أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سمير عادل - في كركوك: عندما يغتال الاقتتال القومي براءة الأطفال














المزيد.....

في كركوك: عندما يغتال الاقتتال القومي براءة الأطفال


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:46
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


لم تكن كركوك أكثر هدوءا من كوسوفا. ولم يكن لدى أهلها رأفة وعطف وحب فيما بينهم اقل من أهلها في كوسوفا تجاه بعضهم. ولم تكن براءة أطفالها لا تضاهي براءة الأطفال في كوسوفا. ومع هذا اجتاح الحقد القومي الشوفيني تلك المدينة اليوغسلافية واحرق ابتسامة الأطفال الذين لم يعرفوا يوما بأية لغة كان إبائهم وأمهاتهم يتحدثون لعقود من الزمن.
وفي كركوك، يعبث الأطفال بالألوان، ويرسم كل واحد منهم إي شيء يخطر بباله لم يعوا بعد، إن هناك كبار امتهنوا ممارسة صنع الأفكار القومية لتسميم براءة الأطفال. طفلة في المرحلة الثالثة من الابتدائية وهي ناطقة باللغة العربية ترسم علم كردستان دون أن تدرك ماذا يرمز هذا العلم، ودون أن تدرك إنها كفرت بالمقدسات القومية المتهرئة عندما ترسم علما لا ترمز الى شوفينية قومية أخرى. وكل ذنبها إنها طفلة لم تسبق الزمن كي تكبر. وجذبتها الألوان الموجودة في العلم. وإذا بصديقتها وهي ناطقة اللغة التركمانية تقول لها: إذا رسمتي مرة أخرى هذا العلم فسوف لن أكلمك ثانية ولن تكوني صديقتي بعد الآن. لم تدرك تلك الطفلة إنها اختارت ألوان تحولت الى دليل على جريمتها، دليل على إنها اختارت أن تكون في احد الجانبين من الصراع. اختارت أن تفض حيادها، وهي الطفولة، التي لا يمكن أن يسميه صانعي التاريخ ومزوريه بأن موقف الطفولة، في أي زمن كان، لا يمكن وصفه بانتهازي.
لم يكن صدام حسين رمزا للشوفينية القومية العربية فحسب، بل كان مدرسة تخرج منها أجيال من الشوفينيين القوميين من كل شاكلة. بيد إن التاريخ لن يذكر إلا المعلمين البارعين. وأما الطلاب فهم في عداد الجنود المجهولين. سباق قومي شوفيني محموم لإغراق كركوك بدماء ساكنيها، ومن اجل أن يسكنها الأشباح التي ستتجول فوق أشلاء من الجثث غير مكترثة بأية لغة كانت تتحدث، من اجل أن تمسح كوسوفا من الأذهان وتحل محلها مدينة كركوك.
السادة المسؤولين في الأحزاب القومية الكردية صرحوا بترحيل 80 ألف عربي قدموا الى كركوك تحت عنوان تعريب المدينة مشيرين الى الاتفاق الذي ابرم بينها وبين قائمة الائتلاف العراقي الموحد يقابلها بالموافقة على تسمية إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء لتشكيل حكومة يغلب عليها الطابع الإسلامي. احد شيوخ عشائر العبيد التي تسكن في المناطق المحاذية لكركوك وهي الحويجة، صرح وهو يخاطب القوميين العرب والجماعات الإسلامية في الجمعية الوطنية: لو تسلموا كركوك الى الأكراد فلسوف نقلب المدينة الى حربا للشوارع. والقوميين التركمان اجتمعوا في حسينية أهل البيت في كركوك وبحضور ثلاثة من مجلس المحافظة في كركوك يطالبون بحقوق التركمان وعدم السماح للقوميين الأكراد والقوميين العرب اللعب بهوية المدينة.
بيد إن الأطفال لم يعلموا هناك خرافة تخيم بظلها على كركوك اسمها الهوية القومية. ولم يكتشفوا بعد إن تلك الخرافة كردية أم تركمانية أم عربية. والآباء القوميين أدركوا إن النفط هو الذي سيمنح الهوية القومية أسطورة وخرافة. وهو الذي سيكون مصدر قوتها مثلما منح النفط الخرافة للهوية القومية العربية في عقد السبعينات. وهو الذي سيكون أداة الابادة القومية في كركوك.
ليس أمام أهالي مدينة كركوك والمجتمع العراقي إلا أن تتصدوا للنزعة القومية. وان تعلن إن كركوك معرفة بهويتها الإنسانية. وان فيها من الخيرات لو وزعت بالتساوي بدلا من سرقتها من قبل الجماعات القومية فستكفي الجميع. وأراضيها تتسع الجميع. وان لا تكون هناك لغة رسمية واحدة بل جميع اللغات تعتبر رسمية وتدرس في المدارس مثل بلدان كندا وسويسرا وغيرها. إن البشرية في كركوك وفي العراق إذا أرادت لتلك الطفلة أن تحيا، أن لا تذبح، أن لا يقطع جسدها الى أشلاء يباع في السوق القومي البخس لأنها اختارت ألوان دون إن يقال لها إنها تقترف جريمة قومية، عليها إن تتذكر مجازر كوسوفا.



#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تتراجع الحركة العمالية، فالبربرية تسود المجتمع الإنسان ...
- نص كلمة سمير عادل سكرتير مؤتمر حرية العراق في مؤتمر مندوبي ع ...
- لا مكان لعشائر العصابات: انها تؤيد جريمة الصدر ضد الطلبة في ...
- خطاب في مؤتمر المرأة والدستور
- برنامج حكومة علاوي الانتخابي : لا وقود، ولا كهرباء ..لا بطاق ...
- افشال الانتخابات خطوة نحو افشال المشروع الامريكي
- رسالة الى رفاقي واصدقائي في الحوار المتمدن بمناسبة العام الج ...
- الانتخابات في العراق بين التراجيديا والمهزلة
- مقابلة مع سمير عادل عضو المكتب السياسي ورئيس المكتب التنفيذي ...
- الشيعة تؤيد والسنة ترفض .. وانهاء الاحتلال الامريكي هو الحل
- السيستاني والانتخابات
- كلمة سمير عادل رئيس المكتب التنفيذي في مؤتمر المرأة والدستور ...
- هل حقا بوش كافر ولا يحب الاسلاميين
- .الياور رمز للعروبة والعشائرية والرجولية.. رمز للحكومة المؤق ...
- نص كلمة الافتتاحية لرئيس المكتب التنفيذي سمير عادل في الكونف ...
- ليست مواجهة الإرهاب بالإرهاب، نحو إعادة تنظيم المدنية
- المؤتمر الوطني هو اعادة لسيناريو التقسيم القومي والطائفي وال ...
- وزير حقوق الإنسان ومهزلة قانون السلامة الوطنية
- اغتيال رفيقنا وعزيزنا محمد عبد الرحيم لن يوقف مسيرة الحزب ال ...
- الاسلاميون يعيثون فسادا في الجامعات


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سمير عادل - في كركوك: عندما يغتال الاقتتال القومي براءة الأطفال