علامة الانتصار وهو يتبول بأصبعيه محاذرا أن يراه أحد جلاوزة المعتقل.
وحين سألته ذات مرة وبعد أن اطلق سراحنا عن مفهومه للانتصار في تلك الأيام الكئيبة قال لي ( الانتصار كان عندي يعني شيئا بسيطا جدا وهو أن أكون مقتنعا بأنهم لم يستطيعوا هزيمتي داخليا.. وحين أراك تبتسم ، "انشحن" داخليا بالمزيد من القوة .. جا شحسابك؟ )
واليوم، وقد مرت كل هذه السنوات، تغدو فكرة استذكار هذا الشاب البريء والشجاع والذي قطفت يد الإجرام المتخلف زهرة شبابه بكل خسة وجبن، أكبر بكثير من مجرد محاولة للإطراء والتطويب إنها قد تصلح لتكون مناسبة لاستذكار هنيهات أصيلة وذات معنى عميق و واعد من زمن ولى ولكنه قابل للتكرار لأن المبادئ المشاعية والحرة التي مات من أجلها ابن عامل الكهرباء البسيط حسن لا تموت .. كالكراث .. كان يكرر عبارته هذه دائما وكأنه نذر نفسه منذ ولادته لذلك الرحيل القاسي على أيدي أوسخ من أنجبهم شعب العراق..وكان يقول: نحن كالكراث يحشونه من الأسفل لكنه ينمو مجددا ..جا شحسبالك؟؟
زمن ولى بكل ما فيه من أحلام وصبوات تاركا في الأرواح مذاقا آخر لا يشبه إلا نفسه.
حسن، والآلاف من أمثاله من ضحايا العنف السياسي، وخصوصا ذاك الذي أدمنته سلطات التخلف والهمجية، يستمرون في الوجود ولكن بطريقة أخرى: لعلها أقرب إلى وجود البشارة في أن زمنا جميلا قد يشرق أو أنّ شروقه قد أصبح أكثر احتمالية ووعدا. غير أن الكلمات تبقى مجرد كلمات حتى وإنْ تلبست بأنبل المعاني ولكن أسماء الشهداء، أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوعد الذي آمنوا به تخرج من فصيلة الكلمات وتدخل في فضاء المعاني المضيئة بالقداسة والعفة والشمم الإنساني الأنبل .
لم يكن حسن، كما عرفته فتىً ، يبحث عن شيء لنفسه، لم نكن جميعا – نحن أبناء تلك السنوات الهائجة المائجة العجاف - نريد شيئا لأنفسنا، ولكننا كنا نغامر برأسمالنا الوحيد، أي رقابنا ، حياتنا، من أجل جائزة غامضة وهلامية ولكن من قبضوا الثمن وخرجوا من هذا العالم تركوا في أفواهنا و أرواحنا مذاقا لا يشبه مذاقا آخر غير الأمل الفسيح تحت سماء غائمة .
أتذكرك صديقي حسن،
أتذكر زملاء آخرين لك في الشهادة من أجل عالم له معنى،
ضد عالم بلا معنى،
ليكون لي، لنا، نحن الباقين هنا،
معنى و أمل،
سأحبك "حجي" وأحيي ذكراك حتى نلتقي .. إنْ كان ثمة لقاء وحتى إنْ لم يكن !

هوامش :
- حجي : هو لقب الشهيد حسن علي فليح الشطري بيننا نحن أقرانه ولا أعرف سبب إطلاق هذا اللقب عليه حتى الآن .
- جا شحسبالك؟ عبارة كان الشهيد يكررها كثيرا في كلامه .. وهي تبدأ بأداة الاستفهام الشعبية "جا" المنقلبة عن " كا" كما تلفظ بما يسميها المختصصون "كشكشة ربيعة"، والتي اعتقد بأنها ذات أصل سومري كما وضحت ذلك في كتابي ( الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام / دار المأمون بغداد 2011 ) والعبارة كلها تعني : وماذا تظن إذاً ؟



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يصلح السيستاني ما أفسده غالبريث؟
- الوجه الآخر لابن خلدون في مسرحية -منمنمات تاريخية-!
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون /ج2 من 2ج ...
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون!
- الوهراني والسخرية الفنطازية من مثقفي زمانه
- الحكيم الديموقراطي عادل زوية !
- التشيع العراقي نقيض التشيع الصفوي وهازمه
- كُرد، كورد أم أكراد ولماذا؟
- المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟
- شيعة العراق من المعارضة إلى السلطة !
- تأسيس المحاصصة : دور الساسة الأكراد والعرب السنة
- ديباجة الدستور العراقي مقارنة بأربع ديباجات أجنبية!
- معركة مطار بغداد:مجزرة أم مأثرة؟
- صدام وضباطه : مَن خان مَن ؟
- أحمد القبنجي: مفكر مستنير أم هرطوقي صغير!
- أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!
- ويسألونك عن التمويل!
- حول مؤتمر القوى المدنية اللاطائفية الأخير في بغداد
- تجربة لاهوت التحرير بنكهة الربيع العربي!
- عناصر خطة شاملة دفاعاً عن وجود دجلة والفرات


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - في ذكرى اغتيال رفيقي الشجاع حسن علي فليح !