أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟















المزيد.....

المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 01:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن لحاكم يدير السلطة التنفيذية بصلاحيات شبه كاملة، في نظام برلماني غير رئاسي، يدعمه تكتل برلماني يمثل شبه إجماع ( لا يشارك فيه إلا كتلة "تغيير" الكردية ولها ثمانية مقاعد من مجموع 235 مقعدا وكتل صغيرة أخرى لا تتجاوز هذا العدد) كرئيس مجلس الوزراء الحالي نوري المالكي أن يكون دكتاتورا؟ هل عدَّل المالكي الدستور لصالح بقائه في الحكم؟ هل انسحب حلفاء الائتلاف الذي يحكم باسمه مما سمي بحكومة "الشراكة الوطنية" ؟ هل انسحب أو قاطع حلفاؤه الحكومة والبرلمان بنية رسمية لإسقاطه وتركوه يحكم بقوة تحالفه "التحالف الوطني"؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستكون بالنفي، ولكن المالكي أظهر ميلا واضحا للانفراد بالحكم عن طريق الهيمنة على الهيئات المستقلة وإلحاقها بمجلس الوزراء، وحاول الهيمنة على السلطة المالية ممثلة بالبنك المركزي، ويتهم بمحاولة السيطرة على القضاء والمؤسسة العسكرية الأمنية، أو في الأقل يُتهم القضاءُ بمحاباته وهذه أمور قد تعتبر أسوأ من الدكتاتورية في نظام حكم هش قائم على المحاصصة والتقاسم الطائفي والعرقي وضعت أسسه و ركائزة خلال احتلال أجنبي.
لقد اتهم المالكي بالدكتاتورية من قبل شركائه في الحكم كنائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك، ومن حليفه "اللدود" في تحالفه السياسي مقتدى الصدر، واتهم أحيانا بالدكتاتورية المخففة أي التفرد في الحكم من قبل شركائه في التحالف الكردستاني، وكانت هذه الاتهامات تتسبب في كل مرة بأزمة سياسية أو تراشق سياسي عنيف بين الأطراف المعنية في حين أنها لا تستأهل ذلك فالنظام العراقي المشوه لم يحقق أي تراكم في الممارسة الانتخابية والمؤسساتية ولكنه يطبق نسخة شوهاء من الانتخابات لحكم دولة مكونات لا دولة مواطنة حديثة.. لنتخيل فقط لو أنّ زعيم المعارضة البريطانية اتهم رئيس الوزراء بأنه دكتاتور فماذا سيحدث؟ الأغلب هو أن التصريح سيكون موضع تندر وسخرية الصحافة والوسط السياسي حتى من المعارضة والسبب أن النظام هناك لا يسمح بمقتضى ميكانزماته الداخلية بنشوء دكتاتورية أو ولادة دكتاتور دون أن يُقْدم الحاكم المتهَم بذلك على مجموعة من الإجراءات التي تكرس الدكتاتورية كتلك الإجراءات الفاغمة بروائح حريق الرايخشتاغ الألماني على يد هتلر! هذا الواقع نجده في نشأة وولادة الدكتاتور والدكتاتورية التي يجهلها الطرفان، المتّهِم والمتّهَم "، كما يبدو في العراق. إنهم لا يعلمون بأن الدكتاتور حاكم أوجدته مؤسسة ديموقراطية منتخبة، ولم تنجبه دبابة الانقلاب العسكري أو خطة مخابرات أجنبية كما هي الحال في حكومات البعثيين والقوميين في عراق الستينات والسبعينات.
ولو راجعنا السيرة الذاتية لمن يصفون المالكي بالدكتاتورية فهل سنجد أنهم يختلفون عنه كثيرا في ماضيهم أو حاضرهم "الديموقراطي"؟ لا نعتقد ذلك، فالبارزاني، ومنذ أكثر من عقدين، يحكم الإقليم الذي تسيطر على أجزاء منه قواته باسم أسرته مع عدد من أفرادها، ومناصفة مع أسرة أخرى تسيطر على قسم آخر من الإقليم ويتحكم فيه الزوج – الطالباني - والزوجة والابن وبعض الأقارب. الطرف الثاني، و أول من اتهم المالكي بأنه دكتاتور، صالح المطلك، هو سليل حزب البعث الصدامي النموذج الأصفى للحكم الاستبدادي الدموي، ومعروف أن حكمه انتهى بالهزيمة أمام الغزاة الأجانب مخلفا وراءه شبكة من المقابر الجماعية الفظيعة لضحاياه من جميع أطياف المجتمع ولم نسمع أن حزب المطلك عقد مؤتمرا أو شهد انتخابات داخلية إنما تجري الأمور بفعل "الجاذبية السياسية" كما يبدو! ونسجل هنا أننا لا نتهم المطلك أو غيره في حاضرهم بل نقرأ في سيرتهم لأغراض يمليها النقد التحليلي. وممن يصفون المالكي بالدكتاتورية هناك أكثر من قيادي سياسي شيعي يستمد قوته من مليشياته أو أسرته الدينية ولا تخلو صفحته وسيرته من الاتهامات التي يوجهها له خصومه بالقتل والتصفيات الطائفية، وأخيرا فهناك من اعترف بلسانه بأنه كان يتعاون مع أكثر ستة عشر جهاز مخابرات أجنبي لإسقاط نظام صدام والحلول محله، و قد نال هذا الشخص – إياد علاوي - مبتغاه ووصل الى السلطتين التنفيذية والتشريعية فعلا ولكن بقوة دبابات وطائرات حلفائه الأجانب، فهل يصلح أي من هؤلاء، على سبيل الافتراض والترجيح السيري، ليكون "بديلا ديموقراطيا" للمالكي، أم أن الأمر إنْ حدث فلن يعدو أن يكون تبديل أقنعة على الشخصية الحاكمة ذاتها؟ لنلق نظرة على الدكتاتورية وكيف ولدت تاريخيا،.مؤكدين قبل ذلك أن جميع الذين وردت أسماؤهم آنفا كالمالكي والنجيفي والمطلك والطالباني وعلاوي والبارزاني والعيساوي والصدر والحكيم والجعفري، وبعضهم لم ترد أسماؤهم، هم في الزورق ذاته، زورق العملية السياسية الطائفية، وهم، منظورا لهم من بؤرة التقييم المعياري السياسي، سواء في سواء، ولكن الجديد هو أن فرزا مهما حصل داخل الزورق ذاته بين دعاة تقسيم العراق تحت راية الأقلمة الطائفية سواء في "تحالف النجيفي العيساوي وأبو ريشة" أو في "التحالف الكردستاني" من جهة أخرى، مع التأكيد على خصوصية القضية الكردية ذات العلاقة الصميمية بمبدأ حق تقرير المصير، ورافضي هذا التقسيم " المالكي والمطلك "، وهذا ما يوجب موقفا نقديا جديدا وعدم الاكتفاء بتسليط اللعنات على الجميع بحجة أن نواياهم "غير وطنية" وأن وراء موقفهم هذه أهداف انتخابية و سياسيوية .لأن الاحتجاج بالنوايا هو نوع من النبش في الضمائر ولا علاقة له بلغة التحليل العلمي!
ولد مصطلح "الدكتاتور" في روما القديمة ، قبل أكثر من 500 عام قبل الميلاد حين اضطر مجلس "الأعيان والشيوخ" في روما لانتخاب أحد القضاة من أعضائه وزوده بصلاحيات كبيرة ليحكم البلد في فترة عصيبة مرت بها بعد سلسلة هزائم الجيوش الرومانية في مواجهة جيوش قرطاجة التي قادها الشاب حنى بعل القرطاجي الفينيقي في الحروب البونية وانتهت بحصار القرطاجيين وحلفائهم للعاصمة روما. وكانت فترة حكم القاضي الدكتاتور محددة بستة أشهر قابلة للتمديد بضوابط وشروط وقد انتهى الحكم الدكتاتوري بمقتل يوليوس قيصر آخر دكتاتور من سلالته.
نفهم مما سبق أن الدكتاتور ولد كحاكم منتخب أو معين من مجلس منتخب في حقبة الجمهورية الرومانية القديمة وقد اختص الدكتاتور الروماني بسلطة مطلقة في زمن الطوارئ، وقد كان عليه أن يحصل على تشريع مسبق من مجلس الشيوخ بمنحه هذا المنصب.
هذا هو الدكتاتور بالمعنى الوظيفي للمصطلح، أما الاستخدام المعاصر للكلمة فهو يشير إلى شكل من الحكم المطلق لفرد واحد دون التقيّد بالدستور أو القوانين أو أي عامل سياسي أو اجتماعي داخل الدولة التي يحكمها.
ومن أنواع هذا الحكم، نجد الحكم الدكتاتوري الفردي وتكون بتسلط فرد على مقومات الدولة، ويقصد بالمقومات (الأرض، الثروة، الشعب، الحكم)، وغالباً ما يطلق الدكتاتور وحاشيته أكذوبة تفيد بأن له صلة روحية بالله الذي يلهمه ما يجب أنْ يفعل، أو أنه يتصور نفسه أنه هو الإله، ولذا فهو يحرص على أن يحيط نفسه بهالة من الحصانة والعصمة. أما النوع الثاني فهو الدكتاتورية الجماعية، وتكون بتسلط جماعة وصلت بطريق غير دستوري أو مشروع على مقومات الدولة. ومن ممارسات الحكم الدكتاتوري نسجل :
قمع الشعب في الداخل، وشن الحروب على الجوار.إبقاء الشعب في جهل وتخلف، وتكييف العلوم وبلورتها بما يتناسب مع أيدلوجيته. تشكيل الشعب بقالب معين، وتدجينه وفق أيدلوجية معينة. محاربة الفلسفات والمدارس الفكرية النقدية التي تتناقض مع مضمون الدكتاتورية العبودي. إشغال الشعب بعدو وهمي أو أسطوري، أو إيهامه بعدو ما و تحميسه ضد هذا العدو. استغلال الدين والعرق والمشاعر الدينية والعرقية لتثبيت حكمه. إبقاء الشعب في حالة فقر وعوز دائمين. نشر الرذيلة والعهر في المجتمع و تفكيك المجتمع أسرياً وقبلياً. وأخيرا، بناء جهاز استخباراتي قوي ونشيط يتخلل كل مكونات الشعب وثنايا المجتمع فيشطر الدكتاتور فيها الشعب شطرين كل شطر يتجسس على الآخر ويحصي أنفاسه.
ينتبه الباحث فاضل الخطيب الى الفرق بين الدكتاتور المعاصر والدكتاتور القديم "الروماني" في مقالة مهمة له ولكنه لا يفرق بين دكتاتور معاصر سلبي بالمطلق وآخر قديم وتاريخي له وظائف محددة وليس سلبيا بل بين " الدكتاتور" و" الدكتاتورية"
ولتوضيح رأيه يقول بأن من غير الممكن القول بأن الدكتاتورية قديمة العهد (ومن يعتبر ذلك يخلط بين مفهوم الديكتاتور ومفهوم الديكتاتورية، يخلط بين الفرد كديكتاتور وبين الديكتاتورية كنظام مؤسسات. وفي القديم قبل قرون كثيرة لم يكن أي شيء يسمى ديكتاتورية، بل وُجد الديكتاتور كفرد.
وأخيرا ، وإذا ما علمنا أن الدكتاتور القديم لم يكن من حقه إلغاء الدستور بل تعليق العمل ببعض القوانين لفترة محددة، و أن مجلس الشعب أو الأعيان أو الشيوخ الذي عين الدكتاتور من حقه استعمال حق النقض"الفيتو" لسحب حق الديكتاتور بالحكم المطلق، فلن نجد أية علاقة بين الدكتاتور القديم وزميله المعاصر من حيث الوظائف والدور والتعريف.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة العراق من المعارضة إلى السلطة !
- تأسيس المحاصصة : دور الساسة الأكراد والعرب السنة
- ديباجة الدستور العراقي مقارنة بأربع ديباجات أجنبية!
- معركة مطار بغداد:مجزرة أم مأثرة؟
- صدام وضباطه : مَن خان مَن ؟
- أحمد القبنجي: مفكر مستنير أم هرطوقي صغير!
- أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!
- ويسألونك عن التمويل!
- حول مؤتمر القوى المدنية اللاطائفية الأخير في بغداد
- تجربة لاهوت التحرير بنكهة الربيع العربي!
- عناصر خطة شاملة دفاعاً عن وجود دجلة والفرات
- معنى الدكتاتورية والفاشية بين العلم والسجلات الحزبية!
- كتاب جديد لعلاء اللامي : -القيامة العراقية الآن .. كي لا تكو ...
- العراق: التيار الصدري بين مآلَين!
- -شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!
- التحالف «الشيعي الكردي» ليس كذبة بل سبب البلاء!
- على مَن يضحك السفيرالأميركي بيكروف ؟
- إطلاق سراح أوجلان..إطلاق سراح أمتين!
- السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2 ...
- قضية الهاشمي: شهادة ليست للقضاء العراقي!


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟