أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الحداثة و التحديث عربيا














المزيد.....

الحداثة و التحديث عربيا


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 21:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحداثة اعتبرت انخراطا في الفكر الذي انتصر على التوجهات القرووسطوية التي سادت أروبا قرونا و عقدودا من الزمن,حيث سادت سياسيا الدولة التيوقراطية,و اقتصاديا نظام فيودالي إقطاعي,و ثقافيا اسكولائية تعليمية على تعبير ديكارت,وأخلاقيا نظام الوصاية الدينية و الفكرية و السياسية,كما نبه كانط,و رغم ذلك فقد اعتبرت الحداثة مفهوما زمانيا,غايته خلق تمييز بين الحقب التاريخية,و كأن الحداثة ظهرت فجأة بدون مقومات و لا أسس حضارية,ساهمت في بنائها كل الحضارات و الثقافات,و لم يكن الغرب الأروبي إلا مكانا جغرافيا,احتضنها و انتصر لها على نفسه و تاريخه و قيمه العتيقة,و قد انخرط العالم العربي فيها مبكرا,إذ ظهرت بوادرها مع الفكر الفلسفي العقلاني,إبن رشد و إبن خلدون,و غيرهما من الفلاسفة و الشعراء و حتى بعض الفقهاء,فانكسرت سيرورة هذا الفكر,و توقف إلى حدود القرن التاسع عشر,لكن توقفه كان حتميا,بفعل نفس المعيقات,أي التأويلات السطحية للدين و استغلاله لرفض قيم الحداثة,
1الحداثة
استندت الحداثة كصيرورة على التحديدات السابقة,التي يمكن اخنزالها في العناصر التالية.
أ العقلانية
أي اعتبار العقل مصدرا للمعرفة,كمكتشف لها أو حتى مشيد لها,وفق الشروط التاريخية و الإمكانات التي يسمح بها العلم و مدى تطوره,كما أن القيم تستند إليه,فهو لا يقبل بالظلم و لا يدافع عن الشرور,لأنه حامل للخير و مدافع عنه في وجه العسف و الظلم,و لذلك فله حق تشريع القوانين العادلة,لتكون حصنا للمؤسسات التي يشيدها الإنسان,كما أن له القدرة على إحداث التغيير في نظمه عندما يتطلب المجتمع و الحضارات ذلك.
ب الفعالية البشرية
وفقا لما سبق,فالإنسان ليس قاصرا,فله القدرة على الخلق و التجديد,لأنه فعالية لا ينبغي تعطيلها تحت أي مبرر كان,فالكائن البشري لا يكتسب إنسانيته بشكل كامل إلا بقدرت على الفعل و البناء و التشييد,و تلك ميزته الأساسية,التي بدونها لا معنى للعقل و كل القيم التي يشيدها و يدافع عنها في وجه الإقصاء.
ج الحرية
مادام الإنسان فاعلا,فله حق الحرية كاختيار بدونه لن يكون إلا كائنا منصاعا لغرائزه أو لغيره من البشر,فالحرية حصيلة حتمية لكل القيم السابقة,فأن يفكر الإنسان و يصنع,معناه أن تكون له الحرية,في الإختيار و الإقتناع بما يبدو له صالحا و ممكنا.
تراكمت أبعاد هذه القيم,و تفاعلت فيما بينها لقرون,فنتجت عنها صراعات,ضد الجهل و إطلاقية الفكر الديني,لكن انتشار الفكر العلمي الداعم للحرية و فعالية الإنسان,ساعدا على انتشار هذه القيم بظهور المطبعة,و انتشار الفكر الداعي للتحرر,و المدافع عن فعالية البشر في وجوه المستكينين لرجالات الدين و المتحالفين معهم من رجالات السياسة الراغبين في فرض نظام المحافظة,
2التحديث
من الملاحظ أن فكرة الحداثة تحمل في طياتها,تفاعلات داخلية,كصيرورة مفروضة من الداخل وفق منطق تاريخي,تحققت شروط انتصاره و سيادته,بينما فكرة التحديث تبدو و كأنه فرض من الخارج,مما يحيل على فكرتين,الأولى,اعتبار التحديث فعل خارجي مفروض على بنى لم تعرفه من قبل,بفعل بدائيتها,أو تخلفها,أما الثانية,فهي كون التحديث خيار كوني,لا يمكن القبول بغيره لربح الإنتماء للحضارة الحديثة الراهنة,و كل المجتمعات و الحضارات لا تنتمي إلى عصرها إن لم تحدث بناها وفق النموذج الذي عاشته أروبا,من هنا أطلق على القفزة التي عاشتها أروبا حداثة,أما الرغبات التي تعبر عنها بافي المجتمعات غير الأروبية,و منها العربية,فتعرف بالتحديث,و هنا لا بد من التنبيه,إلى أن الحداثة التي عرفتها أروبا,كانت حصيلة تفكير إنساني ساهمت فيه كل الحضارات البشرية,و منها الحضارة العربية الإسلامية,ينضاف إلى ذلك,أن هناك حداثات,و مداخل مختلفة لها,قد تبدأ بالتجديد الديني,أو الإكتشافات العلمية أو حتى التحرر السياسي,و لكل مدخل زمنه الخاص,و بناءاته و مقدماته,فالمجتمعات العربية,فشلت مرتين في تحقيق حداثتها,لأن عامل السياسة كان معيقا,فطبيعة الدول التي عرفتها هذه المناطق من العالم,لم تستفد من تاريخه العريق في بناء الدول,ذلك أن الفكر الفقهي اعتبر كل ما هو سابق عن الإسلام و الفتوحات,تراثا وثنيا,لا يمكن الإستفادة منه,خصوصا أنماط الدول التي كانت قائمة و دخلت في صراعات ضد الفاتحين,رغم أن المسلمين استفادوا من تلك التجارب,دون المس بفكرة الخلافة أو الإمامة,التي اعتقدت أنها بذلك تنتزع اعتراف المجتمع بها لتصير شرعية,لكنها بذلك أخضعت نفسها لرؤية المجتمعات و ثقافاتها التي عرفت تراجعا,و تماسكت البنى الإجتماعية بشكل تقليدي,و عندما أرادت هذه الدول الإنخراط في التجديد,ثارت المجتمعا في وجهها,و أرغمتها على العودة لتقليدانيتها,التي لازالت تحاول التخفيف من حدتها لتنخرط في سياق الحداثة الإقتصادية و السياسية و الثقافية و الحضارية بشكل عام,مما جعل من الحداثة في نظر المجتمعات العربية فعلا غريبا عنها و كأنها إنتاج للغرب,و نمط حياة خاص به,و قد ساهم الغرب نفسه,في نشر هذا المنطق ليواجه به الفكر الشيوعي في السبعينات و حتى حدود التسعينات,و لازال لحد الآن لم يعد النظر في كيفية تعامله مع الفكر التقليدي,إلا بعيد 11 من سبتمبر,و الكل يذكر التحالفات المشبوهة التي أقامتها الدول الغربية مع التيارات الدينية إبان الغزو السوفياتي لأفعانستان.
خلاصات
ليست الحداثة ملكا لأية حضارة أو ثقافة,إنها مشروع إنساني,توفرت شروط تحققه بالغرب فظهر هناك,و لازال العقل البشري قادرا على إيجاد مداخل له,كما حدث باليابان و الدول الصاعدة حاليا بما فيها الصين نفسها,و على العالم العربي,بمثقفيه التفكير في صيغ لتصريف الحداثة ثقافيا في عمق المجتمعات العربية,و لن يكون ذلك برجالات السياسة وحدهم,فهؤلاء أثبتت تجارب العالم العربي,أنهم وحدهم غير قادرين على إنتاج مداخل أصيلة للحداثة و ليس التحديث كما يروجون لذلك.



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع السلفيات الخفي
- المعارضة السياسية في المغرب
- الرأسمال اللاتنموي
- العلمانية و إمارة المؤمنين
- تاريخ المغرب
- الحركات الإسلامية
- قتل المرتد و المجلس العلمي المغربي
- الديانات والعلمانية
- السرد المعاصر المغربي
- الحكومة المغربية
- الثقافة عربيا
- النفحة الروحية في الزجل المغربي المعاصر
- صورة الشيء و جمالياته الشعرية
- المرأة و السياسة
- الحكومة المعارضة
- السرد و النقد في المغرب
- الهوية و العولمة
- القضاء و العدالة في المغرب
- الكاتب و الثقافة في المغرب
- الإغتيالات في الإسلام


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الحداثة و التحديث عربيا